مصر «هبة النيل»، فدون هذا النهر لصارت مصر دولة صحراوية ولما قامت حضارة مصر العظيمة التى أنارت العالم لآلاف السنين. وقد كان النهر من أعظم مقدسات المصريين القدماء الذين قاموا بعديد من القوافل الاستكشافية والرحلات والغزوات للهضبتين الاستوائية والإثيوبية لتوطيد وتعزيز العلاقات السياسية والتجارية والثقافية وتأمين مصادر النهر. وفى العصر الرومانى انتشرت الديانة القبطية فى كل من مصر وإثيوبيا وكان الدولتان تتبعان معا بطريرك الكنيسة المصرية، وتلا ذلك العصر الإسلامى ثم المماليك ثم العائلة العلوية والتى امتدت فيها رقعة الدولة المصرية جنوبا لتغطى السودان بكامله وحتى البحيرات الاستوائية وكان هناك عديد من الحروب والغزوات مع دول الجنوب. وفى نهاية القرن التاسع عشر جاء الاحتلال البريطانى لمصر والذى امتد بعد ذلك إلى السودان وبعض دول الهضبة الاستوائية. وعقدت بريطانيا العظمى عديدا من الاتفاقيات والمعاهدات بين دول حوض النيل معظمها لرسم الحدود الدولية مع وجود بنود لتنظيم استخدامات مياه النهر وعدم إقامة منشآت تؤثر سلبًا على تدفق النهر إلى دولتَى المصبّ. وكانت أهم هذه المعاهدات 1902 مع إثيوبيا و1929 بين مصر والسودان ودول الهضبة الاستوائية.
وقد تجدد الصراع على مياه النهر فى النصف الثانى من القرن الماضى بعد الإعلان المصرى عن بناء السد العالى والإعلان عن اتفاقية 1959 بين مصر والسودان، حيث تقدمت إثيوبيا بشكوى إلى الأممالمتحدة ضد مصر والسودان لعقد اتفاقية 1959 بينهما دون إشراك إثيوبيا وقام الإمبراطور هيلا سيلاسى حينذاك بفصل الكنيسة الإثيوبية عن المصرية منهيا ترابطا كنسيا امتد لأكثر من 1600 عام. ومع بداية استقلال دول الهضبة الاستوائية فى أوائل الستينيات من القرن الماضى ظهر مبدأ نيريرى «الرئيس الأول لتنزانيا بعد الاستقلال» والذى ينادى بعدم الاعتراف بالاتفاقيات التى تمت فى أثناء فترة الاحتلال مثل اتفاقية 1929 مع مصر والسودان، وأيَّدته بعد ذلك بقية دول الهضبة الاستوائية. وظلت محاولات دول المنبع للالتفاف حول الاتفاقيات القديمة مستمرة حتى انتهى الأمر بتوقيعهم المنفرد على اتفاقية عنتيبى عام 2010 بهدف إعادة توزيع مياه النهر بين دول الحوض على حساب الحقوق المائية لدولتَى المصب.
