3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    الدولار ب50.56 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الاثنين 16-6-2025    خلال عودته من الديوان العام للاستراحة.. المحافظ يتجول بدراجة هوائية بشوارع قنا    ارتفاع عدد القتلى الإسرائيليين بعد انتشال جثتين من موقع سقوط صاروخ إيراني بمدينة بات يام    الأمن الإيراني يطارد سيارة تابعة للموساد الإسرائيلي وسط إطلاق نار| فيديو    الآن.. ارتفاع عدد القتلى في إسرائيل بعد الهجوم الإيراني الجديد    بعد نهاية الجولة الأولى| ترتيب مجموعة الأهلي بكأس العالم للأندية    مفاجآت في تشكيل السعودية ضد هايتي بكأس كونكاكاف الذهبية 2025    لحظة انتشال الضحايا من أسفل مدخنة مصنع طوب بالصف (فيديو)    ننشر حالة الطقس اليوم الاثنين ودرجات الحرارة المتوقعة بالمحافظات    مراجعة اللغة الفرنسية الصف الثالث الثانوي 2025 الجزء الثاني «PDF»    نجوى كرم تطلق ألبوم «حالة طوارئ» وسط تفاعل واسع وجمهور مترقب    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    مجموعة الأهلي - بورتو وبالميراس يتعادلان في مباراة رائعة    "بعد لقطة إنتر ميامي".. هل يلقى حسين الشحات نفس مصير محمد شريف مع الأهلي؟    كأس العالم للأندية.. الأهلي يحافظ على الصدارة بعد تعادل بورتو أمام بالميراس    أحمد سعد يشعل حفل الجامعة الأمريكية، ويحيي الأوائل    ترامب: سنواصل دعم إسرائيل للدفاع عن نفسها    زيادة جديدة ب 400 للجنيه.. أسعار الذهب اليوم الإثنين بالصاغة وعيار 21 الآن بالمصنعية    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأثنين 16 يونيو 2025    صرف الخبز البلدي المدعم للمصطافين في عدد من المحافظات    الأكل بايت من الفرح.. إصابة سيدة وأبنائها الثلاثة بتسمم غذائي في قنا    وفاة تلميذ متأثرًا بإصابته بلدغة ثعبان في قنا    إيران.. الدفاعات الجوية تسقط مسيرات إسرائيلية في مناطق مختلفة من البلاد    نشوة البداية وخيبة النهاية.. لواء إسرائيلي يكشف عن شلل ستعاني منه تل أبيب إذا نفذت إيران خطتها    إمام عاشور: أشكر الخطيب.. ما فعله ليس غريبا على الأهلي    شركة مياه الشرب بكفر الشيخ تُصلح كسرين في خط مياه الشرب    رجال الأعمال المصريين الأفارقة تطلق أكبر خريطة استثمارية شاملة لدعم التعاون الاقتصادي مع إفريقيا    ختام فعاليات اليوم الأول من برنامج "المرأة تقود" بكفر الشيخ    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل الدراسة في فارم دي صيدلة إكلينيكية حلوان    بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد.. إنريكى: نسير على الطريق الصحيح    رابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 الترم الثاني محافظة القاهرة.. فور ظهورها    رصاص في قلب الليل.. أسرار مأمورية أمنية تحولت لمعركة في أطفيح    حريق داخل مدينة البعوث الإسلامية بالدراسة    ملخص وأهداف مباراة بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد فى كأس العالم للأندية    مباريات كأس العالم للأندية اليوم الإثنين والقنوات الناقلة    وزير الثقافة يشيد ب"كارمن": معالجة جريئة ورؤية فنية راقية    ليلى عز العرب: كل عائلتى وأصحابهم واللى بعرفهم أشادوا بحلقات "نوستالجيا"    يسرا: «فراق أمي قاطع فيّا لحد النهارده».. وزوجها يبكي صالح سليم (فيديو)    علاقة مهمة ستنشئ قريبًا.. توقعات برج العقرب اليوم 16 يونيو    حدث بالفن | وفاة نجل صلاح الشرنوبي وموقف محرج ل باسكال مشعلاني والفنانين في مباراة الأهلي    رياضة ½ الليل| الأهلي يفسخ عقد لاعبه.. غرامة تريزيجيه.. عودة إمام عاشور.. والاستعانة بخبير أجنبي    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    عانى من أضرار صحية وتسبب في تغيير سياسة «جينيس».. قصة مراهق ظل 11 يوما دون نوم    سبب رئيسي في آلام الظهر والرقبة.. أبرز علامات الانزلاق الغضروفي    لدغة نحلة تُنهي حياة ملياردير هندي خلال مباراة "بولو"    صحة الفيوم تعلن إجراء 4،441 جلسة غسيل كلوي خلال أيام عيد الأضحى المبارك    الثلاثاء.. تشييع جثمان شقيق الفنانة لطيفة    عميدة إعلام عين شمس: النماذج العربية الداعمة لتطوير التعليم تجارب ملهمة    غرفة الصناعات المعدنية: من الوارد خفض إمدادات الغاز لمصانع الحديد (فيديو)    "نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    3 طرق شهيرة لإعداد صوص الشيكولاتة في المنزل    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة الاقتصادية: ثمن ذبح الخنازير!

