دائما ما تذكرنا معجزة الإسراء والمعراج كل عام بدروس عظيمة من أهمها علاقة الأمة ببيت المقدس والمسجد الاقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين وبأن الامة وسط همومها وأحزانها يجب أن تلجأ إلى الله، وأن الأمل والتفاؤل هو المنهج الأصيل فى التعامل مع كل الازمات كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل حتى جاءه الفرج. يؤكد الدكتور أشرف فهمى مدير عام التدريب بأكاديمية الأوقاف الدولية أن رحلة الاسراء والمعراج مليئة بالعبر والدروس التى تعود على الأمة بالخير والنفع فى الحاضر والمستقبل فهى مثلا تعطينا درسا فى عدم اليأس وعدم الاستسلام لواقع نكد. وأن المؤمن موطن على انتظار الفرج، وعلى اليقين بيسر يعقب العسر، وقد كانت معجزة الاسراء والمعراج فى منتصف السنة الحادية عشرة من البعثة فى وقت تلاطمت فيه أمواج العناد والتكذيب والإيذاء لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم ولصحابته الكرام وحاول صلى الله عليه وسلم دخول مكة بعد عودته من الطائف ولم يستطع دخولها إلا فى حماية رجل من المشركين هو المطعم بن عدى فكان النور بعد الظلام والفرج بعد الشدة فإذا كانت أبواب مكة أغلقت دونك فها هى أبواب السماء قد فتحت لك يا محمد، إذا كنت قد دخلت مكة فى جوار رجل من المشركين. ففى جوارك يصل إلى حضرتى جبريل الأمين يا محمد اذا كان أهل مكة قد رفضوا اتباعك فإن الأنبياء قد اصطفوا فى بيت المقدس يصلون خلفك يا محمد إذا ضاق بك الفضاء فمرحبا بك فى السماء ولو أسقطنا هذا الدرس على واقع الأمة الآن لأفادنا ثقة فى الله لا حدود لها وأن ما يبعث من خوف وقلق على مستقبل مصر ممكن تغييره بإرادتنا بتغيير سلوكنا وأنفسنا ثقة فى سنة الله لقوله تعالى «إن مع العسر يسرا» وجاء المسجد الاقصى فى قلب الرحلة فكان نهاية لرحلة الاسراء من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى وبداية لرحلة العروج من الارض إلى السماء ورغم أن مكانة المسجد الحرام تفوق مكانة المسجد الاقصى فان الاخير كان فى قلب الرحلة وكانت الصلاة بالأنبياء فيه وليس فى المسجد الحرام وذلك لأن الله تعالى فى سابق علمه علم ما سيتعرض له المسجد الاقصى من محاولات استيلاء واحتلال وحصار فأورد الله ذكره فى القرآن وجعله فى قلب الرحلة وكأن الله تعالى يقول لكل المخاطبين فى القرآن اجعلوا الاقصى فى قلوبكم كما جعله فى قلب الرحلة. ويقول الدكتور نوح العيسوى وكيل وزارة الأوقاف لشؤن المساجد إن ذكرى الاسراء والمعراج تعتبر من المعجزات التى غيرت الكثير من الاحداث منذ بداية الدعوة فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فهناك من رسخ دينه، وهناك من تردد عنه لأنه لم يصدق أن بشرا عاديا يقطع هذه المسافات فى ليلة واحدة من المسجد الحرام إلى المسجد الاقصى ويعود فى ذات الليلة ولذلك كانت هذه الرحلة والمعجزة اختبارا وتمحيصا لمن آمن وابتلاء كذلك لكبار الصحابة وأيضا كانت للكافرين آية من آيات الله أنكروها وزادوا فى سبهم وشتمهم. وقال الله يؤكد فى كتابه بشكل قاطع أنها كانت رحلة ربانية ومعجزة حيث ذهب إلى بيت المقدس من البيت الحرام وعاد اليه فى ليلة واحدة. والملاحظ يجد أن الله قد ربط بين المسجد الحرام والأقصى فى هذه الرحلة المعجزة مما جعل الاقصى بداية لرحلة العروج إلى السماء ثم العودة إليه ثم العودة إلى المسجد الحرام وكذلك ربط الله تعالى بين المسجدين التاريخ الذى بنى فيه المسجدان والمسافة التى بينهما 40 سنة كما جاء فى الحديث. وأكد العلماء أن الذى بنى المسجد الحرام هو الذى بنى الاقصى فبينهما وشائج قوية فإنه لا ينبغى التفريق بينهما على الاطلاق وأن يظل المسجد الحرام حرا طليقا وأخوه التوأم فى الأسر يعانى ويلات القهر والتدنيس من هؤلاء اليهود الذين يدنسونه فى الليل والنهار ويؤكد أن هذه الرحلة المعجزة تدعو جميع المسلمين إلى أن يظلوا متمسكين بحقهم الذى لا يجوز الحياد عنه. ويشير الشيخ رضا حشاد من علماء الأوقاف إلى أن رحلة الإسراء والمعراج كانت مليئة بالدروس التى تؤكد استمرار محاولات أى داعية فى توصيل دعوته مهما تكن الصعاب انطلاقا من موقف الطائف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصبره وتحمله للآلام ومقابلة آذاهم بالدعاء لهم بقوله صلى الله عليه وسلم «اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون» كما أن موقف السيدة خديجة فى حياة الرسول يدعو كل سيدة إلى الوقوف بجانب زوجها، وكذلك يوضح موقف أبوطالب فى نصرته لدين الله أن الله قادر على نصر دعوته بما شاء وكيف شاء كما أن العروج للسماء من الاقصى يبين مكانة الاقصى فى الدين الإسلامي، الأمر الذى يتطلب المحافظة عليه والذود عنه بالغالى والنفيس. فضلا عن أن رحلة الاسراء والمعراج أوضحت كيف كانت محبة الرسول لأمته فلم يترك شيئا فى رحلته إلا وذكره لأمته وأن مكانة الصلاة التى تعتبر الركن الركين فى الإسلام باعتبار مكان فرضيتها ولذلك فهى معراج المسلم كل يوم إلى الخالق سبحانه وتعالى مؤكدا أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يوضح لهذه الأمة من ذكرى الاسراء والمعراج مكانتها ورفعتها وعلوها وأنها لن تسقط إلى يوم القيامة فمعراج الرسول دل على صعود هذه الأمة كما ان الأمة يجب أن تدرك أن مع العسر يسرا فبعد الضيق فرج وها هو سيد المرسلين تتحول محنته إلى منحة وعلى المسلمين أن يعلموا أن المسجد الاقصى امانة تسلمها النبى من جميع الانبياء حينما صلى بهم إماما فوجب على الأمة ان تحافظ على هذه الأمانة.