بالفيديو.. المغازي يكشف موعد انتخابات مجلسي النواب والشيوخ 2026    جامعة بنها تعلن توافر فرصة عمل ب«كلية الزراعة» (الشروط والمستندات المطلوبة)    قرار جمهوري بتعديل بعض أحكام قانون مجلس الشيوخ    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025    أسعار البيض والفراخ اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025 في أسواق الأقصر    أسعار الأرز الشعير والأبيض اليوم الثلاثاء 10 يونيو 2025 في أسواق الشرقية    تراجع سعر الذهب وسط ترقب نتائج المحادثات التجارية بين أمريكا والصين    أسعار مواد البناء اليوم الثلاثاء بالأسواق (موقع رسمي)    الحوثي: إسرائيل تستهدف ميناء الحديدة اليمني    بأسلاك مكهربة.. فلسطيني بالضفة يحصن منزله ضد المستوطنين الإسرائيليين    يحيى عطية الله يعلن جاهزيته مع الأهلي قبل كأس العالم للأندية    استعدادا للموسم الجديد.. مودرن سبورت يجدد عقود ثلاثي الفريق الأساسي    مواعيد مباريات اليوم في تصفيات كأس العالم 2026 والقنوات الناقلة    ترقبوا.. موعد نتيجة الصف الثاني الإعدادي في القاهرة الترم الثاني 2025 برقم الجلوس    حالة الطقس اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    التربية والتعليم تبدأ استقبال اعتذارات المعلمين عن المشاركة في أعمال امتحانات الثانوية العامة حتى الخميس المقبل    أمينة خليل تتصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعد حفل زفافها على أحمد زعتر في اليونان (صور)    فنان العرب محمد عبده والمايسترو هاني فرحات يحطمان الأرقام القياسية في حفلات عيد الأضحي 2025    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 10-6-2025 في محافظة قنا    حكم توزيع لحوم الأضاحي بعد العيد وأيام التشريق؟.. أمين الفتوى يوضح    "عيالي نزلوا هنا كانوا بيضحكوا".. نهر النيل يبتلع فرحة أسرة في ليلية زفاف بأسيوط- صور    سارة وفيق ترد على انتقاد طارق الشناوي ل "ريستارت": "عرفت تبقي تريند من غير ما تنقد الفيلم"    إحالة سيدتين للجنايات بتهمة الاتجار في المخدرات وسرقة المواطنين بالساحل    إصابة 3 أشخاص إثر استهداف مسيرة إسرائيلية "وادي جنعم" بأطراف بلدة شبعا جنوب لبنان    حبس وغرامة، عقوبة استخدام حساب خاص بهدف ارتكاب جريمة فى القانون    فى أحضان الفراعنة.. عروض فنية لقصور الثقافة بالأقصر في احتفالات عيد الأضحى    قتيل و4 جرحى حصيلة الهجوم الروسي على أوديسا جنوب أوكرانيا    تحذير عاجل من عبوات "باراسيتامول" بالأسواق، وهيئة الأدوية البريطانية: فيها تلوث قاتل    45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الثلاثاء 10 يوينو 2025    استقرار سعر الذهب اليوم وعيار 21 يسجل 4675 جنيها    الصور الكاملة لحفل «واما» بعد تألقهم ب الساحل الشمالي في عيد الأضحى 2025    وفد من أمانة حزب مستقبل وطن بالدقهلية يقدم العزاء لأسرة البطل خالد شوقي عبدالعال    السيطرة على حريق شب داخل فيلا بالتجمع    القبض على صاحب مطعم شهير بالمنيا بعد تسمم أكثر من 40 شخصًا    «الأرصاد منعتنا من النزول.. وشركة المقاولات حفرت لوحدها».. اعترافات المتهم الخامس في قضية انفجار خط الغاز ب طريق الواحات (خاص)    خاص| الدبيكي: نعمل على صياغة اتفاقية دولية لحماية العاملين من المخاطر البيولوجية    يوميات أسبوع نكسة 1967 في حياة طبيب شاب    مباراة السعودية وأستراليا في تصفيات كأس العالم 2026.. الموعد والقنوات الناقلة    ذكريات كأس العالم!    حقك لازم يرجع.. وزير الزراعة يزور مسؤول حماية الأراضي المعتدى عليه ب سوهاج    تامر عاشور يشيد بزوجته نانسي نور: قوية وحنونة وتتفهم طبيعة حياتي    ماكرون: الحصار المفروض على دخول المساعدات إلى غزة "فاضح"    ترامب: إيران ستشارك في مفاوضات المحتجزين في غزة.. وسنرى ما سيحدث    الخارجية الإيرانية تعلن موعد الجولة المقبلة من المفاوضات مع واشنطن حول البرنامج النووى    رافاييل فيكي يدخل دائرة ترشيحات الزمالك لتولي القيادة الفنية    صحة سوهاج: 560 جلسة علاج طبيعي لمرضى الغسيل الكلوي خلال أيام عيد الأضحى    ب"شورت قصير".. أحدث جلسة تصوير جريئة ل دينا فؤاد والجمهور يعلق    ما حكم الشرع في بيع لحوم الأضاحي.. دار الإفتاء توضح    أول تعليق من يحيى عطية الله لاعب الأهلي بعد غيابه عن مباراة الفريق أمام باتشوكا    وزير الصحة الأمريكي يُقيل اللجنة الاستشارية للقاحات    أجواء مشحونة بالشائعات.. حظ برج الدلو اليوم 10 يونيو    حاكم كاليفورنيا ينتقد قرار ترامب بنشر المارينز ويصفه ب "المختل"    خط دفاع تحميك من سرطان القولون.. 