استقبال رسمي مهيب، لحظة وصول شيخ الأزهر إلى قصر الرئاسة الإيطالي في روما (فيديو)    هزة في "أسطول الظل"، ثاني أكبر شركة للنفط الروسي تعلن بيع أصولها بعد العقوبات الأمريكية    عماد النحاس يحقق فوزه الأول مع الزوراء العراقي    قرار مُهم بشأن المتهم بدهس طفل بسيارته على طريق مصر أسيوط الزراعي    رئيس الوزراء: توجيهات رئاسية لضمان افتتاح يليق بمكانة مصر العالمية    أمريكا تُجلي نحو ألف شخص من قاعدتها في جوانتانامو بسبب اقتراب «ميليسا»    أردوغان يدعو إلى "سلام عادل" لإنهاء الحرب في أوكرانيا    المتحف المصري الكبير يحصد 8 شهادات ISO دولية تأكيدًا لالتزامه بمعايير الجودة والاستدامة العالمية    يختبر أعصاب المشترين..أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 28-10-2025 في بني سويف    موسكو تفند اتهام واشنطن لها بنيتها البدء بسباق تسلح نووي    سعر الخوخ والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025    انهيار عدد من المباني جراء زلزال باليكسير التركية ولا أنباء عن ضحايا    في طريقه إلى «الطب الشرعي».. وصول جثة أسير جديد ل إسرائيل (تفاصيل)    #عبدالله_محمد_مرسي يتفاعل بذكرى مولده .. وحسابات تستحضر غموض وفاته ..فتش عن السيسي    «لاماسيا مغربية» تُبهر العالم.. وإشراقة تضيء إفريقيا والعرب    الزناتي يشارك في احتفالية اليوبيل الماسي للهيئة القبطية الإنجيلية    والد ضحايا جريمة الهرم يفجر مفاجأة: بنتي مازالت عذراء    رئيس محكمة النقض يزور الأكاديمية الوطنية للتدريب    «زي النهارده».. وفاة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين 28 أكتوبر 1973    حالق زلبطة.. أحمد الفيشاوى يتعاقد على فيلم حين يكتب الحب مع جميلة عوض    لتعزيز الانتماء.. وكيل نقابة المرشدين السياحيين يطالب الحكومة بزيادة إجازة احتفال المتحف الكبير ل 3 أيام    تصل إلى الحرائق.. 6 أخطاء شائعة في استخدام الميكرويف تؤدي إلى كوارث    دراسة| تأخير الساعة يرفع معدلات الاكتئاب بنسبة 11%    إصابة واحدة من كل خمس، دراسة تكشف علاقة التهاب المسالك البولية بنظافة المطبخ    شبانة عن أزمة دونجا: كل يوم مشكلة جديدة في الكرة المصرية    مفاجأة.. الزمالك يفكر في إقالة فيريرا قبل السوبر وتعيين هذا المدرب    عضو المجلس الأعلى للشباب والرياضة الفلسطيني يطمئن على الدباغ وكايد    ماذا يحدث في الفاشر؟    خيبة أمل من شخص مقرب.. حظ برج العقرب اليوم 28 أكتوبر    الحاجة نبيلة بلبل الشرقية: البامية شوكتني وش السعد ولسة بشتغل في الغيط    رياضة ½ الليل| الخطيب يعترف بالعجز.. موقف انسحاب الزمالك.. ثقة تخوف بيبو.. وصدمة قوية للملكي    الأرصاد تحذر من شبورة كثيفة وتقلبات مفاجئة.. تفاصيل طقس الثلاثاء 28 أكتوبر في جميع المحافظات    الداخلية تكشف حقيقة ادعاء محاولة اختطاف فتاة في أكتوبر    سعر الدولار الآن مقابل الجنيه والعملات الأخرى ببداية تعاملات الثلاثاء 28 أكتوبر 2025    محافظ قنا يشهد تخريج مدارس المزارعين الحقلية ضمن مشروع تحديث الري    تقرير أمريكى: تقييم «الخارجية» لمقتل شيرين أبو عاقلة مشوب ب«الالتباس»    من حقك تعرف.. ما هى إجراءات حصول المُطلقة على «نفقة أولادها»؟    