مجلس جامعة أسيوط يعقد اجتماعه الدوري    الاثنين 30 يونيو 2025.. أسعار الذهب تتراجع بقيمة 20 جنيها وعيار 21 يسجل 4600 جنيه    أسعار الأسماك فى الأسواق اليوم الإثنين 30 يونيو 2025    النائب مصطفى بكري: في ذكرى 30 يونيو الحكومة تحرر عقود الإيجار وتدفع الناس للشارع    انتعاش نشاط الصناعة التحويلية غير البترولية بتحقيق معدل نمو 16% خلال الربع الثالث من 2024-2025    الاستخبارات الأمريكية: برنامج إيران النووي تضرر بشكل يصعب إصلاحه لسنوات    عشرات الشهداء والجرحى جراء استهداف الاحتلال منتظري المساعدات في خان يونس    السيسي: لا استقرار في ليبيا دون إخراج القوات الأجنبية والمرتزقة    وزير الخارجية الإسرائيلي: لن نتفاوض بشأن هضبة الجولان في أي اتفاق سلام    الرئيس السيسي: لا سلام في الشرق الأوسط دون دولة فلسطينية على حدود 1967    وزير الرياضة: الأندية الشعبية تحظى بالدعم.. والقانون الجديد يشجع الاستثمار    دفن جثة شاب لقي مصرعه من أعلى عقار بالسلام    في ذكرى ثورة 30 يونيو.. فيلم طيور الظلام "قراءة فنجان المستقبل"    الصحة العالمية: مصر استوعبت أكثر من 10 ملايين مهاجر ولاجئ بينهم 1.5 مليون سوداني    للمرة الثانية خلال 48 ساعة.. محافظ المنوفية يزور مصابي حادث الإقليمي    "القومي للبحوث": شرب المياه بطريقة صحية في الصيف لا يقل أهمية عن اتباع نظام غذائي متوازن    الرئيس السيسي يستقبل وزير الدفاع    موعد تطبيق الأسعار الجديدة للسجائر| وشعبة الدخان تكشف التفاصيل    إسرائيل تعلن رفع أسعار البنزين للشهر الثاني على التوالي تحت ضغط الحرب    السيسي: الحرب والاحتلال لن ينتج سلاما.. كفى عنفا وقتلا وكراهية    معاش شهري بدون عمل| رسميًا من التأمينات "اعرف الشروط والأوراق"    موعد مباراة إنتر ميلان وفلومينينسي البرازيلي    قبل مواجهة الهلال.. جوارديولا يرد على كلوب    كريم رمزي يكشف عن مصير شيكابالا النهائي مع الزمالك    محافظ الدقهلية في جولة صباحية بالمنصورة وسلامون القماش لمتابعة مستوي الخدمات    الثانوبة العامة.. طلاب النظام القديم يؤدون التفاضل والتكامل.. وامتحانات خاصة للمكفوفين وSTEM غدا    ضبط شخص بتهمة النصب علي المواطنين بالاسكندريه    اليوم.. لجنة التعليم بمجلس النواب تناقش مشروع قانون تعديل بعض أحكام قانون التعليم    الرقابة المالية ترفع الحد الأقصى للتمويل النقدي المسبق لأغراض استهلاكية إلى 50 ألف جنيه للعميل    سر تصدر آسر ياسين للتريند.. تفاصيل    يحيي الفخراني يتصدر تريند "جوجل".. فما القصة؟    "فاضل كام يوم وتعرفوا الخطة".. عمرو يوسف يروج لفيلمه الجديد "درويش"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 38-6-2025 في محافظة قنا    في الذكرى 12 لثورة 30 يونيو.. رسائل حاسمة من السيسي للمصريين والعالم    في ذكري 30 يونيو.. القوات المسلحة توجه رسالة للرئيس السيسي    لطلاب الشهادة الإعدادية| تنسيق القبول بمدارس الثانوية العامة 2025    الأرصاد تحذر من اضطراب الملاحة البحرية وارتفاع الموج 3.5 متر    مصرع فتاة وإصابة 17 آخرين في حادث بالبحيرة    مجدي الجلاد: الهندسة الانتخابية الحالية تمنع ظهور أحزاب معارضة قوية    قبل الحادث بدقائق.. فيديو متداول لسائق حادث المنوفية أثناء تحركه    الصور الأولى من عقد قران حفيد الزعيم عادل إمام    فاروق فلوكس: تركت عزاء والدتي من أجل مسرحية "سنة مع الشغل اللذيذ"    حالة الطقس