حيل خبيثة، وأفكار شيطانية، يلجأ لها متهمون في محاولة منهم للهروب من حراسهم أثناء نظر قضاياهم أمام النيابات والمحاكم المختلفة، وقد تتسبب أحيانًا سذاجة الشرطي في تسهيل مهمة المتهم في مشهد يمثل في النهاية "كوميديا سوداء". من بين حيل المتهمين للهروب: وضع مخدر في "علبة عصير"، وانتحال صفة طبيب، والتحجج بمرض الأقارب. وجاءت أبرز وقائع الهروب للمتهمين عندما عثر أهالي منطقة المنيل، على أمين شرطة ملقى في إحدى الحدائق، وبإبلاغ الأجهزة الأمنية تبين أن أمين الشرطة كان مكلفًا بمأمورية من قسم مصر الجديدة، بعرض متهم في قضية شيك بدون رصيد على نيابة جنوبالقاهرة بمنطقة السيدة زينب. وأظهرت التحقيقات أن المتهم لجأ إلي حيلة خبيثة للهروب حيث عرض علي أمين الشرطة، "علبة عصير"، بعد أن وضع بها مخدرًا أثناء سيرهما في منطقة المنيل، وبمجرد تناولها شعر بدوار شديد وفقد الوعي. وفي واقعة ثانية، استمعت نيابة حوادث جنوبالقاهرة لأقوال شهود عيان على واقعة هروب متهم في قضية "كتائب حلوان" الإرهابية، لدى إيداعه مستشفى المنيل الجامعي لتدهور حالته الصحية. وأكد شهود عيان أن المتهم ارتدى "بالطو" أبيض اللون؛ للتشبه بالأطباء؛ لتسهيل عملية هروبه، وقام بإخفاء الكلابشات الحديدية أسفل البالطو، وقفز من سور مستشفى المنيل الجامعي، إلى مستشفى قصر العيني، وظل يعدو، والجميع يخلى له الطريق ظنًا منهم بوجود حالة طوارئ، وأنه يهرول لإسعافها. وأضافوا أن شخصًا ما ساعد المتهم، وأحضر له "البالطو"، وكان ينتظره خارج المستشفى في سيارة ملاكي، وفرا هاربين. وقد توقع سذاجة بعض أفراد الشرطة في "شر أعماله"، وهو ما حدث مع أمين شرطة ضمن طاقم أفراد قسم شرطة قصر النيل، صدر ضده قرارًا بالحبس 15 يومًا على ذمة التحقيقات؛ لاتهامه بتسهيل هروب متهم زعم انتماءه لأسرة رئيس الجمهورية، فضلاً عن استيلائه على 56 مليون جنيه، من رجل أعمال بدعوى تسليمها للحكومة كتبرعات لصالح المشروعات القومية. وكشفت التحقيقات أن المتهم، الذي يعمل رئيسًا لمجلس إدارة إحدى الشركات، توجه مع أمين الشرطة؛ لشراء زجاجة مياه معدنية من محل قرب مشرحة زينهم، ثم طلب (المتهم) منه (أمين الشرطة) أن يذهب إلى منزله في منطقة العجوزة بحجة رؤية والدته المريضة؛ للاطمئنان عليها خشية وفاتها دون أن يراها. علي الفور اصطحب المتهم أمين الشرطة في تاكسي إلى منزله بالعجوزة، وصعد معه إلى الشقة وطلب منه أن يفك "الكلبش" لدخول الحمام ولرؤية والدته بغرفة نومه، ثم طلب منه الانتظار، وبعد مرور قرابة نصف ساعة توجه أمين الشرطة إلى غرفة نوم المتهم، ليكتشف هروبه. قال اللواء أشرف أمين، الخبير الأمني، أن أعداد المتهمين الذين يتم ترحيلهم إلي المحاكم وعرضهم علي النيابة للتحقيق بشكل يومي علي ذمة العديد من القضايا المختلفة؛ تزايدت منذ "25 يناير"، مما يلقى حملًا ماديًا كبيرًا على وزارة الداخلية؛ لنقلهم من مقار حبسهم للتحقيق معهم في النيابات أو نظر قضاياهم في المحاكم المختلفة. وأوضح "أمين" وزارة الداخلية تتبع سياسة السرية التامة لتأمين نقل السجناء والمتهمين في قضايا الرأي العام، والقتل، والإرهاب، والاختلاس، إضافة إلى ابتكار طرق وأساليب غير تقليدية لتأمينهم والحد من هروبهم، وهي حيل لن يتم الإفصاح عنها وبعيدة كل البُعد عن ما تنقله الدراما والسينما المصرية عن مشاهد هروب المتهمين. وقال اللواء أحمد عبد الباسط، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن عملية ترحيل متهم تتكون من 3 مراحل كالآتي: 1 عملية استلام المتهم لعرضه علي جهة خارج السجن، وهي عملية تتم في منتهى الإحكام داخل فناء (حوش) السجن . 2 عملية الانتقال بواسطة مركبة الترحيلات وصولاً إلي الجهة المقصود عرض المتهم عليها، وهى عملية مقترنة بشكل التأمين علي حسب أهمية المتهم. 3 عملية العرض التي تتم داخل المحكمة، حيث يتم تسليم المتهم لحرس المحكمة لحبسه داخل القفص أمام القاضي، وبعد الانتهاء من اليوم القضائي يتم ترحيله. وأضاف "عبد الباسط"، أن المرحلة الأخيرة وهي مرحلة العرض هي الأخطر حيث تصاحبها عدة عوامل خارجية، منها رغبة الأهالي في مقابلة المتهم، ورغبة محاميه في تبادل الحديث معه، مشيرًا إلي أنها تحتاج إلي مستوى عالٍ من الاحتراف والتعامل وفقاً لآليات محددة دون التأثر بمؤثرات إنسانية، أو عاطفية أو أسرية. وشدد "عبدالباسط"، علي أنه لابد من التلقين المستمر، وتوجيه الجهة المخولة بتأمين المتهمين بالتعامل باحترافية كبيرة بالتزام وليس بجفاء، واختيار أفضل العناصر لعمليات الترحيل. فيما سلط اللواء أسامة همام، الخبير في شئون الأمن القومي، الضوء علي الآليات التي يجب الالتزام بها في ترحيل متهمي جرائم الإرهاب، والقتل السياسي وغيرها من الجرائم التي تهدد الأمن القومي. ونوه "همام"، إلى أنه أثناء ترحيل المتهم من السجن إلي الجهة التي يجب العرض عليها، لابد من اختيار أفضل العناصر المخصصة بتأمين مثل هؤلاء المتهمين، ومضاعفة الحراسة علي العربات المنوطة بترحيل المتهم إلي المحكمة، وأيضًا التأمين الشديد داخل المحكمة وخارجه، وتقليل عدد المسموح لهم بالدخول إلي قاعة المحكمة لسماع الجلسة بعد التأكد من هويتهم.