من أول وهلة، سيختار الشخص العادى قبل المتخصص الأزمة المالية العالمية أو حتى أزمة دبى لتكون الأزمة الاقتصادية الأبرز فى عام 2009 لكن بعد بعض التركيز سنلاحظ أن هناك أزمة أكثر إلحاحا حملت أبعادا أكثر تعقيدا، هى أزمة ذبح الخنازير التى تحولت تداعياتها إلى مشكلة كبيرة نعانى منها حتى الآن، ليس بسبب ذبح الخنازير فى حد ذاتها بالأبعاد الاقتصادية للقضية وحتى الدينية التى صبغها البعض عليها، لكن حتى اجتماعيا بعد انتشار القمامة فى الشوارع بشكل مرضى فى فترة من المفروض أن تكون الإجراءات الاحترازية على أعلى مستوى لمواجهة توحش مرض أنفلونزا الخنازير الذى ينهى العام بضربات موجعة لكل أنحاء العالم بزيادات مجنونة فى الوفيات والإصابات .
الأزمة تحولت إلى كارثة حقيقية نعانى منها كلنا، لتفتح من جديد ملف أسباب الفشل فى إدارة الأزمات دائما، وشركات النظافة الأجنبية التى نهبتنا بدون جدوى.
والغريب أن هذه الأزمة حملت فى طياتها بكل مراحلها كل أنواع المشاكل من السياسية للدينية للخدمية والاجتماعية، وبالطبع الاقتصادية، فنحن كما فشلنا فى إدارة أزمة أنفلونزا الطيور عانينا فى أنفلونزا الخنازير، وقضينا على صناعة وتربية تتسم بأخطاء كثيرة، لكن لا يعنى هذا تدميرها بل إصلاحها، خاصة أنها تفتح بيوت الآلاف من المربى والزبال حتى التاجر الكبير والفنادق التى تشتريها ومحلات الجزارة التى تحولت إلى ماضٍ وراح، وبالاضافة للبعد الاقتصادى كان ذبح الخنازير مثالا صاخبا على سيطرة البلطجة على المجتمع المصرى بكل فئاته، وتجلى ذلك فى مواجهات التجار والمربين مع رجال الشرطة وهى تنفذ أمر تسليم الحيوانات من الزرائب لذبحها فى المكان المخصص لها، ثم تحول إلى أزمة دينية مع ادعاء المخرفين أن هذا نوع من اضطهاد الدولة للمسيحيين واستخدم التجار والمربين ذلك كأداة للضغط فى محاولة فاشلة لتعطيل قرار الذبح، لكن دون فائدة.
ومع غياب التوجيه السياسى والإعلامى للموقف رغم دقته، زاد تفاقم الأزمة ووصلت إلى أن أصبحت دولية حين اتهمت منظمة مصر بأنها دولة دموية وعنصرية، وطالبت بوقف الذبح، واضطر مجلس الوزراء لأن يتدخل، ووصلت السجال السياسى والدينى فى البرلمان بعد أن حاولت المعارضة المزايدة على المشهد العام كالمعتاد، وانتهى الأمر بالإصرار على الذبح والحديث عن خطط مستقبلية لإعادتها، ولكن فى أماكن بعيدة عن الكتل السكنية وبإجراءات آمنة.
