الفرق كبير بين الشعار والواقع في كثير من المجتمعات، وكذلك بين القادة ورجالات الدول فيما يريدونه لشعوبهم وأمتهم، وما يضعونه نصب أعينهم بهدف توفير الحياة الأفضل للناس ومواجهة التحديات بكل ثقة واقتدار، مع توفير الظروف بكافة أشكالها لتحقيق أفضل النتائج. صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، يقدم نموذجًا للقائد الذي يسعد وطنه ومواطنيه، وسموه يطرح ما تعانيه الأمة العربية من أزمات في صورة تحديات لتوفير ما يناسبها من خطوات عملية قادرة على صناعة الفرق وتحقيق النتائج المطلوبة. ضمن المبادرات الرائعة والمعهودة من قادتنا، أعلن سموه بالأمس عن مبادرة جديدة، حيث أطلق قبيل الجلسة الافتتاحية لقمة المعرفة "تحدي محو الأمية"، التي تستهدف ثلاثين مليون شاب وطفل عربي حتى العام 2030 ، وذلك بالتعاون بين مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة ومنظمة اليونسكو وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي. مبادرات الشيخ محمد بن راشد عديدة، والكل يرقبها، من صانع الأمل إلى تحدي الترجمة، ثم تحدي مليون مبرمج عربي، وتحدي القراءة وصولا إلى تحدي محو الأمية وبقية المبادرات، إدراكًا من سموه أن العرب فيهم الخير، ولهم موروث وتاريخ عظيم تشهد بفضله الإنسانية، ولايجوز أن يبقى هذا الموروث مجرد ذكرى، مثلما لا يصح أن تشيع بين البعض الدعوات لإحياء هذا الموروث بالصدام مع الأمم وصراع الحضارات، واستهلاك الموارد في حروب لا تبقي ولا تذر، بالإضافة إلى الابتعاد عن تشخيص حقيقي لما تعانيه الأمة، من انتشار للجهل والبطالة وانعدام الأمل وغياب المستقبل، مع التعلق بالماضي دون تجسير للمستقبل. في هذه المبادرة الجديدة تشخيص لأحد التحديات الأهم في العالم العربي، مشكلة الجهل والتجهيل، حيث تنتشر الأمية في دول عربية كثيرة بما يعنيه من نتائج سلبية في الألفية الثالثة، فوق أن انتشار الأمية يضاف إليه التعليم ضمن أساليب بائدة لاتراعي أسس العصر ولا لغته ولا التحديات المقبلة، فتعددت أشكال الأمية، ولم تعد مقتصرة على القراءة والكتابة، بل أضيف إليها أنواع معقدة من الجهل. صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يمثل أملا للعرب، حاملا راية النور الذي يبدد هذا الظلام، ويقول للجميع إن علينا أن ننهض حقًا، وأن تكون لنا رؤية واقعية على أساس بنية جديدة تتواءم مع العالم؛ حتى لا يصحو العرب على فروقات مرعبة بينهم وبقية الأمم، ولا يمكن اختصار هذه المسافات دون تغيير الأسس، وهو مايدعو إليه سموه دومًا من أجل نهضة الأمة واستعادة حيويتها. الإمارات تمثل اليوم منصة الأمل للعرب، والحالة المميزة وسط مناخ صعب وحافل بالأخطار والتحديات، وهي برغم تفوقها فإنها لا تنسى بقية أبناء أمتها، وتحض دومًا على تغيير حياتهم إلى ماهو أفضل، ونحو ما يليق بهم كأمة قادرة على النهوض والتقدم. إن هذه القمم التي تعقد في الإمارات، وماتحويه من مضمون حول المعرفة والثورة الصناعية الرابعة، وغير ذلك من عناوين، لا بد أن تكون محفزة للعرب من أجل أن يتغيروا، وإلا فإن مستقبل العرب سيواجه المزيد من المصاعب والتحديات، ولعل هذه المبادرات التي يطلقها الشيخ محمد بن راشد تحمل دلالة كبيرة جدًا، على رغبة الإمارات بأن يتغير الواقع في العالم العربي نحو الأحسن. كاتبة المقال: رئيس تحرير صحيفة البيان الإماراتية