مع اشتعال أسعار الأراضى ووصولها لمستويات قياسية سواء فى المدن الجديدة أو داخل المدن القديمة، بدأت الحكومة التفكير فى التوسع الرأسى بما يعمل على زيادة المطروح من الوحدات السكنية، وفى ذات الوقت يحافظ على الأراضي، ويقلل من تكلفة الوحدات السكنية المعروضة للبيع، يرى أساتذة التخطيط وخبراء العقارات أن ندرة الأراضى وقلة المعروض من الوحدات السكنية سبب رئيسى فى ارتفاع الأسعار، فالأرض تمثل جزءًا كبيرًا من التكلفة فى المدن الجديدة، خصوصًا التجمع والقاهرة الجديدة، حيث وصل سعر المتر فى بعض الأماكن إلى 11 ألف جنيه للمتر بسبب تقييد الارتفاعات فى بعض المدن حيث تشرط المجتمعات العمرانية الجديدة ان يكون البناء »دور أرضى و7 أدوار« بحد أقصى 24 مترًا فقط، وصل سعر متر الأرضى المناطق القريبة من وسط المدينة إلى 30 ألف جنيه وبالتالى يمكن أن تصل قطعة أرض ال 750 مترًا، لما يناهز ال 20 مليون جنيه، ورغم ندرة الأراضى تعتبر مصر من الدول الخالية من ناطحات السحاب، إذ لا يوجد فيها مبانٍ تزيد على 200 متر، فيما لا تتجاوز العقارات التى يبلغ ارتفاعها 100 متر عدد أصابع اليد الواحدة، وذلك رغم دخول الكثير من الدول العربية كالإمارات وقطر، ذلك المجال وتتوسع فيه بصورة مطردة، الأمر الذى جعل البعض يطالبون بتعزيز فكرة التوسع الرأسى فى العقارات المصرية للحفاظ على الأراضي، خاصة فى قلب مدن الدلتا للحفاظ على الأراضى الزراعية.. يرحب المهندس حسن درة، رئيس مجموعة شركات «درة» العقارية، بالتوسع الرأسى موضحا أن المشكلة الرئيسية التى تواجه الإسكان فى مصر هى ندرة المعروض، وبالتالى فإن الحل فى زيادة بناء الوحدات العقارية لمواجهة الطلب والتوسع الرأسى يحل تلك المشكلة، فالمعروض سيزيد على مساحة أرض واحدة ويقلل التكلفة، وضرب مثالاً على ذلك، قائلاً: «قطعة الأرض التى تبلغ قيمتها 400 ألف جنيه، لو تم تأسيس 5 شقق عليها، فإن نصيب كل واحدة منها من ثمن الأرض 80 ألفًا، لكن لو تم تقسيمها على 10 فستقل التكلفة إلى 40 ألفا، وإذا زادت ل 20 وحدة فستبلغ التكلفة 20 ألفا فقط، مشددًا على أن المرافق فى المدن الجديدة تستوعب تلك الزيادات فشبكات المياه الكهرباء والصرف لا تزال جديدة، كما توجد مساحات تمنع حدوث اختناقات أو أزمات مرورية. الدكتور أحمد راشد، أستاذ التخطيط العمرانى بالجامعة البريطانية، يرى أن التوسع الرأسى يمثل تكرارًا لفشل التخطيط، لأنه يعنى أن تزيد فوق التكدس والازدحام الموجود تكدسًا آخر، فمعنى أن تتوسع رأسيا فى مدينة تضم الملايين أنك تضيف الملايين عليهم، والمرافق بالطبع لن تستوعب تلك الزيادات، خصوصًا الكهرباء والمياه والنقل والمواصلات، وبالتالى التوسع الرأسى لن يحل مشكلة الإسكان، وطالب بتأسيس وزارة جديدة تحمل اسم «المستقبل» أو»الخروج والفتح» تكون مهمتها التخطيط لتعمير ال 95٪ المتبقية من مساحة مصر، فالحكومة وزراؤها مستغرقون فى حل مشكلات ال 5٪ التى يعيش عليها المصريون حاليًا، وشدد على ضرورة التخطيط للمدن الجديدة بطريقة تقضى على «أمراض الوادى»، وأن يكون التعمير وتسكين المواطنين فى ذات الوقت، فلا يصح أن أبدأ بالتعمير ولا أوفر خدمات أو فرص عمل للمواطنين، ولا ينفع نقل المواطنين لأماكن لا تستوعبهم فتحدث العشوائية، وتتكرر مشكلة تركز المواطنين بجانب الطرق والمرافق مما يؤدى لارتفاع أسعار تلك المناطق بنسب كبيرة، و يقول محمد سعيد، مؤسس الجمعية التعاونية لإسكان خريجى الصيادلة فى الدقهلية: إن سعر متر الأرض فى المنصورة وصل ل 70 ألف جنيه فى الأماكن الممتازة، وفى المناطق العادية يتجاوز ال 7 آلاف جنيه، مشيرا إلى وجود نقص فى المعروض، موضحا أن الأراضى فى الظهير الصحراوى بمنطقة جمصة تصل قطعة الأرض ل 400 ألف جنيه، وأشار الى ان حل التوسع الرأسى قد يساهم فى التغلب على ارتفاع أسعار الأراضى.. الدكتور نبيل حامد، أستاذ الطرق والتخطيط العمراني، يطالب بالتوسع الأفقى فى المدن الجديدة، والرأسى فى محافظات الدلتا وقلب المدن، لمنع التعديات على الأراضى الزراعية، غير انه يشدد فى ذات الوقت على أن تكون شبكات الطرق والمياه والكهرباء فى مستوى استيعاب تلك الزيادة، حتى لا تحدث أزمات فلابد من التنظيم الجيد فى المرافق والمرور. يقول ان المشكلة الرئيسية فى مصر تكمن فى التخطيط الجيد لبناء المدن، وتقدير عدد سكانها والمرافق والخدمات التى تحتاجها، وبعدها يتم المد إلى شبكات الطرق، حتى يتم تصميم تلك الطرق لتستوعب الكثافات المقررة، لتجنب المشكلة التى نعانى منها والمتمثلة فى تركز الكثافات السكنية، بجانب المحاور المرورية والطرق بما يعنى أن تكون التنمية والتعمير سابقة لمد شبكات النقل. وأوضح حامد أن التخطيط الجيد يقضى على جميع المشكلات فإنشاء طريق يخدم منطقة جامعية يختلف تمامًا عن طرق أخرى تخدم مصانع أو نوادى أو مناطق سكنية عادية، فأى طريق من المفترض أن يكون ضمن مخطط عمرانى متكامل، حتى لا تحدث عشوائية..