ويرى البعض أن إهمال النظام السابق لإفريقيا ودول حوض النيل هو السبب الرئيسى للمشكلات مع إثيوبيا ومع بقية دول الحوض. إن غياب مصر النسبى عن إفريقيا وإعطاء الأولوية السياسية للشمال على حساب الجنوب خلال العقود القليلة الماضية قد أسهم بالفعل فى تغيير ميزان القوى الإقليمى لصالح دول مثل إثيوبيا وأوغندا خصمًا من رصيد مصر مما أضعف موقف مصر فى مفاوضات حوض النيل. ولكن يجب عدم حصر مشكلات ملف حوض النيل فى هذا السبب فقط دون اعتبار للجذور التاريخية لهذا الخلاف والتى ذكرنا بعضها أعلاه وكذلك حرص دول الحوض على حصص مائية سواء لأغراض التنمية المحلية أو لتقاضى سعر عليها. ونشير هنا إلى محاولة مصر تطوير العلاقات مع إثيوبيا عامى 2009 - 2010 واستثمار مصرى 2 مليار دولار فى السوق الإثيوبية، وعلى الرغم من هذا التطور الإيجابى فى العلاقات فقد قامت إثيوبيا فى عام 2010 بدور رئيسى لحثّ الدول الاستوائية على التوقيع على اتفاقية عنتيبى، وتلا ذلك وضع حجر أساس سد النهضة فى 2/4/2011 بعد قيام الثورة المصرية. ونشير أيضا إلى المِنح المصرية لبقية دول الحوض واتفاقيات التعاون معها قبل قيام الثورة المصرية لحفر آبار مياه للشرب ومكافحة الحشائش وتصميم السدود الصغيرة للحصار المائى وتوليد الكهرباء منها نحو 25٫5 مليون دولار مع أوغندا على منحتين، و10 ملايين دولار مع تنزانيا على منحتين، و10 ملايين دولار مع بوروندى، و10 ملايىن دولار مع الكونغو، و8٫5 مليون دولار مع كينيا على منحتين، و26 مليون دولار مع جنوب السودان، هذا بخلاف برامج التعاون الأخرى فى مجالات التنمية المختلفة فى الصحة والتعليم والنقل والكهرباء وغيرها.
(1) أهمية الهضبة الإثيوبية تبلغ كميات الأمطار السنوية على حوض النيل نحو 1700 مليار متر مكعب يصل منها إلى مجرى النهر لكل من مصر والسودان نحو 84 مليار متر مكعب حيث تحصل مصر سنويا على 55٫5 مليار وتحصل السودان على 18٫5 مليار تبعا لاتفاقية 1959 وتفقد بقية الكمية 10 مليارات بالبخر من بحيرة ناصر وأكثر من ثلثَى أمطار حوض النيل تسقط على الهضبة الاستوائية وجنوب السودان، ولكن 85٪ من تدفق النهر عند أسوان يأتى من إثيوبيا بأنهارها الثلاثة «السوباط والنيل الأزرق» وعطبرة. وتفقد كميات هائلة من مياه النهر بالبخر نحو 150 مليار متر مكعب سنويا فى مساحات كبيرة تغطيها البرك والمستنقعات تزيد على 250 ألف كيلومتر مربع ويقع معظمها فى جنوب السودان والسدود التخزينية المقترحة على النيل الأزرق فى إثيوبيا ذات سعات كبيرة، وإجمالى المساحات الزراعية المعلنة للاستثمار فى إثيوبيا والسودان تزيد على 6 ملايين فدان، ودرجة تأثير سحب المياه فى الهضبة الإثيوبية على إيراد النهر (Impact Factor, IF) يصل إلى 90٪ (أى أن سحب 10 مليارات متر مكعب من المياه فى الهضبة الإثيوبية يقلل الإيراد عند أسوان بنحو 9 مليارات متر مكعب). والهضبة الاستوائية يأتى منها 15٪ فقط من إيراد نهر النيل عند أسوان. ومعظم سدودها المقترحة تقع على مساقط النهر الطبيعية وبسعات تخزينية محدودة، ومساحات الاستثمارات الزراعية فى حدود 2 مليون فدان يتركز معظمها فى أوغندا وكينيا وتنزانيا، ودرجة تأثير مشاريع التنمية بها على إيراد النهر (IF) نحو 10٪ (أى أن سحب 10 مليارات متر مكعب من المياه فى الهضبة الاستوائية يقلل الإيراد عند أسوان مليار متر مكعب واحد فقط). ومعظم دول الهضبة الاستوائية بها أحواض لأنهار أخرى وتسقط على هذه الأحواض أمطار تبلغ كمياتها نحو 5700 مليار متر مكعب سنويًّا يتدفق منها 1700 مليار متر مكعب فى الأنهار تصب على المحيط الهندى ومنها ما يصب فى المحيط الأطلسى. لذاك فإن التهديد الحقيقى لمصر يأتى من الهضبة الإثيوبية.
