رسالة الفدائية «صابحة» ناقلة خرائط تمركزات العدو على صدر طفلها الرضيع قبل وفاتها بأيام: ربنا يقويك يا ريس ويحفظ جيش مصر    إزالة بعض خيام الطرق الصوفية بطنطا بسبب شكوى المواطنين من الإزعاج    مؤسس مقاطعة السمك ببورسعيد ل"كل الزوايا": تأثير المبادرة وصل 25 محافظة    الزراعة ل«مساء dmc»: المنافذ توفر السلع بأسعار مخفضة للمواطنين    «إكسترا نيوز» ترصد جهود جهاز تنمية المشروعات بمناسبة احتفالات عيد تحرير سيناء    اعرف الآن".. التوقيت الصيفي وعدد ساعات اليوم    استقرار أسعار الدولار اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    أستاذ اقتصاد: سيناء تستحوذ على النصيب الأكبر من الاستثمار ب400 مليار جنيه    استقالة متحدثة لخارجية أمريكا اعتراضا على سياسة بايدن تجاه غزة    ادخال 21 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة عبر بوابة معبر رفح البري    في اليوم ال203.. الاحتلال الإسرائيلي يواصل أعمال الوحشية ضد سكان غزة    موعد مباراة الهلال والفتح والقنوات الناقلة في الدوري السعودي    رمضان صبحي: كنت حاسس إن التأهل من مجموعات إفريقيا سهل.. ومقدرش أنصح الأهلي    «الأرصاد» عن طقس اليوم: انخفاض في درجات الحرارة بسبب تأثر مصر بمنخفض جوي    رسالة من كريم فهمي ل هشام ماجد في عيد ميلاده    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    فلسطيني يشتكي من الطقس الحار: الخيام تمتص أشعة الشمس وتشوي من يجلس بداخلها    طيران الاحتلال يشن غارات على حزب الله في كفرشوبا    حكاية الإنتربول مع القضية 1820.. مأساة طفل شبرا وجريمة سرقة الأعضاء بتخطيط من مراهق    التوقيت الصيفي في مصر.. اعرف مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 26 - 4 - 2024    إشادة برلمانية وحزبية بكلمة السيسي في ذكرى تحرير سيناء.. حددت ثوابت مصر تجاه القضية الفلسطينية.. ويؤكدون : رفض مخطط التهجير ..والقوات المسلحة جاهزة لحماية الأمن القومى    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 26- 4- 2024 والقنوات الناقلة    صحة القليوبية تنظم قافلة طبية بقرية الجبل الأصفر بالخانكة    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية جديدة بمليارات الدولارات إلى كييف    "تايمز أوف إسرائيل": تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن 40 رهينة    أول تعليق من رمضان صبحي بعد أزمة المنشطات    قوات الاحتلال تعتقل شقيقين فلسطينيين بعد اقتحام منزلهما في المنطقة الجنوبية بالخليل    أبرزهم رانيا يوسف وحمزة العيلي وياسمينا العبد.. نجوم الفن في حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير (صور)    الأسعار كلها ارتفعت إلا المخدرات.. أستاذ سموم يحذر من مخدر الأيس: يدمر 10 أسر    أعضاء من مجلس الشيوخ صوتوا لحظر «تيك توك» ولديهم حسابات عليه    بعد سد النهضة.. أستاذ موارد مائية يكشف حجم الأمطار المتدفقة على منابع النيل    وزير الخارجية الصيني يلتقي بلينكن في العاصمة بكين    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    أذكار وأدعية ليلة الجمعة.. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 26 أبريل 2024    «جريمة عابرة للحدود».. نص تحقيقات النيابة مع المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة    مع بداية التوقيت الصيفي.. الصحة توجه منشور توعوي للمواطنين    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    خالد جلال يكشف تشكيل الأهلي المثالي أمام مازيمبي    إعلان نتيجة مسابقة المعلمة القدوة بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    سيد معوض يكشف عن مفاجأة في تشكيل الأهلي أمام مازيمبي    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    «زي النهارده».. استقالة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري من مشيخة الأزهر 26 أبريل 1935    سيد معوض يكشف عن رؤيته لمباراة الأهلي ومازيمبي الكونغولي.. ويتوقع تشكيلة كولر    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    الشروق تكشف قائمة الأهلي لمواجهة مازيمبي    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة الاقتصادية: ثمن ذبح الخنازير!

