يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    «علام» يصل الكويت للمشاركة في افتتاح مقر «جمعية المحامين»    رئيس الوزراء يلتقي أعضاء المجلس التصديري وغرف الصناعات الغذائية    وزير التنمية المحلية: إنشاء 332 مجمعًا خدميًا في قرى «حياة كريمة»    تحقيق جديد في اتهام سائق بالتحرش.. وتوصيات برلمانية بمراقبة تطبيقات النقل الذكي    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    «الإسكان»: اعتماد المخطط التفصيلي ل3 مناطق صناعية في بني سويف    الرئيس السيسي يؤكد حرص مصر على وقف نزيف الدم بقطاع غزة    مراسل «القاهرة الإخبارية»: المجاعة تعصف بغزة بعد منع إسرائيل لدخول المساعدات    مكتب الإعلام الحكومي بغزة: الرصيف البحري لا يمكن أن يكون بديلا عن المنافذ البرية والمساعدات لم تصل حتى الآن إلى شمال القطاع والوضع كارثي    توني كروس يعلن اعتزاله رسميًا نهاية الموسم    أخبار الأهلي : فرمان جديد لكولر قبل مواجهة الترجي بدوري الأبطال    متحديا يوفنتوس.. رئيس بولونيا: سنعمل بكل قوتنا للحفاظ على موتا    «تعليم القليوبية» تحيل رئيس لجنة و4 طلاب بامتحانات الإعدادية للتحقيق    وزيرة التضامن تتابع حادث سقوط ميكروباص من أعلى معدية أبو غالب بالجيزة    أجازة 9 أيام .. تعرف على موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2024    ضبط طرفى مشاجرة بالقاهرة نتج عنها وفاة طفلة وإصابة آخر    بتهم القتل والبلطجة.. إحالة أوراق عاطل بالقليوبية لفضيلة المفتي (تفاصيل)    تأجيل 12 متهما ب «رشوة وزارة الرى» ل 25 يونيو    علي الحجار يحيي روائع عمار الشريعي بحفل دار الأوبرا    نقيب القراء: لجنة الإجازة بالإذاعة حريصة على اختيار من هم أهل للقرآن من الكفاءات    دعاء النبي في الحر الشديد: كيفية الدعاء أثناء موجة الطقس الحار    احذروا الشائعات.. مجلس الوزراء يكشف حقيقة بيع المستشفيات الحكومية ووقف الخدمات المقدمة للمواطنين    في اليوم العالمي للشاي.. أهم فوائد المشروب الأشهر    إجراء 74 ألف عملية جراحية لمواطني المنيا ضمن مبادرة «القضاء على قوائم الانتظار»    بورصة الدواجن الآن.. ارتفاع سعر الفراخ البيضاء اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024 وكرتونة البيض    لمواليد برج السرطان.. توقعات الأسبوع الأخير من مايو 2024 (التفاصيل)    للتوعية بحقوقهن وواجباتهن.. «الهجرة» تناقش ضوابط سفر الفتيات المصريات بالدول العربية    منها «التعرق الليلي والتعب».. ما هي أعراض سرطان الدم؟    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    «التضامن»: مغادرة أول أفواج حج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة 29 مايو    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    كرة اليد، ماذا يحتاج الزمالك لاقتناص لقب الدوري من الأهلي؟    الموعد والقناة الناقلة لقمة اليد بين الأهلي والزمالك بدوري كرة اليد    "مستقبله في الهواء".. الصحف الإنجليزية تُعلق على تغريدة محمد صلاح المثيرة    وزير التعليم: مدارس IPS الدولية حازت على ثقة المجتمع المصري    دونجا: ياسين لبحيري حماني من إصابة خطيرة.. وشكرته بعد المباراة    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    «ختامها مسك».. طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان اللغة الإنجليزية دون مشاكل أو تسريبات    رئيس جامعة بني سويف: مناقشة أول رسالة ماجستير بكلية علوم الأرض    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    تاريخ المسرح والسينما ضمن ورش أهل مصر لأطفال المحافظات الحدودية بالإسكندرية    خبيرة تغذية توجه نصائح للتعامل مع الطقس الحار الذي تشهده البلاد (فيديو)    لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    تعرف على سعر السكر والزيت والسلع الأساسية بالأسواق منتصف الأسبوع الثلاثاء 21 مايو 2024    مي عز الدين تُطلق مسابقة بين جمهورها على «التيك توك».. ما القصة؟ (فيديو)    حسام المندوه: الكونفدرالية جاءت للزمالك في وقت صعب.. وهذا ما سيحقق المزيد من الإنجازات    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    المقاومة الفلسطينية تستهدف قوات الاحتلال قرب مفترق بلدة طمون جنوب مدينة طوباس    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    عمرو أديب عن وفاة الرئيس الإيراني في حادث الطائرة: «إهمال وغباء» (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غياب «الشريك الجاد» وراء أزمات «السد الإثيوبى»!
