أمين تنظيم حزب الريادة ل"البوابة نيوز": 3 يوليو محطة إنقاذ تاريخية وبداية الجمهورية الجديدة    تعرف علي تنسيق القبول بالصف الأول الثانوي 2025-2026 في البحيرة    وزير الإسكان: اللجان المتخصصة ستحدد قيمة إيجارية لا تبخس حق المالك وتراعي ظروف المستأجر    ارتفاع العجز التجاري لأمريكا خلال مايو الماضي    سرايا القدس والقسام تعلنان تنفيذ عمليات ضد الجيش الإسرائيلي بغزة    الدنمارك تطالب أوروبا بتعويض أي توقف أمريكي لإمدادات الأسلحة لأوكرانيا    لأول مرة.. شيكابالا يكشف سبب خلافه مع زيزو    الريان القطري يبدأ مفاوضات التعاقد مع وسام أبو علي    تلفيات بسيارة إثر سقوط شرفتي عقار سكني شرقي الإسكندرية    «أنا المصري».. قطاع المسرح يطلق النسخة الثامنة لمسابقة الأغنية الوطنية للشباب    مصطفى كامل يعلن موعد عزاء أحمد عامر بمسجد الحامدية الشاذلية    كابالا يُعيد فن الحكي إلى الواجهة في معرض الفيوم للكتاب    «شراء وقت ومناورة».. شريف عامر يحذر من تصريحات إثيوبيا بشأن سد النهضة    «صحة الشرقية»: تفعيل مبادرة التشخيص عن بُعد بمستشفى القرين المركزي    البنك الأهلي يتعاقد مع نجم طلائع الجيش    عقيد متقاعد بالجيش الأمريكي: ترامب يضغط على نتنياهو بملف المساعدات للقبول بهدنة في غزة    الشباب والرياضة تطلق مهرجان الصيف في الإسكندرية    ليفربول يعلن تخليد القميص رقم 20 تكريما ل ديوجو جوتا    "التعليم" تكشف أسباب رفع سن التقديم بالحصة ل45 سنة والإبقاء على مسابقات التعيين المحدودة    مبيعات التجارة الإلكترونية في السعودية تتجاوز 69 مليار ريال خلال الربع الأول من 2025    عقيد متقاعد بالجيش الأمريكي: ترامب يضغط على نتنياهو بملف المساعدات للقبول بهدنة غزة    أسامة السعيد: بيان 3 يوليو أنهى مشروع اختطاف الدولة وأعاد لمصر هويتها الوطنية    خالد الجندي: صيام يوم عاشوراء سُنة مؤكدة    صراع على رضا سليم| اللاعب يفضل سيراميكا.. والأهلي يضع شروطه    النوم في الصيف| تحديات وإرشادات طبيعية عليك إتباعها    للوقاية من السكري وأمراض القلب.. نوع من الخضروات تناوله يوميًا لحرق دهون البطن بفعالية    رئيس الشؤون الدينية يوجّه المسلمين وقاصدي الحرمين حول فضائل صيام يوم عاشوراء    تقارير: أرسنال يدخل في مفاوضات جادة مع رودريجو    مصرع طفل غرقًا داخل ترعة بقنا    «التعليم العالي» يٌشيد بالإمكانات المادية والبشرية لكلية الإعلام بسوهاج الأهلية    إطلاق الطرح الثانى بمدينة الجلود فى الروبيكى    القاهرة الإخبارية تكشف تفاصيل اغتيال عنصر تابع للحرس الثورى الإيرانى قرب بيروت    مصرع طفل غرقًا داخل ترعة في قنا    مدير التأمين الصحي بالقليوبية تتفقد مستشفيات النيل وبنها لضمان جاهزية الخدمات    تساؤلات المواطنين تتزايد: هل ارتفعت أسعار شرائح الكهرباء؟    