وتشفى المنتقدون للقرار والغاضبون من انهيار صناعة وتربية الخنازير، بعدما وصل المرض إلى مصر بعدها بفترة صغيرة جدا، لكن كل الخبراء أكدوا أنه لو كانت استمرت الخنازير لكان الموقف أكثر سوادا مما نحن فيه الآن، وأكدوا أن الذبح كان إجراءً احترازيا خصوصا أن منظمة الصحة العالمية حذرت من احتمالات تفشى وباء الأنفلونزا، والذى يمكن أن يقضى على ثلث سكان العالم فى حالة تحوله ! ولكن بعد أن هدأت معركة التخلص من الخنازير، وسواء اتفقنا أو اختلفنا مع الطريقة التى تمت بها أو مع الفكرة نفسها، فإننا اليوم أصبحنا محاصرين بالقمامة التى انتشرت بشكل مخيف فى شوارعنا، وكما تؤكد الأرقام أنه فى السابق كانت الخنازير تُخلصنا يوميا من 40 ٪ من المخلفات والقمامة، وهى النسبة التى أضيفت مؤخرا إلى تلال القمامة الموجودة فى شوارعنا، وإذا كنا ننفق سنويا ما يصل إلى 24 مليون جنيه لمعالجة التدهور البيئى الناجم عن تراكم القمامة فى وجود الخنازير فكم ستكون التكلفة الإضافية الآن بعد غيابها؟!
وإذا كان مجلس الوزراء يقول إن الكميات التى تجمع يوميا من القمامة فى القليوبية وحلوان و6 أكتوبر تقدر ب 35 ألف طن - فإن القاهرة هى الأعلى فى حجم الزبالة التى تصل إلى 11 ألف طن يوميا! وحدها - فكيف سيكون الحال بعد اختفاء آلاف الخنازير؟!
فضلا عن أن هذه الأزمة كشفت عن بيزنس مربى وتجار لحوم الخنازير الذين رأوا أن الذبح سيتسبب فى خسائر كبيرة لهم لأن الكميات المعروضة ستكون كبيرة، وهو ما سيؤدى إلى انخفاض أثمانها، إضافة لعدم وجود ثلاجات تكفى لحفظ هذا الكم من اللحوم الذى يقدر بحوالى 350 ألف رأس ثمنها يزيد على 10 ملايين جنيه، مما يضع العديد من التحديات أمام اللاعبين الأساسيين بتلك الصناعة.
ولكن الأهم من ذلك...هو تعالى الأصوات المغرضة التى حولت الأزمة إلى كونها مجرد توجيه ضربة للأقباط تحت مظلة الاضطهاد الطائفى بغض النظر عن أضرارها الصحية التى كشفت عنها كبرى المراكز والمعاهد البحثية فى العالم بعيدا عن مدى تحريمها فى الدين الإسلامى.. ولم تنته الأزمة عند هذا الحد، بل وصلت تداعياتها دوليا، حيث وجهت العديد من الانتقادات من منظمات محلية وعالمية لحقوق الحيوان تسخط فيها من طريقة إعدام الخنازير ودفنها حية خوفا من انتشار الوباء، كما أعلنت منظمات الرفق بالحيوان الدولية احتجاجها رسميا على تعامل الحكومة المصرية مع ملف التخلص من الخنازير.
وطالبت بإصدار فتوى من د.على جمعة مفتى الديار المصرية تحرم دفن الخنازير حية، مشيرة إلى أن تعاليم الدين الإسلامى تمنع استخدام القسوة ضد الحيوانات.
بالفعل رسمت هذه القضية صورة قاتمة عن فشلنا فى إدارة الأزمات وتسرعنا فى معالجة أى أزمة دون دراسة عواقبها الوخيمة وأبعادها سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، مما دفعنا لاتخاذ جميع الإجراءات والاحتياطات الاحترازية لمنع انتقال عدوى انتشار أنفلونزا الخنازير إلى أراضينا وحتى لا نوضع فى قائمة الدول التى يوجد بها ذلك النوع من الأنفلونزا والتى غالبا ما تقوم الدول بمنع السفر إليها، مما دفعنا فى بداية الأزمة بعد اكتشافنا ظهور هذا الوباء إلى ذبح جميع الخنازير الموجودة فى المحافظات المشهورة بتربيتها على أراضيها وخاصة فى القاهرة والجيزة والقليوبية والإسكندرية، والتى تقدر بحوالى 350 ألف رأس من الخنازير، والخطر الأكبر الذى كان يواجهنا هو وجودها داخل مناطق سكنية عديدة فى هذه المحافظات كما هو الحال فى منطقة منشية ناصر والتى كان يربى فيها أكثر من 60 ألف خنزير ويقطنها أكثر من 35 ألف نسمة، ويعتمد عليها أغلب جامعى القمامة الذين يقطنون تلك المنطقة خاصة فى تدوير الفضلات العضوية التى يأخذ منها حوالى 40٪ كعلف للخنازير.
