حدثنا عن مشروع ربط نهرى النيل والكونغو ومدى قدرته على حل أزمة المياه فى مصر ؟ - مشروع نهر الكونغو حلم قديم منذ عام 1903، عندما كان كبير مهندسى الرى المصرى فى السودان «الابادة باشا» قد لاحظ أنه أثناء فترة «التحاريق» – فترة انخفاض منسوب المياه فى الفترة ما بين شهرى إبريل ومايو - تقل كمية المياه، انتظارا لوصول المياه الناتجة عن فيضان النيل الأزرق فى إثيوبيا، ولاحظ كبير المهندسين أنه بجوار نهر النيل يجرى نهر غزير التدفق وعنيف المياه هو «نهر الكونغو»، وأنه إذا قامت مصر بتوصيل نهر النيل بنهر الكونغو سوف يتدفق النيل باستمرار، وعندما كنت أتابع الكتب التى تحدثت عن نهر الكونغو قمت بطرح الفكرة فى الفضائيات، وتبنتها هيئة المساحة وقامت بعمل رفع مساحى للمنطقة . وما طول الوصلة بين نهرى النيل والكونغو؟ - نحو 600 كم تقريبا والمياه مرتفعة جدا ولا تحتاج إلى رفع . وهل وافقت الكونغو على أن تحصل مصر على حصة من نهرها؟ - وافقت الكونغو على أن تصل القاهرة نهر النيل بنهر الكونغو، بأى كمية مياه تريدها، حيث يلقى نهر الكونغو 1284 مليار متر مكعب فى المحيط الأطلنطي، فى الوقت الذى تبلغ فيه حصة مصر والسودان من نهر النيل 84 مليار متر مكعب فقط، وهى نسبة ضئيلة جدا إذا ما قورنت بالفاقد من نهر الكونغو، وعندما تحدثت الهيئة العامة للمساحة مع الرئيس جوزيف كابيلا - رئيس الكونغو كان رده أنه موافق على أن تحصل مصر على أى كمية من المياه تلزمها بأى وصلة وكيفما يساع النيل الأبيض . هل هناك تحفظات فى القانون الدولى على ربط النهرين؟ - ينص القانون الدولى على إنه إذا وافقت الدول المشتركة فى النهر على التوصيل عن طريق التوقيع على اتفاقية فإن الربط يعد قانونيا، طالما أنه سيصب فى مصلحة الدول . كم تبلغ تكلفة ربط نهرى النيل والكونغو؟ - تبلغ نحو 8 مليارات جنيه فقط، علما بأن مصر أنفقت 12 مليار دولار لإنشاء مشروع توشكى ولم تستفد منه حتى الآن. كم ستبلغ حصة مصر من مياه نهر الكونغو سنويا؟ ستبلغ حصة مصر من 60 إلى 90 مليار متر مكعب، وهى ضعف حصة مصر من مياه حوض النيل الأزرق . هل هناك صعوبات تواجه مصر فى عملية الربط بين النهرين؟ - نعم ستواجهنا صعوبات، أولاها أن مصر تريد أن تكون الوصلة بين نهر النيل الأبيض ونهر الكونغو تمر بمدخل السودان الجنوبي، لأننا إذا قمنا بتوصيلها عن طريق بحيرة «ألبرت» التى ينبع منها النيل الأبيض، فهذا يعنى أن أوغندا ستحصل على حصة من المياه، وهو ما لا تريده مصر، لأن المستهدف أن تكون الشراكة مصرية سودانية فقط، وتم تعديل الوصلة لتبدأ من نهر النيل الأبيض فى جنوب السودان، أما الصعوبة الثانية فهى أن سعة النيل الأبيض وإجمالى المياه التى تصل كل عام حولى 12 مليار متر مكعب من منبع النيل الأبيض فى بحيرة «ألبرت»، والمطلوب نقل كمية من المياه له تصل من 50 مليارا إلى 90 مليارا رغم مساحته الضيقة التى لا تتسع لأكثر من 12 مليار متر مكعب من المياه . وما الحل؟ - الحل يكمن فى توسعة مجرى نهر النيل الأبيض وتعميقه، لأنه فى جنوب السودان يتسع النيل لمساحات كبيرة جدا، وجمع المستنقعات التى كنا ننوى تجميعها فى قناة «جونجلى»، والتى كانت ستوفر فى المرحلة الأولى 4 مليارات متر مكعب، وفى المرحلة الثانية 7 مليارات متر مكعب من المياه، وفى المرحلة الثالثة 17 مليار متر مكعب، إلا أن البديل هو توسيع وتعميق النيل الأبيض لاستيعاب كمية المياه الواردة من نهر الكونغو فى حالة إتمام الوصلة، كما أننا من الممكن أن نفكر فى تنفيذ مشروع كالنهر العظيم الذى أقامه القذافى فى ليبيا، عن طريق نقل المياه عبر 3 مواسير قطرها 5.2 متر، وأن تكون مدفونة فى منطقة المراعى بجنوب السودان، لأنها لا تريد أن يكون هناك مجرى نهر فى هذه المنطقة يعوق المراعي، لأنها تضطر إلى إقامة كبارى للحيوانات والمواشى للعبور عليها وهو ما يكلفها نفقات كثيرة، مع انتشار القبائل بكثرة فى هذه المنطقة على الجانبين، هذه المواسير التى ستنقل المياه كفكرة ترعة السلام التى جلبت المياه الى سيناء، وهو ما سيتم خلال ربط نهرى الكونغو والنيل الأبيض عن طريق مدينة «نيبل « -جنوب العاصمة جوبا على الحدود بين شمال وجنوب السودان - عن طريق بحيرة «نو» فى وسط السودان، وهى منبع النيل الأبيض فى الوقت الحالي، ثم تصل المياه إلى الخرطوم لتخزن فى بحيرة السد العالى فى أسوان، وهو ما يعنى أن مصر قد تحتاج إلى توسعة نهر النيل لاستيعاب كمية المياه، لضخ كميات أكبر توجه للقطاع الزراعى والصناعى والتجارى والمرافق . ماذا عن موقف جنوب السودان المغاير لموقف مصر والسودان؟ - موقف جنوب السودان غير مطمئن على الإطلاق خاصة بعد إعلانها نيتها التوقيع على اتفاقية «عنتيبى» التى تتزعمها إثيوبيا، لكننا بحاجة إلى موافقة منها لأن تمر الوصلة من أراضيها، فى مدينة «نيبل» مدخل النيل الأزرق فى جنوب السودان، جنوب«جوبا» العاصمة. ما هو حجم المساحات المتوقع استصلاحها حال زيادة المياه بعد ربط نهرى النيل والكونغو؟ - من المتوقع استصلاح 5 ملايين فدان من أصل 25 مليون فدان صالحة للاستصلاح الزراعى فى مصر، تستهلك هذه المساحة سنويا 25 مليار متر مكعب من المياه، حسب ما أكدته هيئة المساحة، وفقا للدراسات التى أجرتها، وهو ما سيؤدى إلى الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الاستراتيجية التى تستوردها مصر من الخارج . وهل هناك بدائل أخرى لتوفير موارد مائية؟ - يجب ترشيد استخدام المياه للحفاظ عليها، وتنمية الموارد المائية، لكن للأسف كلها خارج حدودنا، سواء قناة جونجلى أو نهر الكونغو أو مستنقعات «البارو ابو» فى إثيوبيا التى يوجد بها 20 مليار متر مكعب وحدها، وإذا تم التعاون بين مصر وإثيوبيا ودول حوض النيل لتجميع مياه المستنقعات وتقسيمها مناصفة بينهم فإن ذلك سيؤدى إلى زيادة الموارد المائية، بالإضافة إلى 40 مليار متر مكعب بالسودان من المستنقعات، يمكن الاستفادة منها، إضافة إلى 30 مليار متر مكعب حول بحيرة «ألبرت»، كما يوجد حول بحيرة «كايوجا» فى أوغندا 30 مليار متر مكعب، كل هذه المستنقعات تسبب الملاريا والأمراض الخبيثة لمواطنى دول أفريقيا، ونحن سنقدم لهم خدمة بالتخلص منها، وهو أيضا ما سيوفر أرضا زراعية لأوغندا . ويجب أن نستخدم مياه الصرف الزراعى فى مصر، فنحن نستخدم 7 مليارات متر مكعب من مياه الصرف الزراعى فى الرى مرة أخرى، من إجمالى 17 مليارا حجم الصرف الزراعى فى مصر، ويجب أن نصل بها إلى 11 مليارا بدلا من 7 فقط لإعادة استخدامها فى الرى مرة أخرى، لتعويض النقص فى مياه حوض النيل، بالإضافة إلى مشروع تحلية مياه البحر الذى سيوفر مليار متر مكعب من المياه، ستخصص للفنادق والمصانع،لأن تكلفة المتر مكعب من التحلية يبلغ 5 جنيهات، وهى أكبر من أن يتحملها المواطن العادي، إلا أن الفنادق تكسب 500 جنيه من متر المياه الواحد وتكسب المصانع 50 جنيها، وهو ما يعنى أننا يمكن أن نوفر 10 مليارات متر مكعب من المياه المستخدمة فى الصناعة لصالح القطاع الزراعي، لتعويض نقص المياه وزيادة إنتاج الغذاء، حتى لا تحدث فجوة غذائية، ويجب إنشاء محطات معالجة مياه الصرف الصحي، إذ تبلغ كمية مياه الصرف الصحى 7 مليارات متر مكعب، وإذا أنشأنا محطات معالجة - تكلفة المحطة الواحدة 2 مليون جنيه - وهو ما سيوفر 5 مليارات متر مكعب مياه لصالح القطاع الزراعي أيضا، وهو ما يكفى لرى مليون فدان إضافي، بالإضافة إلى إعادة معالجة مياه الصرف الناتجة عن المصانع لإعادة استخدام المياه مرة أخرى . ما هى عوائد الكهرباء التى ستتوفر من زيادة المياه بعد ربط نهرى النيل والكونغو؟ - يولد السد العالى 8% من الكهرباء فى مصر، ومن المتوقع أن تصل نسبة الطاقة الكهرومائية إلى توليد 30% من الكهرباء لمصر حال ربط حوض النيل بنهر الكونغو عن طريق إقامة سد بجنوب السودان لتوفير الكهرباء، وهو ما سيساهم فى حل مشاكلها الكهربية كافة، بالإضافة إلى مصر، كما سيولد السد الذى سيقام فى جنوب السودان نحو 2.5 ميجاوات لتوفير 4 ميجا وات عجزا فى كهرباء مصر التى تبلغ 26 ميجا وات . ماذا عن التحركات الإسرائيلية فى أفريقيا ؟ - إسرائيل استقطبت إثيوبيا وحرضتها على إنشاء سد النهضة الذى يضر مصر، كما تحرض جنوب السودان للتوقيع على اتفاقية عنتيبى وفتح سفارة لها بالقدس . ولماذا لا يسارع الرئيس مرسى بالاتفاق مع الكونغو والسودان وجنوب السودان لسرعة ربط النهرين؟ - يبدو أن هناك اتفاقا بين أمريكا وإسرائيل ومؤسسة الرئاسة والإخوان على أن تسهل الإخوان بناء سد النهضة،على أن تساعد أمريكا الإخوان على تثبيتهم فى الحكم والعبور بمظاهرات 30 يونيو القادمة بأمان، وهو ما يعنى أن الإخوان باعوا مصر من أجل السلطة والجاه، ويجب محاكمتهم بتهمة الخيانة العظمى.