يحتفل العالم بعد غد الثلاثاء باليوم الدولى للغة الأم تحت شعار " سعيا لتعلم اللغة الأم .. فى سبيل تحقيق التعليم الجامع "، حيث أعلنت منظمة اليونسكو اليوم الدولى للغة الأم في مؤتمرها العام فى شهر نوفمبر من عام 1999، ويحتفل بهذا اليوم سنويا منذ فبراير عام 2000. وذلك من أجل تعزيز التنوع الثقافى وتعدد اللغات. وتحظى اللغات بثقل استراتيجى مهم فى حياة البشر بوصفها من المقومات الجوهرية اللغوية وركيزة أساسية فى الاتصال والاندماج الاجتماعى والتعليم والتنمية، ومع ذلك فهى تتعرض جراء العولمة إلى تهديد متزايد أو إلى الاندثار كليا. وحين تضمحل اللغات يخبو كذلك التنوع الثقافى وتبهت ألوانه الزاهية ويؤدى ذلك أيضا إلى ضياع الفرص والتقاليد والذاكرة والأنماط الفريدة فى التفكير والتعبير، أى الموارد الثمينة لتأمين مستقبل أفضل. فهناك أكثر من 50 $ من اللغات المتداولة حاليا فى العالم والبالغ عددها سبعة آلاف لغة معرضة للاندثار فى غضون بضعة أجيال، و 96 $ من هذه اللغات لا يتحدث بها سوى 4 % من سكان العالم، أما اللغات التى تعطى لها بالفعل أهمية فى نظام التعليم فلا يزيد عددها على بضع مئات، ويقل المستخدم منها فى العالم الرقمى عن مائة لغة. وتمثل قضايا التنوع الثقافى والحوار بين الثقافات وتعزيز التعليم للجميع وتنمية مجتمعات المعرفة محاور مركزية فى عمل منظمة اليونسكو، ولكن يستحيل السير قدما فى هذه المجالات بدون توفير التزام واسع ودولى بتعزيز التعدد اللغوى والتنوع اللغوى، بما فى ذلك صون اللغات المهددة. ودعت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم " اليونسكو " - فى رسالتها بهذه المناسبة - اليونسكو إلى تعبئة طاقاتها لحماية التنوع اللغوى فى العالم ، واستغلال التعدد اللغوى إلى تحقيق التعليم الجامع ، فقد أثبتت أعمال الباحثين وآثار سياسات دعم التعدد اللغوى ما تدركه جماعات البشر بالفطرة ، وهو أن التنوع اللغوى يسرع وتيرة تحقيق الأهداف الانمائية للألفية، ولا سيما أهداف برامج التعليم للجميع وقالت إيرينا بوكوفا المديرة العامة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم " اليونسكو " إن استخدام اللغة الأم فى المدرسة يمثل علاجا قويا لمكافحة الأمية ، ولكن تحويل هذه الحقيقة إلى واقع فى الصف الدراسى يمثل تحديا، موضحة أن السكان المستبعدين كالشعوب الأصلية هم غالبا الذين تهمل لغاتهم الأم فى النظم التعليمية ، فإذا ما أتيح لهم التعلم منذ نعومة أظفارهم بلغتهم الأم ، ثم بلغات أخرى وطنية أو رسمية أو غير ذلك، فإن ذلك الأمر يمثل تعزيزا للمساواة وللدمج الاجتماعى . وأشارت بوكوفا إلى أن استخدام تكنولوجيات الأجهزة المحمولة فى التعليم يمثل عاملا محفزا للتعليم الجامع إذا ما إقترنت هذه التكنولوجيات بالتعدد اللغوى ، وهى أيضا تضاعف قدرتنا على العمل عشرات المرات ، حيث يجب علينا الاستفادة من تلك التكنولوجيات إلى أقصى حد ممكن. ولفتت إلى أن ما يقارب نصف اللغات المحكية فى العالم التى يزيد عددها عن 6 آلاف لغة يمكن أن تندثر قبل نهاية هذا القرن، حيث يمثل أطلس لغات العالم المهددة بالاندثار الذى أعدته اليونسكو الدليل الذى يسترشد به فى هذا الاتجاه.