إنها حقا قضية فساد يمكن أن تتحول إلى فيلم أو مسلسل درامى.. تلاعب وإهدار لمخصصات ومقدرات وطن.. انتزاع حق مواطن كادح وزيادة معاناته .. استدعتنا هذه التداعيات لفتح ملف فساد منظومة توريد القمح نستعرضها من خلال تفاصيل وأسرار ومستندات نفجرها بسبب فضيحة توريد الأقماح الوهمية والمغشوشة وانعكاساتها السلبية على منظومة رغيف الخبز والسلع التموينية.. تفجرت القضية بعد تصريحات وزارة التموين «الوردية» التى أكدت خلالها أن العامين الحالى والماضى شهدا ارتفاعا في معدل توريد القمح إلى 5.5 مليون طن رغم ثباته بما لا يتجاوز 3.7 مليون خلال السنوات الطويلة الماضية خاصة و أن المساحة المنزرعة تقلصت من 3.6 مليون إلى 3.2 مليون فدان! ولم تجر أى عمليات لرفع الإنتاجية.فكيف يرتفع التوريد بلا سبب او مبرر!! وقفزت ميزانية الوزارة من 30 مليارًا إلى 50 مليار جنيه رغم أن وزير التموين خالد حنفي أعلن أن منظومة رغيف الخبز الجديدة والسلع التموينية وفرت ما لا يقل عن 6 مليارات جنيه !!، كما قفز معدل طحن الدقيق للمخابز من 750 ألف طن سنويًّا إلى 950 ألف طن رغم الإعلان عن وفر فى استهلاك العيش!. وهو الأمر الذى دفع البرلمان إلى تشكيل لجنة تقصى حقائق اكتشفت إهدار 407 ملايين جنيه فى 9 صوامع فقط من إجمالى 517 صومعة على مستوى الجمهورية ! وتكتشف الأجهزة الرقابية إهدار 465 مليون طن فى 100 صومعة، كما اكتشفت صومعة واحدة سجلت فى دفاترها وجود 39 ألف طن قمح وبعد الجرد كانت الكمية الحقيقية 19 ألف طن فقط!وتم إهدار و«ابتلاع» 55 مليون جنيه نتيجة وجود 20 ألف طن عجزًا للكمية.. لم يقتصر الفساد على توريد الأقماح بل امتد إلى عملية «تربيح» للمخابز بصرف حصص أرغفة وكميات دقيق وهمية بعد التلاعب فى ماكينات الصرف الإلكترونية.. وهكذا تشابكت خيوط ملف الفساد ما بين توريد وهمى وخلط القمح المستورد والمحلى لجنى مكاسب من الحرام ، وتلاعب فى منظومة الخبز وأرقام وإحصاءات متناقضة، وتجارة سوق سوداء.. وأمام هذا كله مواطن تزيد معاناته يقف حائرًا مندهشًا لا حول له ولاقوة.. «الاقتصادى» يكشف بالمستندات مسلسل التلاعب والكسب الحرام .. توريد القمح .. قصة فساد كيف يتحقق وفرًا فى استهلاك الخبز بينما معدل طحن الدقيق قفز من 750 ألف إلى 950 ألف طن شهريًّا؟!! مخالفات جسيمة تكتشفها لجنة تقصى الحقائق : إهدار 47 مليون جنيه فى 9 صوامع فقط! صاحب صومعة يتلاعب بدفاتر توريد القمح و ينهب 55 مليون جنيه والأجهزة الرقابية: إهدار 475 مليون جنيه فى 100 صومعة شون وصوامع الدولة لا تستوعب سوى 4 ملايين طن وإنتاجنا 9 ملايين فأين تذهب الكمية الباقية؟! «التموين» أعلنت أن منظومة الخبز الجديدة وفرت 6 مليارت جنيه ورغم ذلك قفزت ميزانية الوزارة من 30 مليارًا إلى 50 مليار جنيه! يقول د. نادر نور الدين مستشار وزير التموين الأسبق بهيئة السلع التموينية وعضو الجمعية العامة للشركة القابضة للصناعات الغذائية سابقا: بدأ الإعداد الجيد لمنظومة فساد توريد القمح من العام الماضى بما حول الفاسدين إلى أصحاب ملايين من الجنيهات وفى نفس الوقت يخدعون الشعب بزيادة توريد القمح. ورفع خالد حنفى وزير التموين الحالى سعر رغيف الخبز من 29 قرشا لرغيف وزن 130 جراما، إلى 35 قرشا لرغيف وزن 90 جراما، وتم تحديد حصة كل مواطن بما لا يزيد على خمسة أرغفة يوميا. ومع فساد منظومة الخبز وجد الوزير نفسه أمام مأزق زيادة استهلاكنا الشهرى من القمح إلى 950 ألف طن شهريا بدلا من 700 ألف طن فقط قبل تطبيق منظومته التى وعد بأنها ستعمل على تخفيض وارداتنا من القمح بنحو 2 مليون طن سنويا فإذا بها ترفع استهلاكنا منه بنحو 2.5 مليون طن سنويا! أضاف د . نادر: كشف قرار وزير التموين بتحديد مواصفات استلام القمح المحلى فى الموسم الماضى على أمرين بالغى الخطورة وليس لهما سابق تطبيق فى مصر، الأول هو النص ويوضوح على عدم رفض القمح القادم للشون والصوامع والمصاب بالحشرات والسوس «حفاظا على المال العام!!»