نشر في بوابة الأهرام يوم 21 - 11 - 2020


عبدالمحسن سلامة
لو أن إثيوبيا شريك جاد، ولديها ما يكفى من حسن النيات، لكان من الممكن تكرار تجربة النموذج التنزانى فى إثيوبيا، حيث تقيم تنزانيا سدا ومحطة لتوليد الطاقة الكهرومائية على نهر «روفيجى» بمنخفض «ستيجلر جورج» بمشاركة مصرية.
الحكومة المصرية تضع نجاح هذا المشروع على أجندة أولوياتها، وهناك متابعة مستمرة من الرئيس عبدالفتاح السيسي لمراحل تنفيذه، وتكليف مستمر منه بالالتزام بشروط المشروع التعاقدية حتى اكتمال تنفيذه فى 2022.
فى الأسبوع الماضى، شارك وزيرا الكهرباء والإسكان فى الاحتفال الذى أقيم فى تنزانيا بمناسبة البدء فى تحويل مجرى نهر «روفيجى»، لاستكمال تنفيذ جسم السد الرئيسى، الذى يشيده تحالف مصرى يضم شركتى « المقاولون العرب »، المملوكة للدولة المصرية، و« السويدى إلكتريك »، إحدى كبريات شركات القطاع الخاص المصرية، بقيمة إجمالية تصل إلى 2.9 مليار دولار.
كان من الممكن أن يكون هناك تعاون مصرى إثيوبى فى بناء السد الإثيوبى ، لو أن إثيوبيا جادة فى الشراكة مع مصر والسودان من منطلق مبدأ «المصالح المشتركة لدول حوض النيل»، وهو ما كانت تتغنى به طيلة السنوات التسع الماضية، غير أنها كانت تفعل غير ما تقول دائما، ولجأت إلى سياسة «فرض الأمر الواقع»، وهى السياسة المرفوضة من الجانبين المصرى والسودانى، اللذين يتمسكان بضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم حول سد «الأزمة» الإثيوبى.
الخميس الماضى، عقدت جلسة جديدة من المفاوضات السداسية بين الأطراف الثلاثة (مصر والسودان وإثيوبيا)، بحضور وزراء الخارجية والموارد المائية لتلك الدول، غير أن جولة المفاوضات الجديدة لم تحقق تقدما يذكر، وظلت المفاوضات تراوح مكانها كما هو الحال فى مئات الجلسات التى عقدت على مدى الأعوام التسع الماضية، التى لم تسفر عن تقدم حقيقى سوى فى توقيع اتفاق «إعلان المبادئ»، الذى تم توقيعه فى 2015، بحضور زعماء مصر وإثيوبيا والسودان، وهو الاتفاق الذى لا تحترمه إثيوبيا، وتقوم ب«خرقه» وانتهاك بنوده، كما فعلت فى «الملء الأول» بشكل أحادى.
الاتحاد الإفريقى هو راعى المفاوضات الدائرة الآن، لكنه لا يزال يكتفى بتنظيم الاجتماعات، ومراقبتها دون فعالية تذكر، فى الضغط على «إثيوبيا»، للالتزام باتفاق «إعلان المبادئ»، ومراعاة الاتفاقات الدولية المنظمة لاستغلال الموارد المائية والأنهار، واحترام الاتفاقات الموقعة بين الأطراف الثلاثة قديما وحديثا، التى تحاول إثيوبيا «التنصل» منها بدعاوى «وهمية» و«باطلة».
الجانب السودانى هو الآخر بدأ منذ فترة، ومنذ بداية تولى حكومة د. عبدالله حمدوك، يشعر بالقلق والتوتر نتيجة أفعال وتصرفات الجانب الإثيوبى الغامضة والغريبة، خاصة أن مخاطر السد الإثيوبى على السودان قد تكون «مدمرة»، فى حالة انهيار السد الإثيوبى فى أى وقت، وهو ما عبر عنه وزير الرى والموارد المائية السودانى، ياسر عباس، فى المؤتمر الصحفى الذى أعقب انتهاء جولة المباحثات الأخيرة، حينما أشار إلى أن السودان لن يتفاوض إلى ما لا نهاية، لأن السودان سوف يتأثر بشكل مباشر من السد الإثيوبى .
وقال إن سد «الروصيرص» يبعد 15 كيلو مترا فقط عن السد الإثيوبى ، فى إشارة واضحة منه إلى مخاطر السد الإثيوبى فى حالة انهياره، وتأثيره المدمر على سد «الروصيرص» وانهياره، بما يعنى إزاحة مدن سودانية كاملة، بما فيها الخرطوم، من على الخريطة.
مصر من جهتها تتمسك بضرورة التوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن، يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث، ويحفظ حقوق مصر المائية غير القابلة للنقاش، لأن هذه الحقوق بمنزلة الحق فى الحياة للشعب المصرى، لأن مصر هى الدولة الأكثر احتياجا لمياه النيل من إثيوبيا والسودان .
