من جديد عاد الرعب من أنفلوانزا الخنازير مرة بتأجيل المدارس ومرات بالشائعات التي تتحدث عن حالات لا نعرف هل ماتت من ضعف الرعاية ام من الخوف والرعب من المجهول الذي لا تعرف عنه شيئاً أم من تراكمات القمامة التي أصبحت عنوان كل شارع في مصر وتهدد مصر بالطاعون والملاريا وليس فقط بانفلوانزا الخنازير؟! مؤخراً لفت التقرير الذي نشرته واشنطن بوست أن الكمية التي استخدمت داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية وبلغت 229 مليون عبوة في شكل حقن أو 'سبراي' لا تكاد تصل إلي نصف العدد الإجمالي للجرعات التي تم إنتاجها والتي استخدمت في حملة التطعيم التي شملت ما يقرب من 81 مليون أمريكي. مما جعلها تتخلص من ملايين العبوات من اللقاحات المضادة لإنفلونزا الخنازير في صناديق القمامة حيث إنها استخدمت نسبة قليلة مما تم تصنيعه, كما اقتربت مدة صلاحية الجرعات الموجودة عن الانتهاء. خاصة أن الكمية التي يمكن أن تهدي للدول الفقيرة أو تحفظ للاستخدام في المستقبل لن تزيد علي 60 مليون جرعة وسيتم التخلص من المتبقي منها بحلول موعد انتهاء صلاحيتها. خاصة أن اللقاحات المضادة للفيروس كلفت دافعي الضرائب الأمريكيين أكثر من مليار دولار, كما أن الانتاج الضخم من اللقاحات الذي اعدته شركات الادوية تسبب في العديد من المشاكل، حيث إنه لم يتم نقل اكبر كمية منه إلا بعد تجاوز الفترة الثانية من عدوي المرض تلك كانت مقدمة لابد منها لكي نفهم أن الرعب قد يكون وراءه بعض من السياسة. وقد يكون وراءه الكثير من الاهمال والتلوث والتعامل مع الأزمات بطريقة الصدمات فما يقوله المسئولون عن أن الخنازير هي السبب في الانفلونزا وإنه من الضروري إعدامها 'كلاكيت ثاني مرة' كلام لابد أن نتوقف أمامه. فبحسب تقرير نشرته فوكس نيوز في ديسمبر الماضي فإن الحكومة المؤقتة الحالية سمحت بتربية الخنازير في المزارع وبالقرب من مقالب القمامة، في محاولة لوقف معاناة الزبالين وإظهار اهتمام الحكومة بأوضاعهم، كما أن مصر تتعامل مع تربية الخنازير من منطلق علاج أطنان المخلفات العضوية الموجودة في قمامة القاهرة والإسكندرية. إذن فالحكومة تخلصت من 300 ألف خنزير، في 2009 بدعوي انتشار انفلونزا الخنازير، علي الرغم من أن المنظمة العالمية للصحة الحيوانية وصفت قتل الخنازير ب'غير المبرر علميا'. وتم حظر تربيتها ليستمر الوضع في عهد محمد مرسي وهو ما اعتبره الأقباط مجرد ذريعة من الإخوان المسلمين للتخلص من حيوان يعتقد أنه مسيء للإسلام بحسب تصريحات لمايكل منير رئيس منظمة أقباط الولاياتالمتحدة، إلا أنه بعد رحيل مرسي عادت الحكومة المؤقتة وتهاونت في تربية الخنازير حيث اعتبرتها حلاً للتخلص من أكوام القمامة المتعفنة في شوارع مصر بكميات هائلة، والتي أدت لانتشار الحشرات والقوارض فعودة الخنازير مرة أخري سينهي مشكلة تراكمات القمامة وسيحل قدرًا من مشاكل الزبالين الذين أوجدوا وفق تصريحات ليلي إسكندر وزيرة البيئة نظامًا بيئيًا مجديًا وفعالاً، وان لديهم القدرة علي إعادة تدوير القمامة بنسبة 100%، وان مصر بحاجة الي هذه المنظومة الآن لتوفير العمل للنساء والشباب الذين