في الوقت الذي نشهد فيه دولًا كثيرة حولنا أجنبية وعربية شوارعها نظيفة، ولا نرى فيها أكوام القمامة المتراكمة، كما هو الحال في شوارعنا الغنية للأسف بأكوام القمامة؛ سواء تحت الكباري أو على جانبي الطريق الدائري، وغيرها من التجمعات السكانية المرتفعة الكثافة.. هناك العديد من الدول الأجنبية والعربية التي تعتبر القمامة مصدرًا من مصادر الدخل الذي يُدر عليها المليارات من الدولارات؛ وبالتحديد "فيينا" وفي مدن كبرى مثل نيويورك ولندن وباريس.. وللأسف عندنا في مصر المحروسة؛ وبرغم ما تم تنفيذه من مشروعات قومية ضخمة خلال السنوات الماضية فإننا مازلنا نفتقد إستراتيجية واضحة للتعامل مع ملف القمامة، ولا توجد رؤية واضحة للتعامل مع هذا الملف بجدية والاستفادة من خبرات بعض الدول التي نجحت في التعامل مع ملف القمامة والاستفادة منها، ومازلنا نسمع الكليشهات المتكررة في هذا الشأن مثل (وضعنا خطط للتخلص من القمامة والمخلفات بالمحافظات) نسمعها كثيرًا ونسمع أيضًا عن عشرات المبادرات ولا نرى طحنًا.. نسمع ضجيجًا ولا نرى طحنًا) وبرغم ذلك فإن المواطنين لا يشعرون بوجود فارق في نظافة الشوارع حتى الآن؛ ومازالت الأحياء تشهد تراكمات كبيرة من القمامة والمخلفات. وأرجع البعض ذلك إلى عدم وجود خنازير، التي تم منع تربيتها خوفًا من إنفلونزا الخنازير، التي كانت عاملا أساسيا في التخلص من 6 آلاف طن من المخلفات يوميا في القاهرة الكبرى، وأصبحت تتراكم بشكل يومي.. هل تصبح عودة الخنازير هو الأمل الأخير والوحيد للانتهاء من مشكلة القمامة في مصر؟ تعود مشكلة اختفاء الخنازير إلى عام 2009 عندما صدر قرار حكومي وقتها بذبح حوالي 2 مليون ونصف مليون رأس، بالتزامن مع ظهور فيروس إنفلونزا الخنازير؛ وذلك خوفًا من انتشارها بين المواطنين، وكان ذلك على غير رغبة العاملين بجمع القمامة والمربين الذي سارعوا بإخفاء 100 رأس للحفاظ على السلالة واستمروا في تربيتها في الخفاء حتى تمكنوا من الحصول على موافقة وزير الزراعة بإعادة تربية الخنازير، والعمل بالمجزر الآلي حتى بلغ عددها الآن نحو 700 ألف رأس.. إذن هناك إمكانية لحل مشكلة تراكم القمامة. وأنقل لكم تصريحات لشحاتة المقدس نقيب الزبالين بالقاهرة؛ حيث قال: (إن بداية استخدام الخنازير في التخلص من القمامة في مصر كانت عام 1948 أثناء الاحتلال الإنجليزي؛ حيث جلب الإنجليز الخنازير إلى مصر). وطبعا معروف للجميع أن القاهرة كانت في هذه الفترة من أجمل وأنظف عواصم العالم.. المهم يا سادة يا كرام هو أن نرى القاهرة وباقي محافظات مصر المحروسة نظيفة كما كانت.. وليكن بتربية الخنازير ما دامت تتغذى على فضلات الطعام، كما يحدث في باقي دول العالم.. وحسب تصريحات شحاتة المقدس: (أن الخنازير تكاثرت حتى وصلت أعدادها في 2008 إلى أكثر من 2 مليون رأس؛ حتى حدث ما حدث عام 2009.. ما أريد قوله أنه إذا كانت المحليات فاشلة في أبسط الأمور؛ وهو التعامل مع مشكلة تراكم القمامة، وأيضًا فشلت الشركات الأجنبية في رفع القمامة من شوارع المحروسة، وأهدرنا مليارات الدولارات؛ بدلا من جني مليارات الدولارات من إعادة تدوير القمامة؛ كما يحدث في كل دول العالم.. وبدلا من تشجيع الشباب على عمل مشروعات لإعادة تدوير القمامة، مازلنا نٌعيد تدوير التصريحات الرسمية بهذا الخصوص مثل (وضعنا خطط لرفع القمامة والمخلفات من الشوارع)، ونسمع ضجيجًا ولا نرى طحنًا.. أناشد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي بمشروع قومي محلي لرفع القمامة من خلال دعم الزبالين التقليديين، وهم قادرون على ذلك؛ حتى وإن كان ذلك بالاستعانة بالخنازير.. وأيضًا تشجيع الشباب على عمل مشروعات لإعادة تدوير القمامة والمخلفات.. نظافة الشوارع والمدن دليل على رٌقي الشعوب، وأيضًا علينا كمواطنين دور كبير في ذلك، ويجب أن نتخلص من المفاهيم التقليدية، وأن نظافة الشوارع مسئولية الحكومة وحدها، ويجب علينا كمواطنين أن نساهم في نظافة الشوارع ومداخل العمارات.. وكما يحرص أغلبية المصريين على نظافة منازلهم عليهم الحرص على نظافة شوارعهم أيضًا.. والله المستعان..