السيسي يغادر العاشر من رمضان ويلتقط صورة تذكارية مع ضيوف وعمال مجمع هاير الصناعي    شراكة استراتيجية بين "كونتكت وأوراكل" لتعزيز نجاح الأعمال وتقديم خدمات متميزة للعملاء    بالمر وجاكسون يقودان التشكيل المتوقع لتشيلسى لمواجهة توتنهام    الأوقاف: افتتاح 19 مسجدا ب 9 محافظات غدا - صور    قرار عاجل من الري بشأن مساحات ومناطق زراعة الأرز    فيديو.. اقتحام الشرطة الأمريكية لحرم جامعة كاليفورنيا    ماكرون لا يستبعد إرسال قوات إلى أوكرانيا في حال اخترقت روسيا "خطوط الجبهة"    واشنطن تدعو روسيا والصين لعدم منح السيطرة للذكاء الاصطناعي على الأسلحة النووية    ميقاتي يحذر من تحوّل لبنان لبلد عبور من سوريا إلى أوروبا    «الشيوخ» ينعى رئيس لجنة الطاقة عبدالخالق عياد    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    صدام جديد.. أنشيلوتي يُجبر نجم ريال مدريد على الرحيل    ضبط 4 أشخاص بتهمة النصب والاحتيال على المواطنين في القليوبية    حملة تموينية بكفر الشيخ تضبط أسماك مجمدة غير صالحة    "أبواب حديد وعربات يد".. قرار من النيابة ضد عصابة سرقة المقابر بالخليفة    «اكتشف غير المكتشف».. إطلاق حملة توعية بضعف عضلة القلب في 13 محافظة    وزيرة الهجرة تعلن ضوابط الاستفادة من مهلة الشهر لدفع الوديعة للمسجلين في مبادرة السيارات    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    كولر يعالج أخطاء الأهلي قبل مواجهة الجونة في الدوري    شوبير يكشف مفاجأة عاجلة حول مستجدات الخلاف بين كلوب ومحمد صلاح    «التنمية الحضرية»: تطوير رأس البر يتوافق مع التصميم العمراني للمدينة    رئيس اتحاد القبائل العربية يكشف أول سكان مدينة السيسي في سيناء    شيخ الأزهر ينعى الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    كشف ملابسات فيديو الحركات الاستعراضية لسائقين بالقاهرة    حار نهارًا.. «الأرصاد» تكشف حالة الطقس اليوم الخميس 2-5-2024 ودرجات الحرارة المتوقعة    ضبط المتهم بإدارة ورشة لتصنيع وتعديل الأسلحة النارية بالبحيرة    الأمن تكثف جهوده لكشف غموض مق.تل صغيرة بط.عنات نافذة في أسيوط    مهرجان الجونة السينمائي يفتح باب التسجيل للدورة السابعة من منصة الجونة السينمائية    مسلسل البيت بيتي 2 الحلقة 3.. أحداث مرعب ونهاية صادمة (تفاصيل)    كلية الإعلام تكرم الفائزين في استطلاع رأي الجمهور حول دراما رمضان 2024    رئيس جامعة حلوان يكرم الطالب عبد الله أشرف    هل تلوين البيض في شم النسيم حرام.. «الإفتاء» تُجيب    وزيرة التضامن الاجتماعي تكرم دينا فؤاد عن مسلسل "حق عرب"    وائل نور.. زواجه من فنانة وأبرز أعماله وهذا سبب تراجعه    مصدر رفيع المستوى: تقدم إيجابي في مفاوضات الهدنة وسط اتصالات مصرية مكثفة    محافظ الجيزة يستجيب لحالة مريضة تحتاج لإجراء عملية جراحية    120 مشاركًا بالبرنامج التوعوي حول «السكتة الدماغية» بكلية طب قناة السويس    محامي بلحاج: انتهاء أزمة مستحقات الزمالك واللاعب.. والمجلس السابق السبب    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    كوارث في عمليات الانقاذ.. قفزة في عدد ضحايا انهيار جزء من طريق سريع في الصين    منها إجازة عيد العمال وشم النسيم.. 