مع اقتراب التوصل لاتفاق مصر مع دول حوض النيل حول الاشكاليات التي تواجه سد النهضة الاثيوبي واصرار مصر علي موقفها الوطني يتصاعد النقاش حول نقل مياه نهر الكونغو الديمقراطية إلي مصر عبر جنوب السودان. واستغلال فواقده التي تلقي بالمحيط الأطلسي في توفير احتياجات مصر المائية في ظل تعنت بعض دول حوض النيل في التوصل لاتفاق حول ادارة حوض النيل لصالح الشعوب استناداً للاتفاقيات التاريخية التي تضمن حقوق مصر في مياه النيل. كما يتصاعد النقاش بين الخبراء بشكل جاد حول المشروع كلما تقاربت وجهات النظر بين مصر. وبعض دول الحوض في حل الخلافات العالقة سواء باتفاقية عنتيبي التي لم توقعها مصر والسودان أو المتعلقة بقيام حكومة أديس بابا بإنشاء سد النهضة.. هكذا اشار العديد من الخبراء في ملف مياه النيل. وقبل الخوض في تفاصيل "الكمين" علينا التعرف عن قرب علي نهر الكونغو الذي يمتد عبر تسع دول هي زامبياتنزانيا بورندي رواندا افريقيا الوسطي الكاميرونالكونغو برازفيل أنجولا الكونغو الديمقراطية.. كما يعتبر حوض نهر الكونغو من أكبر أحواض القارة الافريقية حيث انه يغطي 12% من مساحة القارة. ويشير الخبراء إلي أن تصرف نهر الكونغو عند كنشاسا العاصمة يبلغ 1250 مليار م3 /سنة تصب بالكامل في المحيط الاطلنطي. هذا التصرف يمثل 32% من جميع المصادر المتجددة بالقارة الافريقية.. وبالتالي عند مقارنة تصرف نهر النيل بتصرف نهر الكونغو نجد أن الأخير يصل إلي 15 ضعف نهر النيل. تبلغ مساحة مجموعة الجزء من الدول الواقع في الحوض 3769000 كم2 أي حوالي 5.55% من مساحة الدول.. ينقسم نهر الكونغو إلي الكونغو الأعلي الكونغو الأوسط الكونغو الأدني.. فإذا نظرنا إلي الكونغو وروافده نجد أن اقرب الفروع القريبة من أوغندا. والسودان هي الروافد الشمالية وأهمها نهر أوبانجي. يشير عبدالعال حسن نائب رئيس هيئة المساحة الجيولوجية والثروة المعدنية وصاحب فكرة المشروع إلي أن هدف المشروع التحكم في الموارد المائية بالبلدان المستفيدة حسب دراسات القائمين علي المشروع وهي مصر والسودان وجنوب السودان والكونغو من خلال شق قناة تصل نهر الكونغو بأحد روافد نهر النيل في السودان. وقد ظهرت الفكرة بشكل فعلي لأول مره عام 1980م عندما أمر الرئيس أنور السادات الدكتور إبراهيم مصطفي كامل والدكتور إبراهيم حميدة بإجراء جولة ميدانية في الكونغو لتقديم تصور عن الطبيعة الجغرافية للنهر وبعد تقديم المشروع للسادات قامت الحكومة المصرية بإرساله إلي شركة آرثر دي ليتل الشركة العالمية المتخصصة في تقديم الاستشارات الاستراتيجية الامريكية لعمل التصور المتوقع والتكلفة المتوقعة ثم ردت بالموافقة وارسلت في التقرير حقائق مدهشة ورائعة لمصر. الدراسات الفنية الدكتور محمد عبدالمطلب وزير الموارد المائية والري يؤكد أن الوزارة سبق لها دراسة المشروع ووضعت عدة مقترحات منها نقل المياه من أحد فروع أوبنجي إلي بحر الغزال عن طريق نهر سيوي أحد فروع نهر الجور الذي يصب بدوره في بحر الغزال.. هذه الكمية من المياه سواء كانت كبيرة أو صغيرة سوف تفقد بالكامل في مستنقعات بحر الغزال قبل أن تصل إلي النيل الأبيض. أضاف الوزير أن الاقتراح الثاني هو الأنسب من الناحية الفنية نقل المياه من فرع أوبانجي إلي بحر الجبل وتصب عند نقطة مناسبة في الأحباس العليا للنهر داخل الحدود السودانية. وبالتالي أي زيادة في تصرفات بحر الجبل سيؤدي لذهاب أغلب مياه الكونغو إلي المستنقعات الواقعة قرب نهاية بحري الجبل أو الزراف. أوضح الوزير أن الاقتراح الأفضل يتمثل في استكمال مشروع قناة جونجلي لنقل حوالي 43 مليون م3 /يوم إلي النيل الأبيض مباشرة عند مصب السوباط. وإنشاء