حين تنعدم الضمائر, وتغيب الرقابة, تصبح اللحوم مصدرا للخطر, وتصير الثروة الحيوانية في مهب الريح! ففي مناطق كثيرة بالقاهرة, في العديد من المحافظات, انتشرت ظاهرة ذبح الاناث. مما يهدد الثروة الحيوانية ويجعل الاستيراد هو الحل لسد النقص في اللحوم البلدية, كما راجت فكرة الذبح خارج المجازر, بعيدا عن الرقابة البيطرية, مما يشير الي احتمالات تسرب لحوم الحمير والكلاب الي الاسواق! الذبح غير الشرعي نبهت اليه حركة بيطريون بلا حدود في بيان لها مؤخرا, اكدت خلاله ان واقعة اكتشاف عدد من رءوس الحمير المذبوحة في الاسكندرية كشفت عن ان ما يقرب من40% من المواشي تذبح خارج المجازر بشكل لا يضمن صلاحية اللحوم المتاحة في الاسواق, والتأكد من سلامة المواشي المذبوحة لعدم عرضها علي الطبيب البيطري بالمجزر قبل ذبحها, الامر الذي يستلزم ضرورة اعادة تطبيق عقوبات الذبح خارج المجزر, والتي حددها القانون بالحبس لمدة عام, وعامين في حالة ثبوت ذبح حيوانات نافقة او مريضة. ظاهرة خطيرة الذبح خارج المجازر في رأي الدكتور حسن شفيق رئيس الادارة المركزية للصحة العامة والمجازر بالهيئة العامة للخدمات البيطرية يمثل ظاهرة خطيرة, لان اللحوم في هذه الحالة تكون غير مضمونة, وربما تكون مصابة بامراض, وبالتالي تنتقل هذه الامراض الي الانسان, مثل السل, وبعض الامراض الطفيلية. وفي مصر حاليا نحو470 مجزرا تخضع للرقابة البيطرية, وبالتالي هنا رقابة مكثفة علي اللحوم داخل المجازر, حيث يجري اعدام اللحوم المصابة فورا, وتعويض اصحابها, بينما في الذبح غير الشرعي قل ما شئت, وبالرغم من وجود ادارات للتفتيش علي اللحوم, والاسماك, ومنتجاتها علي الطرق, وفي محال الجزارة, واحالة المخالفين للنيابة, الا ان الذبح المخالف يحدث بسبب تدني العقوبات المقررة لهذه الجريمة, التي يجب ان يعاقب كل من يرتكبها, بالسجن لمدة كافية, وان يسدد غرامة مالية كبيرة لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة! ذبح الإناث وبشكل عام, يري الدكتور فتحي النواوي استاذ الرقابة الصحية علي اللحوم ومنتجاتها بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة, ان الذبح غير الشرعي موجود, ويحدث يوميا, والخطورة تأتي من ان هذه اللحوم لا يتم فحصها لا قبل الذبح, ولا بعده, وبالتالي ان تأكيد صلاحية هذه اللحوم للاستهلاك الادمي هو امر غير وارد, ما دامت لم تفحص من جانب اللجان البيطرية, فتكون مصدر للتلوث, ونشر الامراض المشتركة التي تنتقل بين الانسان والحيوان, والتي قد تتجاوز مائتي مرض. وتأتي الخطورة في رأي د. النواوي من ذبح الاناث الابقار, والجاموس, والاغنام, مع ان القانون يحظر الذبح للابقار الاقل في الوزن من300 كيلو جرام, أو يبلغ عمرها عامين فإذا وصل الوزن إلي300 كيلو قبل بلوغ الحيوان عامين يجوز الذبح قانونا. ولمن لا يعرف فان الحيوانات التي يلجأ بعض الجزارين لذبحها بعد موتها, يمكن التعرف عليها من خلال لونها لداكن, كما ان المستهلك يمكن ان يتعرف علي لحوم الحمير والخيول من خلال لونها الداكن ويميل لونها إلي اللون الازرق, كما ان أليافها سميكة, ومذاقها سكري بسبب وجود مادة الجلايكوجين النشا الحيواني ويصعب قضم لحم الحمير والخيول بالاسنان, حتي اذا تمت تسويتها جيدا. والغريب كما يقول د.