(2) استراتيجية السدود الإثيوبية المخطط الحالى للسدود الإثيوبية على النيل الأزرق يعود إلى الستينيات من القرن الماضى، قامت بها بعثة من مكتب استصلاح الأراضى الأمريكى وذلك على نفقة الحكومة الإثيوبية، ردًّا على اتفاقية 1959 بين مصر والسودان، وانتهت البعثة عام 1964 من إعداد مخطط يتضمن 33 منشأ مائيًّا على النيل الأزرق وروافده. وتضمنت المنشآت المائية المقترحة 4 سدود كبرى على النيل الأزرق هى: سد «كارادوبى» وسد «بيكو أبو» وسد «مندايا» وسد «بوردر» (الحدود) أو ما أطلق عليه حاليا سد النهضة بعد زيادة سعته نحو خمس مرات على سد الحدود. إن سعة سد النهضة 75 مليار متر مكعب وينتج ما يقرب من 6000 ميجاوات من الكهرباء.
وقامت إثيوبيا بتحديث مخطط السدود من خلال عدة مكاتب استشارية أوروبية انتهت إلى مضاعفة سعة السدود الأربعة لتصل إلى نحو 200 مليار متر مكعب أى نحو أربعة أمثال التصرف السنوى للنيل الأزرق. وحسب ما جاء فى دراسة لجامعة كمبريدج البريطانية للدكتور هارى فيرهوفن تم نشرها فى تشاثام هاوس فى يونيو 2011، فإن السدود الإثيوبية تهدف إلى تنمية الاقتصاد الإثيوبى، وإعطاء دور الزعامة لإثيوبيا فى منطقة القرن الإفريقى وحوض النيل وذلك من خلال إنتاج الطاقة الكهرومائية للاستهلاك المحلى وللتصدير إلى دول الجوار وإلى أوروبا عبر البوابة المصرية، بالإضافة إلى التوسعات الزراعية. وتقدر كميات الطاقة الكهرومائية التى يمكن توليدها على الأنهار الإثيوبية المختلفة نحو 45000 ميجاوات منها 20000 ميجاوات من النيل الأزرق وروافده. ومصادر تمويل السدود الإثيوبية متنوعة منها البنك الدولى والصين وبعض الدول الأوروبية. وذلك بالإضافة إلى أن إثيوبيا يأتيها سنويا من الدول الغربية ما يقرب من 2٫3 مليار دولار على شكل منح ومساعدات انسانية، ويتم استخدام جزء منها لبناء السدود الإثيوبية.
(3) الدراسات المصرية العاملان الرئيسيان للتأثيرات السلبية للسدود الإثيوبية على مصر يتمثلان فى السعة التخزينية للسد، وفى كميات المياه التى يتم تحويلها للزراعات المروية. السعة التخزينية للسد ستكون خصما من مخزون المياه أمام السد العالى الذى يستخدم لسد العجز المائى لإيراد النهر فى السنوات منخفضة الإيراد، وبالتالى سيظهر بعد إنشاء هذا السد بعض مظاهر الجفاف والعجز المائى فى سنوات انخفاض إيراد النهر مشابهة للوضع قبل بناء السد العالى. والمياه التى سوف تستخدم للرى فى إثيوبيا ستكون خصما مباشرا من الإيراد السنوى للنهر إلى مصر. وهناك عوامل ثانوية تأثيرها محدود نسبيا مثل عدد سنوات ملء السدود وتأثيره فقط فى أثناء فترة الملء. وعامل ثانوى آخر هو السياسة التشغيلية للسدود لمحاولة تقليل الأضرار على مصر، ولكن من الصعب الاعتماد على سياسات تشغيلية لسدود على أراضٍ إثيوبية وتسليم رقبة مصر لإثيوبيا وللقوى الدولية المساندة لها.
