كانت لحظات فارقة فى حياة أسر شهداء ثورة يناير، الفارق الزمنى كان قصيرا جدا بين دموع الفرحة من الأمهات الثكالي اللاتي فقدن أبناءهن لقرب القصاص من القتلة، والهتافات المعادية ضد رئيس المحكمة سخطا على البراءة. وسرعان ما تبدل الشعور بترقبهم للنطق بالقصاص والثأر من الرئيس السابق، بمزيد من الأحزان بعد براءة نجليه ومساعدي وزير الداخلية الأسبق. هذا هو المشهد الذى سيطر على جلسة تاريخية انتظرها المصريون كثيرا فى شغف شديد لمشاهدة الفصل الأخير فى محاكمة لقبت بمحاكمة القرن، وحملت جلسة النطق بالحكم العديد من المفاجآت المثيرة. المشهد نفسه تتكرر عندما كان الحضور داخل قاعة المحاضرات بأكاديمية الشرطة فى انتظار لحظة دخول الرئيس السابق القفص متهما، نفس المشاعر أصابت الحضور وهم فى انتظار وصول مبارك الذى تأخر لمدة ساعة كاملة عن باقى المتهمين. عيون رجال الأمن تتفحص وجوه الحضور وتمشط قاعة المداولة مرة تلو الأخرى، أفراد الشرطة المدنية يرتدون الكابات السوداء ويفصلون بين دفاع المتهمين والمدعين بالحق المدنى، أسر الشهداء يحتضنون صورا لذويهم ويجلسون فى ترقب لحظة القصاص. وفي الجلسة التاريخية غاب فريد الديب محامي أسرة الرئيس السابق عن الجلسة -كعادته فى القاضايا التى ترافع فيها من قبل- وأرسل محاميا من مكتبه بينما أصر دفاع العادلى على الحضور، وجاء معظم المدعين بالحق المدنى للقاعة، وكاد أن يتسبب حضور فيصل العتيبي المحامى الكويتى فى أزمة، بمجرد أن شاهد أحد المدعين بالحق المدنى هتف فى وجهه "بره.. بره". وتعالت الأصوات واعتلى معظم الحضور "البنشات" ليشاهدوا جمال مبارك وشقيقه علاء داخل القفص وقد بدت عليهما علامات التوتر ودقق جمال مبارك النظر إلى أعلى القفص كعادته. كلمات القاضى رفعت عن الثورة والأسباب التى قادت الثوار والمتظاهرين للتظاهر فى ميدان التحرير أبكت أسر الشهداء الذين أعتقدوا من الوهلة الأولى أن رقبة المخلوع ورفاقه اقتربت من القفص ولكن كانت الصدمة ببراءة القيادات الشرطية فى ظل النظام المنهار. حملت الجلسة اتهامات متبادلة بين المدعين بالحق المدنى وأنصار مبارك حول السعى للشهرة وجذب أضواء الكاميرات فى الجلسة ووقعت مشادات بينهم كادت أن تصل لحد التشابك بالأيدى لولا تدخل الأجهزة الأمنية.