يظل مشروع تعديلات قانون الإجراءات الجنائية حائرا بين سلطات الدولة الثلاثة التنفيذية والقضائية والتشريعية، ممثلة في الحكومة، ومجلس الدولة، والبرلمان، إضافة إلى لجنة استشارية عليا للإصلاح التشريعي. وبدأت الدعوة لتعديل مشروع قانون الإجراءات الجنائية في ديسمبر 2016، انتهت خلالها اللجنة العليا للإصلاح التشريعي (لجنة استشارية وليست إحدى الحلقات الدستورية الواجب المرور منها لإقرار القوانين الجديدة) من صياغة مقترحات بمواد جديدة، كما تلقى مجلس الدولة مشروع قانون بالتعديلات الجديدة. ورغم إرسال مشروع تلك التعديلات إلى مجلس الدولة منذ 6 أشهر، فإن قسم التشريع في المجلس برئاسة المستشار مهند كامل، أبدى قبل أسبوعين، نحو 90 ملاحظة عن عدم دستورية بعض مواد المشروع، وطالب بتعديله. وقال وكيل لجنة الشئون التشريعية والدستورية بمجلس النواب، محمد نبيل الجمل، إن اللجنة برئاسة المستشار بهاء الدين أبو شقة، بدأت في الخامسة عصر اليوم، مناقشة تعديلات جديدة على قانون الإجراءات الجنائية. وأضاف "الجمل" ل"بوابة الأهرام"، أن البرلمان لم يرسل أي تعديلات إلى مجلس الدولة تتعلق بقانون الإجراءات الجنائية، وأن التعديلات التي نظرها مجلس الدولة، وأبدى ملاحظاته عليها قبل أسبوعين، أرسلها مجلس الوزراء، ولم يتدخل فيها البرلمان. وأشار إلى أن لجنة الشئون التشريعية والدستورية، عقدت منذ أغسطس الماضي، نحو 6 جلسات بحضور قضاة وأساتذة قانون ومحامين، تضمنت الاستماع إلى مقترحات بشأن تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية، وأن اللجنة تبحث تلك المقترحات، وتناقشها مع مقترحات اللجنة العليا للإصلاح للتشريعي، والتعديلات الجديدة المقدمة من الحكومة للبرلمان خلال الأسبوع الجاري؛ تمهيدا للوصول لصياغة تتوافق مع الدستور، وبما يحقق العدالة الناجزة. وأوضح "الجمل" أن التعديلات ستتخطى حاجز 250 مادة من أصل 560 مادة يتضمنها القانون، مع الإبقاء على الهيكل الأساسي للقانون الحالي، من تبويب وعناوين، وإحداث التطوير الذي يتفق مع الضمانات الدستورية الواردة في نصوص قانون الإجراءات، مع إضافة كل الضمانات الدستورية التي استحدثها الدستور الحالى. فيما قال عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعي الدكتور صلاح فوزي، أستاذ القانون الدستوري بجامعة المنصورة، إن اللجنة نظمت مطلع العام الجاري مؤتمرا للإجراءات الجنائية، تحت رعاية وزير العدل، المستشار حسام عبدالرحيم، وحضور المهتمين من قضاة ومحامين وأكاديميين وأجهزة تنفيذ القانون، وأنها توصلت إلى عدد من المقترحات، وتم رفعها للسلطات المختصة. وأضاف "فوزي"، أن التعديلات المقترحة بشأن القانون استندت ضمانات محاكمة عادلة للمتهمين، وتسريع وتيرة العدالة، بما يحقق العدالة الناجزة، وتوصيل العدالة إلى أصحابها في أماكنهم. وتضمنت المقترحات إلغاء الأحكام الغيابية، وتصدى محكمة النقض للموضوع من المرة الأولى، وتغيير النظام القضائي في الاستئناف أمام الجنايات لتكون على درجتين، وحماية الشهود خاصة شهود الإثبات، الذين يتم استدعائهم للإدلاء بشهادتهم أمام المحكمة بما يثبت الاتهام الموجه للمتهمين، حيث إنه قد يتم اضطهاد هؤلاء الشهود من جانب المتهمين، أو أهاليهم، للانتقام منهم، لذا فإن الدولة ملزمة بحماية هؤلاء الشهود. ومن ضمن المقترحات، هو ألا يكون صمت المتهم دليل إدانة خلال التحقيقات، وأن يكون هناك دليل إدانة آخر، وتقديم الرعاية الصحية للمسنين داخل مقار الاحتجاز أو السجون، وتقصير المدد الخاصة بأجهزة الخبرة، وجعلها من النظام العام، بما يحافظ على حقوق المتهمين، بمعنى أن يتم تحديد مدة زمنية لانتهاء أجهزة الخبرة، سواء كانت خبراء العدل، أو خبراء الطب الشرعي، أو غيرها من إعداد تقاريرها إلى هيئة المحكمة. وشملت المقترحات أيضًا، استخدام تقنية الفيديو كونفرانس في المحاكمات، حرصًا على عنصر الوقت، خاصة مع المتهمين الذين يصعب نقلهم من محبسهم لدواع أمنية، أو في القضايا التي تضم عددًا كبيرًا من المتهمين، مثلما هو الحال في قضايا جماعة الإخوان، التي أحيانا يصل عدد المتهمين فيها إلى نحو 500 متهم، وتنظيم إصدار قرار المنع من السفر، وقوائم ترقب الوصول، بحيث يصدره جهة وحيدة هو النائب العام، وأن تكون مجددة زمنيًا، وتنظيم إجراءات إعلان المتهمين.