والسدود الإثيوبية الأربعة حسب نتائج الدراسات المصرية (MWRI 2010) سوف تتسبب فى حدوث عجز مائى فى حصة مصر بمتوسط سنوى مقداره 18 مليار متر مكعب سنويا يتم اقتسامها مناصفة مع السودان حسب اتفاقية 1959. وسوف تقل الكهرباء المولدة من السد العالى وخزان أسوان بنحو 25-30٪. وسد النهضة وحده سيتسبب فى عجز مائى مقداره 9 مليارات متر مكعب فى السنة وفى تخفيض كهرباء السد العالى وخزان أسوان فى حدود 20-25٪ سنويا. وهناك رسالتا دكتوراه وماجستير بجامعة القاهرة أكدتا هذه الآثار السلبية الوخيمة للسدود الإثيوبية (غريب 2011، وسيف الدين 2013) والوضع المائى الصعب لمصر، حيث تبلغ فيه الحصة المائية للفرد نحو 625 مترا مكعبا سنويا أى أقل من ثلثى حد الفقر المائى، مما أدى إلى فجوة غذائية تبلغ 7 مليارات دولار سنويا.
إن النقص فى إيراد النهر نتيجة لسد النهضة الإثيوبى سوف يؤدى إلى تبوير نحو 2 مليون فدان من الأراضى الزراعية، وعجزا فى مياه الشرب والصناعة نتيجة لانخفاض منسوب المياه فى النيل والرياحات والترع، وسوف تتأثر أيضا الملاحة والسياحة النيلية نتيجة لانخفاض منسوب المياه فى نهر النيل. وسوف يقل إنتاج الطاقة الكهربائية المولدة من قناطر إسنا ونجع حمادى. وسيؤدى نقص إيراد النهر إلى تدهور البيئة وازدياد معدلات التلوث وتهديد الثروة السمكية فى البحيرات الشمالية بالإضافة إلى زيادة تداخل مياه البحر فى الخزانات الجوفية الساحلية فى شمال الدلتا. ومن الآثار السلبية للسدود الإثيوبية أيضا هو احتمال انهيارها أو انهيار واحد منها وما لذلك من آثار تدميرية على دولتَى المصبّ خصوصا السودان وسديها «الروصيرص» و«سنار» على النيل الأزرق وغرق مدينة الخرطوم، وعلى سلامة السد العالى وعلى منظومة الرى المصرية.
والتحرك المصرى على المستوى الدولى والإقليمى كان قد بدأ بالفعل منذ النصف الثانى من عام 2010 حيث رفضت مصر دراسات الجدوى لهذه السدود لعدم الأخذ فى الاعتبار الآثار السلبية على دولتى المصب وتم إرسال ملاحظات مصر على الآثار السلبية على دولتَى المصب وتم إرسال ملاحظات مصر على الآثار السلبية لها إلى سكرتارية مبادرة حوض النيل، وإلى حوض النيل الشرقى. وإلى البنك الدولى والسوق الأوروبية، وإلى المكاتب الاستشارية التى تقوم بتصميم هذه السدود. والتحرك الإثيوبى بعد وضع حجر أساس سد النهضة كان وما زال قويا وحقق أهدافه من إشهار دولى للسد والبدء فى إنشائه وتشجيع للاستثمار الزراعى الدولى فى إثيوبيا واستنفار للشعب الإثيوبى وفرض الأمر الواقع على كلٍّ من مصر والسودان بل ومحاولة استمالة السودان.
(4) الدراسات الدولية
هناك دراسة مهمة أجراها الدكتور مارك جيولاند من جامعة ديوك الأمريكية وتم نشرها فى شهر نوفمبر 2010 فى دورية «بحوث الموارد المائية» الدولية عن الآثار السلبية على مصر من إنشاء أحد السدود الإثيوبية المخطط إنشاؤها على النيل الأزرق وهو سد «مندايا» الذى تبلغ سِعته 50 مليار متر مكعب -أى نحو ثلثَى سِعة سد النهضة. وقد انتهت هذه الدراسة إلى أن تأثير السد يتمثل فى تقليل إنتاج الكهرباء من السد العالى وخزان أسوان بمقدار 20٪ وأنه سيتسبب فى عجز مائى فى إيراد النهر بمتوسط سنوى مقداره 9 مليارات متر مكعب.