حيث كان يمثل التحدى الأول أمام مربى الخنازير - وأكثرهم من جامعى القمامة - فى إيجاد بديل لدور الخنازير المهم خاصة أنه كان يلتهم ما يتبقى من القمامة بعد استخراج ما يمكن تدويره منها بكميات ضخمة من القمامة؛ فطبيعة الخنزير المصرى أنه شره - كما يقول كمال زكى - أحد مربى الخنازير بمنطقة الخصوص بمحافظة القليوبية، تمكنه من التهام كميات ضخمة من القمامة؛ يجعل وزنه يصل بسرعة إلى 100 كيلو جرام خلال 3 أشهر من ميلاده، حيث ينجب مرتين فى العام، ويصل سعر الكيلو بعد ذبحه إلى 22 جنيها.
وبرغم أن وزارة البيئة أعلنت أكثر من مرة أن هذه القمامة سيتم تدويرها فى المصانع المخصصة لها من خلال عدد من المدافن الصحية لكى تستوعب آلاف الأطنان المنتشرة فى القاهرة وجميع المحافظات الأخرى، ففى البحيرة وحدها تشكل القمامة تحديا كبيرا أمام الأجهزة التنفيذية لقلة الاعتمادات المالية اللازمة لإنشاء مصانع تدوير القمامة والحد من التلوث الناجم عن الاحتراق الذاتى للقمامة، مما يؤدى لتلف الزراعة.
حيث تنتج 911 طنا قمامة يوميا، وتضم 15 مركزا لا يوجد بها سوى ثلاثة مصانع لتدوير القمامة فقط تخدم 8 مراكز، والباقى يتخلص من القمامة عشوائيا، أما الإسماعيلية فتتخلص من 572 طنا يوميا، حيث يتم تحويلها إلى المدفن العمومى بأبو بلح بالسويس بالكيلو 13 على مساحة 111 فدانا، وهذا نفسه ما تعانى منه كفر الشيخ فلديها عجز فى عمال النظافة يصل إلى 1114 عاملاً، مما أدى لوجود أطنان من القمامة تنتشر داخل المدن والمراكز العشرة التابعة للمحافظة، الأمر الذى يشكل معاناة لثلاثة ملايين مواطن بالمحافظة لانتشار الأمراض والأوبئة، وفى بنى سويف ستجد حالة من الغضب بين أهاليها لانتشار تلال القمامة فى أنحاء المدينة رغم التحصيل المستمر لرسوم النظافة، بينما تجمع الشركات 200 طن يوميا من القمامة وتدفن 100 طن فى المدفن الصحى شرق النيل.. أما الدقهلية فتنتج مليونا و625 ألف طن من القمامة بواقع 2700 طن يوميا يصعب التخلص منها.
المهندس أمين الخيال - مدير عام الإدارة العامة للمخلفات بجهاز شئون البيئة - علق: إن القمامة كان يتم تهريبها ولا تصل إلى مصانع الأسمدة لتذهب إلى أصحاب مزارع الخنازير، لكن الحال تبدل الآن وتذهب القمامة مباشرة إلى خطوط الإنتاج بالمصانع للاستفادة منها فى تصنيع الأسمدة العضوية، حيث أقمنا 7 مدافن صحية فى منطقة النهضة والوفاء والأمل و15 مايو والقليوبية والجيزة والمنطقة الصحراوية بمدينة 6 أكتوبر، فضلا عن مدافن بأبوزعبل وشبرامنت، والعاملون يقومون بفرز القمامة والمخلفات وتغطيتها بالرمال أو المواد الأخرى حسب نوعية القمامة، وهى آمنة غير ضارة، مضيفا أن مصانع تدوير القمامة التى تم إنشاؤها تكفى لاستيعاب مخلفات المواطنين فى جميع المحافظات، مضيفا أنه لا توجد علاقة بين ذبح الخنازير والقمامة، وأن قرار التخلص من الخنازير فى صالح البيئة.
