هنا فى منطقة السبتية يقع مشروع تطوير منطقة الترجمان الذى يشمل ميناء القاهرة البرى والمول التجارى وساحات انتظار السيارات ذلك المشروع الذى تم انشاؤه لتغيير معالم منطقة الترجمان من منطقة عشوائية تمارس فيها مختلف الممارسات المجرمة قانونا لتصبح واحدة من مناطق الجذب الاقتصادى بما يحسن من سمعة المنطقة. ------------ إلا أنه رغم أن ذلك كان هدف انشائه؛ جاءت محافظة القاهرة لتقرر أن يكون ميناء الترجمان هو المكان الذى سيتم نقل الباعة الجائلين المنتشرين فى شوارع وسط العاصمة اليه فى سبتمبر الماضى ليتحول إلى سوق للملابس المستعملة والسلع الرخيصة الثمن بدلا من مشروع تجارى يدر عائدا اقتصاديا على البلاد، ليصبح الترجمان حائرا بين قرارات المسئولين وليتحول من مكان جاذب إلى مكان طارد اقتصاديا. بدأ العمل فى انشاء ميناء القاهرة البرى بالترجمان كخطوة نحو تغيير معالم منطقة الترجمان التى كانت وكرا لممارسة جميع الأفعال المجرمة قانونا كالاتجار فى المواد المخدرة وتعاطيها والبلطجة والأفعال الفاضحة حيث تم طرح مزايدة علنية فى عام 1999 بين عدد من الشركات لاسناد تنفيذ المشروع اليها وفازت الشركة القابضة للنقل البحرى والبرى لانشاء ميناء القاهرة البرى تشتمل على محطة لنقل الركاب كمكون رئيسى للمشروع، واسند المشروع للشركة بنظام حق الانتفاع لمدة 32 عاما على أن يؤول المبنى لمحافظة القاهرة بعد انتهاء المدة. تساهم فى المشروع 12 جهة تضم المساهم الرئيسى وهى الشركة القابضة للنقل البحرى والبرى بنسبة 31.6٪ وشركات نقل الركاب التابعة للشركة القابضة وتضم شركات شرق الدلتا وغرب الدلتا والصعيد بنسبة 16.5٪ وشركات الحاويات ونقل البضائع التابعة للشركة القابضة -عددها 4 شركات- بنسبة 26٪ وشركة النصر العامة للمقاولات «حسن علام» بنسبة 15.7٪ وشركة الاتحاد العربى للنقل البرى «سوبرجيت» بنسبة 3٪ وشركتى الاهرام للاستثمار والاخبار للاستثمار بنسبة 3٪ لكل منها ثم أحد رجال الأعمال ويدعى رشاد عثمان بنسبة 1٪ وهو ما يعكس مساهمة المال العام بأكثر من 98٪ من أسهم الشركة. بلغت تكلفة المشروع ابان تنفيذه حوالى 240 مليون جنيه غير شاملة سعر الأرض المقام عليها وبدأ التشغيل التجريبى على مراحل بدأت أولاها بالجراجات ثم محطة نقل الركاب واخيرا المول التجارى والمركز الترفيهي. تمت الاستعانة بادارة أمناء الاستثمار بالبنك الأهلى لتسويق المول التجارى ثم الاستعانة بشركة متخصصة فى التسويق مع الاستعانة بشركة متخصصة فى الدعاية والاعلان لهذا الغرض وتم تأجير مساحات كبيرة لشركات كبرى متخصصة فى عدد من المجالات إلا أن اضطراب الظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية بعد اندلاع ثورة 25 يناير أجبرت العديد من المستأجرين على عدم دفع القيمة الايجارية مما حوله الى مساحة تجارية غير مستغلة. وبالعودة إلى انتقال الباعة الجائلين إلى منطقة الترجمان وبعد مرور قرابة الثلاثة أشهر على تجربة توطينهم فى أماكن بديلة عن شوارع وسط العاصمة التقينا عددا منهم للوقوف على تقييمهم للتجربة إلا أن ردود أفعالهم جاءت غاضبة رافضة متهمين الحكومة بالتلاعب بهم. حسين أبو حطب -احد الباعة الجائلين من بائعى الملابس المستعملة- يقول إن المنطقة «ما قدرتش تجيب رجل الزبون» وأن العائد عليه من وقوفه فى شوارع وسط العاصمة كان أربح كثيرا من وجوده فى الترجمان مشيرا إلى أن جميع الباعة الجائلين يعانون فى تلك المنطقة من قلة الزبائن بشكل عام. فى