تصدر قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سحب قواته من سوريا عناوين الصحف البريطانية الصادرة صباح اليوم، بحسب تقرير موقع بي بي سي، الذي ركز أيضًا على استقالة وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، والتي ارتبطت بذلك القرار الخاص بسوريا. البداية من صحيفة "آي" والتي نشرت مقالا للكاتب المختص بالشؤون العسكرية في العراقوسوريا باتريك كوبيرن اعتبر فيه أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سحب قوات بلده من سوريا يعكس واقعية سياسية وتفهما لما يجري بالفعل في سوريا والشرق الأوسط ككل. ويطالب كوبيرن القارئ بعدم الانسياق وراء الانتقادات الحادة التي يلقاها القرار في وسائل الإعلام البريطانية والعالمية، منوها إلى أن هذه الوسائل ما هي إلا وسيلة يحاول الصفوة إقناعه بأفكارهم من خلالها. ويضيف كوبيرن أن بعض الكتاب يصورون للقارئ أن القرار خاطئ، وأنه يمثل استسلاما لكل من تركيا وروسيا وإيران من جانب، وخيانة للأكراد من جانب آخر، أو أنه بمثابة النصر المنتظر لتنظيم داعش. ويقول كوبيرن إن "القرار ربما كان أحد هذه الأمور أو كلها معا، لكن قبل كل شيء فإن قرار الانسحاب يعترف بما يجري على الأرض بالفعل في سوريا وفي الشرق الأوسط بشكل عام". ويعتبر كوبيرن أن الإعلام الغربي منساق وراء مجموعة من الأفكار التي تنظر لقرار ترامب من منظور السياسات الاستعمارية القديمة في واشنطن، ومجموعة من الأكراد المذعورين في شمال سوريا من تعرضهم لمذابح عرقية على أيدي الأتراك الذين يستعدون للغزو. ويخلص كوبيرن إلى أن الالتزام الأمريكي في سوريا، كان التزاما مفتوحا بلا نهاية ودون هدف حقيقي واضح وسط منطقة ملتهبة وغير مستقرة من العالم، وهو ما كان بمثابة لعبة خاسرة. ويشير كوبيرن إلى أن الاتهام الموجه لترامب بأنه يهدي انتصارا كبيرا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين غير واقعي، موضحا أن الرجل بالفعل حققا انتصارا هاما، وهو أمر واقع لم يكن ليغير فيه القرار شيئا. ويواصل كوبيرن قائلا: إن الدولة السورية تشهد نفوذا إيرانيا وروسيا بالفعل، لكن مع مرور الوقت واشتداد عود الدولة مرة أخرى سيقل احتياجها لحلفاء خارجيين، كما أن التحالف بين تركيا وروسيا كان على أشده لمواجهة التحالف الأمريكي مع الأكراد، وبالطبع ستقل الحاجة إليه مع سحب القوات الأمريكية، وهو الأمر الذي سيساعد في عودة تركيا إلى الجانب الأمريكي مرة أخرى. وإلى صحيفة الجارديان وبدورها نشرت مقالا للكاتب بيتر بومونت حول الملف نفسه، لكن من زاوية استقالة وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، بعنوان "ماتيس كان يساعد في ضبط ترامب، والعالم سيفتقده". يقول بومونت إن الجنرال جوزيف دانفورد رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، أصدر قبل نحو شهرين تحذيرا سريا حو استمرار الخطر الموجه لبلاده من قبل تنظيم داعش. ويضيف بومونت أن دانفورد أشار في التحذير إلى أنه وبالرغم من التقلص الكبير للبقعة التي يسيطر عليها تنظيم داعش إلا أن هناك المئات من المقاتلين الأجانب الذين يعبرون الحدود التركية كل شهر إلى الأراضي السورية والعراقية. ويشير بومونت إلى أن دانفورد حذر من أن هذا الأمر يمنح التنظيم مرونة كافية للاستمرار في أنشطته، موضحا أن أي تنظيم من هذا النوع يمكنه الاستمرار في أنشطته ما دام يمتلك القدرة على نقل وتحريك الموارد. ويضيف بومونت أن استقالة ماتيس تعبر عن الخلاف الواسع بين وزارة الدفاع والرئيس ترامب، ليس فقط على مستوى السياسات العسكرية في المناطق المختلفة من العالم ولكن أيضا على مستوى عدد من التحالفات الخارجية التي تضع على عاتق القوات الأمريكية المزيد من الأعباء، مثل العلاقة مع حلف شمال الأطلسي (الناتو). ويوضح بومونت أنه بالنسبة لحلفاء واشنطن في المنطقة فإنهم يشعرون بالغضب من قرار ترامب، مشيرا إلى أن المحللين السياسيين في إسرائيل يرون أن إيران ستتوغل في سوريا لتملأ الفراغ الذي ستتركه الولاياتالمتحدة، وهو الأمر الذي سيؤدي إلى زيادة احتمالات الصدام المباشر بين طهران وتل أبيب. ويقول بومونت إن حلفاء الولاياتالمتحدة في أوروبا ومناطق أخرى من العالم كانوا ينظرون إلى ماتيس على أنه الرابط الأكثر متانة لاستمرار الالتزامات واحترام التحالفات التي دشنها الرئيس السابق باراك أوباما في مواجهة جموح ترامب.