5 أطعمة غنية بالألياف أبرزها التفاح    سباليتي يعترف: من العدل أن أرحل عن تدريب منتخب إيطاليا    إجراء 2600 جلسة غسيل كلوي خلال إجازة عيد الأضحى بمحافظة قنا    استقبال 13108 حالة طوارئ بالمستشفيات خلال عيد الأضحى بالمنوفية    هل تنتهي مناسك الحج في آخر أيام عيد الأضحى؟    دار الإفتاء تنصح شخص يعاني من الكسل في العبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بورسعيد واليونانيون .. ذاكرة العدوان والنصر
نشر في بوابة الأهرام يوم 22 - 11 - 2020

زيارة الرئيس الناجحة إلى اليونان والحفاوة التى أحاطت بها، وكيف أظهرت ما لمصر والمصريين من مكانه أعادت إلى ذكريات عزيزة فى مدينتى بورسعيد ، وكيف كان اليونانيون أو الجريج كما كنا نطلق عليهم جزءا عزيزا من ابناء المدينة ... عشت طفولتى المبكرة أظن ان جارتنا اليونانية - التى كانت هى وأسرتها جزءا من أسرتنا - شقيقة أمى وهى كانت بالفعل شقيقة وان لم تكن من الرحم فمن روابط المحبة والتحضر وثقافة البحر المتوسط التى نشأت عليها أجيالنا وأجيال آبائنا وأمهاتنا وكيف كانت محالهم للبقالة وأفرانهم التى تخبز ما لم أذق طعمه فى أى مكان.
وتداعت الذكريات وما شهدته بورسعيد فى مثل هذه الأيام من شهر نوفمبر 1956 وحدثت فيها أعنف معارك العدوان الثلاثى على المدينة التى سقط فيها آلاف الشهداء تحت أنقاض البيوت والأحياء التى أغارت وألقت عليها قنابل حارقة طائرات العدو ، رغم المقاومة الباسلة لأبناء المدينة وشاركهم المقاومة من كانوا داخلها من أعداد محدودة أو تسلل اليها من قوات نظاميه كانت وقائع ومعارك المقاومة تشتد كلما ازدادت شراسة العدوان على أمل إخضاع المقاومة وقدر العسكريون عدد الغارات الجوية على بورسعيد بنحو 800 غارة وعدد القطع البحرية التى اشتركت فى الغزو بضعف القطع التى شاركت فى انسحاب الانجليز من دنكرك وبلغ عدد القوات المنسحبة من بورسعيد يوم 23 ديسمبر 11 ألف جندى ...
أكتب وفق ما جاء فى الأطلس التاريخى لبطولات شعب بورسعيد 1956 هذا الإنجاز التاريخى الكبير لابن بورسعيد ومؤرخها ضياء القاضى والذى فى معرض ذكره لأسماء تشكيلات المقاومة الشعبية العشرة يذكر أن التشكيل الثالث كان من اليونانيين وتكون من 9 أعضاء وأنهم اشتركوا فى أكثر من عملية من عمليات المقاومة الشعبية مع التشكيلات الأخرى.
فى مثل هذه الأيام من نوفمبر 1956 كانت شوارع المدينة غارقة فى دماء أبنائها والاهالى يحاولون دفن شهدائهم فى اماكن استشهادهم، ووسط أنقاض البيوت والمستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس التى أسقطتها غارات الطائرات البريطانية والفرنسية مستخدمين قنابل النابالم لحرق أحياء بالكامل .المدهش أن المقاومة الباسلة لأبناء بورسعيد أبادت بالكامل أول كتيبة مظلات أسقطها الإنجليز بمنطقة الجميل وتكونت من 250 ضابطا وجنديا ووصلت خسة الغزاة أنهم قاموا بضرب اللنشات والمراكب الشراعية التى حاولت تهجير الشيوخ والنساء والأطفال عبر بحيرة المنزلة .. وقائع المعركة تبين مقاومة كثير من النساء مغادرة مدينتهن وتكونت المجموعة العاشرة من المقاومة الشعبية من بورسعيد يات فى مقتبل العمر وتحت وابل قنابل العدو تم تهجير الآلاف لإدراك المقاومة أنهم سيخوضون معارك عنيفة مع العدو الذى يحاصرهم ويقاتلهم بأسلحة وقوات برية وبحرية وجوية، بينما ليس لدى المقاومة وأبناء المدينة إلا بنادق متواضعة تم توزيعها عليهم مع بداية المعركة، وحاول العدو منع وصول صوت الإذاعة المصرية وجمع اكثر من 5 آلاف جهاز ترانزستور فانهالت المنشورات المطبوعة فى المطابع الوطنية لأبناء بورسعيد لنقل أخبار المعارك والانتصارات التى تحققها المقاومة التى تعددت أشكال تحديها للعدو وتنظيم مظاهرات كما حدث فى مثل هذا اليوم 22 نوفمبر 1956 عندما نظمت المدينة مظاهرة على هيئة جنازة صامتة على روح الشهيدين حسن سليمان حمودة ورمضان السيد وعلقوا دمى ضخمة من رقابها لقادة العدوان البربرى الذى استهدف عودة الإنجليز لاحتلال مصر وعودة فرنسا للاستيلاء على قناة السويس وإسقاط الثورة المصرية بعد المد الثورى التى أحدثته فى العالم.
