بعد الانتخابات التى أجراها مجلس أمناء حزب المصريين الأحرار أمس الجمعة أصبح الحزب منقسما رسميا بين جبهتين برئيسين ومقرين مختلفين يتصارعان فيما بينهما على شرعية إدارة الحزب. فمنذ زلزال 30 ديسمبر الماضى الذى ضرب الحزب عندما عقد المؤتمر العام للحزب لإقرار تعديلات اللائحة وتم اتخاذ قرار بإلغاء وحل مجلس الأمناء الذى يضم بعضويته مؤسس الحزب وداعمه الأول نجيب ساويرس لم تهدأ الخلافات داخل الحزب. وتصاعدت الانقسامات والتراشق الإعلامى المتبادل بين جبهتين يقود أحدهما مؤسس الحزب نجيب ساويرس ومعه مجلس الأمناء الذى تم حله وعدد من أعضاء الحزب الذين رفضت إدارة الحزب بقيادة د. عصام خليل تجديد عضوياتهم وجمدت بعضها، وتصاعد الانقسام بصدور قرار من تلك الإدارة بفصل نجيب ساويرس نفسه من الحزب بعد إقامته مؤتمرا هاجم فيه عصام خليل ومن معه واتهمه الأخير بالإساءة له وللحزب ثم إجراء تلك الجبهة انتخابات موازية أمس فاز فيها د.محمود العلايلي برئاسة الحزب وأحمد سامر أمينا عاما. بينما يقود الجبهة الثانية د.عصام خليل وخلفه عدد كبير من أعضاء وقياداته وكتلته البرلمانية ممن أثبتوا انحيازهم له ولموقفه بحضورهم ومشاركتهم فى الانتخابات التى أجراها الحزب فى 24 مارس الماضي وفاز فيها خليل وكذلك فى افتتاح المقرات الجديدة للحزب بالقاهرة والمحافظات، ليصبح خليل مسيطرا على تمثيل الحزب بمجلس النواب ومن ثم خلال الاتصال السياسي مع مؤسسات الدولة خلال الاتصالات الرسمية . وبسبب الخلافات بين الجبهتين تركت إدارة خليل مقر الحزب القديم بقصر محمد محمود الذى تبرع به للحزب مؤسسه نجيب ساويرس قبل احتدام الصراع معه وانتقلت لمقر جديد اشتراه عصام خليل بفيلا بشارع العروبة ليصبح خليل هو الداعم والممول الأساسي للحزب، بينما تمسك ساويرس وجبهته بالمقر القديم معلنين أنه المقر الوحيد للحزب، فاتحين أبوابه أمام أعضاء الحزب من جميع المحافظات لتجديد عضوياتهم . وبعيدا عن الخلافات والاتهامات المتبادلة بين الطرفين والتى شكلت جوهر هذا الصراع تبرز مفارقات تكاد تكون قاسما مشتركا قويا بينهما خاصة بعد إجراء كل منهما انتخابات منفصلة حسمها عامل التزكية لغياب المنافسين، وبدا أن التوافق على القيادات بمثابة كلمة السر التى منعت أى منافس لهم من خوض الانتخابات فى مواجهتهم، وهو توافق فرضه الصراع الحالى بين الطرفين من جهة ومصالح داخلية فى كل جبهة من جبهات الصراع من جهة أخرى. ففى الانتخابات التى أجراها حزب المصريين الأحرار(جبهة د.عصام خليل ) كان خليل هو المرشح الوحيد الذى خاض الانتخابات على مقعد رئيس الحزب فى 24 مارس الماضى لذا كان فوزه بالمنصب محتوما ومضمونا بالتزكية، وسبق ذلك إعلانه بوضوح ودون مواربة عن اعتزامه خوض الانتخابات لدورة جديدة على رئاسة الحزب منذ اشتعال أزمة مؤتمر 30 ديسمبر وانفجار الصراع بين الطرفين. وقال مصدر مطلع بجبهة خليل ل"بوابة الأهرام" أن أعضاء الحزب الذين ساندوا عصام خليل فى مواجهة مجلس الأمناء قدروا دوره فى إنقاذ الحزب ماديا بعد توقف المهندس نجيب ساويرس عن تمويل الحزب بسبب الخلافات مع توجه الحزب السياسي منذ منتصف العام الماضي وتبع ذلك انسحاب عدد آخر من رجال الأعمال الموالين لساويرس عن تمويل الحزب. وأضاف المصدر أن خليل تصدى لمحاولة ساويرس ومجلس الأمناء فى السيطرة