اعتاد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين الاحتفال بعيد ميلاده داخل قصره الرئاسي بقرطاج أو في منتجع الحمامات، لكن المؤكد أن بن علي الذي ولد في 3 سبتمبر 1936 سيحتفل سرا أو ربما لن يحتفل على الإطلاق بعيد ميلاده الخامس والسبعين. يقيم "بن علي" في المملكة العربية السعودية مع أسرته، وذلك بعد أن ثار الشعب التونسي عليه، عقب قيام الشاب محمد البوعزيزي يوم الجمعة 17 ديسمبر 2010 بإحراق نفسه تعبيراً عن غضبه على بطالته ومصادرة عربته التي يبيع عليها، وقيام شرطية بصفعه أمام الجميع، مما دفع التونسييين للقيام بثورتهم والتي بدأت شرارتها يوم 18 ديسمبر 2010 رافضين أوضاعهم الاقتصادية المتردية وغياب العدالة الاجتماعية وكثرة الفساد الذي استشرى داخل النظام الحاكم. ولد "بن علي" يوم 3 سبتمبر 1936 بمنطقة حمام سوسة، وانضم في بداية حياته لصفوف المقاومة الوطنية ضد الاحتلال الفرنسي، عندما كان طالبا في الثانوية، ما أدى إلى طرده من المدرسة وأدخل السجن، وهناك من ينفي ذلك بعدم حصوله على أي مؤهل علمي وأنه ترك مقعد الدراسة في الصف الخامس، ثم نال "بن علي" الدبلوم من مدرسة (Ecole spéciale militaire de Saint-Cyr) في سان سير ثم من مدرسة المدفعية في شالون سور مارن بفرنسا، وأرسله الجنرال كافي بدورة إلى المدرسة العسكرية العليا للاستخبارات والأمن في بلتيمور بالولاياتالمتحدة، ومدرسة المدفعية الميدانية (تكساس، الولاياتالمتحدة) ليتولى بعدها الأمن العسكري التونسي 10 سنوات. ثم خدم لفترة قصيرة كملحق عسكري في المغرب واسبانيا ثم عين مديرا عاما للأمن الوطني في 1977. تم تعيين بني علي وزير دولة، بعد أن قضى أربعة سنوات كسفير في وارسو، ثم عين بعدها وزيرا مفوضا للشئون الداخلية قبل أن يعين وزيرا للداخلية في 28 أبريل 1986 ثم رئيسا للوزراء في حكومة الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة في أكتوبر 1987. وعندما تولى "بن علي" رئاسة الوزراء انفتح كثيرا على الغرب ، فقد غير من تونس كثيراً وجعلها من أكثر الدول العربية المنفتحة على أوروبا. في عهده منع الحجاب الذي يصفه بالزى الطائفي، الأمر الذي دفع خصومه والمعارضين لاتهامه بشن حرب على الإسلام السياسى ورموزه، كما أنه قام بخطوات تجاه بعض التيارات الإسلامية حيث أعاد الصوفية إلى البلاد، وسمح للكنائس في تونس بالقيام بعباداتها. وفي نوفمبر 1987، انقلب "بن علي" على الرئيس الأول للجمهورية التونسية الحبيب بورقيبة بعد أن كبر سنه، وأذاع "بن علي" عبر موجات الإذاعة نص بيانه الشهير، الذي تضمّن مُعظم تطلعات التونسيين ونُخبتهم، بعد أن أشرف النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي على الانهيار الكامل. وقام بعدها "بن علي" بفتح قصر قرطاج في وجه الأحزاب والمثقفين من غير المُنتمين للحزب الدستوري الحاكم منذ استقلال البلاد عن فرنسا في مارس 1956. وبعد أن ساءت الأحوال الأقتصادية في السنوات الأخيرة لعهد الرئيس التونسي المخلوع، لم يجد الشاب محمد البوعزيزي، إلا أن يحرق نفسه تعبيرا عن ذلك، وهو ما استغله المعارضون ل"بن علي" وسياساته وكانت هنا بداية الثورة التونسية التي أطاحت ب"بن علي". هرب زين العابدين بن علي إلى السعودية في 14 يناير 2011 م، وقام محمد الغنوشي رئيس الوزراء بإعلان توليه رئاسة الجمهورية بصفة مؤقتة وذلك بسبب تعثر أداء الرئيس لمهامه وذلك استنادًا على الفصل 56 من الدستور التونسي والذي ينص على أن لرئيس الدولة أن يفوض الوزير الأول في حال عدم تمكنه من القيام بمهامه، غير أن المجلس الدستوري أعلن تولي رئيس مجلس النواب فؤاد المبزع منصب رئيس الجمهورية بشكل مؤقت، وذلك لحين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة خلال فترة من 45 إلى 60 يومًا حسب ما نص عليه الدستور في الفصل 57. تطالب الحكومة التونسية السعودية بتسليمه إليها لمقاضاته في أكثر من 136 دعوى قضائية مرفوعة ضده. ويحتفل الرئيس المخلوع زين العابدين "بن علي" الذي حكم تونس نحو 23 سنة، في منفاه في ظل مطالبات التونسيين بمحاكمته بعدد من التهم، بينها حيازة أسلحة ومخدرات واختلاس أموال عامة فضلا عن تهم خاصة بارتكاب جرائم قتل في أثناء الانتفاضة الشعبية التي أسفرت عن استشهاد أكثر من 300 تونسى.