من أول وهلة، سيختار الشخص العادى قبل المتخصص الأزمة المالية العالمية أو حتى أزمة دبى لتكون الأزمة الاقتصادية الأبرز فى عام 2009 لكن بعد بعض التركيز سنلاحظ أن هناك أزمة أكثر إلحاحا حملت أبعادا أكثر تعقيدا، هى أزمة ذبح الخنازير التى تحولت تداعياتها إلى مشكلة كبيرة نعانى منها حتى الآن، ليس بسبب ذبح الخنازير فى حد ذاتها بالأبعاد الاقتصادية للقضية وحتى الدينية التى صبغها البعض عليها، لكن حتى اجتماعيا بعد انتشار القمامة فى الشوارع بشكل مرضى فى فترة من المفروض أن تكون الإجراءات الاحترازية على أعلى مستوى لمواجهة توحش مرض أنفلونزا الخنازير الذى ينهى العام بضربات موجعة لكل أنحاء العالم بزيادات مجنونة فى الوفيات والإصابات .
الأزمة تحولت إلى كارثة حقيقية نعانى منها كلنا، لتفتح من جديد ملف أسباب الفشل فى إدارة الأزمات دائما، وشركات النظافة الأجنبية التى نهبتنا بدون جدوى.
والغريب أن هذه الأزمة حملت فى طياتها بكل مراحلها كل أنواع المشاكل من السياسية للدينية للخدمية والاجتماعية، وبالطبع الاقتصادية، فنحن كما فشلنا فى إدارة أزمة أنفلونزا الطيور عانينا فى أنفلونزا الخنازير، وقضينا على صناعة وتربية تتسم بأخطاء كثيرة، لكن لا يعنى هذا تدميرها بل إصلاحها، خاصة أنها تفتح بيوت الآلاف من المربى والزبال حتى التاجر الكبير والفنادق التى تشتريها ومحلات الجزارة التى تحولت إلى ماضٍ وراح، وبالاضافة للبعد الاقتصادى كان ذبح الخنازير مثالا صاخبا على سيطرة البلطجة على المجتمع المصرى بكل فئاته، وتجلى ذلك فى مواجهات التجار والمربين مع رجال الشرطة وهى تنفذ أمر تسليم الحيوانات من الزرائب لذبحها فى المكان المخصص لها، ثم تحول إلى أزمة دينية مع ادعاء المخرفين أن هذا نوع من اضطهاد الدولة للمسيحيين واستخدم التجار والمربين ذلك كأداة للضغط فى محاولة فاشلة لتعطيل قرار الذبح، لكن دون فائدة.
ومع غياب التوجيه السياسى والإعلامى للموقف رغم دقته، زاد تفاقم الأزمة ووصلت إلى أن أصبحت دولية حين اتهمت منظمة مصر بأنها دولة دموية وعنصرية، وطالبت بوقف الذبح، واضطر مجلس الوزراء لأن يتدخل، ووصلت السجال السياسى والدينى فى البرلمان بعد أن حاولت المعارضة المزايدة على المشهد العام كالمعتاد، وانتهى الأمر بالإصرار على الذبح والحديث عن خطط مستقبلية لإعادتها، ولكن فى أماكن بعيدة عن الكتل السكنية وبإجراءات آمنة.