النواوي اننا اتجهنا لحل مشكلة نقص اللحوم بالاستيراد من الخارج, بينما لم نتجه لتنمية الثروة الحيوانية, حيث يجري ذبح الاناث في معظم محافظات مصر, وهذه ظاهرة خطيرة يجب ان نتصدي لها بكل قوة. والسؤال الان: لماذا يلجأ الجزارون للذبح خارج المجازر؟ الاجابة تأتي علي لسان الدكتور احمد فرحات نقيب البيطريين, والذي يفسر لجوء بعض الجزارين, للذبح خارج المجازر, بانهم يخشون تطبيق الاشتراطات الصحية علي الماشية, خاصة اذا كانت هناك اصابات بها, وبالتالي لن تسمح اللجان البيطرية بالذبح وستقرر في هذه الحالة, اعدام الجزء المصاب, او اعدام الحيوان كله, وفي ذلك خسارة مادية للجزارين, كما يتجه البعض للذبح بعيدا عن المجازر هربا من تلك الاشتراطات المتعلقة بحظر ذبح الماشية التي تقل في الوزن عن300 كيلو جرام, والذبح اقل من هذا الوزن مخالف للقانون, ويمثل خطورة شديدة علي الثروة الحيوانية, ويسهم في تفاقم ازمة نقص اللحوم البلدية, في وقت تعمل فيه الدولة جاهدة لحل المشكلة بالاستيراد من الخارج. قلت: الا تعتبرالذبح خارج المجازر قد يسمح بتسرب كميات من لحوم الحمير, والماشية النافقة الي الاسواق, ويشتريها المستهلك دون ان ينتبه اليها؟ نقيب البيطريين: كل شيء جائز, لكن حالات ذبح الحمير وغيرها, تظل حالات فردية, وهذه الحالات لا تعد علي اصابع اليد الواحدة, لكن الخطر الذي يجب ان نواجهه بكل حزم هو ذبح اناث الماشية, وهي مجزرة تتم يوميا في كل نجع, وقرية, في كل شارع وحارة بالاقاليم مما يهدد ثروتنا الحيوانية, ويجعلنا دائما نستورد من الخارج لسد الفجوة بين الانتاج المحلي, ومعدلات الاستهلاك. ولا شك ان الذبح خارج المجازر, كما يراه الدكتور احمد فرحات يحدث نتيجة غياب العقوبات الرادعة, وفي حالة ضبط حالة ذبح خارج المجازر, يتم اعدام الحيوان, بينما يتم الاعدام ايضا داخل المجازر عند اكتشاف اصابة الحيوان بمرض, وفي هذه الحالة يتم تعويض الجزار بنسبة60% من ثمن الذبيجة. وتتم عمليات الذبح السري في اماكن غير معروفة, حيث يقوم بعض الجزارين, الذين احترفوا ذبح الاناث, او الماشية المريضة, او الميتة سلفا, باقامة سلخانات خاصة بهم في بيوتهم, كما يقوم البعض بتزوير الاختام, ويجب ان يعرف المستهلك ان هذه الاختام اما مستطيلة الشكل وهي للحيوانات صغيرة السن , ومثلثة للحيوانات كبيرة السن, اما الوان الاختام فهي مختلفة ايضا, فلون الختم في اللحوم البلدية احمر وردي, وفي لحوم الجمال بنفسجي غامق, وبالنسبة للحوم المستوردة يتم الاتفاق علي لون الختم قبل الاستيراد. ويستطيع المستهلكون التمييز بين انواع اللحوم سواء كانت صغيرة او كبيرة السن من خلال الشكل الهندسي للختم, ولونه, وهناك تاريخ علي الختم كما ان هناك علامة سرية لكل مجزر يتم وضعها قبل الذبح مباشرة, وبالتالي يصبح من السهل علي اللجان البيطرية التعرف علي ما اذا كان الختم صحيحا, او مزورا, وبالتالي اكتشاف الذبح داخل المجزر من عدمه.. وظاهرة الذبح خارج المجزر موجودة بقوة في المدن, والعواصم الكبري, التي ترتفع فيها الكثافة السكانية, بينما تتلاشي في الريف, والقري, لان المستهلكين يعرفون الجزار جيدا, كما ان الذبح خارج السلخانة يكاد لا يذكر...