على الحزب، وعندما تم طرد الحزب من مقره القديم بواسطة ساويرس بطريقة اعتبرها أعضاء الحزب وكتلته البرلمانية "مهينة" قام خليل على الفور بتوفير مقر بديل يعادل المقر القديم ووعد بالتكفل بتوفير التمويل والدعم المادى اللازم لتوسع الحزب وفتح مقرات جديدة. تابع المصدر: " لذا كان من الصعب أن يعلن أحد آخر ترشحه للانتخابات فى مواجهته بعد أن اتخذ قرارا بخوض الانتخابات فى ظل المرحلة الدقيقة التى يمر بها الحزب فكان هناك إجماع وتوافق على دعمه، خاصة وأن لديه خطة لتطوير الحزب ويملك الدعم المالى الكافى لتنفيذها فضلا عن تمتعه بعلاقة طيبة مع أجهزة الدولة ومسئوليها وعلاقة جيدة مع نواب الحزب بسبب اقترابه منهم منذ اختيارهم للترشح واستقطاب معظمهم وضمه للحزب خلال إدارته لملف الانتخابات البرلمانية". وحول اختيار نصر القفاص أمينا عاما للحزب؛ أوضح المصدر : " كل ما تردد عن خلافات داخلية حول هذا الأمر تم حلها وفى النهاية كان هناك توافقا على دعم القفاص لهذا المنصب نظرا لدوره الإعلامى للرد على مزاعم مجموعة ساويرس". على الجانب الآخر أجريت أمس انتخابات موازية أدارها مجلس الأمناء بإشراف لجنة رأسها المستشار نبيل برسوم وبحضور كثيف لأعضاء الحزب من محافظات مختلفة فضلا عن عدد من مؤسسي الحزب وداعمه الأول المهندس نجيب ساويرس. وخاضت قائمة وحيدة تلك الانتخابات ضمت د.محمود العلايلي رئيسا للحزب وأحمد سامر أمينا عاما وبطبيعة الحال ضمنت تلك القائمة الفوز أيضا لغياب أى منافسة. وأوضح مصدر مطلع بجبهة ساويرس ل"بوابة الأهرام" أن: التوافق حول خوض العلايلي وسامر أمر خلقه ساويرس من خلال الدفع بالعلايلي وسامر لتصدر المشهد للرد على مزاعم جبهة خليل من جهة وفتح قنوات اتصال مع أعضاء جبهة إنقاذ"المصريين الأحرار" وكذلك أعضاء الحزب الذين استقالوا أو جمدوا عضويتهم بأنفسهم وابتعدوا بسبب ممارسات عصام خليل من جهة آخرى؛ لذا عندما تقدمت قائمتهما فضل الجميع التوافق حول مرشح وحيد من أجل توحيد الصف لمواجهة جبهة خليل كما أن كلا من سامر والعلايلي مدعومان من ساويرس بالإضافة إلى تقدير جهودهما فى الأزمة، بحسب قوله . ونفى المصدر ما تردد حول وجود خلافات داخلية تتعلق بالانتخابات، مضيفا " برغم ما يتردد حول وجود خلافات وتربيطات لدعم شخصيات بعينها إلا أن هناك تقديرا لدور نجيب ساويرس واعتذاره لأعضاء الحزب عن الأخطاء السابقة باختيار خليل، وقد اختار الأعضاء من يمثلهم دون ضغوط والدليل على ذلك عدم نجاح بعض المرشحين الذين قيل أنهم محسوبون على ساويرس ويحظون بدعمه ودعم مجلس الأمناء". وأضاف: "لقد قرر أعضاء الحزب التوافق والعمل جميعا على تنحية الخلافات من أجل إنقاذ الحزب وبناءه من جديد واسترداده من جبهة خليل وعدم السماح للقيادات الجديدة التى تم انتخابها أمس بتكرار نفس ممارسات الإدارات السابقة للحزب". ولا شك أن المرحلة المقبلة ستشهد فصولا جديدة فى الصراع بين جبهتى حزب المصريين الأحرار، وذلك فى انتظار كلمة الحسم من لجنة شئون الأحزاب التى ستستقبل أيضا ملف من جبهة ساويرس لاستعراض انتخابات الأمس كما سبق لها واستقبلت ملف مماثل من جبهة خليل، بالإضافة إلى الصراع القانونى والقضائي الدائر بين الطرفين والذى خسرت فيه حتى الآن جبهة ساويرس 3 دعاوى قضائية أمام محكمة الأمور المستعجلة لصالح جبهة خليل.