حين يتهم محمد أو أحمد - من بائعى الكتب المستعملة- الحكومة بالتلاعب بهم فوعد الحكومة لهم بأن وجودهم فى الترجمان هو بشكل مؤقت لحين نقلهم إلى منطقة وابور التلج حيث سيقام مول تجارى لهم هناك هو كلام وصفه بأنه «وهم وخيال» فأرض وابور التلج مازالت فارغة ولم يتخذ بشأنها أى قرار بالانشاء حتى الان فضلا عن أن هذا المكان كان قد وعدت الحكومة بتخصيصه لأهالى بولاق فى اطار مشروع تطوير مثلث ماسبيرو قائلا: «الحكومة ضحكت علينا ومافيش حلول قدامنا». أما محمد الشيخ - بائع أجهزة تحكم التليفزيونات والرسيفرات- فيؤكد أنهم كانوا قد تقدموا للجهات المعنية أكثر من مرة لتخصيص أماكن لهم فى عبد المنعم رياض والفلكى بما ينفذ مطلب الدولة فى الحفاظ على المظهر الحضارى لشوارع وسط العاصمة من جهة وبما يساعدنا على الربح والحفاظ على الزبون من جهة أخرى إلا أن كلها مقترحات قوبلت بالتجاهل من قبل المحافظة. من جهته يقول اللواء أشرف يوسف -رئيس مجلس إدارة والعضو المنتدب للشركة المصرية للمشروعات المتكاملة المالكة لميناء القاهرة البرى «الترجمان»- إن قرار المهندس ابراهيم محلب -رئيس الوزراء- بنقل الباعة الجائلين إلى منطقة الترجمان استتبعه تجهيز الأماكن التى من المفترض أن تستوعب 3 الاف بائع جائل هم جملة الباعة الجائلين بمنطقة وسط العاصمة وتم تجهيز 3 اماكن تم الاستقرار عليها بعد عدة زيارات قام بها رئيس الوزراء والمحافظ ووزيرا الاستثمار والداخلية وهى ساحة شنن وساحة الصحافة والمنطقة الخلفية لمول الترجمان التجارى. إلا أن تجهيز هذه المناطق لم يكن له عائد ايجابى على الميناء - كما يقول يوسف - فهذه الساحات من المفترض أنها ساحات انتظار سيارات، فمشروع الترجمان يشتمل على جراجات وساحات انتظار سيارات تسع 2267 سيارة منها جراجات سفلية تسع وحدها 750 سيارة فى حين ان اشتراك السيارة الواحدة 300 جنيها شهريا أى أن ميناء الترجمان يفقد شهريا منذ نقل الباعة الجائلين الى الساحات التى خصصت لهم به ما يقارب نصف مليون جنيه إلا أن تدعيم توجه الدولة نحو افراغ منطقة وسط العاصمة من الباعة الجائلين فكان علينا الانصياع لذلك دون الالتفات إلى الأضرار أو الخسائر التى ستقع على عاتقنا جراء ذلك. ويكشف يوسف أن المحافظة كانت قد تعهدت بتحمل جميع النفقات المتعلقة باستهلاك الكهرباء والمياه إلا أنه منذ انتقال الباعة الجائلين فى سبتمبر الماضى لم تف المحافظة بتلك الالتزامات وقدمنا مطالبة الى المحافظة بدفع مبلغ 60 الف جنيه عن استهلاك المياه والكهرباء عن ثلاثة أشهر تحملها ميناء القاهرة منها 20 الف للكهرباء وحدها، مشيرا إلى أن منطقة الترجمان أصبحت منطقة طاردة للاستثمار بعكس ما كان المأمول منها. وحول المساحات غير المستغلة بمول الترجمان التجاري؛ يوضح يوسف أن مول الترجمان يتكون من دور أرضى وميزانين و3 طوابق ويقع على مساحة 29 ألف متر مربع ويشتمل على 6 أدوار عرض ومسرح منها دارا عرض كاملتا التجهيز و4 أدوار تحت التشطيب وتسع 2000 متفرج. ويكشف يوسف عن أنه كان قد تم تأجير 5 الاف متر مربع -هى مساحة المركز الترفيهى بالمول- لكبرى الشركات المتخصصة فى ادارة دور العرض «جود نيوز» المملوكة لعماد الدين أديب إلا أنها توقفت عن النشاط قبل ثورة 25 يناير وكان مديونا للمول ب6 ملايين جنيه، ونظرا لأن أموال الشركة ككل فى عداد المال العام فقد تم اتخاذ جميع الاجراءات القانونية ضده حفاظا على أموال المساهمين ونجحنا بالفعل فى استلام تلك المساحة من