تأييد المشدد 7 سنوات لمتهم بتزوير عقد سيارة وبيعها    عودة الحركة المرورية على طريق بنها شبرا الحر بعد حادث التصادم    أمن القليوبية يكثف جهوده لضبط المتهم بسرقة مشغولات ذهبية من عيادة طبيب أسنان    وزير الاتصالات يختتم زيارته لفيتنام بلقاءات استراتيجية| تفاصيل    32.7 مليار جنيه إجمالى قيمة التداول بالبورصة خلال جلسة اليوم الإثنين    البابا تواضروس يلتقي وفود العائلتين الأرثوذكسيتين في مركز "لوجوس"    «العمل» تُحرر 338 محضرًا ضد منشآت لم تلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور    مجلس جامعة المنيا يشيد بنجاح منظومة الاختبارات الإلكترونية بكلية الطب    ذاكرة الكتب| تدمير «إيلات».. يوم أغرق المصريون الكبرياء الإسرائيلى فى مياه بورسعيد    رقصت معه وقبّل يدها.. تفاعل مع فيديو ل سيدة تمسك بذراع عمرو دياب في حفل زفاف    زاهي حواس: كنت أقرب صديق ل عمر الشريف وأصيب بألزهايمر فى أخر أيامه ولم يعرفنى    أبوريدة يحسم الملفات الحائرة بالجبلاية.. المفاضلة بين ميكالي وغريب لقيادة المنتخب الأولمبي    الأولى للفريقين هذا الموسم.. محمود بسيوني حكم مباراة الأهلي وبتروجت    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 28 أكتوبر 2025    بعد مأساة الطفل عمر.. كيف تكشف لدغة ذبابة الرمل السوداء التي تُخفي موتًا بطيئًا تحت الجلد؟    انتبه إذا أصبحت «عصبيًا» أو «هادئًا».. 10 أسئلة إذا أجبت عنها ستعرف احتمالية إصابتك ب الزهايمر    مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 27-10-2025 في الشرقية    هل يضاعف حساب الذنوب حال ارتكاب معاصي بعد العمرة أو الحج؟.. فيديو    حكم طلاق المكره والسكران في الإسلام.. الشيخ خالد الجندي يحسم الجدل ويوضح رأي الفقهاء    اعرف وقت الأذان.. مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 27 أكتوبر 2025 فى المنيا    مفتي الجمهورية: الجماعات المتطرفة توظف العاطفة الدينية للشباب لأغراضها الخاصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



‎د. البهى عيسوى شيخ الجيولوجيين فى العالم ل «الأهرام»:
أطالب بإحياء «نهر الكونغو» ليصبح واديا جديدا يوازى النيل

أثرى شيخ الجيولوجيين د. البهي عيسوي الحياة المصرية. وساهم باكتشافاته فى باطن الأرض للفوسفات والحديد والمياه فى تنمية الاقتصاد وبناء صناعات تميزت، وكان له فى خريطة مصر التعدينية عام 1981 أكبر المساهمات فى تحديد ثروات مصر الطبيعية وفرص استغلالها،
وكذلك فى ليبيا التى أنشأ بها «المساحة الجيولوجية» بالشكل المتعارف عليه علمياً ودولياً ، وأنقذت فكرته معبد رمسيس الثانى فى «أبو سمبل» من الغرق، وها هو بعد أن تخطى الثمانين – أمد الله فى عمره – يختص «الأهرام» بعدد من الأفكار التى طرح بعضها أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي فى اجتماعاته بمستشاريه العلميين ومنها: مشروع الإنقاذ والتنمية فى سيوة لاستصلاح ما يقرب من نصف مليون فدان ، والتواصل التنموى فى سيناء بناء على دراسات أعدها منذ سنوات تكاملاً مع المشروع العملاق الذى تقوم به الدولة حاليا بإنشاء الأنفاق الأربعة أسفل قناة السويس.