وتشفى المنتقدون للقرار والغاضبون من انهيار صناعة وتربية الخنازير، بعدما وصل المرض إلى مصر بعدها بفترة صغيرة جدا، لكن كل الخبراء أكدوا أنه لو كانت استمرت الخنازير لكان الموقف أكثر سوادا مما نحن فيه الآن، وأكدوا أن الذبح كان إجراءً احترازيا خصوصا أن منظمة الصحة العالمية حذرت من احتمالات تفشى وباء الأنفلونزا، والذى يمكن أن يقضى على ثلث سكان العالم فى حالة تحوله ! ولكن بعد أن هدأت معركة التخلص من الخنازير، وسواء اتفقنا أو اختلفنا مع الطريقة التى تمت بها أو مع الفكرة نفسها، فإننا اليوم أصبحنا محاصرين بالقمامة التى انتشرت بشكل مخيف فى شوارعنا، وكما تؤكد الأرقام أنه فى السابق كانت الخنازير تُخلصنا يوميا من 40 ٪ من المخلفات والقمامة، وهى النسبة التى أضيفت مؤخرا إلى تلال القمامة الموجودة فى شوارعنا، وإذا كنا ننفق سنويا ما يصل إلى 24 مليون جنيه لمعالجة التدهور البيئى الناجم عن تراكم القمامة فى وجود الخنازير فكم ستكون التكلفة الإضافية الآن بعد غيابها؟!
وإذا كان مجلس الوزراء يقول إن الكميات التى تجمع يوميا من القمامة فى القليوبية وحلوان و6 أكتوبر تقدر ب 35 ألف طن - فإن القاهرة هى الأعلى فى حجم الزبالة التى تصل إلى 11 ألف طن يوميا! وحدها - فكيف سيكون الحال بعد اختفاء آلاف الخنازير؟!
فضلا عن أن هذه الأزمة كشفت عن بيزنس مربى وتجار لحوم الخنازير الذين رأوا أن الذبح سيتسبب فى خسائر كبيرة لهم لأن الكميات المعروضة ستكون كبيرة، وهو ما سيؤدى إلى انخفاض أثمانها، إضافة لعدم وجود ثلاجات تكفى لحفظ هذا الكم من اللحوم الذى يقدر بحوالى 350 ألف رأس ثمنها يزيد على 10 ملايين جنيه، مما يضع العديد من التحديات أمام اللاعبين الأساسيين بتلك الصناعة.
ولكن الأهم من ذلك...هو تعالى الأصوات المغرضة التى حولت الأزمة إلى كونها مجرد توجيه ضربة للأقباط تحت مظلة الاضطهاد الطائفى بغض النظر عن أضرارها الصحية التى كشفت عنها كبرى المراكز والمعاهد البحثية فى العالم بعيدا عن مدى تحريمها فى الدين الإسلامى.. ولم تنته الأزمة عند هذا الحد، بل وصلت تداعياتها دوليا، حيث وجهت العديد من الانتقادات من منظمات محلية وعالمية لحقوق الحيوان تسخط فيها من طريقة إعدام الخنازير ودفنها حية خوفا من انتشار الوباء، كما أعلنت منظمات الرفق بالحيوان الدولية احتجاجها رسميا على تعامل الحكومة المصرية مع ملف التخلص من الخنازير.
وطالبت بإصدار فتوى من د.على جمعة مفتى الديار المصرية تحرم دفن الخنازير حية، مشيرة إلى أن تعاليم الدين الإسلامى تمنع استخدام القسوة ضد الحيوانات.
بالفعل رسمت هذه القضية صورة قاتمة عن فشلنا فى إدارة الأزمات وتسرعنا فى معالجة أى أزمة دون دراسة عواقبها الوخيمة وأبعادها سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، مما دفعنا لاتخاذ جميع الإجراءات والاحتياطات الاحترازية لمنع انتقال عدوى انتشار أنفلونزا الخنازير إلى أراضينا وحتى لا نوضع فى قائمة الدول التى يوجد بها ذلك النوع من الأنفلونزا والتى غالبا ما تقوم الدول بمنع السفر إليها، مما دفعنا فى بداية الأزمة بعد اكتشافنا ظهور هذا الوباء إلى ذبح جميع الخنازير الموجودة فى المحافظات المشهورة بتربيتها على أراضيها وخاصة فى القاهرة والجيزة والقليوبية والإسكندرية، والتى تقدر بحوالى 350 ألف رأس من الخنازير، والخطر الأكبر الذى كان يواجهنا هو وجودها داخل مناطق سكنية عديدة فى هذه المحافظات كما هو الحال فى منطقة منشية ناصر والتى كان يربى فيها أكثر من 60 ألف خنزير ويقطنها أكثر من 35 ألف نسمة، ويعتمد عليها أغلب جامعى القمامة الذين يقطنون تلك المنطقة خاصة فى تدوير الفضلات العضوية التى يأخذ منها حوالى 40٪ كعلف للخنازير.
