كشفت أحدث الدراسات العلمية التى أجراها علماء الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء عن حقيقة شديدة الخطورة فى مشروع نهر الكونغو، حيث إن إزالة الجبل الفاصل بين حوض النيل وحوض نهر الكونغو سوف يجرف نهر النيل باتجاه المحيط الأطلنطى للأبد فيما يعرف بظاهرة " الأسر النهري". وقال الدكتور محمد البسطويسى الأستاذ المساعد بالهيئة فى تصريح خاص اليوم الاثنين، إن بيانات الصور الرادارية المجمعة لحوض نهرى النيل والكونغو أوضحت أن الجبل الفاصل بين النهرين يمتد بطول حوالى 600 كم وبعرض 500 كم ، وأن متوسط الارتفاع لهذا الجبل يبلغ 700 متر فوق مستوى سطح البحر. وأضاف أن الصور كشفت أن منسوب منطقة مستنقعات السد بجنوب السودان يبلغ 400 متر ومتوسط منسوب حوض نهر الكونغو يبلغ 300 متر فوق مستوى سطح البحر أى أن نهر الكونغو أقل ارتفاعا من نهر النيل مع وجود عائق أو جبل طبوغرافى مرتفع بينها وهو ما أدى إلى دفع مياه الهضبة الأستوائية بإفريقيا شمالا فى اتجاه نهر النيل وغربا إلى المحيط الأطلنطى من خلال نهر الكونغو. وأوضح أنه من المعروف هيدرولوجيا وجيولوجيا، أن الأنهار تسير عموما من الأماكن المرتفعة إلى الأماكن المنخفضة وأن الأنهار لا يمكن أن تتقاطع فى مساراتها ولكن بمجرد اقتراب مجرى نهرى من مجرى نهرى آخر يقوم النهر الأكثر قوة وذات المنسوب الأدنى ( نهر الكونغو فى هذه الحالة) بأسر النهر الآخر الأعلى منسوبًا ( نهر النيل). وأشار إلى أن مستنقعات منطقة السد بالسودان بها طبقات رسوبية عمقها 10 كم ومليئة بالمياه الجوفية فبمجرد حدوث إزالة للصخور النارية الفاصلة بين الحوضين سوف تندفع المياه الجوفية من السودان إلى حوض الكونغو ويحدث أسر نهرى كامل لحوض النيل وتذهب المياه إلى المحيط الأطلنطي. وأشار إلى أن الدراسة تؤكد دقة البيانات الرادارية المستخدمة لعمل نماذج ارتفاعات رقمية لكافة أنحاء العالم دون أن يكون هناك أخطاء كبيرة فى مناسيب الارتفاع نظرا لاعتمادها على الأقمار الصناعية من المدارات الفضائية فى تصوير طبوغرافية الأرض كلها. وأضاف أن ظاهرة الأسر النهرى موجودة بداخل حوض نهر الكونغو نفسه حيث تصب مياه بحيرة تنجانيقيا (منسوب السطح 768 م ) والواقعة بين تنزانياوالكونغو فى نهر الكونغو عن طريق نهر لوكوجا ، على الرغم من أن ارتفاع الأخدود الإفريقى العظيم بجوار هذه البحيرة العملاقة يزيد عن 1200 متر, ولكن ارتفاع منسوب المياه بالبحيرة أثناء التاريخ الجيولوجى أدى إلى اندفاع المياه منها باتجاه حوض نهر الكونغو المنخفض عنها. وشدد على ضرورة إجراء دراسات علمية مستفيضة حول أى مشروع قبل طرحه للحوار المجتمعى وأبسط قواعد هذه الدراسات هو وجود أبحاث علمية منشورة فى المجلات الدولية المتخصصة حتى يستند أى مشروع على الأراء العلمية المحكمة من قبل علماء دوليين.