ودراسة أخرى لكيفن ويلر الأمريكى الذى عرض نتائجها فى ورشة عمل جامعات حوض النيل الشرقى التى انعقدت فى إثيوبيا فى سبتمبر 2012 وذلك عن آثار سد النهضة على مصر بفرض أن مياهه سوف تستخدم فقط لتوليد الطاقة. وقد انتهت الدراسة إلى أن السد فى أثناء سنوات ملئه سيؤدى إلى حدوث نقص مائى كبير فى حصة مصر يزيد على 30 مليار متر مكعب سنويا ثم ينخفض العجز المائى إلى نحو 2٫2 مليار متر مكعب سنويا بعد الانتهاء من ملء السد، وأن السد سيتسبب فى تخفيض كهرباء السد العالى وخزان أسوان فى حدود 20-30٪.
جدير بالذكر أن السد حسب الخطط الإثيوبية الرسمية المعلنة سيتم استغلاله فى رى مساحات زراعية كبيرة، ولذلك فإنه سيتسبب فى عجز مائى أكبر عما هو مقدر فى هذه الدراسة. وهناك أيضا دراسة هولندية أجراها فان دير كروجت وهينك أوجينك عن تداعيات سد النهضة وتم عرض نتائجها فى ورشة عمل جامعات حوض النيل الشرقى التى انعقدت فى القاهرة فى ديسمبر 2012. وأوضحت الدراسة أن السد سيتسبب فى خفض إيراد النهر عند أسوان بنحو 11 مليار متر مكعب سنويًّا.
(5) اللجنة الثلاثية الدولية
اللجنة الثلاثية المشكلة من خبراء محللين من مصر والسودان وإثيوبيا بالإضافة إلى بعض الخبراء الدوليين تم تشكيلها للتباحث حول سد النهضة الإثيوبى وهى تجتمع دوريا منذ سنة ونصف تقريبا ولا نسمع من المسؤولين المصريين إلا أنه ما زال هناك نقص فى المعلومات والدراسات بينما يستمر العمل فى استكمال السد منذ وضع حجر أساسه!! واللجنة الثلاثية رأيها استشارى فقط وليس ملزِمًا لأطراف المفاوضات!! نحن نتساءل: إلى متى تستمر مثل هذه الاجتماعات وهل سوف تنتهى أعمال اللجنة قبل الانتهاء من بناء السدد؟! ونرى من مجريات الأحداث وتصريحات المسؤولين أن وقف بناء السد -إذا ثبت ضرره لمصر- غير وارد فى أجندة هذه اللجنة الموقرة، وأن أقصى صلاحياتها هو التوصل إلى توصيات بسياسات تشغيلية للسد وبعدد سنوات تخزين المياه!!
(6) أهمية توحيد الموقف مع السودان
هناك تباين بين موقفَى الحكومتين المصرية والسودان تجاه سد النهضة الإثيوبى، ويعود ذلك إلى الفوائد التى ستعود على السودان من السدود الإثيوبية والتى تشمل تقليل المواد الرسوبية الواصلة إلى السدود السودانية، وزيادة توليد الطاقة الكهربية من السدود السودانية القائمة نتيجة لتنظيم تصرفات النيل الأزرق على مدار العام. ذلك بالإضافة إلى حصول السودان على الكهرباء الإثيوبية والتى تحتاج إليها خصوصا بعد انفصال الجنوب الغنى بالبترول. ولكن هذه الفوائد لا تعنى أنه ليست هناك أضرار مباشرة على السودان، حيث تنص اتفاقية 1959 على أن أى نقص فى إيراد النهر نتيجة لمشاريع أعالى النيل يتم اقتسامه مناصفة بين مصر والسودان، ولا تحتمل السودان نقص 4٫5 مليار متر مكعب من حصتها المائية السنوية.