للمؤثرين على مواقع التواصل| رحلات ترويجية للسياحة بالقناطر    مساعدات عاجلة لأسرة كل متوفي ومصاب في حادث انفجار مصنع الأدوات الصحية بالدقهلية    بقدرة 650 ميجاوات.. استمرار العمل بمشروع الوحدة الثالثة ب محطة كهرباء الوليدية في أسيوط    القبض على مالك شركة للنصب على المواطنين بالسفر للخارج    من يتحمل تكلفة الشحن عند إرجاع المنتج؟.. الإفتاء المصرية توضح الحكم الشرعي    هل أم زوجة الأب من المحرمات؟.. المفتي يوضح    نقيب المحامين: الامتناع عن الحضور أمام المحاكم والنيابات يومي 7 و8 يوليو    أحمد عبدالوهاب يكتب: بين قمع الاحتلال وهجمات المقاومة.. إلى أين تتجه الضفة؟    الشرطة الأمريكية: مقتل 4 وإصابة 14 بإطلاق نار فى شيكاغو    وزارة الرياضة توافق على طلبات الأهلي والزمالك والإسماعيلي والمصري والاتحاد السكندري    وفاة وإصابة 11 شخصًا في انفجار خزان ضغط هواء في الدقهلية    بالشراكة مع «الجهات الوطنية».. وزير الثقافة يعلن انطلاق مبادرة «مصر تتحدث عن نفسها»    عمرو دياب يطلق ألبوم "ابتدينا".. بداية جديدة بمزيج عالمي وإيقاعات مبتكرة    محافظ المنوفية يسلم سيارة ميكروباص جديدة لأسرة مالك سيارة حادث الإقليمي    تواصل أعمال البحث عن 4 مفقودين في حادث غرق حفار جبل الزيت    ليفربول ناعيا جوتا: صدمة مروعة ورحيل لا يُصدق    مطروح تحتفل بالذكرى ال12 لثورة 30 يونيو المجيدة.. صور    جيش الاحتلال يعتقل 21 فلسطينيا في الضفة الغربية بينهم طلاب ثانوية    أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا لثبوت ضرره بالقطع من الأطباء    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى حلوان العام ومركز أطلس ويوجه بإجراءات عاجلة    بحثاً عن الثأر.. بالميراس يواجه تشيلسي    مصرع 4 أشخاص وفقدان 38 آخرين إثر غرق عبارة فى إندونيسيا    توقعات بإعلان توفير 115 ألف وظيفة جديدة في أمريكا خلال يونيو الماضي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيها المصريون تعالوا إلى كلمة سواء
نشر في بوابة الأهرام يوم 22 - 05 - 2020


د. محمد السيد الفقي
أتُرانا يا شعب مصر - وقد أسكن الله الريح لنا فسرنا بفلكنا المشحون آمنين من العواصف والأنواء - قد نفضنا عن الوطن ركام الماضي وما فجرته ثورتنا من طفح في أخلاقنا وكشفنا عن البصر حواشي ظلمة الفساد وعدم الوعي، أم لا تزال المِحنة التي انفجرت على الوطن في أمسه الغابر تُطل في منامنا وأحلامنا برؤاها المفزعة؟!
إن الذي يُعّلم الناس وقد اجتمعت حوله رذائله كان أثر الفساد الذي يختفي فيه أسبق في الفعل من أثر الصلاح الذي يخلعه على نفسه ويدعو الناس إليه.
والخطابة والكتابة وإن أتت من الخطيب المفوّه والكاتب البليغ لا تخرج المجتمع من فساده ولا توقظه من رماده إلا أن يكون صاحبهما حقيقة ماثلة لدعوته وتجسيدا حيّا لفطنته، وإذا لم يكن المصلح صالحا والهادي مهديا والمعلم عالما كان أولئك جميعا كالذين يكتبون على الماء أو يطحنون في الهواء.
هل ودعنا الزمان الذي كانت فيه محكمة القيم في كل بيت، يوم أن كان الأدب والحياء سمة الحديث الدائر بين الزوج والزوجة وبينهما وبين أبنائهما، ويوم أن كانت الأصوات الخافضة والأبصار المنكسة والضحكات الخجولة هي السمات الغالبة على سلوك الأهل وآداب الأسرة، ويوم أن كانت الأسماع موثوقة الصلات بالأفكار الناضجة والآراء المثمرة وكان مدلول هذه الأفكار ومضمون هذه الآراء منطبقا على الأعمال والسلوك.