حيث كان يمثل التحدى الأول أمام مربى الخنازير - وأكثرهم من جامعى القمامة - فى إيجاد بديل لدور الخنازير المهم خاصة أنه كان يلتهم ما يتبقى من القمامة بعد استخراج ما يمكن تدويره منها بكميات ضخمة من القمامة؛ فطبيعة الخنزير المصرى أنه شره - كما يقول كمال زكى - أحد مربى الخنازير بمنطقة الخصوص بمحافظة القليوبية، تمكنه من التهام كميات ضخمة من القمامة؛ يجعل وزنه يصل بسرعة إلى 100 كيلو جرام خلال 3 أشهر من ميلاده، حيث ينجب مرتين فى العام، ويصل سعر الكيلو بعد ذبحه إلى 22 جنيها.
وبرغم أن وزارة البيئة أعلنت أكثر من مرة أن هذه القمامة سيتم تدويرها فى المصانع المخصصة لها من خلال عدد من المدافن الصحية لكى تستوعب آلاف الأطنان المنتشرة فى القاهرة وجميع المحافظات الأخرى، ففى البحيرة وحدها تشكل القمامة تحديا كبيرا أمام الأجهزة التنفيذية لقلة الاعتمادات المالية اللازمة لإنشاء مصانع تدوير القمامة والحد من التلوث الناجم عن الاحتراق الذاتى للقمامة، مما يؤدى لتلف الزراعة.
حيث تنتج 911 طنا قمامة يوميا، وتضم 15 مركزا لا يوجد بها سوى ثلاثة مصانع لتدوير القمامة فقط تخدم 8 مراكز، والباقى يتخلص من القمامة عشوائيا، أما الإسماعيلية فتتخلص من 572 طنا يوميا، حيث يتم تحويلها إلى المدفن العمومى بأبو بلح بالسويس بالكيلو 13 على مساحة 111 فدانا، وهذا نفسه ما تعانى منه كفر الشيخ فلديها عجز فى عمال النظافة يصل إلى 1114 عاملاً، مما أدى لوجود أطنان من القمامة تنتشر داخل المدن والمراكز العشرة التابعة للمحافظة، الأمر الذى يشكل معاناة لثلاثة ملايين مواطن بالمحافظة لانتشار الأمراض والأوبئة، وفى بنى سويف ستجد حالة من الغضب بين أهاليها لانتشار تلال القمامة فى أنحاء المدينة رغم التحصيل المستمر لرسوم النظافة، بينما تجمع الشركات 200 طن يوميا من القمامة وتدفن 100 طن فى المدفن الصحى شرق النيل.. أما الدقهلية فتنتج مليونا و625 ألف طن من القمامة بواقع 2700 طن يوميا يصعب التخلص منها.
المهندس أمين الخيال - مدير عام الإدارة العامة للمخلفات بجهاز شئون البيئة - علق: إن القمامة كان يتم تهريبها ولا تصل إلى مصانع الأسمدة لتذهب إلى أصحاب مزارع الخنازير، لكن الحال تبدل الآن وتذهب القمامة مباشرة إلى خطوط الإنتاج بالمصانع للاستفادة منها فى تصنيع الأسمدة العضوية، حيث أقمنا 7 مدافن صحية فى منطقة النهضة والوفاء والأمل و15 مايو والقليوبية والجيزة والمنطقة الصحراوية بمدينة 6 أكتوبر، فضلا عن مدافن بأبوزعبل وشبرامنت، والعاملون يقومون بفرز القمامة والمخلفات وتغطيتها بالرمال أو المواد الأخرى حسب نوعية القمامة، وهى آمنة غير ضارة، مضيفا أن مصانع تدوير القمامة التى تم إنشاؤها تكفى لاستيعاب مخلفات المواطنين فى جميع المحافظات، مضيفا أنه لا توجد علاقة بين ذبح الخنازير والقمامة، وأن قرار التخلص من الخنازير فى صالح البيئة.