‎يتمنى شيخ الجيولوجيين فى العالم تحقيق مشروع «نهر الجلف» القديم وإعادة إحيائه بتحويل نهر الكونغو لتنمية الصحراء الغربية وتوفير احتياجات مصر من المياه ، مؤكدا أنه ليس بديلاً عن مياه النيل ، ولكن لمواجهة التزايد السكانى المطرد الذى يصل إلى 2.8% سنوياً، ومواكبة التوسع الزراعى والصناعي.
‎وهو أول من أعلن عنه وبشر به ودعا إلى إتمامه فى مقال نشره فى الأهرام فى سبتمبر عام 1991، لكن الأحداث التى جرت فى مصر وأسبابا أخرى أوقفت الحديث فيه حتى تعالت به بعض الأصوات مؤخراً كبديل عن تناقص حصة مصر من نهر النيل ، فقال الدكتور محمد البهى عيسوي: هذا ليس بديلاً لأن حصتنا من إيراد النيل لن تتناقص ولن تسمح مصر بتناقصها، ولكن إذا كنا نعانى من الفقر المائى حالياً ، ونصيب الفرد من المياه أصبح أقل من 600 متر (حد الفقر المائى 1000 متر)، فما سيكون عليه حال البلاد بعد التوسع فى التنمية الزراعية سواء فى سيناء أو فى الأراضى المشاطئة للزراعة على جانبى النهر من أسوان وحتى القاهرة ؟ فضلاً عن التزايد الكبير فى التصنيع وغيرها من احتياجات الحياة وتعداد مصر يزيد سنوياً أكثر من 2 مليون نسمة ، بما يعنى أن مصر فى عام 2030 سيصل تعداد السكان فيها إلى أكثر من مائة وعشرين مليونا ، وهكذا ستتزايد الاحتياجات للمياه.
وما الحل، كيف يمكن زيادة الإيراد المائي؟
‎الحلول ممكنة وبسيطة، وتبدأ باهتمام الدولة بالمشروعات الكبري، وأن تعمل كل الوزارات فى تكامل لتحقيق هدف واحد هو مواجهة هذا التزايد من البشر واحتياجاتهم.
‎أولاً، يجب أن نعمل على ترشيد استهلاك المياه، لأن سلوكياتنا كمصريين تجاه ثروتنا المائية سلبية. أما بخصوص زيادة الإيراد، فهناك مناطق عدة يمكن الاستفادة منها، خصوصاً أن بعضها تهدر فيه المياه دون الاستفادة منها، بل وتؤثر سلباً مثل سيوة التى إن تركناها بعد هذه الجريمة التى حدثت لها فى العقود الأخيرة من القرن العشرين ستموت، وأقصد بالجريمة الفعل المشترك للحكومات السابقة والأهالي. الناس حفرت آبارا عشوائية لدى مساحات بسيطة من الأرض، والحكومات لم تفعل شيئاً، وعندما انتبهت عام 1996 لم تكن الحلول إلا تسكيناً للألم ، ولذلك كثرت المياه بشكل مفزع وكونت بحيرات ملحية واحترق النخيل والأرض «طبلت» فى مناطق عدة ، مما حرم البلاد من زراعة مساحات من الأرض، ولم نعد نملك رفاهية الانتظار للتخلص من مشكلة زيادة المياه، بل يجب الإسراع فى حل المشكلة لتوفير المياه والاستفادة منها فى استصلاح أراض شاسعة ولا يجب أن ننتظر حتى تموت سيوه مثل «الواحات المنسية» القريبة منها نوميسه، وعرج، وبحرين.