تهدد مباراة الهلال ومانشستر سيتي في كأس العالم للأندية    6 أعراض تسبق الجلطة الدماغية.. تعرف عليها    «الرقابة النووية» تطلق العدد السابع من مجلتها التوعوية بعنوان «الأمن المستدام»    «إهانة صحية ونفسية».. الاتحاد الفرنسي للاعبي كرة القدم يهاجم فيفا بسبب المونديال    مستشار سابق في البنتاجون: واشنطن حذرت طهران من الضربات قبل ساعتين من تنفيذها    منتخب جواتيمالا يفوز على كندا ويتأهل لنصف نهائي الكأس الذهبية    ما فضل صيام يوم عاشوراء؟.. أجرٌ عظيم وتكفيرٌ للسنة الماضية    اتحاد الكرة: ننتظر موقف الشركة الراعية من مكان السوبر ولا نمانع إقامته في مصر    آسر ياسين ل إسعاد يونس: «استحالة كنت أفكر أبقى ممثل» (فيديو)    قد ينتهي بفقدان السمع.. العلامات المبكرة لالتهاب الأذن الوسطى    4 أبراج «سابقة عصرها»: مبتكرون يفكرون خارج الصندوق وشغوفون بالمغامرة والاكتشاف    مصرع سائق ونجله فى حادث سير ب"صحراوى البحيرة"    مرصد الأزهر يحذر الطلاب من الاستسلام للأفكار السلبية خلال الامتحانات: حياتكم غالية    هل النمل في البيت من علامات الحسد؟.. أمين الفتوى يجيب    كيف أصلي الصلوات الفائتة في نهاية اليوم؟.. أمين الفتوى يجيب    ما هو حق الطريق؟.. أسامة الجندي يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القمامة في مصر.. ثروة أم نكبة؟
نشر في البديل يوم 11 - 05 - 2016

طالما تفخر مصر بقمم الأهرامات عبر التاريخ، واليوم فاقت تلال القمامة ارتفاع الأهرامات بكثير، لتصل إلى ما يقرب من 75 مليون طن قمامة، بالإضافة إلى 22 مليار طن تراكمات قديمة، بمعدل يومي يصل إلى 55 ألف طن، بلغ نصيب القاهرة وحدها 20 ألف طن.
الغريب، أن القمامة في مصر تعد من أغنى أنواع القمامة فى العالم، فيصل سعر الطن الواحد حوالي 6 آلاف جنيه لما تحويه من مواد عضوية وصلبة، يمكن أن توفر لمصر 9 ملايين طن من السماد العضوي؛ عن طريق تدوير القمامة لزراعة مليوني فدان، ترتفع إلى 14.5مليون طن، بحسب الإحصاءات في نهاية عام 2016، وإنتاج 3 ملايين طن ورق و248 طن زجاج و336 ألف طن حديد.
وبحسب الإحصائيات، تتحمل مصر نحو 10 مليارات جنيه سنويا خسائر ناتجة من أضرار وجود القمامة، وتنفق حوالى 24 مليار جنيه على تكلفة التدهور البيئي، فى حين لو تم استثمارها بشكل جيد ستدر ربحا كبيرا.
51 ألف عامل نظافة.. والمحصلة «خيبة أمل»
16 ألف عامل نظافة فى القاهرة و35 ألف وافدين من مختلف المحافظات، مجمل كتيبة رفع تلال القمامة فى العاصمة وحدها، لكن المحصلة «خيبة أمل كبيرة»؛ فمازالت مشلكة الزبالة تؤرق الجميع؛ بعدما تحول القائمون عليها إلى «زبالين دليفري»، مهمتهم نقلها من بيوت الأحياء الراقية مقابل أجر وإكرامية، ونسوا الأحياء الفقيرة والعشوئيات غير القادرة على منح الهبات والإكراميات.
بعض جامعي القمامة يرى أنهم مظلومون ولا يحصلون سوي علي 90 قرشا فقط عن كل شقة من إجمالي 150 قرشا، ويوقع عليهم غرامة تأخير قدرها 200 جنيه، كما ينص التعاقد تحت مسمي «تقاعس عن الإداء» أو غياب عامل النظافة، وفريق آخر يري أن الأزمة تكمن في ثقافة المواطنين والسلوكيات الخاطئة التي لم تتغير حتي اليوم، وفريق ثالث يرى أن إعدام الخنازير ساهم بصورة كبيرة في تراكم أكوام القمامة بالشوارع والميادين، خاصة أن الخنازير كانت تساهم في التخلص من المواد العضوية الرطبة بالطرق الآمنة التي تمثل 60% من حجم المخلفات التي تجمع يوميا غذاء لهذه المزارع.
