لم يكن يتصور أحد من المراقبين أن يتسع نطاق الاحتجاجات في تونس، والتي تفجرت في ديسمبر بعدما أشعل شاب يعاني البطالة النيران في نفسه في بلدة سيدي "بوزيد"، لتمتد إلى الإطاحة برئيس البلاد القوي زين العابدين بن علي، الذي تولى السلطة منذ 23 عاما، وهو ثاني رئيس للجمهورية التونسية منذ استقلالها عن فرنسا عام 1956 بعد الحبيب بورقيبة. ولد بن علي في مدينة حمام سوسة في 3 سبتمبر 1936، وعندما كان طالبا في ثانوية سوسة انضم إلى صفوف المقاومة الوطنية ضد الحكم الفرنسي على تونس كحلقة اتصال الحزب الحر الدستوري الجديد المحلي، مما آل إلى طرده من المدرسة وأدخل السجن. وأكمل الدراسة الثانوية بينما هناك نفي لحصوله على أي مؤهل علمي وأنه ترك مقعد الدراسة في الصف الخامس.. ثم نال "بن علي" الدبلوم من المدرسة العسكرية الخاصة في سان سير، ثم من مدرسة المدفعية في "شالون سور مارن" بفرنسا، وأرسله حماه الجنرال كافي بدورة إلى المدرسة العسكرية العليا للمخابرات والأمن في بلتيمور بالولايات المتحدة، ومدرسة المدفعية الميدانية بولاية تكساس الأمريكية، ليتسلم بعد انتهائها، الأمن العسكري التونسي لمدة 10 سنوات. ثم خدم لفترة قصيرة كملحق عسكري في المغرب وإسبانيا ثم عين مديرا عاما للأمن الوطني في 1977، وعين كسفير إلى بولندا لمدة أربع سنوات، ثم عين بعدها وزير دولة ثم وزيرا مفوضا للشئون الداخلية، قبل أن يعين وزيرا للداخلية في 28 أبريل 1986، ثم رئيسا للوزراء في حكومة الرئيس الحبيب بورقيبة في أكتوبر 1987. وفي فجر يوم السابع من نوفمبر 1987، تمّ الشروع في تنفيذ خُطة استهدفت إزاحة الرئيس الأول للجمهورية التونسية الحبيب بورقيبة في انقلاب غير دموي بعد أن بلغ من العمر عتيا، ثم استمع التونسيون لأول مرة عبر موجات الإذاعة لصوت الرئيس "بن علي" وهو يقرأ نص بيانه الشهير الذي أعلن فيه أن بورقيبة عاجز عن تولي الرئاسة. وأقام أول انتخابات تعتبر قانونيا، تعددية سنة 1999 بعد ما يربو على 12 سنة من تسلمه الحكم وصفها البعض بأنها انتخابات تعددية مخلصة للأحادية، حيث إن نتائجها كانت قد اعتبرت محسومة سلفا لصالحه. وأجرى تعديلا دستوريا بالفصلين 39 و40 من الدستور لإزالة الحد الأقصى لتقلد المنصب الرئاسي ومنحه الحق في الترشح لانتخابات 2009، ومنح تراخيص عمل لعدة أحزاب غير فاعلة ونشاطها السياسي ضئيل كحزب الخضر والاتحاد الديمقراطيين الاشتراكيين، مع مواصلة حظر حركة النهضة وحزب العمال الشيوعي التونسي نظرا لشعبيتهما العالية لدى الأوساط الدينية، خاصة العمالية. وصنفت جماعات حقوق الإنسان الدولية وكذلك الصحف الغربية المحافظة مثل "الإيكونومست" النظام الذي ترأسه "بن علي" بالاستبدادي وغير الديمقراطي. وانتقت بعض من تلك الجماعات مثل منظمة العفو الدولية وبيت الحرية والحماية الدولية المسئولين التونسيين لعدم مراعاة المعايير الدولية للحقوق السياسية، وتدخلهم في عمل المنظمات المحلية لحقوق الإنسان. وباعتبارها من النظم الاستبدادية، فقد صنفت تونس في مؤشر الديمقراطية للإيكونومست لسنة 2010 في الترتيب 144 من بين 167 بلدا شملتها الدراسة، ومن حيث حرية الصحافة فإن تونس كانت في المرتبة 143 من أصل 173 سنة 2008.