مشيراً إلى أن الحكومة بهذا القرار تصلح خطأ كان يجب العدول عنه وأنه لا توجد دولة فى العالم تغذى الخنازير على القمامة إلا فى مصر، فكل مناطق التربية عندنا عشوائية لذلك تم إلغاؤها جميعا، كما سيتم إنشاء منطقة جديدة لهذه المزارع حسب التخطيطات والمواصفات العالمية فى مناطق بعيدة عن التجمعات السكانية، مشيراً إلى أن المناطق الجديدة ستكون جاهزة بعد سنتين من الآن وسوف يمنع تغذية الخنازير على القمامة، وإنما سيتم التعامل معها مثل باقى دول العالم.
وفى خضم هذه الأزمة عرض جامعو القمامة أن يتركوا جمع قمامة المساكن بأى مقابل، وكان مبررهم أن مكسبهم الأساسى هو فى تدوير القمامة وتربية الخنازير على المخلفات العضوية، ورغم رفض الحكومة استغلالهم، استعانت بهم الشركات الأجنبية فى جمع القمامة من المنازل مقابل حصولهم على 40 قرشاً من المبلغ الشهرى الذى تحصله الشركة من كل شقة.
كما كشفت هذه الأزمة عن بيزنس يقدر بالملايين فى هذه الصناعة فمتعهدو القمامة تحولوا إلى مليونيرات، وهو ما يعنى أن قرار إعدام الخنازير الذى حدث كان من شأنه أن ينهى هذا البيزنس الذى يبدأ ب الزرائب الملحقة بالمناطق التى يتم فيها جمع القمامة والتى تسمى المقالب، حيث تتم عملية فرز المخلفات، ويصل عدد العاملين فى حظائر الخنازير، وكما يؤكد إسرائيل عياد - صاحب أكبر زرائب للخنازير فى منطقة المعتمدية - كان يمتلك عشرات الأفدنة، يستعملها فى تربية الخنازير يمتلك فيها أكثر من 40 حظيرة وتحتوى كل واحدة منها على أكثر من 300 رأس، والجزء الباقى من هذه الأراضى يستعمله فى فرز المخلفات الصلبة لتدويرها وبيعها إلى مصانع تدوير البلاستيك والزجاج والورق، بأن عددهم يزيد على 20 ألف عامل ويتقاضى كل عامل 400 جنيه شهريا، حيث تكون مهمة العامل هى جلب القمامة من المنازل وفرزها وتقديم فضلات الأكل للخنازير.
لذلك رفض مربو وتجار الخنازير التعويضات التى قدرتها الحكومة بحوالى 50 مليون جنيه تتضمن مبلغ 250 جنيها عند إعدام الخنزير الكبير، و50 جنيها عند إعدام الخنزير الصغير، و100 جنيه للخنزير المذبوح والصالح للاستخدام الآدمى، بالإضافة إلى حصول صاحبه على لحمه، و30 جنيها للخنزير المذبوح وغير الصالح للاستخدام.
بينما يرى د.محمد سيف أستاذ الطب البيطرى ومقرر لجنة مكافحة الأمراض المشتركة أنه: لا تصلح زرايب الخنازير لتربية أى ماشية أخرى فى مكانها لأن الخنزير حيوان قذر يعيش على القمامة، كما أنه يحمل بداخله أكثر من 450 فيروسا، وخصوصا الخنزير المصرى الذى يعيش وسط القمامة، كما أن الخنزير لديه قدرة على تحوير هذه الأنواع إلى فيروسات متطورة جديدة لم يسبق لنا التعرف عليها؛ وهذا ما حدث فى الأنفلونزا!
وبالتالى فإن قرار الحكومة جيد لأن وجوده كان سيفرز أمراضا أخرى جديدة وغير معروفة!