في شارع عباس العقاد بمدينة نصر، كان يمسك مظهر حبيب، عامل النظافة الخمسيني بشركة «هوم سيرفيس» للخدمات البيئية مقشته وصندوق قمامة متجول، ويجمع الزبالة المتناثرة على جانبي الطريق المزدحم بالسيارات ليضعها في الصندوق.
يقول عم مظهر إنه يعمل في جمع الزبالة منذ أكثر من عشرة أعوام بلا تأمينات اجتماعية وصحية وعقود مؤقتة لاتساوي قيمة الحبر المكتوبة به، رغم أنه يبدأ عمله من "صباحية ربنا" حتي غروب الشمس وبعد كل ذلك لا يتقاضى سوي 50 جنيها يوميا وليس له باب رزق آخر.
وعلى الجانب الآخر، أوضح إسحاق ميخائيل، مدير إحدى جمعيات جمع القمامة بمدينة نصر، أنهم نجحوا فى تأسيس نقابة للزبالين، ومنح تراخيص لأكثر من 720 ورشة تعمل في مجال إعادة تدوير المخلفات، فضلًا عن تأسيس 19 شركة نظافة جديدة مصرية؛ أملا فى اعتراف الحكومة بها، مطالبا بفسخ عقود الشركات الأجنبية التي لا تسعى للنظافة بقدر سعيها للربح فقط.
حي الزبالين.. القمامة ثروة قومية
أكوام من القمامة المتناثرة تملأ الشوارع وتتراكم على أبواب المنازل، وأطنان من المخلفات الصلبة والنفايات العضوية ملقاة على جوانب الطريق في كل مكان تمر به، تنبعث منها رائحة كريهة تضطرّ المارين إلى وضع أيديهم على أنوفهم، ووسط هذه البيئة، أشخاص يرتدون ثيابًا بالية، لكنهم لا يجدون غضاضة في وجودهم ذلك.
في حي الزبالين، المواطنون لا يؤمنون بالصدف وأن كل ما أنجز وتم كان بالصدفة ولا يعتمدون على الحظ، لكنهم يؤمنون بأن لكل إنسان فى الحياة هدف وعقل قادرعلى الابتكار والإبداع وتحقيق المستحيل وروح لا تعرف إلا القوة، ويد لا تعرف إلا العمل، وعين لا ترصد إلا الفرز.
وسط جبال القمامة المتناثرة في أطراف جبل المقطم بشرق القاهرة، تجلس نور، الفتاة الصغيرة، وتفصل النفايات العضوية عن الأوراق وعبوات البلاستيك، بصورة يومية، وتعمل ضمن فريق جامعي القمامة من المنازل والشوارع لإعادة تدويرها في منطقة حي الزبالين بالمقطم.
تقول والدة نور: «لا أذهب لجمع القمامة بنفسي، لكني أستأجر سيارة وأشخاصا ليجمعوا القمامة ويأتوا بها إلى هنا»، مضيفة أنها تعمل على فصل القمامة وبيع الكارتون والبلاستيك والمواد المطاطية التي تستخدم في صنع القفازات.
750 منشآة مصرية لتدوير القمامة تعاني شبح الإغلاق
القمامة من أكبر المشاكل التي تواجه العاصمة المصرية بقاطنيها ال17 مليون نسمة، وينتجون نحو 14 ألف طن من القمامة يوميا، يجمع منهم الزبالون تسعة آلاف طن، ويتبقى 5 آلاف طن لا توجد جهة محددة تتعامل معها، والشركات الأجنبية لا تستطيع جمع كل المتبقي، وبذلك فإن نحو 3 آلاف طن تظل في الشوارع.
عاملو حي الزبالين يلتقطون ما يقرب من 90% من مجمل النفايات التي تنتجها القاهرة، ما دفعهم لإنشاء نحو 750 شركة لجمع القمامة بمنطقة المقطم وحدها، معظمها يصارع المخالفات والقانون وتحرر لها محاضر إدارة منشآة دون ترخيص رغم وجودها منذ أكثر من نصف قرن مضي.