وما هو الحل؟
‎الحل برفع المياه من سيوه ونقلها شمالاً باتجاه ساحل البحر المتوسط من خلال ترعة أو خط مواسير يمكن زراعة نصف مليون فدان على طول الطريق إلى مطروح، فضلا عن أن الأمطار التى تتساقط بكميات كبيرة تصل إلى 110 مللى سنوياً فى هذه المنطقة يمكن الاستفادة منها، صحيح تكلفته المادية كبيرة ولكنها ستؤمن مصر من الجوع ، إضافة لما يتم استصلاحه الآن ، والأهم أن الصرف الناتج عن هذه الزراعة سيكون فى البحر، وبالتالى نتفادى تمليح الأرض .
وهل هناك مناطق أخري؟
‎نعم، فى سيناء، فقد قمت بدراسة عدد من المناطق فيها، خصوصاً فى الجنوب منذ أكثر من عشرين عاماً، وأثبت وجود مياه كثيرة ، بعد تحليل عمر ومسار المياه، وحفرنا 25 بئراً فى وادى الخراف ووادى وتير وعريف الناقة وسهل القاع وجنوب العريش، ووصلنا إلى نتائج جيدة جدا، والأهم أننا بهذه الآبار اعترضنا مياهنا التى تنحدر إلى منطقة النقب وتستفيد منها إسرائيل، ونُشرت وقتها نتيجة الأبحاث فى مجلات علمية فى ألمانيا التى اشترك فيها باحثون ألمان كدراسة ميدانية لنيل درجتى الماجستير والدكتوراه.
وهل تم الاستفادة منها؟
‎لا ، استفدنا جزئياً فى البدايات فقط، بعد أن حفرنا 8 آبار فى عريف الناقة – الحسنة – و 3 فى وادى وتير وأذكر أن الراحل الدكتور رشدى سعيد بعد أن قرأ الأبحاث اتصل بى من أمريكا ، وقال لى : سيخطفك اليهود أو يقتلونك، فاحذر، أو على الأقل سيفجرون «البريمة» التى تعمل فى حفر الآبار.
وهل فعلوا شيئاً مما حذرك منه؟
‎لا .. ولكن «حسنى مبارك» أعطى توجيهاته بالتوقف عن هذا المشروع، رغم أنه هو الذى طلبه من المهندس عصام راضى وزير الرى وقتها، وبناء على توجيهاته تلك طلبنى وزير الرى وكلفنى بالمشروع، ولاستكمال عقدى معهم طلبوا منى تحويل مجرى السيل المسمى «وادى العاق» المنحدر إلى شرم الشيخ من غربها، وكان حسين سالم قد بنى فندقه الشهير فيها، وعندما علم بوجودها فى مجرى السيل باعها لأحمد قذاف الدم بمبلغ 120 مليون جنيه، وعندما حدثه أحد معارفه بإمكانية تحويل مجرى السيل استعاده بمبلغ 80 مليون جنيه فقط ، بعد أن أوعز لمن ينبه قذاف الدم إلى خطورة مكان الفندق ، واعتراضه السيل الذى سيهدمه ، ولهذا كلفت من وزير الرى بمجاملة حسين سالم، أن أحول مجرى السيل والحجة هى حماية المنشآت السياحية كتغطية على مجاملة حسين سالم، كما علمت فيما بعد.
هل هناك تقدير لكميات المياه فى سيناء؟
‎نعم .. فحسب الدراسات المتعددة، فإن المياه الموجودة فى منطقة (العجمة)، ما بين خليجى السويس، والعقبة، والجبال الغربية، وجبال التيه، والجبال الشرقية (الحزيم)، وغيرها من المناطق فى سيناء تؤكد وجود أرقام هائلة، وهذه نتائج دراسات لعدة سنوات قمت بها بتكليف من وزير الرى الأسبق لحساب معهد بحوث المياه الجوفية، ومازالت الدراسات وخرائط المياه موجودة بها، وهى تكفى لزراعة أكثر من مليون فدان فى سيناء.
‎كما يمكن التوسع فى الاستصلاح غرب وشرق النيل فى بنى سويف والمنيا، وأفضل طريقة لاستصلاح الصحراء هى البدء من القريب – لوادى النيل – إلى البعيد، مثل غرب المنيا لوجود البنية الأساسية القريبة من الوادى والنيل والمصارف والطرق والكهرباء، ثم التوسع منه غربا أو شرقا.
