ليس بديهياً أن يقال إن متحف الفن الإسلامى يحوى بين جدرانه على روائع من الفنون التى أبدعها الفنانون فى مصر والعديد من بلاد العالم الإسلامى خلال أكثر من ألف عام، لكن، ورغم أن زيارة المتحف تقدم لنا صورة عامة لهذا المتحف بمقتنياته إلا أن المتعة والفائدة لا تكتمل إلا عندما يصاحب القطع الأثرية المعروضة شرح يوضح قيمتها الفنية وأهميتها التاريخية، لكن مهما طالت مدة الزيارة، فلن تكفى لمطالعة البطاقات المصاحبة لهذه القطع ولا تكفى أيضًا لمتابعة القاعات التى تعرض فيها. من هنا تأتى أهمية الكتاب الموسوعى الذى كتبه الناقد الفنان الدكتور صبحى الشارونى، تحت عنوان (روائع متحف الفن الإسلامى بالقاهرة)، والصادر عن الدار المصرية اللبنانية وطبعته الأولى فى أغسطس 2008 ويقع فى 128 صفحة من الحجم الكبير، للمؤلف الدكتور صبحى الشارونى الذى ولد بالقاهرة فى 3 أبريل عام 1933 وتخرج فى كلية الفنون الجميلة عام 1958 وحصل على الماجستير عام 1979 ثم الدكتوراه عام 1994، عمل صحفياً وناقداً فنياً بجريدة "المساء" ويعد من أبرز مؤرخى وموثقى الحركة الفنية التشكيلية بمصر، وحصل على العديد من الجوائز منها جائزة الدولة التشجيعية لعام 1986 عن تسجيل ودراسة الفنون التشكيلية والشعبية، وجائزة الدولة للتفوق فى الفنون عام 2006 وجائزة اخناتون من كلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا ونوط الامتياز من الطبقة الأولى فى يونيه 1991. بتساؤلات عدة تبعتها إجابات قيمة، ذكر المؤلف فى بداية مقدمته عن "مصر تحت الحكم العربى" كيف اندمج المصريون فى الحكم الإسلامى العربى وكيف تمصر العرب الفاتحون، وكيف ظهرت روائع الفن العربى والإسلامى فى مصر مع قيام الدولة الطولونية تحديداً بعد أن ظلت مصر طوال القرون الثلاثة الأولى من الحكم العربى لها متأثرة بالفن القبطى فى الزخارف مع اختفاء العناصر المتأثرة بالقصص اليونانية والرومانية القديمة، كما اختفت مشاهد التعاليم الدينية المسيحية التى استمرت داخل الكنائس والأديرة كفن شعبى لا يحظى برعاية الحكام. شرح المؤلف كيف تميز الفن الجديد باتجاه واضح نحو التسطيح واختفاء التجسيم تطبيقاً لتقاليد الفن القادم من الصحراء، لكن العصر الطولونى ظهر فيه استقلال الفن المصرى عن الفنون السابقة بعد أن نقل الطولونيون الأساليب الفنية التى سادت فى العراق فقام الفنانون المصريون بتهذيبها فظهرت التحف الفنية البديعة بعد ذلك فى العصر الفاطمى. تطرق إلى أنه مع قدوم الحكم الأيوبى والانتقال من المذهب الشيعى إلى السنى بدأ استخدام الخط النسخى محل الخط الكوفى فى زخرفة المنتجات، وفى عصر المماليك بلغت الحرف الفنية أقصى درجات الازدهار وكان القرن الرابع عشر يمثل عصر نهضة فنية رائعة نتيجة الثراء بفضل نمو التجارة التى تمر بمصر فى الطريق بين أوروبا وآسيا وإفريقيا لكن اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح فى القرن الخامس عشر وتحول التجارة العالمية وقتها إليه، تدهورت أحوال الاقتصاد وانهزم المماليك أمام العثمانيين الذين نقلوا الحرفيين المهرة من مصر إلى القسطنطينية فانتكس الفن. أفاد بأنه رغم عودة معظم هؤلاء الصناع والفنانين إلى مصر بعد موت سليم الأول لكنهم لم يستطيعوا إعادة التألق إلى الفن المصرى فى العصر العثمانى وخلال القرن الثامن عشر تسرب تأثير الفن الغربى وخاصة طراز (الباروك) إلى الفن التركى الذى ظهر فى عهد حكم أسرة محمد على بمصر وتدريجياً انتهى عصر الفنون الإسلامية فى مصر. تناول المؤلف معلومات سريعة عن متحف الفن الإسلامى بالقاهرة منذ وافق الخديوى إسماعيل على اقتراح بإنشاء مجموعة متاحف عام 1863، ثم استعرض تصنيفات التحف المعروضة بالمتحف بعد تقسيمها إلى تحف معدنية ذهبية وبرونزية ونحاسية وفضية منها تماثيل وأباريق ونافورات ومباخر وشمعدانات وأوعية وقصعات ونياشين وعملات معدنية وسيوف وخناجر ذهبية ومسارج وقنينات للعطر ومقالم ومشكاوات ونجف وثريات وكراسى. تناول فى ختام كتابه الموسوعى أعمال الفخار والخزف وشبابيك القلل وكلها تتميز بتنوعها وثرائها بالزخارف والإبداعات الرائعة التى يصعب استعراضها فى نبذة مختصرة.