، وبالطبع لا يمكن للقمح القادم من الحقول مباشرة والخارج للتو من سنابله أن يكون مصابا بالحشرات والتسوس والتى تصيب القمح فى المخازن بسبب طول فترة التخزين، وثانيا أن ينص القرار على أنه «حفاظا على المال العام!» رغم أن القمح المصاب بالتسوس والحشرات ما زال مالا خاصا ملكا للتاجر أو المورد ولم يصبح بعد ملكا للدولة التى لا يمكن أن تضحى بمالها العام فى قمح مسوس ومصاب بالحشرات لأن الوزير أراد أن يوهمنا أنه مال عام رغم أن الدولة من حقها أن ترفضه بل أن تصادره وتحول صاحبه إلى النيابة للمحاكمة فى تهمة غش وتدليس وهنا يكون الحفاظ على المال العام هو مصادرة القمح لصالح الدولة ومحاكمة الفاسدين وليس دفع المال العام للدولة للفاسدين أو لشراء قمح فاسد مصاب بالسوس والحشرات. الأخطر هو المعد سلفا للتمهيد لمنظومة فساد التوريد ففى العام الماضى كان تجريف مخزون مصر الإستراتيجى من القمح ثم إبلاغ المسئولين فى الدولة بحتمية السحب من القمح المحلى أثناء موسم التوريد بسبب عدم وجود قمح فى مصر وعدم القدرة على الانتظار حتى نهاية موسم التوريد وإجراء عمليات الجرد على القمح المورد للدولة ومطابقة كمياته على ما دفع فيه من أموال! وبذلك يكون تم إجهاض عملية الجرد السنوى المعتادة لإخفاء أى توريد وهمى أو توريد لأقماح مستوردة على كونها أقماحا مصرية محلية، بالإضافة إلى أن السحب من القمح المحلى أثناء موسم التوريد يمكن أن يؤدى إلى جريمة أخرى وهى ازدواج التوريد بمعنى أن سيارة القمح المحلى التى تخرج من شونة أو صومعة قمح فى محافظة المنوفية على سبيل المثال يمكن أن تذهب إلى صومعة أو شونة أخرى فى محافظة القليوبية مثلا أو فى الجيزة وتورد مرة أخرى على أنها قمح قادم من الحقول، ثم يتم إرسال حمولة أخرى من القمح المستورد إلى المطاحن على كونها قمحا محليا والتوقيع من المطحن على وثيقة استلام هذا القمح المستورد على كونه قمحا محليا وإلا سيكون الجزاء حرمان المطحن من أى حصة مستقبلا وخروجه من منظومة رضاء الوزارة عنه وربما إغلاقه. وهنا يظهر أن القمح نفسه تم توريده مرتين وتم سداد ثمنه مرتين وحل محله قمح مستورد أقل ب 1300جنيه فى السعر لكل طن فى العام الماضى وتم إخفاء أى معالم للجريمة بإجهاض عملية الجرد السنوى لأن القمح الطازج يتم السحب منه يوميا بسبب عدم وجود مخزون إستراتيجى من القمح فى مصر مع زيادة الاستهلاك الشهرى من القمح إلى 950 ألف طن بدلا من 700 ألف طن فى المعتاد لإخفاء جريمة نحو 2 مليون طن قمح تم استلامه وهميا وبذلك لا بد من زيادة المطحون وهميا أيضا وبالتالى تحولت هذه الجريمة إلى جريمة جديدة باستخدام الجريمة الأولى لتجريف المخزون الإستراتيجى من القمح فى تحقيق أرباح بجريمة ثانية اسمها التوريد المزدوج والوهمى للقمح ثم إحلال القمح المستورد بالقمح المحلى والاستفادة بألف جنيه عن كل طن مزور اعتمدتها الدولة لدعم فلاحيها الفقراء فذهبت إلى جيوب الفاسدين. زيادة بلا مبرر! لم يكن من المستغرب -كما يقول د. نادر- فى نهاية موسم التوريد أن يعلن وزير التموين عن ارتفاع القمح المحلى المورد للوزارة فى العام الماضى إلى 5.5 مليون طن بدل من الثابت خلال السنوات