كيف أسهمت فى إنقاذ معبد رمسيس فى أبى سمبل؟
‎كان عمرى 25 عاما ، وكنت فى بداية عملى فى هيئة المساحة الجيولوجية ، وفى أغسطس 1959 سافرنا إلى أبو سمبل برفقة جورج كينيتش أستاذ الجيولوجيا الألمانى فى جامعة القاهرة منتدبا من منظمة اليونسكو لتحديد كيفية إنقاذ معبد أبو سمبل ضمن فريق مكون من 6 خبراء ، وأمام المعبد المهيب لرمسيس فى أبو سمبل وقفنا ننظر إلى عظمة المصريين فى نحته فى الجبل كمعجزة بحفر المعبد فى الجبل فى هذا المكان تحديدا لحماية حدود مصر الجنوبية وإشاعة الرهبة فى قلب من يفكر فى تخطى الحدود ، ولذلك تجد على الجدار الجنوبى للمعبد رسوما لرجال سود إشارة إلى سكان جنوب الحدود المصرية مكبلين ومربوطين بسلاسل حديدية كأسرى ، وعلى الجدار الشمالى المشهد نفسه للحيثيين (سكان الشمال من سوريا وما جاورها) تأكيدا على ما يفعل بمن يفكر فى تجاوز الحدود المصرية سواء من الجنوب أو الشمال.
‎وعندما وقفنا أمام المعبد ودار نقاش حول كيفية إنقاذه من المياه التى ستغمر المكان بعد اكتمال السد العالى تذكرت ما قرأت عن قيام الروس بنقل قصر أحد القياصرة من مكان إلى آخر، وظلت هذه الفكرة تشاغلنى أثناء النقاش الذى استمر طوال وجودنا فى أبو سمبل وتعدد الأفكار لإنقاذ المعبد الذى استقر على إحاطته بصندوق زجاجى ضخم لحفظه من تسرب المياه إليه وغرقه بعد تكون بحيرة السد، خصوصا أنه على حافة النهر ، وأن تتم زيارته عن طريق مصعد «أسانسير» من أعلى الجبل، فطرحت فكرة تقطيعه إلى أجزاء استرشادا بالشقوق والشروخ التى حدثت فيه نتيجة عوامل التعرية، ونقله من مكانه إلى أعلى الجبل، وهو ما أسعد الدكتور جورج كينينش مثنيا على الفكرة وأبلغها لليونسكو وبعدها بدأت الإجراءات الفعلية.
هل الخزان الجوفى غرب أو شرق النيل يكفى مثل خزان الحجر الرملى النوبي؟
‎الاعتقاد أن مياه غرب النيل فى المنيا أو بنى سويف هى من الخزان الجوفى «اعتقاد خاطيء»، لأن المياه فى هذه المناطق هى من رشح النيل، ولذلك فإن فكرة ترشيد استخدام المياه فى مشروع المليون ونصف المليون فدان وتقنين السحب وإلزام الشركات والأفراد بعدم تجاوز الكميات المحددة لهم والاستفادة القصوى منها أمر جيد جدا حتى لا تنتهى المياه الموجودة.