11 يوما عطلة رسمية في شهر مايو 2024    رئيس الوزراء: الحكومة المصرية مهتمة بتوسيع نطاق استثمارات كوريا الجنوبية    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    لمواليد 2 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    رفضت الارتباط به فطعنها.. النيابة تستمع للطالبة ضحية زميلها في طب الزقازيق    مدرب النمسا يرفض تدريب بايرن ميونخ    بنزيما يتلقى العلاج إلى ريال مدريد    سؤال برلماني للحكومة بشأن الآثار الجانبية ل "لقاح كورونا"    أبرزها تناول الفاكهة والخضراوات، نصائح مهمة للحفاظ على الصحة العامة للجسم (فيديو)    تشغيل 27 بئرا برفح والشيخ زويد.. تقرير حول مشاركة القوات المسلحة بتنمية سيناء    هئية الاستثمار والخارجية البريطاني توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز العلاقات الاستثمارية والتجارية    دعاء النبي بعد التشهد وقبل التسليم من الصلاة .. واظب عليه    التضامن: انخفاض مشاهد التدخين في دراما رمضان إلى 2.4 %    صباحك أوروبي.. حقيقة عودة كلوب لدورتموند.. بقاء تين هاج.. ودور إبراهيموفيتش    هل يستجيب الله دعاء العاصي؟ أمين الإفتاء يجيب    عميد أصول الدين: المؤمن لا يكون عاطلا عن العمل    حكم دفع الزكاة لشراء أدوية للمرضى الفقراء    مظهر شاهين: تقبيل حسام موافي يد "أبوالعنين" لا يتعارض مع الشرع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاحتياج لنمو دور المجتمع المدني
نشر في بوابة الأهرام يوم 30 - 08 - 2020

ربما تكون المرة الأولى التى يقف فيها الشعب المصرى موحدا أمام قضية داخلية تفرض عليه من جانب غير عسكري. وعندما نشير الى وحدة الشعب المصرى فإننا نعنى جميع شرائح وطبقات الشعب المصري، في حضره وريفه وباديته.
يواجه الشعب المصرى مرحلة تحمل صراعا حقيقيا من أجل توفير لقمة عيشه. فأخيرا لم يعد يعتمد على الاعتقاد الراسخ أن الطبيعة وهبته نيلا جاريا يأتيه بالماء والطمى اللازمين لتوفير المأكل والمشرب والملبس.
لقد عاش الشعب المصرى آمنا على مصادره منذ أن انشق الأخدود وجرت فيه المياه وتكونت التربة السوداء الغنية التى قدمت كل الخيرات التي ننعم بها. وقد عرف المصريون منذ البداية كيفية استخدام الماء والاستفادة من الحوض الذى يجرى فيه وكيف يستخدم ما يحيطه من صحراء هى الأكبر فى العالم. زرع الوادي الخصيب حيث الماء والأرض الخصبة وحول صحراءه إلى أماكن تضم جثامينه بعد أن يفارق الحياة. لم تبخل عليه الطبيعة ولم يبخل هو على الإنسانية بالعلم والعمل والفكر. فكانت المعادلة التى جعلت من المصريين أصحاب أقدم الدول و أغنى الحضارات الإنسانية .
والآن تقف الدولة المصرية، حكومة وشعبا أمام معادلة جديدة تحرمهم من أعز ما يملكون من عناصر الحياة التى طالما تغنوا بها بدءا من أغنية النهر الخالد مرورا ب امتى الزمان يسمح يا جميل/ واسهر معاك على شط النيل و النيل نجاشي حليوة اسمر/ وشمس الأصيل نورت فوق النخيل يا نيل/ ومصر هي أمي/ نيلها هو دمي. وعشرات الأغانى التي ينقلها الأبناء عن الآباء الذين نقلوها عن الأجداد والتي تدور كلها عن النيل الذى جمع المصريين وأعطاهم الحياة منذ بدايات التاريخ.
وعندما نتحدث عن المعادلة التى تواجه الدولة شعبا وحكومة فإننا نعنى في نفس الوقت أن مواجهة هذه المعادلة لا تعني التصدي لمنعها قدر ما نعنى مواجهة الحلول التى تساعد هذه الدولة، حكومة وشعبا، على حلها للوصول إلى نتائج تساعد على استمرار الحياة وبناء حياة أفضل هي من حق هذا الشعب الذى استمر على مدى تاريخه يقدم للإنسانية تراثا جميلا وحضارة متكاملة. فهى إذن مواجهة لابد أن تتسم بالعمل المشترك المخطط والمستدام الذي يساعد على استمرار الحياة.
فالمعادلة التى تخصنا الآن هى الخاصة بالمياه والتأثيرات التى ستصيب مخصصاتنا منها نتيجة للسياسات التي تتبناها وتنفذها الحكومات الإثيوبية تجاه دول المصب، السودان ومصر. وهي المياه التى ستحول بين المصريين وزراعاتهم التقليدية من أذرة وأقطان وقصب سكر وأرز.