الشركة وحصلنا على حكم بتحصيل المديونية. كما تم تأجير حوالى 4 الاف متر مربع لشركة المحمل - من كبرى شركات السلع الغذائية فى مصر- لاقامة هايبر ماركت إلا أن أحداث ثورة يناير وما تلاها من أحداث أدت إلى تعرضه للسرقة فتوقف عن النشاط إلا أنه رفض تسليم المساحة المؤجرة إلى إدارة المول إلا بعد الموافقة على سداده 50٪ فقط من المديوينة الخاصة به واتخذنا جميع الاجراءات القانونية بعد العديد من المفاوضات التى لم تنجح ومازالت متداولة حتى الان. ويوضح يوسف أن ما سبق هو أمثلة على حال المساحات غير المستغلة بمول الترجمان مشيرا إلى أن حالة الكساد التى يشهدها أدت اليها مجموعة من العوامل من أبرزها أن المستأجرين يرفضون تسليم المساحات المؤجرة لهم الا اذا تمت الموافقة اما على اسقاط المديوينة وإما جدولة نسبة منها وهو ما لا تملكه ادارة المشروع لأنه مال عام غير مملوك لأفراد، لافتا إلى أنه تم الانتهاء منذ أيام من اعداد كراسة شروط لطرح 12 الف متر مربع غير مستغلة بالمول التجارى فى مزايدة علنية فضلا عن طرح المساحة الخاصة بالمركز الترفيهى من خلال مزايدة اخرى ومنح تسهيلات فى السداد أملا فى جذب المستثمرين. ويشير إلى أنه من أكبر التحديات التى تواجه مشروع الترجمان هو وضع الميناء البرى الذى نص قانون المرور على أن يكون هو نقطة الانطلاق لأى مركبة متجهة إلى أى من محافظات الجمهورية إلا أن أصحاب شركات النقل -العامة والخاصة- تعتمد فى حركتها على نقاط انطلاق غير رسمية منها ما هو فى ميدان عبد المنعم رياض وميدان رمسيس وغيرها وهو ما يضر كثيرا بالميناء الذى تكلف انشاؤه 6ملايين جنيه إلا أن الوضع الحالى ادى الى عدم استغلال جميع الحارات الموجودة بالميدان دون أى تحرك من قبل المحافظة لاحتواء ذلك. وعن محطة أتوبيس النقل العام التى أعلنت المحافظة عن اقامتها هناك يؤكد يوسف أن انشاء هذه المحطة على اعتبار أنها «نقطة انطلاق» سيعود بالسلب على الميناء الذى خصص فى الأساس ليكون نقطة انطلاق لأتوبيسات السفر وليس النقل العام وأنه من الأجدى اقامة المحطة على أنها محطة مرور عابرة وليس نقطة انطلاق حتى تسهم ولو بنسبة قليلة فى جذب المواطنين للمنطقة. فيما يهاجم اللواء محمد أيمن - نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية والمشرف على مشروع توطين الباعة الجائلين- ما قاله الباعة الجائلون ويؤكد أن وجودهم بشوارع وسط العاصمة أمر غير قانونى ولا يصح لأى شخص أن يستحوذ على الملكية العامة كما أن نقلهم جاء مواكبا للبدء فى مشروع تطوير القاهرة الخديوية للعودة بهذه المنطقة إلى جمالها وأهميتها السابقة كمركز اقتصادى بوسط العاصمة فضلا عن أن المحافظة وفرت لهم البديل المناسب وهى منطقة الترجمان مما وفر عليهم «الفردة» التى كانوا يدفعونها شهريا وتكلفة أماكن التخزين قائلا: «فلا يمكن أن يُرد على المجهود الذى تبذله المحافظة بمثل هذا الهجوم». ويضيف أن وضعهم الحالى هو بشكل مؤقت لحين الانتهاء من اقامة اسواق بديلة كاشفا عن قرب الانتهاء من سوق المسلة بمنطقة المطرية وجار العمل فى بناء سوق وابور التلج نافيا ما قيل عنه أنه «وهم». وقال إن تجربة نقل الباعة الجائلين إلى الترجمان ناجحة جدا وقد قامت المحافظة بتخصيص موقف للسرفيس هناك فضلا عن الاتفاق مع مديرية الطب البيطرى بمحافظة القاهرة على تخصيص أماكن هناك لبيع اللحوم المجمدة والحية طوال العام والاتفاق مع عدد من التجار لبيع بضاعاتهم بسعر التكلفة بتلك المنطقة.