يعانون من البطالة. الزبالة والخنازير إذن فهناك رؤية بأن الخنازير قد تمثل حلاً للكميات الرهيبة من القمامة التي يقوم بجمعها مليون زبال في القاهرة والجيزة والقليوبية، موزعين علي خمس مناطق منها ' منشية ناصر وحلوان و غرب القاهرة وعزبة النخل بالقليوبية' حيث يوفر كل طن من القمامة 7 فرص عمل. من خلال جمع 10 آلاف طن قمامة يوميا، منها 5 آلاف طن مخلفات عضوية، و4 أطنان ونصف طن مواد خام، مثل الزجاج والألومنيوم والأقمشة، و500 طن أخري غير قابلة للتدوير مرة أخري. هذه الكميات التي يحفظها عن ظهر قلب شحاتة المقدس نقيب الزبالين حرمتهم الحكومة من الاستفادة منها عندما قرروا تنفيذ 'مذبحة الخنازير'، إلا أن عودتنا لتربية الخنازير مجددا أعاد الحياة لمنطقة الزرايب، وأنعش الاقتصاد الذي ظل محطما طوال 4 سنوات. المقدس مقتنع تماما بأن الخنازير بريئة من كل الادعاءات التي ترددها الدولة و طالب بإصدار قانون يسمح بتربية الخنازير بشكل قانوني. والعمل علي فتح المجزر الآلي لذبح الخنازير مرة أخري. القمامة في كل مكان بحسب شحاتة المقدس الخنازير ليست هي السبب الرئيس لانتشار الانفلونزا، وبحسب المنطق فإن تلال القمامة التي تنتشر بالشوارع إذا أحسنا استخدامها وتدويرها ستفيدنا وتفيد المجتمع، كما حدث في منشية ناصر فالتجربة المبتكرة لتوليد الغاز المنزلي من النفايات العضوية 'بيو غاز' للحصول علي طاقة نظيفة من جهة والتخلص من جزء من التلوث الذي يخنق العاصمة المصرية من جهة ثانية. نموذج للنجاح، حيث بدأ الامريكي توماس كولهان مؤسس منظمة 'سولار سيتيز' 'المدن الشمسية' غير الحكومية العاملة علي ايجاد حلول محلية لانتاج الطاقة المتجددة، منذ عام 2007 بتركيب الواح شمسية لتسخين المياه بفضل مساعدة بقيمة خمسين الف دولار حصل عليها من وكالة المعونة الامريكية. ليتم تركيب ثلاثين لوحة شمسية وسبعة أجهزة 'تخمير' البيوغاز. المشروع بدأ في حي الدرب الأحمر ثم انتقل إلي منشية ناصر حيث قام الاهالي بتخمير المخلفات لانتاج الغاز العضوي للاستخدام المنزلي، أو 'بيوغاز'، عن طريق ماكينات مصنعة من صفائح وخراطيم الغاز النظيف من النفايات العضوية المنزلية. وبفضل عملية بيوكيميائية باستخدام بعض البكتيريا يتم انتاج ما يغطي حاجة ساعتين من غاز الميثان المنزلي للطبخ وسماد يعاد بيعه. فالالواح الشمسية تتيح لعائلة من عشرة افراد اقتصاد حوالي ثلاثين جنيها مصريا '5 دولارات ونصف' في الشهر، والبيوغاز عشرة جنيهات، وهو مبلغ غير قليل بالنسبة لهؤلاء الفقراء حيث لا يتجاوز دخل الاسرة مائة دولار في الشهر. تفاقم المشكلة تلك هي الصورة اذا قمنا بحل المشكلة ببساطة ' فرز وتدوير وتخلص من النفايات بصورة بسيطة وصحية. أما اذا تركناها فستأتي لنا بما هو أخطر ولعل جولة بسيطة في شوارع القاهرة تؤكد لنا ذلك، ففي منطقة شبرا الخيمة لن تفاجئك أطنان القمامة التي ملأت الشوارع. ولكن ربما يفاجئك أنها بدأت تتخمر دون أن تجد من يتحرك لكي ينقلها، ففي الشارع الجديد احتلت 'الزبالة' الشوارع وانتشرت الروائح الكريهة والقوارض وكل أنواع الحشرات، السبب كما شرحه لنا العديد من سكان المنطقة