كتب كثيرة صدرت عن العدوان الثلاثى منها الطريق الى السويس صدر فى نوفمبر 1961 تأليف أرسكين شيلدر، كتب فيه ان الغزوات الاستعمارية الغربية للعالم العربى ومنذ الحروب الصليبية وحتى عدوان 56 كانت لإضعاف العرب وابقائهم فى تخلف وتأخر لتظل السيادة للغرب عليهم، وكان التركيز على ضرب وإضعاف مصر خاصة بعد ثورة 1952 وآثارها المدمرة فى نظرهم على العالم العربى وإفريقيا والعالم الثالث بأكمله، وخططوا أنه اذا لم تقبل مصر إنذارهم ومطالبهم تبدأ وقائع العدوان ويفرض على جمال عبدالناصر إما أن يقبل ويستسلم أو يرسلوا قوه ضاربة تقتحم القاهرة لأسره لوضع العالم أمام الأمر الواقع!.
هذا التدبير الشيطانى لمن خططوا للغزو الذى كتبه مؤلف كتاب الطريق الى السويس لم أكن أعرفه، ولكن لم يكن مستغربا على الاطماع التى وضعوها على العدوان وحجم القوات البرية والبحرية والجوية التى أرسلوها والتى أسقطتها المقاومة الباسلة، هذه الذكريات استدعتها زيارة الرئيس السيسى لليونان والحفاوة والتكريم لمصر فى شخصه وتقليده أرفع وسام يونانى والحياة والقواسم المشتركة التى عشناها سويا مع أبناء اليونان فى بورسعيد الذين كانوا جزءا أصيلا من سكانها وكانوا الأقرب من أبناء الجاليات المختلفة التى استوطنت بورسعيد والتى من المؤكد كانت وراءها أرصدة الحضارتين المصرية واليونانية التى جعلتهم فى مواجهة العدوان الثلاثى يسارعون إلى تكوين تشكيل من اليونانيين شارك فى كثير من عمليات المقاومة بما فيها ايام تأميم القناة ومؤامرة سحب الدول الغربية مرشديهم، حينما رفض المرشدون اليونانيون الانضمام لهم ووضعوا أيديهم فى ايدى المرشدين المصريين ونجحوا فى ألا يتوقف العبور فى القناة يوما واحدا.
قراءة أوراق المقاومة تكشف المزيد دائما عن أسرار عبقرية قتال وانتصار مدينة صغيرة وجميلة مثل بورسعيد وكيف جعل أبناؤها استمرار بقاء قوات العدوان الثلاثى من المستحيلات رغم انهم حولوا أهم معالم المدينة إلى معسكرات لجنودهم وضباطهم الذين طالبوهم بربط أسلحتهم فى أيديهم خوفا من اختطاف الفدائيين لها وكيف ضربوا حتى المقابر واقتحموا المسجد العباسى وأطلقوا النار على من احتمى به من مسنين وأطفال وعزلت القوات الفرنسية مدينة بورفؤاد وأوقفت المعدية ومنعت سكانها من عبور القناة إلى بورسعيد .. وكان من الصعب عليهم أن يفهموا طبيعة الدماء الأبية والكرامة والوطنية التى تجرى فى عروق أبناء المدينة التى اشترك كل من فيها فى المقاومة حتى جدران المدينة حولها أبناء بورسعيد إلى منشورات بالعربية والانجليزية لإرهابهم وبث الرعب فى قلوبهم وانهالت الأسلحة المهربة من بحيرة المنزلة تحت طاولات الصيادين الممتلئة بالأسماك .. والى أن أصبح الخروج والهروب من مدينة الجبابرة التى هزت مقاومتها العالم أملا ومطلبا للغزاة تحقق فى23 ديسمبر الذى أصبح عيدا للنصر أرجو ان يجد ما يليق به ويليق بما فعله أبناء بورسعيد من احتفاء وتقدير.
نقلا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.