يؤكد المؤرخون أن الآثار المصرية القديمة احتفظت بأقدم صور الكاريكاتير في العالم كله، التي تعكس خفة ظل المصري القديم وميله إلى نقد الأوضاع المحيطة به سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية. ويوضح الأثري حازم الكريتي ل"بوابة الأهرام " إنه منذ بدء الخليقة والإنسان المصري بشوش الوجه، خفيف الظل، سريع النكتة حتى لو كانت على نفسه فهو يبدأ بالضحك على نفسه ثم على الآخرين، فقد استخدم المصري القديم جدران المقابر لتسجيل مشاهد كاريكاتيرية صامتة ولكنها تعبر عما يقوله. ويرى المؤرخون أيضًا أن علماء الآثار الأجانب والمصريين تناولوا الكثير من المشاهد الساخرة التي تعبر عن رسوم الكاريكتير مثل عالم الآثار ويليام هنري في كتابه الشهير "فن الرسم عند المصريين القدماء" وعالم الآثار باتريك هوليهان بالإضافة للأثري سيريل ألدريد في كتابه "الفن المصري القديم" حيث تحدث الأثريون بإسهاب عن فنون المصريين واختراعهم لفن الكاريكاتير . يضيف "الكريتي" أن شخصية "توم آند جيري" الكارتونية في عالمنا المعاصر والتي ظهرت للوجود في أربعينيات القرن الماضي وحازت على جوائز الأوسكار، جذورها مصرية خالصة فإن المصري القديم هو أول من صَوّر الصراع بين القط والفأر والمغامرات بينهما فكان الغرض منه هو تصوير الصراع بين الملك والشعب، فكان يرمز بالقط إلى الملك وبالفأر إلى الشعب لكن الفأر النحيل الجسد في قصص وصور المصريين القدماء كان هو المنتصر دائماً فكانت القصص الشعبية الفرعونية تنتهي دائمًا بنهاية سعيدة وهي انتصار الحق على الباطل. من هذه المشاهد نجد مشهدًا يُصوّر فرقة موسيقية أعضائها من الحيوانات والقائم بالغناء حمار، ففي هذه الصورة يهدف الفنان المصري القديم من تصويره لهذا المشهد إلى تردي أوضاع الفن والموسيقى في تلك الفترة، كذلك أيضًا يوجد مشهدًا يمثل قطا ثمينا وهو يقوم برعاية قطيعًا من "الأوز"، وفي ذلك إشارة إلى المثل الشعبي المصري في وقتنا الحالي "مسكوا القط مفتاح القرار". يوضح الباحث الأثري أن الأثريون يؤكدون أن معظم ألوان الفكاهة والسخرية قد ظهرت في الفن والأدب المصري القديم في فترات الاضطراب وكانت النكتة مؤثرة بدليل ما عثرنا عليه في رسالة يقول فيها الموظف إنه فقد وظيفته بعدما ضبطه رئيسه بالعمل يطلق نكتة خارجة عن حدود الأدب. على إحدى الجداريات، صَوّر الفراعنة ذئبًا يقود قطيعًا من "الأوز" ويعزف لهم على الناي، وفي ذلك إشارة للمقولة المصرية في وقتنا الحالي "بيغني عليهم"، وكذلك للتعبير عن إعطاء الأمان في بادئ الأمر ثم القيام بالغدر بعد ذلك قاصدًا إظهار العلاقة بين الحاكم والمحكوم. ومن المشاهد الكاريكاتيرية أيضًا نرى منظرًا لراعي شديد النحافة الذي ترى عظامه أسفل الجلد بينما يقوم برعي بقرات سمان حيث أراد الفنان من هذا المشهد التعبير عن المقولة المصرية الحديثة "وضع الشخص غير المناسب في المكان غير المناسب"، فكيف لهذا الراعي الضعيف أن يقوم بحراسة شيء غالٍ وسمين وكذلك أيضًا فيه إشارة إلى أنه لابد من تقدير الراعي حق تقدير وإعطائه الأجر المناسب على ما يقوم به من حراسة شيء غالي حتى لا يفكر بسرقة ما يقوم بحراسته. ويضيف "الكريتي" أننا نجد منظرًا آخر يُصوّر حارسًا نائمًا بجوار باب المخزن الذي يقوم بحراسته وفي ذلك دلالة على عدم الإخلاص في العمل وفي ذلك أيضًا إشارة على عدم مراعاة الحاكم لرعاياه. وهناك أيضًا مشهدا يصور فأرا عجوزا منعما ومرفها يلبس فاخر الثياب جالسًا على كرسي وثير فاخر ويقوم على خدمته قط ويقدم له مشروبًا وفي ذلك إشارة إلى تدهور الحالة الاجتماعية حيث أصبح الضعيف من ليس له أصل قويًا بماله ونفوذه في حين أصبح عالي المقام والرفعة فقيرًا خادمًا للضعيف جار عليه الزمان وغدر به. كذلك ونجد أيضًا مشهدًا آخر يصور فأرًا في هيئة قاض يفصل بين متخاصمين وأيضًا منظرًا آخر يصور قردًا واقفًا أسفل شجرة ممسكًا بإناء بينما هناك خادم قد تسلق الشجرة لإلقاء الثمر للقرد وفي هذا أسمى تعبير عن انقلاب الأحوال في المجتمع وتغير الموازين في مجتمع الفراعنة لذا نقدوه وصوره