ماذا عن مشروع سحب مياه نهر الكونغو؟
‎كنت أول من تحدث عن هذا النهر قبل أعوام بنشر بحثين حوله فى مجلتى «فيلادليفيا»، ومجلة جمعية البحر الأبيض «النيسيس»، وبدأت معرفتى به عندما شاركت عن المساحة الجيولوجية المصرية مع خبراء المساحة الأمريكية عام 1981 عندما أطلق الأمريكان مكوكا فضائيا لتصوير ما تحت الأرض فى أفريقيا وعبر القمر الصناعى من خط طول 29، وخط عرض 22 عند حدود مصر والسودان على بعد 400كم غرب النيل واتجاه طيرانه شمال شرق. وأعتقد أن الهدف الأساسى كان التجسس على أى نشاط ذرى على عمق 15 مترا من سطح الأرض، وأظهر هذا التصوير ما سُمى بعد ذلك ب»ردار ريفرز» أى «مجارى أنهار»، كانت موجودة فى العصور الجيولوجية القديمة عندما كان المطر يصل فى مصر إلى 1500 مللى سنويا، وهو ما دلت عليه اكتشافات مثل وادى الحيتان فى الفيوم، الذى يُعد أكبر مقبرة للحيوانات الفقارية فى العالم، والفواكه المتحجرة حول جبل قطرانى شمال بحيرة قارون وثبت أن عددا من الأنهار القديمة كانت تجرى فى مصر منها ما ينبع من هضبة الجلالة القبلية غرب مدينة رأس غارب، ونهر قنا الذى كان يتجه جنوباً ثم ينحرف غرباً إلى منطقة جبل كلابشة ثم يتجه جنوباً إلى المحيط الأطلسى عابراً السودان من دارفور وتشاد وأفريقيا الوسطى حتى الكاميرون، وكان اتساعه فى منطقة جنوب الصحراء الغربية غرب كلابشة أو عرضه يصل إلى 25كم، ومتوسط عرضه 10كم.
‎وهناك نهر طرفه الذى ينتهى جنوباً من الجلالة ويلتقى مع نهر قنا ثم يسير فى المجرى الحالى لنهر النيل وحتى أسوان، ولكن من الشمال إلى الجنوب عكس النيل حالياً، منها ما هو موجود غرب السودان وشرق تشاد وافريقيا الوسطى والكاميرون والكونغو. وما يهمنا من هذه المسارات النهرية التى تم تصويرها والعمل فيها بالحفريات، إمكانية تحويل نهر الكونغو بدلاً من ترك مياهه لتصب فى المحيط ، والتى تصل داخله إلى 170كم اندفاعاً بشدة بما يعنى قوة سريانه ووفرة تصريفه، وهو نهر عفى وقوى ولم يخلف دلتا لحداثته العمرية، وهنا يمكن تحويل مساره عكسياً من الجنوب إلى الشمال.
هل يمكن إيصاله بمجرى النيل لزيادة إيراده؟
‎لا .. لأن حوض النيل ضيق ولا يمكن إضافة مياه له، ولا يحتمل إضافة كميات جديدة، الحل هو إحياء الأنهار القديمة – التى سجلتها صور القمر الصناعى - باستخدام مجاريها التى طمرتها الرمال بتخليصها من هذه الرمال وأهمها نهر الجلف الذى يمتد من الجلف الكبير وحتى منطقة علم الروم فى مطروح، الذى إن حدث سيحقق بشكل آمن إنشاء واد آخر مواز لوادى النيل وضمان صرف المياه المستخدمة منه للرى فى البحر المتوسط.
ولكن هل يمكن ضمان تعاون الكونغو وجنوب السودان وغيرهما من الدول التى سيمر بها النهر المقترح دون ضغوط دولية معادية لمصر؟
‎استفادة هذه الدول من النهر سيجعلها غير قابلة للضغوط خصوصا أن هذا المشروع المقترح فيه إنقاذ لمساحات شاسعة فيها من البرك والمستنقعات مثل الكونغو وغرب دولة جنوب السودان وتوفير المياه فى كردوفان ودارفور، وستسهم مع التنمية فى تجفيف هذه المستنقعات لاستخدامها فى الزراعة، وأيضاً فى إحلال السلام بدرجة كبيرة فى هذه الدول، حيث تشهد بعض مناطقها حروباً قبلية بسبب نقص المياه والرعى والزراعة ، كما فى دارفور بشكل واضح ، وأثر كذلك على العلاقات بين السودان وتشاد.
‎وهنا دور الدبلوماسية المصرية وحتى وزارات أخرى يمكن لها التعاون وتقديم خدمات وخبرات لهذه الدول كجزء من استعادة مصر لمكانتها فى أفريقيا.