الخمس السابقة لتوليه المسئولية عند مستوى 3.7 مليون طن فقط بفارق 1.8 مليون طن دون وجود أى مبرر لهذه الزيادة بأن تكون تمت زيادة المساحة المنزرعة بالقمح أو استخدام تقاوى جديدة من القمح عالية الإنتاجية أو توزيع الأسمدة مجانا على المزارعين وأى من هذه الأمور لم تحدث. الوزير يدافع اضاف د. نادر : وزير التموين خرج علينا مدافعا عن منظومة التوريد مبررا زيادة التوريد غير المبررة للقمح فى العام الماضى بأن الفلاح قد اطمأن على رغيفه بعد منظومة الخبز الحالية وبالتالى لم يعد فى حاجة إلى احتجاز كميات من القمح المحلى لخبز رغيفه وقام بتوريد قمحه كاملا بما أدى إلى زيادة معدل التوريد فى القمح غير المبررة. وهذا الأمر مردود عليه بأن التوريد هذا العام من القمح المحلى قد انخفض إلى 4.850 مليون طن فقط بانخفاض 650 ألف طن عن توريد العام الماضى فهل هذا يعنى فقدان الفلاح الثقة مرة أخرى فى منظومة رغيف الخبز وعودته إلى تخزين جزء من قمحه مرة أخرى لخبز رغيفه؟! الغريب فى الأمر أن وزير التموين خرج على الشعب المصرى ليقول إن توريد القمح هذا العام قد زاد بنسبة 25٪ عن المستهدف استلامه وهو 4 ملايين طن من القمح؟! فكيف تكون الوزارة قد تسلمت فى العام الماضى 5.5 مليون طن من القمح ويكون المستهدف هذا العام هو 4 ملايين طن فقط؟! فلماذا لم يعترف الوزير بانخفاض التوريد هذا العام عن العام الماضى؟! وهل كان تحديد المستهدف بأربعة ملايين طن فقط اعتراف ضمنى من وزير التموين بفساد منظومة توريد القمح فى العام الماضى وأن الطفرة التوريدية خادعة وفاسدة؟! وبالتالى عودتها إلى 4 ملايين طن فقط قريبة من الثابت خلال خمس سنوات وهو 3.7 مليون طن فقط؟! وهل كان الوزير ينوى عدم تكرار فساد منظومة توريد العام الماضى خاصة ان هيئة السلع التموينية والصوامع التابعة للوزارة تسلمت وحدها 60٪ من القمح المورد بدلا من 20٪ فى الأعوام السابقة وكذلك الشون الخاصة المستأجرة من صوامع وزارة التموين بلا مبرر لأن صوامع الوزارة كانت خاوية وتسمح بتخزين القمح المحلى إلا أنها فضلت استئجار صوامع وشون قطاع خاص بهدف أنه عند الضبط يتم إلقاء المسئولية على صاحب الصومعة أو الشونة متناسين أن لجان الوزارة توقع على محاضر الجرد ومخزون هذه الصوامع والشون من القمح. الأمر الثابت حقا أن نجاح منظومة فساد توريد القمح فى العام الماضى وتحقيقها لأرباح ليس بأقل من 1.8 مليار جنيه تتسع للتوزيع على العديد من الفاسدين وتحول كل منهم إلى «مالتى مليونير» فى زمن قليل وفى غفلة من الدولة. قال د.نادر نور الدين : الغريب أن وزارة التموين خرجت هذا العام لتؤكد أن حق الدولة محفوظ وأن الوزارة شاركت فى كشف الفساد.. وهذا كلام مخالف للواقع ، وهنا نسأل الوزير: أين حق الدولة من قمح العام الماضى البالغ 5.5 مليون طن وليس 4.8 مليون فقط مثل هذا العام التى ثبت فساد نصفها على الأقل؟! ولماذا لم تحرر الوزارة ومفتشوها محضرا واحدا لمخالفات التوريد فى العام الماضى؟! ولماذا دافعت بشدة عن منظومة توريد العام الماضى . وإذا كان حجم الفساد من توريد القمح هذا العام بالمليارات فما هو حجم فساد توريد العام الماضى الذى يزيد كثيرا عن توريد هذا العام؟! ألم تكن مكافأة من الوزارة للمخابز إلغاء عقوبة الحبس لسرقة وزن الرغيف والاكتفاء بالغرامة فقط رغم تعدد حالات البيع الوهمى للخبز وكروت صرف الخبز المضروبة والفاسدة؟! ألم يتم ضبط 3 أفراد فقط من منظمى الكروت وقد تربحوا 209 مليون جنيه من منظومة الخبز الفاسدة الموجهة إلى مصلحة التجار؟! فمن يسرق رغيف يحبس ومن يسرق