مصر تعانى «الشح المائى»، ولا يوجد لديها مورد آخر من المياه سوى حصتها من مياه النيل، التى لم تعد كافية، فى ظل الزيادة السكانية الرهيبة، ومضاعفة عدد السكان الذى وصل إلى أكثر من 100 مليون مواطن، فى حين أن إثيوبيا توجد بها 10 أحواض أنهار، بخلاف حوض النيل الأزرق، الذى تقيم إثيوبيا عليه السد، وتصل كمية الأمطار التى تسقط على الأراضى الإثيوبية إلى ما يقرب من 936 مليار متر مكعب سنويا. فى حين أن حصة مصر ثابتة، والمقدرة بنحو 55.5 مليار متر مكعب سنويا.
مصر تحترم حق إثيوبيا فى التنمية، وتوقيعها على اتفاق «إعلان المبادئ» أكد ذلك الحق، وفى كل المواقف تؤكد مصر ذلك، غير أنه، فى الوقت نفسه، فإن مياه النيل بالنسبة لمصر ضرورة حياة، وترفض مصر المساس بنقطة واحدة من حصتها التاريخية المقررة منذ قرون طويلة من الزمان.
حملت مصر أوراقها إلى الاتحاد الإفريقى، وقبله مجلس الأمن، لتؤكد ثوابت مواقفها، وحقها فى حصتها التاريخية، وفى الوقت نفسه، دعمها حق إثيوبيا فى التنمية، غير أن الموقف الإثيوبى يزداد غموضا يوما بعد يوم، مما ينال من ثقة الحكومة الإثيوبية ومصداقيتها أمام المجتمع الإفريقى على وجه الخصوص، والمجتمع الدولى عموما.
أعتقد أن إثيوبيا تحاول من خلال تطويل أمد المفاوضات، والمراوغة فى أزمة السد، تغطية مشاكلها الداخلية «المتفجرة»، والبحث عن «شماعة» لتلك المشاكل، بعد أن أخفق رئيس وزراء إثيوبيا، آبى أحمد، فى العديد من الملفات الداخلية والخارجية، وبعد أن كان مناديا بالسلام أصبح واحدا من دعاة الحرب، مما دعا لجنة نوبل إلى التدخل، حيث عبرت عن قلقها الشديد إزاء الصراع المتصاعد فى منطقة تيجراى الإثيوبية، وقالت، فى بيان لها الثلاثاء الماضى: «تتابع لجنة نوبل النرويجية عن كثب التطورات فى إثيوبيا، وتشعر بالقلق الشديد».
وأضافت اللجنة، التى نادرا ما يكون لها موقف بشأن ما يفعله الفائزون بجوائزها بعد حصولهم عليها، أنها تكرر ما سبق وأن قالته، وهو أن مسئولية جميع الأطراف الضالعة فى الصراع أن تنهى العنف المتصاعد، وتحل الخلافات والصراعات بالوسائل السلمية.
جاء بيان لجنة نوبل بعد مقتل المئات وفرار الآلاف، فى ظل اتهامات بارتكاب آبى أحمد فظائع وجرائم حرب فى تيجراى.
من المهم أن يقوم الاتحاد الإفريقى بمسئولياته خلال المرحلة المقبلة، ووضع النقاط على الحروف فى ملف أزمة السد الإثيوبى ، فلا يعقل أن تظل المفاوضات بلا نهاية بسبب ما تقوم به الحكومة الإثيوبية من خلط للأوراق، وجعل «أزمة السد» الشماعة التى تعلق عليها المشاكل الداخلية التى تواجهها.
أكثر من 9 سنوات كاملة والحكومات الإثيوبية المتعاقبة تتقدم خطوة وتتراجع خطوات فى ملف أزمة السد، لأنها تستهدف «تطويل» أمد المفاوضات، لكى تظل أزمة السد شماعة لتلك الحكومات فى التغطية على مشاكلها الداخلية المتفاقمة.
مصر ليست عدوا ل«إثيوبيا»، ولن تكون، ولا تريد سوى الخير للشعب الإثيوبى، لكنها تريد الحفاظ على حقوقها المائية، التى هى بمنزلة «الحق فى الحياة» للشعب المصرى كله، ومن الضرورى أن تحسم الحكومة الإثيوبية مواقفها، وأن تكون «شريكا جادا» فى المفاوضات الحالية من أجل وضع النقاط على الحروف فى القضايا القانونية والفنية العالقة، التى سبق حسمها فى المفاوضات التى جرت برعاية الولايات المتحدة والبنك الدولى، ثم تهربت إثيوبيا من استحقاقات التوقيع عليها فى اللحظات الأخيرة.
لقد دعت وزيرة خارجية جنوب إفريقيا لمواصلة التفاوض 10 أيام قادمة، وهى المفاوضات التى يحوطها الكثير من الشكوك والغموض بسبب غياب الشريك الإثيوبى الجاد، واستمرار خلط الحكومة الإثيوبية بين مشكلاتها الداخلية وأزمة السد، فى محاولة منها ل«التشويش» على تلك المشكلات داخليا، وهو ما ثبت فشله خلال السنوات التسع الماضية، ولم يسفر عن نتائج إيجابية «داخليا» أو «خارجيا» فى ظل تفاقم مشكلاتها الداخلية، وفقدان مصداقيتها خارجيا على الصعيدين الإفريقى والدولى.
* نقلًا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.