ولقد شهدت هذه الأزمة فى كثير من فترات تفاقمها محاولة لتسييسها حتى دعا عدد من أعضاء مجلس الشورى إلى إقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة حرب لمواجهة الكوارث، وإعادة الأمور إلى نصابها، حيث حثّ وزير الصحة السابق د.محمد عوض تاج الدين الجميع على عدم التهاون فى التعامل مع المرض بكل أنواعه لأنه مرض خطير.
ومن جهته قال نائب الشورى د.نبيه العلقامى: البعض يحاول تضخيم مشكلة التخلص من الخنازير فى وسائل الإعلام وتحويلها إلى قضية وطنية، لكن المهم توجيه رسالة إلى المجتمع لطمأنة المواطنين، خاصة تلاميذ المدارس الذين امتنع بعضهم عن التوجه لمدارسهم خوفًا من أنفلونزا الخنازير.
إلا أن هذه الأزمة لم يتم تسييسها فقط، بل تحولت من بعض أصحاب النبرات الطائفية إلى أن الأقباط فى مصر مضطهدون، حيث عبرت النائبة القبطية سيادة جريس فى مجلس الشعب عن غضبها بسبب طريقة إعدام الخنازير، قائلة إن للحيوان حقوقا مثل الإنسان تماما، وأرفض هذه الطريقة التى يتم بها إعدام الخنازير باستخدام مادة الجير الحى الكاوية، واصفة ما قامت بة الحكومة بالمذبحة العشوائية، وهذه الطريقة جعلت مصر أضحوكة العالم لأنه لا توجد دولة تذبح ثروة حيوانية خوفاً من مرض غير موجود فيها.
ولم نسلم من المنظمات الحقوقية التى لمحت لنبرة اضطهاد قبطى، حيث شخص حسام بهجت أمين منظمة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية هذه الأزمة قائلا: بدأنا نشعر بالقلق من النبرة الطائفية القوية التى بدأت تسود الخطاب الجماهيرى فى بداية ظهور الوباء الذى يتهم المسيحيين بالنجاسة من ناحية، والمرض من ناحية أخرى، وهذا يمكن أن تكون له عواقب مثيرة للقلق!
حتى البابا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية تدخل ليؤكد للمسلمين أن معظم المسيحيين المصريين لا يأكلون لحم الخنزير مؤكدا أن معظم اللحم يستهلكه السياح الأجانب والمغتربون.
كما أثارت التقارير المنشورة عن إعدام الخنازير أو دفنها حية سخط الكثير من انتقادات المنظمات المحلية والعالمية لحقوق الحيوان التى أعلنت احتجاجها على تعامل الحكومة المصرية مع ملف التخلص من الخنازير، حيث سارع وزير الزراعة واستصلاح الأراضى أمين أباظة إلى إنكار مسئولية وزارته عن التخلص من الخنازير بدفنها حية، وقال: ليس لدىّ معلومات حول دفن الخنازير حية، وأوضح أن دور الوزارة يقتصر على الجوانب الفنية، وأن المسئولية فى هذه المخالفات تقع على المسئولين فى المحليات، وفى نفس هذا التوقيت أصدرت الهيئة العامة للخدمات البيطرية منشوراً رسمياً لمديريات الطب البيطرى تحذرها من دفن الخنازير حية، لأن هذا يخالف قانون الزراعة المصرية والقرارات الرسمية، التى تنظم عملية ذبح وإعدام الحيوانات.
ومنذ ذلك الحين اشتبك جامعو القمامة ومربو الخنازير مع الشرطة فى محاولة لرفض القرار أو تعويض خسائرهم، فى الوقت نفسه عبر بعض المسلمين عن خوفهم من أن ينتهى المطاف بهذا الكم الكبير من لحم الخنازير إلى لحم الأغنام أو الأبقار المفروم الذى يتناولونه!
لكن متابعى الأزمة أشاروا إلى أن طبيعة التوتر ليست طائفية بحتة خاصة أن قرار الذبح أثار استياء طبقيا، حيث وجه ضربة اقتصادية هائلة لمجتمع مهمش بالفعل لا يحظى بتعاطف كبير من المسئولين.
ويبدو أن هذا الجدل سيستمر خلال العام المقبل لأنه من المستبعد إيجاد حل للأزمة خلال هذه الفترة القليلة لتتفاقم معاناتنا من أكوام الزبالة التى تحاصرنا فى الشوارع، وحتى أبناؤنا يعانون منها فى مدارسهم!؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.