مشيراً إلى أن الحكومة بهذا القرار تصلح خطأ كان يجب العدول عنه وأنه لا توجد دولة فى العالم تغذى الخنازير على القمامة إلا فى مصر، فكل مناطق التربية عندنا عشوائية لذلك تم إلغاؤها جميعا، كما سيتم إنشاء منطقة جديدة لهذه المزارع حسب التخطيطات والمواصفات العالمية فى مناطق بعيدة عن التجمعات السكانية، مشيراً إلى أن المناطق الجديدة ستكون جاهزة بعد سنتين من الآن وسوف يمنع تغذية الخنازير على القمامة، وإنما سيتم التعامل معها مثل باقى دول العالم.
وفى خضم هذه الأزمة عرض جامعو القمامة أن يتركوا جمع قمامة المساكن بأى مقابل، وكان مبررهم أن مكسبهم الأساسى هو فى تدوير القمامة وتربية الخنازير على المخلفات العضوية، ورغم رفض الحكومة استغلالهم، استعانت بهم الشركات الأجنبية فى جمع القمامة من المنازل مقابل حصولهم على 40 قرشاً من المبلغ الشهرى الذى تحصله الشركة من كل شقة.
كما كشفت هذه الأزمة عن بيزنس يقدر بالملايين فى هذه الصناعة فمتعهدو القمامة تحولوا إلى مليونيرات، وهو ما يعنى أن قرار إعدام الخنازير الذى حدث كان من شأنه أن ينهى هذا البيزنس الذى يبدأ ب الزرائب الملحقة بالمناطق التى يتم فيها جمع القمامة والتى تسمى المقالب، حيث تتم عملية فرز المخلفات، ويصل عدد العاملين فى حظائر الخنازير، وكما يؤكد إسرائيل عياد - صاحب أكبر زرائب للخنازير فى منطقة المعتمدية - كان يمتلك عشرات الأفدنة، يستعملها فى تربية الخنازير يمتلك فيها أكثر من 40 حظيرة وتحتوى كل واحدة منها على أكثر من 300 رأس، والجزء الباقى من هذه الأراضى يستعمله فى فرز المخلفات الصلبة لتدويرها وبيعها إلى مصانع تدوير البلاستيك والزجاج والورق، بأن عددهم يزيد على 20 ألف عامل ويتقاضى كل عامل 400 جنيه شهريا، حيث تكون مهمة العامل هى جلب القمامة من المنازل وفرزها وتقديم فضلات الأكل للخنازير.
لذلك رفض مربو وتجار الخنازير التعويضات التى قدرتها الحكومة بحوالى 50 مليون جنيه تتضمن مبلغ 250 جنيها عند إعدام الخنزير الكبير، و50 جنيها عند إعدام الخنزير الصغير، و100 جنيه للخنزير المذبوح والصالح للاستخدام الآدمى، بالإضافة إلى حصول صاحبه على لحمه، و30 جنيها للخنزير المذبوح وغير الصالح للاستخدام.
بينما يرى د.محمد سيف أستاذ الطب البيطرى ومقرر لجنة مكافحة الأمراض المشتركة أنه: لا تصلح زرايب الخنازير لتربية أى ماشية أخرى فى مكانها لأن الخنزير حيوان قذر يعيش على القمامة، كما أنه يحمل بداخله أكثر من 450 فيروسا، وخصوصا الخنزير المصرى الذى يعيش وسط القمامة، كما أن الخنزير لديه قدرة على تحوير هذه الأنواع إلى فيروسات متطورة جديدة لم يسبق لنا التعرف عليها؛ وهذا ما حدث فى الأنفلونزا!
وبالتالى فإن قرار الحكومة جيد لأن وجوده كان سيفرز أمراضا أخرى جديدة وغير معروفة!
ولقد شهدت هذه الأزمة فى كثير من فترات تفاقمها محاولة لتسييسها حتى دعا عدد من أعضاء مجلس الشورى إلى إقالة الحكومة الحالية وتشكيل حكومة حرب لمواجهة الكوارث، وإعادة الأمور إلى نصابها، حيث حثّ وزير الصحة السابق د.محمد عوض تاج الدين الجميع على عدم التهاون فى التعامل مع المرض بكل أنواعه لأنه مرض خطير.