أن المتعهد الذي كان لا يأتي قبل الثورة. وكان من الاخوان في حكم مرسي اختفي الان ولم تعد السيارات التي تحمل القمامة تأتي منذ شهور رغم أن السكان كانوا راضين بدفع الاتاوة الشهرية التي تأتيهم علي فاتورة الكهرباء وقدرها 10 جنيهات مقابل أن تأتي عربة القمامة فجرا، لكن هذا الحلم اختفي مع اختفاء كل المؤسسات المسئولة في مصر ومع اقتراب انتهاء تعاقد الشركات الأجنبية عام 2017 خاصة الشركتين اللتين تعملان في القاهرة الكبري واحدة أسبانية تتولي المنطقة الشرقية، وتشمل 8 أحياء هي 'مدينة نصر ومصر الجديدة والنزهة وعين شمس ومدينة السلام أول وثان والمطرية' والشركة الثانية إيطالية وتتولي منطقة شمال ووسط القاهرة أما جنوبالقاهرة فهو بالكامل تابع لمحافظة القاهرة وهيئة النظافة. المقارنة بين كل تلك المناطق ستكشف لك ان أسوأها نظافة هي المنطقة الشرقية والتي كانت الشركة الإسبانية تعطي فيها للزبال الذي تتعاقد معه من الباطن مبلغًا زهيدًا جدًا لا يتعدي القروش القليلة فكانت النتيجة ما نراه في شوارع تلك المناطق من قمامة تنتشر بجوار أسوار المدارس وفي الشوارع كما يحدث في منطقة أحمد حلمي التي توجد بها محطة مناولة لتجميع المخلفات يوميا والتي يقوم اصحاب العربات الكارو بالقاء القمامة أمامها حتي وصلت الي منتصف شارع احمد حلمي تحت سمع وبصر مسئولي الحي ووزارة البيئة والذي يحزن قلبك اكثر ان تأخذ جولة علي ضفاف نهر النيل وتحديدا 'ترعة الاسماعيلية' التي انتشرت القمامة علي جوانبها من كوبري السواح وحتي المظلات لتري فيها ما لا يسرك من قمامة وروائح ومخلفات مباني. ليزيد 'الطين بلة' بما فعلته وزارة الري التي قامت باخراج الطمي من الترعة وتركته علي جوانبها ليقوم الأهالي بالقاء القمامة عليه وبدلا من أن تصبح هذه الكميات من الطمي 'ثروة هامة' للأراضي تحولت الي مركز وبائي خطير لكل الأمراض التي يمكن أن يتعرض لها المصريون. المحافظات الوضع في المحافظات لا يختلف كثيرا عن القاهرة الكبري فقد زادت هموم الفلاحين بانتشار القمامة في المصارف والرشاحات التي أصبحت بؤرة للأمراض وتحولت الي قنبلة موقوتة تهدد من يقترب منها وهو ما رأيته بعيني في قرية ' كفر رجب' حيث يوجد مصرف بالقرية امتلأ عن آخره بالقمامة وعندما اشتكي اهل القرية الي المحافظ وعدهم بالحل ليرسل اللجنة تلو الأخري مرة من البيئة ومرة من الري بلا جدوي ليبقي 'المصرف' مهددا للزراعات التي تحيط به من كل جانب ويتم ريها من الترعة المجاورة للرشاح. الوضع يتكرر في الشرقية في مصرف الجديدة التابع لمركز منيا القمح حيث تحول الي مقلب قمامة مفتوح يهدد كل السكان بالأمراض والعدوي ورغم الشكاوي المتعددة والمطالبة بتغطية المصرف إلا أن الرد الذي كان ينتظر الجميع تكلفة ردم متر واحد من المصرف تتعدي 1500 جنية والموضوع يحتاج ميزانية بالاف الجنيهات. هذه هي الصورة ومثلها الكثير من صور القمامة في الشوارع التي تحمل لنا الطاعون والحمي وغيرها من الأمراض الوبائية التي تعد أخطر كثيرا من فيروس الإنفلوانزا الذي يريدون ان يرعبونا به رغم أن الأولي ان نشعر بالرعب ونحن أصبحنا شعبا تعود علي القمامة.