مع تطبيق نظام منع التحرك وغلق الأسواق وفرض حظر التجوال ليلا، لوحظ أن هناك حالة من عدم الانضباط فى أسواق الخضر والفاكهة ، وأن التفاوت فى الأسعار بدا واضحا، فهناك من يبيع بأسعار معقولة، وهناك من يبيع بضعف سعر الآخر.. أيضا هناك مناطق تتوافر بها السلع وأخرى تكون أقل، خاصة فى فترات ما قبل الحظر. تحقيقات «الأهرام» قامت بجولة فى الأسواق ورصدت كل ما يحدث على أرض الواقع ، ورصد حقيقى لأسعار الجملة والفارق الكبير بين البيع بالجملة وسعر المستهلك، وناقشت وزارة التموين حول كيفية الرقابة على الأسواق. بداية نشير إلى اتفاق عدد من المواطنين على تفاوت أسعار البيع، فمثلا تقول منى عمر مقيمة بالهضبة الوسطى بالمقطم: نحن نعانى عدم استقرار أسعار الخضراوات والفاكهة، وعدم توافر الجيد منها، وضربت مثالا بالطماطم التى يصل سعر الكيلو منها إلى 7 جنيهات فى حين يوجد فى أماكن أخرى بنصف الثمن . وتضيف ريهام أنور من مدينة نصر، المشكلة أننى عاملة ، وطبيعة شغلى تتطلب النزول إلى العمل، وعند عودتى لا أجد أى سلع جيدة، بالإضافة إلى أن يومى الجمعة والسبت إجازة، ولذلك كنت أتمنى أن يتم استثناء بعض الأسواق الحضارية أيام الجمعة والسبت، وذلك بشرط عدم وجود تجمعات بها ، خاصة أن الباعة يشكون قلة الزبائن وعدم قدرتهم على بيع كل بضائعهم التى تتلف بحلول اليوم الثاني. ويفسر محمود على موظف تكالب المواطنين على الأسواق لشراء السلع والمستلزمات الغذائية بسبب تداول معلومات عن حظر عمل المحال التجارية والأسواق يومى الجمعة والسبت، وأن الأسواق لن تعمل إلا يوم الأحد ولفترة زمنية قصيرة، حيث تغلق المحال أبوابها فى الأيام من الأحد إلى الخميس فى الخامسة مساء، ويعتبر وقتا قصيرا لن يستطيع فيه الموظفون تلبية احتياجاتهم، خاصة فى الأسر التى تضم أطفالا. معروضات قليلة وباهظة الثمن أما أم ياسين ربة منزل فتقول كانت معروضات الأسواق رديئة وقليلة وباهظة الثمن ولا حيلة لنا إلا الرضوخ لجبروت المستغلين والانتهازيين ، وهو ما حدث فعلا من نفاد الخضر والفاكهة من الأسواق، بل وزادت حدة المشكلة مع بدء بعض أجهزة المحليات فى المحافظات تطبيق قرار حظر تام على محال الخضر والفاكهة، لتسود حالة من التخبط حول تطبيق القرار ومن يسرى عليهم. وفى رده حول تفاوت الأسعار ما بين الجملة والمستهلك ، يقول الحاج عبد المنعم سليمان أمين رابطة تجار سوق الجملة بأكتوبر: إن السوق شهدت هبوطا كبيرا فى أسعار الخضر والفاكهة بسبب التخبط فى تفسير قرارات الحظر وانعدام الطلب تماما على البضاعة المعروضة فى سوق الجملة خلال الأسبوع الماضي، وضرب مثالا بانخفاض سعر قفص «الكوسة» الذى يزن 20 كجم من 35 جنيها فى الأحوال العادية إلى 15 جنيها، والطماطم ارتفعت من 60 جنيها إلى 100 جنيه، وكذلك البطاطس من جنيهين فى المتوسط إلى أكثر من 3 جنيهات لتعود أسعارها الى الاستقرار تدريجيا، وإن كانت أعلى من المعتاد فى مثل هذه الأوقات ، لزيادة الطلب عليها من تجار التجزئة. ويتفق معه الحاج إبراهيم سليمان أحد تجار السوق، قائلاً: إن هناك سلعا مثل الليمون وصل سعره إلى 20 جنيها للكيلو فى الجملة، بسبب التخبط ولزيادة الطلب عليه فى رفع المناعة الطبيعية فى ظل ظروف كورونا، لكن مع زيادة المعروض منه انخفضت أسعاره لتتراوح بين 8 و12 جنيها لكيلو الجملة، نافيا وجود أزمات فى السلع المعروضة تماما، مشيراً إلى نقطة إيجابية وهى ان بعض التجار يراعون الظروف التى تمر بها البلاد حالياً ، وأحوال المستهلكين ذوى الدخول المنخفضة، وقاموا بجمع مبلغ من المال فيما بينهم واشتروا كميات من الخضر والفاكهة ووزعوها على عمال اليومية البسطاء فى