سيطر الارتباك على قطاع المقاولات خلال الفترة الأخيرة فى ظل الارتفاع المتزايد فى سعر الدولار أمام الجنيه، الأمر الذى استوجب ضرورة التحرك من قبل اتحاد التشييد والبناء لوقف نزيف الخسائر الذى تعانى منه الشركات. ودخل مسئولو الاتحاد فى مباحثات مع وزارة الإسكان لحل تلك الأزمة وإيجاد بدائل من شأنها مساندة المقاولين ومساعدتهم على إتمام المشروعات، وذلك من خلال تعويضهم عن فارق الأسعار، خاصة فيما يتعلق بالمعدات التى يتم استيرادها من الخارج والتى شهدت أسعارها ارتفاعا كبيرا بالتوازى مع ارتفاع الدولار. الارتباك يسيطر على قطاع المقاولات بسبب أزمة الدولار وأكد حسن عبد العزيز رئيس الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء، أنه منذ بدء أزمة الدولار تم عقد سلسلة من الاجتماعات مع مسئولى وزارة الإسكان لإيجاد حلول سريعة لفارق الأسعار لمنع أى خسائر تترتب على تلك الأزمة، مشيرا إلى أنه تم الاتفاق مع الوزارة على تعويض المقاولين عن فارق أسعار مواد البناء متمثلة فى الحديد والأسمنت، وأيضا المواد البترولية، دون النظر إلى مواعيد توقيع العقد، اى أن ذلك يتم بأثر رجعى. وأضاف عبد العزيز، أنه رغم ذلك فإن هناك مشكلات أخرى ترتبت على ارتفاع الدولار، وفى مقدمتها أسعار النقل التى ترتبط ارتباطا وثيقا بأسعار المواد البترولية، حيث إن فارق الأسعار المتفق عليه مع الوزارة يتضمن المواد البترولية التى تدخل فى أعمال الإنشاءات، كما أن معظم الآلات والمعدات التى تدخل فى تلك الصناعة يتم استيرادها من الخارج، وأسعارها شهدت زيادات بنسب لا تقل عن 30٪ جراء ارتفاع الدولار، حيث تلجأ الشركات إلى السوق السوداء حتى تتمكن من توفيره. وأوضح رئيس الاتحاد، أن شركات المقاولات لا تستطيع صرف الفارق عند إقدامها على شراء واستيراد معدات من الخارج، وهو ما يؤدى لتحمل شركات المقاولات أعباء مالية كبيرة عند ارتفاع سعر الدولار، موضحا أنه منذ الارتفاعات الأولى فى أسعار المواد البترولية التى عملت على رفع سعر النقل، أرسل الاتحاد أكثر من خطاب رسمى لمختلف الجهات المعنية، بضرورة وضع حلول لهذه المشكلة، حتى يتم تلاشى مشكلة تأخر بعض المشروعات بسبب عدم صرف فروق الأسعار. وأشار عبد العزيز، إلى أن الاتحاد فى انتظار إقرار البرلمان لمشروع القانون الذى أعده الاتحاد لتمكين شركات المقاولات من صرف كل الفروق اللازمة عند ارتفاع سعر الدولار أو المواد الخام المستخدمة فى مواد البناء. ومن جانبه قال عادل صبحى عضو اتحاد مقاولى التشييد والبناء، إن ملف التعويضات فى حاجة إلى تطبيق وفقا لاختلاف طبيعة العمل داخل قطاع المقاولات، حيث إن مقاولى الطرق تختلف عن مقاولى مشروعات المياه والصرف أو مقاولى الإسكان وفقا لنسب الاعتماد بين هذه المشروعات على استيراد مستلزماتها من الخارج، وتأتى فى الصدارة شركات المقاولات المنفذة لمشروعات المياه والصرف التى تعتمد على استيراد مكونات ومستلزمات من الخارج بصورة كبيرة، كما أنها تواجه أزمة فى تدبير الدولار. وأضاف صبحى، أن الاتحاد أبلغ كل شركات المقاولات أن أعمال حصر قيمة فروق الأسعار للشركات ستتم جدولتها بشكل رسمى لتقديمها إلى جهات إسناد الأعمال لصرفها كاملة للمستحقين، وانه بدأ العمل فعليا على تلك الجدولة، بالتزامن مع مناقشة القانون داخل أروقة البرلمان، مشددا على أن تطبيق القانون بما يحقق متطلبات المقاولين يأتى على رأس الأولويات التى يجب التركيز عليها، حيث إن تلك الخطوة أهم بكثير من إقرار القانون. وأوضح أن عدم التزام جهات الإسناد بتطبيق القانون فور إقراره بصورة عاجلة سيساهم فى تكثيف الأعباء المادية على الشركات ويحملها منفردة عواقب تذبذب قيمة العملة، مشيرا إلى أن أى زيادات فى التكاليف ستؤدى إلى توقف بعض الشركات عن مشروعاتها وعدم إنهاء البعض الآخر للمشروعات فى المواعيد المحددة، ومن ثم خروج شركات عديدة من السوق. ومن جانبه أكد المهندس داكر عبد اللاه عضو الاتحاد المصرى لمقاولى التشييد والبناء، أن محدودى الدخل تعد الشريحة الأكثر تضررا من ارتفاع سعر الدولار، حيث إن معظم الشركات التى تعمل فى المشروعات الخاصة بتلك الشريحة لن تتمكن من استكمالها أو ستلجأ إلى رفع أسعارها النهائية الامر الذى لا يتناسب مع إمكانيات تلك الشريحة. وأوضح أن مصر تعتمد على الاستيراد فى تلبية 70 ٪ من احتياجتها الأساسية، وهو ما يعظم من الآثار السلبية لرفع سعر صرف الدولار، وينذر بارتفاع غير مسيطر عليه فى أسعار السلع الأساسية، مشيرا إلى أن نسبة 90٪ من المكونات التى تدخل فى صناعة العقار تعتمد على أسعار الصرف بصورة رئيسية. وتابع أن طبيعة عقود المقاولات المطبقة، لا تشمل معامل تغير سعر صرف الدولار، لأنها معتمدة بالجنيه، فارتفاع الدولار سيزيد من أسعار الكاوتش وقطع غيار المعدات والسيارات التى تستخدم فى أعمال المشروعات وغيرها بما يزيد من التكلفة الإجمالية للتنفيذ دون ترجمة لفروق الأسعار التى يحصل عليها المقاول. وأشار إلى أن استمرار الارتفاع فى سعر الدولار وعدم توافره يدفع المقاول فى اتجاه السوق السوداء للحصول على الدولار، وهو ما ينعكس على رفع تكلفة التنفيذ، مع تقليص أرباح المقاول التى تم بناء عليها الموافقة على الدخول فى المشروع، مؤكدا أن الشركات الصغيرة والمتوسطة هى الأكثر تضررا من تلك الأزمة، وهما تمثلان أكثر من 80 ٪ من الشركات العاملة فى السوق أعضاء اتحاد المقاولين، ودونهما لن تستطيع الدولة تنفيذ خططها التنموية.