وهل لزاما علينا في عصرنا هذا أن تستهلك الجهود في تقنين الآداب و الأخلاق ونحن نعيش المعارك الشرسة مع الإرهاب و الفساد اللذين أفسدا مزاج المصريين؟! هل يعقل أن نثقل الأسماع بالحديث الناقص في الدعوة إلى الكمال وأن نشيع الظن في القدرة على الأداء المنضبط ونغض البصر عن مكامن العيب اكتفاء بالنقد المزيف؟!
لا أرجو أن يكون ذلك كله قد حدث، فما زال في الوطن ضمائر أبنائه وعقول رواده الشرفاء تهدي التائهين الذين توزعتهم الدعوات الباطلة للشك حتى في أنفسهم.
اللهم إنَّا نسألك للوطن شعبا تتنزل منه القيم وتعم به النصفة لا يمن أحدهم على أحد بما يؤديه من واجب ولا يطمس أحدهم حقا يستعلن بطبيعته على الملأ، ولا يقعد أحدهم عن عدل يستغيث به المظلوم، اللهم إنَّا نسألك شعبا إذا ناديت أيا من أفراده هتفت به ( يا عمر).
اللهم عونك فقد روعتنا شياطين الفساد وانحطاط الأخلاق حين ضربت في مصر خيامها ومدت عليها أطنابها وذهبت تتحدي جبلة الأحرار ونخوة الرجال وأعلنت بأعلى صوتها ألا مقام للحياء ولا للأخلاق بينكم يا أهل مصر.
اللهم عفوك ورضاك فإنه لم يرعنا شيء مثلما راعنا هذه الأخلاق .. وزاد من هذا الروع أن وقف الناس حول الأخلاق وهي طريحة الأرض ومكارمها منثورة على صدرها، وهم بوجوه كالحة لا ينطق أحدهم البتة بلسانه أو بعينيه.
إن الذين باعوا ضمائرهم من هذا الشعب والذين مزقوا صدور الفضيلة وهتكوا أعراض المجتمع وتطاولوا على قيمه ومبادئه لا يزالون على أملهم الحقير وغرضهم الدنيء في أن يظل الإسفاف والاستخفاف أمرين شائعين في مجتمعنا. وهم - وقد ظفروا بإعجاب الشياطين بعد أن غالبوا الحق بأسلحة الباطل وناقلوا الناس بسفاهة الحديث وراحوا يطلون مخالبهم بطلاء الأظافر الأحمر الذين صنعوه من دم الإنسان ويغلفون وجوههم بالأقنعة الباهتة التي تخدع الفرائس والضعفاء - قد فقدوا مزايا الرجولة وحياء الأنوثة وبارت لديهم بضاعة الغش فكان من الحتم على من بقي حيا في ضميره من أبناء هذا الوطن أن يلفظهم.
اللهم نسألك ضمائر حرة لا تُشتري ولا تُباع. فالضمائر الحرة هي بحكم الطبيعة ضوابط الخير في الدنيا ومصادر العدل في الإنسان.
لقد كان ذلك مظهرا وضيعا لضراوة الحيوان في مظهر قبيح لشذوذ الإنسان جثم ولا يزال يجثم على صدر الوطن، وليس صعبا أن يقاتل هذا الشعب تلك الهمجية الأخلاق ية وأن يتعقب أجنادها من المحسوبين علينا ونحن منهم براء.
وإذا كان على المجتمع - وقد أصيب بظاهرة من ظواهر التشوه الأخلاق ي - أن يغاضب الآن العادين عليه فإن عليه أيضا أن يبحث ويقتفي أثر القبح فيه، ذلك لأن الأوبئة الذريعة التي سلطتها علينا المقادير بفعل أيدينا أوشكت أن تنال منا وتصيب جهودنا المحدودة بالضياع وأن تقطع ما بيننا وبين التقدم فتعذر علينا اختصار المسافة بيننا وبين الأمم التي قطعت آمادا بعيدة شديدة البعد إلى الأمام.