السوق والمناطق القريبة، لمساعدتهم فى تجاوز الظروف الحالية. زيادة تكاليف النقل أما الحاج خالد الزيات أحد تجار الجملة فقال: هناك بند آخر ساد فى تلك الأزمة ، وهو زيادة نولون النقل الذى ارتفع من 5 آلاف الى 7 آلاف جنيه، بما يقارب 40% مرة واحدة لأن بعض الكمائن المنتشرة على الطرق كانت تستوقف سيارات النقل طوال ساعات الحظر، وهذه الزيادة الكبيرة فى أسعار النقل سيتحملها المستهلك فى النهاية لأنها ضمن تكاليف السلع بغض النظر عن نوعها سواء كانت خضرا أو فاكهة ، وبعيدا عن سوق الجملة، مطالبا بإعادة النظر فى مواعيد عمل وسائل نقل البضائع، مشيرا إلى أن التفاوت فى الأسعار يرجع إلى تاجر التجزئة، والذى يرجع سبب ارتفاع السعر إلى حجم البضاعة التالفة التى تُرد عليه بالخسارة. وعن تأثر مواعيد الحظر على حركة التجارة، قال فريد محسن الفيومى أحد تجار سوق الجملة 6 أكتوبر: إن مواعيد الحظر لم توثر بشكل ملحوظ على الكميات المتداولة، وإنما على توقيتات البيع التى باتت محصورة فى غالبيتها العظمى قبل مواعيد الحظر، وتعجل تجار التجزئة فى تحميل بضائعهم من السوق والمغادرة قبل ساعات الحظر بوقت كاف، خوفا من تعرضهم للإيقاف رغم أن سيارات نقل الخضر والفاكهة مسموح لها بالتحرك فى أثناء حظر التجوال ، مما يمثل ضغطا علينا وعلى عمال التحميل. ويقترح الحاج محمد لطفى تاجر جملة بالسوق وجود لوحات الكترونية كبيرة وسط السوق، تقوم بعرض القرارات وتتفاعل مع تساؤلات التجار والعاملين، وكذلك السائقون منعا لارتكاب أى مخالفات فى أثناء فترة الحظر…، ويتحدث لطفى حول مشكلة أخرى ليس لها علاقة بالأسعار، ولكنها تمس عددا من التجار المضارين وعددهم يصل إلى 28 تاجرا، بعد أن نشب حريق فى السوق عام 2018، والذى توقفت معه أعمالهم وأصبحت المحال غير صالحة للاستخدام تماما، ووعدنا اللواء أحمد راشد محافظ الجيزة بتعويضنا ووقف تحصيل الأقساط لمدة 6 أشهر على أن يتم خلالها إصلاح المحال، وأن التجار الذين أضيروا من الحريق قاموا بهجر السوق وتوقف نشاطهم تماما ، لعدم قدرتهم على تحمل الضغوط. تقنين الاستهلاك ولأنه المسئول عن ضبط الأسواق وإعادة التوازن إليها سألنا الدكتور على مصيلحى وزير التموين حول آلية ضبط الأسواق، فنفى فى البداية وجود أى أزمة فى توقيتات بيع الخضر والفاكهة أو تطبيق أى حظر عليها سواء فى أسواق الجملة الخاصة بها أو تجار التجزئة، كما أن الأمر ذاته يسرى على كل منافذها، فهذه جميعا خارج الحظر ولا توجد أى قيود فى تداولها سواء فى مواعيد الحظر أو خارجها، ولكن هناك سوء تفسير للقرار من بعض التنفيذيين، وتم توضيحه وكان ذلك فى محافظتى الجيزة والإسكندرية، والآن مسموح لبعض المحال العمل فى مواعيد الحظر، ولكن أغلبهم لم يجد من يقوم بالشراء منهم فى أثناء الحظر فأغلقوا محالهم. وأضاف الدكتور مصيلحي، لقد تلقيت أفكارا تتعلق بتقنين الاستهلاك بكميات معينة لكل فرد لكنى رفضتها شكلا وموضوعا، لأن أى فرد لن يستهلك أكثر من احتياجاته، وإذا حدث فستكون بكميات محدودة ولفترة قصيرة يعود بعدها للمعدل الطبيعي، إذا تأكد من توافر السلعة، كما أننى لا أخشى من أى أزمة فإنتاجنا المحلى من الخضر والفاكهة كبير جدا ويغطى الاستهلاك ويزيد، ولأن مخزوننا السلعى يكفى لما بعد عيد الأضحي، فلا توجد مشكلة إطلاقا فى توافر أى سلع ، ومن يقول غير ذلك لا هدف له غير الاستغلال وافتعال الأزمات، ومنذ البداية انتهجت مخاطبة الغرائز الطبيعية للاستهلاك، وكما ترى فى العالم حولنا حتى فى دول تسبقنا اقتصاديا تجد أرفف المحال والسوبر ماركت خاوية، وإذا خرج مسئول يحث المواطن على عدم التخزين. * نقلا عن صحيفة الأهرام