ومن جهته قال نائب الشورى د.نبيه العلقامى: البعض يحاول تضخيم مشكلة التخلص من الخنازير فى وسائل الإعلام وتحويلها إلى قضية وطنية، لكن المهم توجيه رسالة إلى المجتمع لطمأنة المواطنين، خاصة تلاميذ المدارس الذين امتنع بعضهم عن التوجه لمدارسهم خوفًا من أنفلونزا الخنازير.
إلا أن هذه الأزمة لم يتم تسييسها فقط، بل تحولت من بعض أصحاب النبرات الطائفية إلى أن الأقباط فى مصر مضطهدون، حيث عبرت النائبة القبطية سيادة جريس فى مجلس الشعب عن غضبها بسبب طريقة إعدام الخنازير، قائلة إن للحيوان حقوقا مثل الإنسان تماما، وأرفض هذه الطريقة التى يتم بها إعدام الخنازير باستخدام مادة الجير الحى الكاوية، واصفة ما قامت بة الحكومة بالمذبحة العشوائية، وهذه الطريقة جعلت مصر أضحوكة العالم لأنه لا توجد دولة تذبح ثروة حيوانية خوفاً من مرض غير موجود فيها.
ولم نسلم من المنظمات الحقوقية التى لمحت لنبرة اضطهاد قبطى، حيث شخص حسام بهجت أمين منظمة المبادرة المصرية للحقوق الشخصية هذه الأزمة قائلا: بدأنا نشعر بالقلق من النبرة الطائفية القوية التى بدأت تسود الخطاب الجماهيرى فى بداية ظهور الوباء الذى يتهم المسيحيين بالنجاسة من ناحية، والمرض من ناحية أخرى، وهذا يمكن أن تكون له عواقب مثيرة للقلق!
حتى البابا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية تدخل ليؤكد للمسلمين أن معظم المسيحيين المصريين لا يأكلون لحم الخنزير مؤكدا أن معظم اللحم يستهلكه السياح الأجانب والمغتربون.
كما أثارت التقارير المنشورة عن إعدام الخنازير أو دفنها حية سخط الكثير من انتقادات المنظمات المحلية والعالمية لحقوق الحيوان التى أعلنت احتجاجها على تعامل الحكومة المصرية مع ملف التخلص من الخنازير، حيث سارع وزير الزراعة واستصلاح الأراضى أمين أباظة إلى إنكار مسئولية وزارته عن التخلص من الخنازير بدفنها حية، وقال: ليس لدىّ معلومات حول دفن الخنازير حية، وأوضح أن دور الوزارة يقتصر على الجوانب الفنية، وأن المسئولية فى هذه المخالفات تقع على المسئولين فى المحليات، وفى نفس هذا التوقيت أصدرت الهيئة العامة للخدمات البيطرية منشوراً رسمياً لمديريات الطب البيطرى تحذرها من دفن الخنازير حية، لأن هذا يخالف قانون الزراعة المصرية والقرارات الرسمية، التى تنظم عملية ذبح وإعدام الحيوانات.
ومنذ ذلك الحين اشتبك جامعو القمامة ومربو الخنازير مع الشرطة فى محاولة لرفض القرار أو تعويض خسائرهم، فى الوقت نفسه عبر بعض المسلمين عن خوفهم من أن ينتهى المطاف بهذا الكم الكبير من لحم الخنازير إلى لحم الأغنام أو الأبقار المفروم الذى يتناولونه!
لكن متابعى الأزمة أشاروا إلى أن طبيعة التوتر ليست طائفية بحتة خاصة أن قرار الذبح أثار استياء طبقيا، حيث وجه ضربة اقتصادية هائلة لمجتمع مهمش بالفعل لا يحظى بتعاطف كبير من المسئولين.
ويبدو أن هذا الجدل سيستمر خلال العام المقبل لأنه من المستبعد إيجاد حل للأزمة خلال هذه الفترة القليلة لتتفاقم معاناتنا من أكوام الزبالة التى تحاصرنا فى الشوارع، وحتى أبناؤنا يعانون منها فى مدارسهم!؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.