تحول مفهوم أصحاب القلب الطيب فى زماننا الحالى مع اختلال منظومة القيم لأسباب كثيرة وكأنه عيب فى أصحابه، ويحمل دلالات أخرى غير أن المشاعر الإنسانية النقية، هى الغالبة عليه، فتحاول أن تصوره وكأنه إنسان ساذج، يعيش فى عصر الذئاب ، بينما هو تائه فى مدينته الفاضلة، التى تفصله عن الواقع، فيصبح بين الناس مهضومًا حقه، لا يبالى به أحد، ولا أثر له! هذا الصنف من البشر أصبح يعانى معاناة العيش فى كبد حتى يبقى على عهده بنفسه، محافظًا عليها، راضيًا عنها، مهما يحاول الآخرون انتزاعه منها، ولكنه كى يحقق هذا يخسر كل يوم جزءًا من راحته، وهدوئه النفسى، بل ومن آماله، وتحقيق كل ما يريد، بل هو ربما يخسر حياته كمدًا إخلاصًا لقيم إنسانية نادرة! من بين هذا الصنف من البشر، كان الزميل خالد عيسى نائب رئيس تحرير الأهرام المسائى، الذى وافته المنية فجأة في أثناء نومه، وهو من كان يملأ الدنيا، حضورًا، ووجودًا. يبدو أمام الجميع طاقة نور من الإيجابية، والتفاؤل.. تراه مرة واحدة وكأنك تعرفه من دهور طويلة.. داخل جسمه الممتلئ ترى قلبه الطيب الذى يحمل الخير للآخرين حتى لو تحاملوا عليه، غيرةً من قلوبهم المريضة. كان عيسى محترفًا فى تخصصه كناقد فنى، ويعيش تفاصيل الحياة الفنية بتعقيداتها دون أن يبدى تحيزًا لأحد، فعاش محترمًا ذاته وصحيفته ومؤسسته مُتحملًا محاولات الآخرين أن يأخذوه بعيدًا عن مواقفه الثابتة. عاش خالد عيسى كل حياته بقلب كبير دون أن يكترث بحياة زائلة، مُحبًا متصالحًا مع نفسه قبل الآخرين فى زمن لا يكترثون فيه بالقلوب الطيبة، فاختار لقاء المحب الأكبر والأعظم.. اختار لقاء الله رب العالمين! * نقلًا عن صحيفة الأهرام