سد لتخزين المياه في الكونغو لنقل المياه إلي بحر الجبل.. هنا يجب اختيار نقطة مناسبة تقع علي نهر اوبنجي ويجب أن تكون خلف التقاء الفروع أويلي "uele" وبومومم "Bomom" وكوتو "Kotto" وتشكينكو "chenko" بحيث يمكن تجميع كميه مناسبة من المياه يستحق لأجلها انشاء المشروع. علي أن يبدأ ضخ المياه من بحيرة السد المقترح إلي بحر الجبل مباشرة باستخدام محطة ضخ عملاقة بالاضافة إلي محطات تقوية "Posters" علي أن تصمم بحيث يتم نقل 15.7 مليار م3 / سنه "43 مليون م3 / يوم" في عدد خمس أنابيب حديد زاهر مرن. ومنها إلي قناة جونجلي. اعتبارات ومحددات يتساءل المهندس أحمد فهمي الخبير الوطني عن حجم الارتفاع الذي سترفع إليه المياه؟ فقد يصل الارتفاع إلي اكثر من 200 متر.. وكذلك يجب دراسة المشروع اقتصادياً علاوة علي أن هذه الفكرة مخالفة للمبدأ القانوني بشأن عدم نقل مياه خارج الأحواض لأن الموافقة علي نقل المياه من نهر الكونغو إلي نهر النيل يحتاج إلي موافقه دول حوض نهر الكونغو وعددها تسعة بالاضافة إلي موافقة دول حوض النيل أيضا وعددها عشرة باستثناء مصر. اشار إلي أنه في حالة موافقة الكونغو الديمقراطي ورواندا وبورندي وتنزانيا وهم من دول حوض النيل علي نقل مياه حوض نهر الكونغو إلي خارج الحوض وهي حوض نهر النيل لصالح مصر فإن هذا سوف يشجع دولاً من خارج حوض النيل علي سبيل المثال إسرائيل وليبيا سيطالبون بالمثل لنقل مياه النيل إلي دولهم خارج الحوض. يكشف الدكتور عبدالعال حسن نائب رئيس هيئة المساحة الجيولوجية والثروة المعدنية عن نجاح خبراء الهيئة في وضع 3 سيناريوهات علمية وجيولوجية تسمح بزيادة ايراد نهر النيل باستغلال جزء من فواقد نهر الكونغو التي تصل إلي ألف مليار متر مكعب سنوياً تلقي في المحيط الأطلسي. وذلك عن طريق إنشاء قناة حاملة بطول 600 كليو متر لنقل المياه إلي حوض نهر النيل عبر جنوب السودان إلي شمالها ومنها إلي بحيرة ناصر. اضاف أن فكرة المشروع تقوم علي تماس حوضي نهر النيل ونهر الكونغو لذلك تمت الاستعانة بجميع البيانات المتاحة لدراسة أنسب مسار لتوصيل المياه من نهر الكونغو إلي نهر النيل عبر خط تقسيم المياه وصولاً إلي جنوبجوبا "جنوب السودان". فروق المناسيب والرفع أوضح عبدالعال أنه تمت دراسة 3 سيناريوهات مقترحة لتحديد مسار المياه. طول الأول 424 كيلو متر وفرق منسوب المياه سيكون 1500 متر وهو ما يستحيل تنفيذه. والسيناريو الثاني علي مسافة 940 كيلو متر وارتفاع 400 متر. والثالث ينقل المياه علي مسافة 600 كيلو متر وفرق ارتفاع 200 متر. وهو السيناريو الأقرب إلي التنفيذ من خلال 4 محطات رفع متتالية للمياه. وكشف المقترح عن إمكانية توليد طاقة كهربائية تبلغ 300 تريليون وات في الساعة وهي تكفي لإنارة قارة افريقيا. لافتاً إلي أن الكونغو تصنف علي أن لديها 6/1 قدرات الطاقة الكهرومائية في العالم لتوليد المياه من المساقط المائية. أضاف أن تنفيذ المشروع سوف يتضمن إنشاء شبكة طرق والمسارات التي يمكن من خلالها ربط مدينة الإسكندرية بمدينة كيب تاون لربط شعوب القارة الافريقية من أقصي شمالها إلي أقصي جنوبها من خلال خط سكك حديدية. اشار إلي أن تنفيذ المشروع سيتم علي عدة مراحل حسب توافر ظروف التمويل. لافتاً إلي أن المدي الزمني لتنفيذ المشروع. في حالة تنفيذ السيناريو الثالث يستغرق 24 شهراً بتكلفه 8 مليارات جنيه مصري وهي تكلفة محطات الرفع الأربع لنقل المياه من حوض نهر الكونغو إلي حوض نهر النيل. بالاضافة إلي أعمال البنية الأساسية المطلوبة لنقل المياه. يؤكد الدكتور حسين العطفي وزير الموارد المائية والري الأسبق أن هناك عدة تحفظات من قبل الوزارة علي مشروع توصيل مياه