والحقائق التي نملكها هي أننا نستهلك 55 مليار متر مكعب من المياه القادمة إلينا من النيل، بالإضافة إلى عدة مليارات قليلة ندبرها من تدوير مياه الصرف الزراعى و محطات التحلية . والشعب المصرى يعانى الفقر المائى بمعنى أن نصيبه من المياه يقل كثيرا عن المستوى العالمي للفرد وهو ألف متر مكعب من المياه سنويا.
وهي حقيقة جديدة لم نكن نعرفها قبل أن يصل تعدادنا إلى المائة مليون. لقد دخلنا إلى حيز الفقر المائى خطوة خطوة مع زيادة تعدادنا السكاني عاما بعد عام ومع استمرارنا فى اتباع ذات أساليبنا فى الزراعة والرى التقليدية المصرية القديمة.
ولم تكن هذه الحقيقة غائبة على خبرائنا الزراعيين أو مهندسى الري المصريين الذين استمروا ينبهون إلى أهمية إعادة النظر فى سياساتي الري والزراعة. كما أن الدولة لم تتوقف عن المناداة بأهمية تنظيم الأسرة. إلا أن الدولة، وبسبب ظروفها الداخلية، لم تنتبه إلى كل ما يخطط لها من اعتداءات على حقوقها الطبيعية.
والآن جاء وقت العمل الجاد من الجميع لمواجهة المعادلة الجديدة. وعندما نقول الجميع فإننا نعنى الحكومة والشعب معا بلا انفصام، خاصة أن النسبة الأكبر من المياه التي نستخدمها تتجه إلى الإنتاج الزراعي. فالزراعة تستهلك نحو 85% من المياه التي يوفرها النيل. بمعنى أن المزارعين المصريين سيؤدون الجانب الصعب من هذه المعادلة الجديدة. ولاشك أن سكان الحضر المصريين، فى العواصم والمراكز، سيكون لهم دورهم فى المعادلة لأنهم يستهلكون حوالى 10% فى الاستهلاك المنزلى لكنهم يملكون قدرا من المعرفة بجذور المعادلة. كما أنهم يعيشون في أجواء تساعدهم على تلقى المعلومات أولا بأول.
لا تستطيع الدولة المصرية مواجهة هذه المعادلة بمفردها لأنها، أى المعادلة، تمس مجموعات بشرية ومناطق جغرافية لا تصلها يد الحكومة وإنما يسهل على أفرادها الساكنين بيوتها وأرضها الحديث إلى البشر بلغتهم السهلة المحلية وإقناعهم بأساليب مواجهة المعادلة.
يسهل على الدولة إصدار القوانين والتعليمات ولكنها لا تستطيع الوصول إلى كل العقول والسواعد التى تعمل بالتحديد فى زراعة الأرض التى هى محور معادلة المياه، كما أنها تستند إلى تراث وتقاليد عمل قديمة قدم النيل ذاته مما يصعب تغييرها بسهولة.
فيجب ألا ننسى أو نتناسى ان مناطق زراعية مصرية لا تزال لا تعترف إلا بنظام الري بالراحة أو بالغمر. فالمزارع الصغير يملك أقل من فدان، سواء كان مالكا أو مستأجرا، والذى ينتمى إلى شريحة ال 83% من عدد المزارعين المصريين لا يملك القدرة على التحول من نظامه القديم إلى نظام جديد إلا بالتدخل والحوار البشريين المباشرين اللذين لا تستطيع الحكومة القيام بهما إلا من خلال تنظيم هؤلاء البشر المحاصرين بكل المشكلات الاجتماعية كالفقر والأمية وانعدام أي جهة تنظمهم بهدف يربطهم بأطراف هذه المعادلة المنتظرة.
فى هذه الحالة لا تستطيع الدولة التوجه لكل مزارع بمفرده وإنما يسهل عليها التعاون معه وهو منظم فى مؤسسات شعبية صغيرة مهمتها الأساسية هى العمل مع البشر ومع مشكلاتهم. ولنا أن نتصور ريف مصر وقد نشطت فيه منظمات مجتمع مدنى توحد عملها مع أهداف الحكومة فى مواجهة هذه المعادلة التي لا يمكن أن تخرج منها مصر إلا بالعمل الجماعي المنظم، الحكومي والشعبي.
* نقلًا عن صحيفة الأهرام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.