إن الوجدان الأخلاق ي الذي صاغته لنا فضائل الأديان ليس هو وحده الذي يجب أن يستصرخ فينا الدعوة إلى مواجهة هذا التدني الخلقي، وإنما في جانبه نوع من الخلل القيادي أفقد قدوتنا من العلماء والمعلمين والأساتذة والمثقفين من عاشقي الوطن قدرتهم على أن يجاهدوا أنفسهم قبل أن يجاهدوا العلل الفاشية فيمن حولهم، وأن يجاهدوا رذائل الأخلاق التي تصببت على أديم الوطن من شبكات الإثم والفسوق. فقد غبرت وجوه الناس وأصابت غيرتهم على القيم ومكارم الأخلاق بالتخاذل وألقت في طريق الشباب بقايا أمانيه بين الحطام والركام.
إن هذا الوطن الغاضب لأخلاقه يتابع بالصبر تارة وبالألم تارة أخرى سباقا رهيبا بين مدنية الإنسان التي يحملها دعاتها وعلماؤها وبين همجية الحيوان التي يوطئ لها الفاسدون أرض الإعلام - وليس كل الإعلام - ويدخلونها في البيوت للشباب والغلمان والأطفال، للنساء والبنات. وبين خطي هذا السباق يتمزق التراث ويتبدد الميراث، ولمن هذا التراث والميراث غير للأمة العريقة ذات الحضارة العميقة التي برزت للبشرية من سبعة آلاف سنة.
إن للشعب أملا يتنفس به صدره وتتعلق به رغبته عند حكومته أن تشد عزمها في تربية الأطفال قبل الشباب وأن تضرب بيد من حديد على جميع الفاسدين خلقا وعلما ومالا ولا تأخذهم بهم رحمة، فهم لم يرحمونا ولم يستغفروا ربهم على ما فعلوه ويفعلون بِنَا الآن. فلتكن رسالتنا لهم ( فلتقف أقلامكم عن الكتابة وألسنتكم عن البذاءة وأيديكم عن السرقة، وإلا فألقوا بها).
لقد نجح بعض الإعلام في أن يسلب بما يعرضه على شاشات المنازل ولاية البيت في تربية الأبناء ودور المدرسة في تثقيفهم وأن يعرضوا عليهم كيف يُخاطب الأبوان بالوقاحة وكيف يتناجى المحبون بالغرام وكيف يتبارى الرجال - بعض الرجال - في الرقص وكيف تتفنن النساء - بعض النساء - في العري اللفظي قبل الجسدي فقضوا على مقولة "إن أنوثة المرأة هي في حيائها وليس في جمالها".
لقد أصبح شاغلنا اليوم أن نترحم على الماضي، نترحم على الأخلاق الحميدة، وعلي الفن الراقي، وعلى شوارعنا النظيفة ومبانينا الجميلة، على لغتنا العربية التي ذهبت إلى غير رجعة، وعلى شهامة الرجال وحياء النساء، نترحم على ذوقنا العام، وعلى تعليمنا الذي كانت عليه مدارسنا وجامعاتنا، وعلى مثقفينا ومعلمينا وأساتذتنا، بل نترحم على الفضائل في المجمل.
ماذا حدث يا شعب مصر؟ لقد انتصرتم من قبل في حربكم العسكرية وستنتصرون بعون الله في حربكم ضد الاٍرهاب، لكن هزيمتكم لأنفسكم وأي هزيمة قد نالت منكم وحطت بكم في بئر الظلمة، ظلمة الجهل وانعدام الضمير والتدني الخلقي و الفساد .
أقول أخيرا يا هذا الإنسان في كل مكان على أرض الكنانة، أقول لكل فاسد وكل لص في هذا الوطن، ذق طعم نفسك فإن وجدته مرا كانت المرارة من إثمك فاتق الله "وإن دعتك قدرتك إلى ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك"
لم نعد نملك سوى أن نرفع أيدينا داعين الله عز وجل في هذه الأيام المباركة، اللهم أعنا على نصرة الأخلاق ومحاربة الفساد وخلع القبح من أفواهنا وأسماعنا وأعيننا، ندعوك يالله أن نلقاك وقد عدنا إلى أنفسنا. يارب أعد المصريين إلى نبتهم الطيب ولا تُعد مصر إلينا إلا وقد نفضنا أنفسنا من كل ما يغضبك منا، واغفر لنا وارحمنا، إنك على كل شي قدير".
كاتب المقال
أستاذ ورئيس قسم القانون التجاري
كلية الحقوق - جامعة الإسكندرية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.