ويعرف جامعو القمامة التقليديون في القاهرة يعملون على تصنيفها وإعادة تدويرها، ويسكنون على أطراف جبل المقطم، وهنا يجب الأخذ بعين الاعتبار أن إعادة تدوير النفايات تكون عملية مفيدة لتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، إذا تمت بأسلوب فعال، لكن إعادة التدوير بالطرق البدائية يساهم في تصاعد السموم والأبخرة الضارة، وتتسع دائرة الضرر لتشمل البيئة، وإصابة العاملين بفيروس التهاب الكبد الوبائي «سي»، بحسب تقارير طبية عديدة صادرة.
3 مليارات حصيلة تدوير القمامة سنويًا في حي الزبالين
أكثر من 15 ألف من جامعي القمامة بحي الزبالين يلتقطون كل يوم أكثر من 18 ألف طن قمامة من مدينة القاهرة وحدها، وحسبما ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية، فإن حوالي 90% من القمامة يتم إعادة تدويرها مرة أخرة فى حي الزبالين، بما يحقق مالا يقل عن 3 مليارات جنيه سنويا عائد إعادة تدوير المخلفات، ما يفوق نسبة الشركات فى أوروبا أربعة أضعاف ما ينتجون من إعادة تدوير القمامة.
وعلي صعيد آخر، تشجع المدرسة هناك الأطفال على جمع القمامة؛ بأن تدفع لهم رسوما عن جمع العبوات والزجاجات الفارغة من الشوارع، ففي منطقة المقطم، لا يدرس الأطفال القراءة والكتابة فحسب، بل يتعلمون أيضاً كيفية عد وفصل عبوات الشامبو والزجاجات الفارغة لإعادة تدويرها من جديد.
مكاريوس ناصر، أحد أهالي الحي ومدون في نشر الدور الكبير الذي يساهم به أهالي المنطقة، يقول إن الزبال لا قيمة له فى وطنه، وبدلا من تكريمه على عمله فى نظافة البلد، يتم تهميشه وحرمانه من أبسط حقوق الحياة، ووضعه في خانة «المواطن صفر»، مضيفا: «في عام 2003، تعاقدت الحكومة المصرية مع شركات أجنبية بملايين الجنيهات لجمع القمامة، ومنعت الزبالين المصريين من جمع القمامة، ليس هذا فحسب، بل صدر قرار من الحكومة بإعدام كل الخنازير بحجة تفشي فيروس انفلونزا الخنازير، رغم أن منظمة الصحة العالمية أكدت أنه لا علاقة للخنازير بتفشى الفيروس.
وتابع: «مع إعدام الخنازير، ازدادت أكوام القمامة فى شوارع القاهرة؛ لأن الزبالين كانوا يعتمدون على الخنازير كثيرا فى التخلص من المواد العضوية، فأصبح تراكم القمامة فى مصر كارثة، وارتفعت أسعار اللحوم وقل السماد الزراعي، حتى وعد الرئيس المعزول محمد مرسي أنه إذا فاز بمقعد الرئاسة سيتخلص من القمامة فى غضون 100 يوم، وذهب مرسي وجاء السيسي ولم يتغير شىء حتي الآن، وبقيت أكوام القمامة متناثرة في كل مكان».
على الجانب الآخر، تقول الدكتورة ليلى إسكندر, وزيرة التطوير الحضاري والعشوائيات، إن الحكومة تسعي إلى تقنين عمل جامعي القمامة بحي الزبالين؛ لمساعدتهم علي تأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة تتيح لهم فرصة التعاقد مع الوحدات المحلية، خاصة أن أكثر من 150 مليون دولار دخلوا مصر عن طريق صناعة إعادة التدوير فى العقود الثلاث الماضية.
وأضافت إسكندر أن حى الزبالين لا يعانى من البطالة، ونجح بجهود ذاتيه في القضاء علي الظاهرة، رغم ازديادها فى مصر بشكل عام، والإجراء الجديد سيساهم في إحداث نقلة كبيرة للزبالين بالحي، فبعد أن كان يحصل أحدهم علي 4جنيهات يومياً مقابل جمع القمامة من المنازل، سيزيد المبلغ ثلاثة أضعاف، في إطار المشروع الجديد ستدفع الحكومة 12جنيها عن كل وحدة سكنية، ما يتيح لهم الفرصة لتحديث شاحناتهم وتحسين مظهرهم الخارجي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.