لكن ذلك يتطلب تمويلاً كبيراً فى ظل ظروف اقتصادية صعبة؟
‎ظروفنا الاقتصادية دائماً صعبة ، ولكن الإرادة القوية والعزيمة قادرتان على المواجهة والنجاح، وهو ما سبق لمصر أن حققته فى إنجاز بناء السد العالى فى ظروف أشبه كثيراً بما نحن عليه الآن من نقص العملة الصعبة والافتقار إلى تكاليفه المادية، وامتناع أمريكا والقوى الكبرى عن المساعدة بعد الوعد بها، بل ومحاربتنا لعدم البدء فى المشروع - سياسياً واقتصادياً وعسكرياً بالعدوان الثلاثى عام 1956، بمعنى أننا لو تحججنا بالضعف المادى لن ننجز أى مشروع قومى مهم. وإذا كانت إثيوبيا على فقرها استطاعت توفير 12 مليار دولار لمشروع السد الذى تبنيه، فهل مصر لا تستطيع بمساعدة الدول العربية وليبيا إن استقر الأمر فيها ، لأن هذا المشروع يمكن أن يبث حماساً لإنجاز مشروع مماثل فيها وهو نهر الكفرة وإحياء المجرى النهرى المماثل لهذا المجرى المصرى على بعد 30 كم فقط غربا، ونهر الكفرة ينبع من هضبة تبستى (امتداد أو باقى جبل العوينات فى امتداده غرباً)، ويمتد حتى مدينة المرج فى منطقة الجبل الأخضر.
هل تتصور أن تتحسن علاقة مصر بأمريكا فى ظل إدارة ترامب، وكذلك مع دول أخرى فيسهم هذا التحسن فى إنجاز المشروع؟
‎لا .. هؤلاء لا يمكن الوثوق بهم .. فالغرب حتى وإن لم يعادينا صراحة ، فإن عداءه يتلبس فكرة «المصالح»، فهى فقط التى تحكم العلاقات ، ولذلك فإن أمريكا مثلا أقدمت على إنذار دول العدوان الثلاثى بعد إغلاق القناة نتيجة الحرب لمصلحتها ، لأن البترول تم وقف شحنه إلى أوروبا من الخليج بسبب غلق قناة السويس، فأعيد افتتاحها وخرج الإنجليز واليهود والفرنسيون فى آخر ديسمبر 1956، ولأن مصالحهم قد تقتضى حروبا أخرى ضد مصر – وهو ما حدث عام 1967 – فقد نقلوا استثماراتهم وأنفقوا على البحث والتنقيب عن البترول فى أماكن أخرى مثل ليبيا والجزائر والجابون ونيجيريا وباقى دول غرب إفريقيا ، وبذلك وفر لهم المستخرج من جنوب المتوسط وغرب إفريقيا الكميات التى يمكنهم الاعتماد عليها دون تهديد ، كما حدث من الملك فيصل الذى أخبره السادات بموعد حرب أكتوبر بأيام ، فقام برفع سعر برميل النفط من 4 إلى 40 دولارا، وصنعوا مراكب عملاقة ذات غاطس يصل إلى 50 مترا، واستخرجوا بترول بحر الشمال وألاسكا وبحثوا فى كازاخستان.
‎وأذكر أن صديقى الدكتور أحمد جلال عبد الحميد الذى تخرج من علوم القاهرة عام 1962 ثم سافر إلى أمريكا كان كبير خبراء فريق اكتشاف بترول بحر الشمال وكازاخستان ، وأسهم الاحتياج فى نقل بترول كازاخستان – ضمن أسباب عدة – للعمل على تفكيك الاتحاد السوفيتي، فاستغلوا احتلاله لأفغانستان فساقوا العرب للإسهام معهم ثم إعادة الذين تدربوا على القتل والتفجير و«الجهاد» على الطريقة الأمريكية إلى بلادهم ليصلوا بنا إلى الحال الذى أصبحنا فيه من انتشار الجماعات الإرهابية التى رعتها أمريكا وأجهزة المخابرات المعادية لنا لتفتيت المنطقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.