(7) ملامح لخريطة الطريق
■ الخطوة الضرورية الأولى هى المكاشفة الشعبية لأضرار سد النهضة للحصول على دعم الشعب المصرى وتوحيد الأطياف السياسية للمجتمع للمحافظة على مصر وعلى أمنها المائى.
■ الخطوة الثانية هى التوصل إلى اتفاق مع السودان من خلال تنسيق على المستوى الرئاسى لتحقيق رؤية مشتركة للبلدين نحو السدود الإثيوبية فى إطار اتفاقية 1959 والمصالح المشتركة بين البلدين، مع الاتفاق على بدائل فنية لهذه السدود الضخمة لا تسبب أضرارا ملموسة مثل السدود الصغيرة أو العودة للتصميم الأصلى لسد الحدود (14 مليار متر مكعب).
■ الخطوة الثالثة تتمثل فى التفاوض على المستوى الرئاسى (مصر والسودان) مع إثيوبيا للوقف الفورى لبناء السد انتظارا لما تسفر عنه توصيات اللجنة الثلاثية.
■ فى حالة موافقة إثيوبيا على وقف بناء السد فإنه يجب الاتفاق مع إثيوبيا على تعديل إطار عمل اللجنة الثلاثية لتشمل جميع السدود الإثيوبية المخطط إنشاؤها على النيل الأزرق، وتشمل أيضا البدائل الفنية الممكنة لهذه السدود، وعلى دراسة استقطاب الفواقد المائية فى البرك والمستنقعات المنتشرة فى جنوب إثيوبيا وزيادة إيراد نهر السوباط لتعويض أى نقص محتمل فى حصتى مصر والسودان.
فى حالة رفض إثيوبيا وقف بناء السد، يجب التحرك السياسى لمصر والسودان على المستويين الإقليمى والدولى لوقف أى مخطط لتمويل هذه السدود ومنع استخدام المنح والمساعدات الإنسانية لبنائها.
■ إعداد كتيب عن السدود الإثيوبية وتبعاتها السلبية وتوزيع نسخ للجهات المانحة والقوى السياسية والمنظمات الدولية، ووضعه على المواقع الإلكترونية لوزارتى الرى والخارجية وهيئة الاستعلامات.
■ التوصل إلى اتفاق مع السودان على مقاطعة سد النهضة وعدم شراء الكهرباء منها حيث لا يتوفر لإثيوبيا البنية الأساسية لاستيعاب معظم كهرباء هذا السد، ولا يوجد مستخدم آخر لهذه الكهرباء.
■ التحرك مع السودان لتقديم شكاوى رسمية ضد إثيوبيا فى الجامعة العربية ومنظمات الأممالمتحدة والاتحاد الإفريقى والتحكيم الدولى.
■ التنسيق مع دول الخليج العربى لوقف استثماراتهم الضخمة فى إثيوبيا حتى يتم التوصل إلى حلول للسدود الإثيوبية.
■ تعزيز التعاون مع دول القرن الإفريقى خصوصا إريتيريا والصومال وجيبوتى وإطلاعهم على مخطط السدود الإثيوبية وأهدافه.
وأخيرا أناشد السيد رئيس الجمهورية ورؤساء الأحزاب والقوى السياسية بزيادة الجهد والعمل لرأب الصدع الداخلى ووقوف الجميع صفًّا واحدًا خلف قضايانا القومية الحيوية وعلى رأسها ملف حوض النيل. وأرجو أن يتفهم الجانب الإثيوبى المخاوف المصرية وتجنيب المنطقة تصعيدا خطيرا يضر بأمنها واستقرارها السياسى.