نهر الكونغو الديمقراطية بنهر النيل عن طريق جنوب السودان إلي السودان شمالاً وجنوباً وهو المشروع الذي كان قد تقدم به اثناء تولي الوزارة من قبل بعض المستثمرين المصريين والعرب لحكومة الكونغو. ومن بينها رفض الحكومة المصرية مبدأ نقل المياه بين الاحواض النهرية. وهو ما يتفق مع القواعد. والقوانين الدولية المنظمة للانهار المشتركة وذلك تفادياً لحدوث نزاعات بين الدول المتشاطئة. أبعاد اقتصادية واجتماعية أضاف أن هناك ابعاداً اقتصادية واجتماعية وسياسية يجب اخذها في الاعتبار عند التفكير في اقامة مثل هذه المشروعات والتي تتكلف مليارات الدولارات بالاضافة إلي الأبعاد الفنية والهندسية والاثار البيئية الناجمة عن احداث تغيرات هيدرولوجية وموفرولوجية لمجري مائي قائم عن تنفيذ مثل هذه المشروعات الكبري المطلوبة منها علي سبيل المثال مدي استيعاب المجاري المائية لدولة السودان للمياه الواردة من نهر الكونغو والتي تقدرها الدراسة المعلنة نحو 55 مليار متر مكعب من المياه سنوياً بالاضافة إلي الاستعدادات الاخري التي يجب علي جنوب السودان اتخاذها وتلافي الأثار الجانبية الناجمة عن هذه التصرفات. أوضح العطفي أنه الافضل أن نتعاون لاستقطاب الفواقد من مياه النيل بمنطقة المستنقعات والتعاون لتنفيذ مشروعات مشتركة داخل حوض النيل بما يحقق فائدة مشتركة لجميع دول الحوض بما فيها دولة الكونغو كما أن هناك اولويات وضعتها الدولة للتعاون مع الدول الافريقية بصفة عامة ودول الحوض بصفة خاصة ونحن ملتزمون بها وعلي من يرغب بعمل مشروعات تتعلق بمياه النيل أن يلتزم بخطط الحكومة وايضا اولويات التنمية بدول حوض النيل. يؤكد الدكتور نصر الدين علام وزير الري الأسبق وجود أصابع خفية تسعي بصورة أو اخري لتخريب العلاقات بين مصر ودول حوض النيل من خلال فتح جبهة جديدة تزيد من حدة الخلافات القائمة بينهم بداية من التوقيع المنفرد لاتفاقية عنتيبي من قبل دول المنابع عدا الكونغو الديمقراطية وصولاً إلي قيام حكومة أديس ابابا ببدء مشروع سد النهضة دون الاتفاق مع مصر والسودان هذه الاصابع الخفية تعمل علي التأثير علي الخطوات الايجابية التي تقوم بها مصر والسودان مع الحكومة الأثيوبية للوصول لاتفاق حول قواعد التشغيل والتخزين. وكذلك تنفيذ الدراسات الفنية المطلوبة من الجانب الاثيوبي لتقليل الاثار السلبية المتوقعة من انشاء سد النهضة. وتنفيذاً لتوصيات اللجنة الدولية الثلاثية وكذلك وفقاً للدراسات التي قامت بها هندسة القاهرة بالتعاون مع مجموعة حوض النيل بالكلية. أضاف علام علي مؤسسة الرئاسة والمعنيين بملف مياه النيل الوقوف بحسم وقوة تجاه هذه المحاولات التي لن تفيد سواء اعداء التنمية بحوض النيل. خاصة وأن الاستراتيجية المصرية تعتمد علي مبدأ التعاون المشترك لتنمية موارد النهر مصر والحوار للتوصل إلي اتفاق حول النقاط العالقة حتي لا نسمح لقوي الظلام بتدمير العلاقات التاريخية بين مصر. ودول الحوض. مطالباً الجميع أن يعلي المصلحة الوطنية فوق المصالح الذاتية خاصة وأنه يمكن أن تكون هناك بعض الدول وراء الترويج لهذه الفكرة في هذا الوقت. ويعود عبدالعال ليؤكد أن المشروع يوفر لمصر 95 مليار متر مكعب من المياه سنوياً توفر زراعة 80 مليون فدان تزداد بالتدرج بعد 10 سنوات إلي 112 مليار متر مكعب مما يصل بمصر لزراعة نصف مساحة الصحراء الغربية كما يوفر لمصر والسودان والكونغو طاقة كهربائية تكفي أكثر من ثلثي قارة افريقيا بمقدار 18000 ميجاوات أي عشر اضعاف ما يولده السد العالي. أي ما قيمته اذا صدر لدول افريقيا حوالي 3.2 ترليون دولار. بالاضافة إلي توفير 320 ألف فدان صالحة للزراعة لكل من مصر والكونغو والسودان.