ترتبط مصر بعلاقات وثيقة مع دولة الكونغو، ويوجد تعاون مشترك بينهما فى مجالات عدة، وتكنُّ حكومة الكونغو وشعبها حبًّا واحترامًا كبيرين للشعب المصرى، كما أن الاستثمارات المصرية هناك تحظى بنوع من الخصوصية والتسهيلات بخلاف أي مستثمر آخر، ومن حيث أزمة المياه التى تعانى منها مصر على الرغم من أنها هى آخر دولة من دول المصب بنهر النيل، يعد ربط نهر الكونغو ذي المواصفات المغرية بالنسبة للدراسات التى أعدها خبراء مصريون بنهر النيل مخرجًا عبقريًّا للقضاء على الفقر المائى الذى تعانى منه مصر. ومن أبرز الدراسات التى وضعت لربط نهر النيل بنهر الكونغو كانت دراسة وضعها الدكتور عبد العال حسن عطية نائب رئيس هيئة الثروة المعدنية ورئيس الإدارة المركزية للمناجم والمحاجر. لم يبخل عطية فى التحدث ل "البديل" عن جوانب هذه الدراسة وما هى العوائد التى سوف تُدَرُّ على مصر جراء تنفيذها، وهل ستقضى على الفقر المائى الذى تعانى منه مصر أو لا؟ فى البداية يبرز عطية حقائق مهمة عن المشروع الذى يوفر لمصر 95 مليار متر مكعب من المياه سنويًّا تعمل على زراعة 80 مليون فدان، كما تزداد تدفقات المياه بالتدريج بعد 10 سنوات؛ لتصل إلى 112 مليار متر مكعب؛ مما يجعل مصر قادرة على زراعة نصف مساحة الصحراء الغربية، كما أنه يوفر لمصر والسودان والكونغو طاقة كهربائية تكفي ثلثي قارة إفريقيا بمقدار 18000 ميجاوات أي عشر أضعاف ما يولده السد العالي، وهو ما قيمته إذا صدر لدول إفريقيا 3.2 ترليون دولار. يشير عطية إلى بروز فكرة المشروع؛ نظراً لتماس حوضي نهر النيل ونهر الكونغو، وعليه تم الاستعانة بكافة البيانات المتاحة واللازمة للدراسة، وهي بيانات الأقمار الصناعية المرئية وبيانات الأقمار الصناعية الرادارية، والخرائط الطوبوغرافية، والخرائط الجيولوجية، والبيانات المناخية، مضيفاً أنه اعتمد على فكرة العمل على دراسة أنسب مسار لتوصيل المياه من نهر الكونغو إلى نهر النيل. يوضح عطية قائلاً إن المصدر الرئيسى للماء السطحى هو نهر النيل، وقد حددت اتفاقية مياه النيل الموقعة بين مصر والسودان عام 1959 توزيع حصة مياه النيل بين البلدين، وكما تعتبر هضبة الحبشة هى المصدر الرئيسى لنحو 85% من المياه التى تصل للبلدين واعتماد اتفاقية 1959 على متوسط تدفق مياه النيل فى الفترة من 1900- 1959 والتى يبلغ متوسط جريان ماء النيل عند أسوان - مصر - خلال هذه الفترة نحو 84 بليون متر مكعب ويبلغ متوسط فقد المياه بالبخر وبأى صورة أخرى فى بحيرة السد العالى نحو 10 بلايين متر مكعب، مخلفة كمية من المياه المتاحة للاستخدام تقدر بنحو 74 بليون متر مكعب، كما حددت الاتفاقية حصة مصر من مياه النيل بنحو 55.5 بليون متر مكعب وحصة السودان 18.5 بليون متر مكعب. ويتابع قائلاً "يستحوذ الوادى وحده على 1052 كم، بينما يبلغ نصيب الدلتا 484 كم، مقسمة بين فرعى دمياط ورشيد بواقع 239 كم لفرع رشيد، و245 لفرع دمياط، على مساحة طول تبلغ 170 كم يتم احتسابها من القاهرة، فى حين يمتد الوادى أيضاً من نفس النقطة حوالى 903 كم أى ما يعادل خمسة أضعاف طول الدلتا. يقول عطية إن هناك فرصة قوية لزيادة تدفق مياه النيل عند أسوان، حيث وضعت لجنة الارتباط المصرية السودانية عدة برامج لتنمية مياه النيل، الأول هو إنشاء قناة جونجلى فى جنوب السودان بهدف تقليل الفقد من المياه بعوامل البخر، تم البدء فى إنشاء المرحلة الأولى من القناة عام 1976، ولكن توقف العمل بها عام 1983 بسبب الظروف الأمنية فى جنوب السودان، وقد كان مقرراً منذ البداية أن يتم الانتهاء من هذه المرحلة فى منتصف الثمانينات والتى تسمح بزيادة كمية مياه النيل بنحو 4 بليون متر مكعب عند أسوان تقتسم مناصفة بين البلدين، ويبلغ الفقد الكلى للمياه بالبخر والنتح من مستنقعات ماشار نحو 10 بلايين متر مكعب، والتصميمات المقترحة لصيانة المياه فى حوض ماشار تسمح بزيادة إيراد النيل بنحو 4.4 بليون متر مكعب عند النيل الأبيض أو 4 بلايين متر مكعب عند أسوان. ويؤكد عطية أن الانتهاء من برامج تنمية إيراد نهر النيل يعتمد على الاتفاقيات بين دول حوض نهر النيل، حيث تبلغ كمية الزيادة فى إيراد النيل بعد الانتهاء من المرحلة الثانية لقناة جونجلى نحو 7 بلايين متر مكعب، والانتهاء من المرحلة الأولى يوفر 7% من هذه الكمية، كما تبلغ كمية المياه المتصرفة من حوض بحر الغزال بنحو 14 بليون متر مكعب يصل منها إلى النيل الأبيض عند بحيرة نو حوالى 0.6 بليون متر مكعب، والباقى يفقد فى المستنقعات، بينما مشروعات صيانة مياه النيل المقترحة فى بحر الغزال ستؤدى إلى زيادة إيراد النيل عند ملكال بنحو 12 بليون متر مكعب سنويًّا، أو حوالى 10 بليون متر مكعب عند أسوان سنوياً، كما أن فقد المياه فى حوض نهر السوباط وروافده يصل إلى 5 بلايين متر مكعب سنويًّا، وليست هناك خطط محددة لصيانة هذه الكمية كما هو الحال فى بحر الغزال.