ملايين الأرغفة يكتفى بالغرامة فقط حتى يعاود الاشتراك فى السرقة. يؤكد د. نادر ان سياسة واجراءات وزارة التموين أدت الى فساد منظومة الصوامع وأفسدت منظومة الطحن ومنظومة المخابز كما أفسدت منظومة الكروت و منظومة الأسعار وأوصلت سعر كيلو الأرز إلى 10 جنيهات لأول مرة فى تاريخ مصر وقام التجار بتهريب الأرز للخارج واستيراد قمح «الإرجوت» الذى ثبت احتواءه على مواد ضارة لمجاملة تجار على حساب صحة الشعب المصري، و ترك الأرز والزيت والسكر للتجار ليرفعوا الأسعار براحتهم ويتحكموا فى البلاد كما تم الاعلان ان الوزارة ستقدم دعما نقديا للفلاح الزارع للقمح ثم يبيعونه للتجار وليس للدولة التى دفعت الدعم؟! وما حقيقة ختم اللحوم السودانى المستوردة بخاتم اللحوم البلدية وبالتالى تسريب لحوم المجمعات التى تباع بسعر 50 جنيها لتباع علنا فى محلات الجزارة بمائة جنيه لأنها تحمل نفس الخاتم الأحمر؟! أضاف د. نادر: فى نهاية موسم التوريد فى العام المنتهى وبعد أن أبلغنا جميع الجهات الرقابية بما حدث من فساد التوريد وأن السحب أثناء التوريد هو أساس كل فساد، فصدرت الأوامر هذا العام بعدم السحب مطلقا من القمح المحلى إلا فى بعد نهاية موسم التوريد وإجراء عمليات الجرد ومطابقة المدفوع من أموال الدولة على الموجود فعليا فى الصوامع والشون، مع مطابقة تقارير لجان الجرد الصورية التى ذهبت لتوقع وبتعليمات بأن كل شىء تمام بل إنه تم التصديق على كميات من القمح موجودة فى الصوامع والشون تقدر بثلاثة أضعاف الكميات الفعلية الموجودة فى هذه الصوامع! وفى مواجهة من البرلمان لوزير التموين بفساد الصوامع والشون التى تم جردها والتى تجاوز الفساد بها 250 مليون جنيها وقف الوزير امام النواب وقال إن جرد 5 ملايين طن من القمح أمر مستحيل ولا يمكن تحقيقه ويحتاج الأمر إلى أعداد بشرية مهولة بينما حقيقة الأمر أن مجرد جرد 200 صومعة وشونة من إجمالى 500 وهو عدد صغير يمكن جرده والتحقق من الفساد بها. وركز الوزير على كم القمح وليس عدد الصوامع والشون، متناسيا أن كمية القمح الفعلية لن تزيد على 3.7 مليون طن فقط وهو يعلم ذلك تماما وليس 5 ملايين كما صرح. الواقع ان منظومة الفساد بدأت من العام الماضى وأدى نجاحها ومرورها إلى إعادة تطبيقها هذا العام لولا يقظة الجهات الرقابية. خبراء وموظفين!! قال د. محمد أبو شادى وزير التموين السابق إن عملية توريد المحاصيل الاساسية للدولة كانت تتم وفق ضوابط نظام الدورة الزراعية التى اعتمدت على وزارة الزراعة لتسويق المحاصيل باعتبار أن التسويق جزء من عملية الزراعة وبالتالى بعدما تغيرت المنظومة منذ سنوات قليلة وتولت وزارة التموين ادارة المنظومة اصبح السؤال: هل لدى الوزارة من يفهم جديا فى عملية خلط القمح مثلا والتفرقة بين الاقماح المحلية والمستوردة ؟! التى تحتاج الى خبير زراعى وليس موظف تموين، وبالتالى ليس هناك علاقة لوزارة التموين بإدارة ملف القمح من الناحية الفنية التى تحتاج الى خبرة ودراسة تكشف بالعين المجردة عمليات الغش، والحقيقة ان اللجان الحالية التى تقوم بعملية فحص الاقماح تم تشكيلها فى فترة تبعية هيئة السلع التموينية لوزارة الصناعة والتجارة فى حكومة أحمد نظيف حتى عام 0102 وكانت وزارة الصناعة وقتها تتسلم القمح لمصلحة هيئة السلع التموينية التى اعتمدت على موظفين اداريين وجودهم مثل عدمهم وبالتالى تعتبر اللجان الحالية بشكلها المشار اليه استمرارا للفساد الذى يعترى توريد القمح. اضاف ابوشادى: من خلال مراجعة بيانات وزارة التموين على مدى 02 عاما نكتشف أن مصر تستهلك 51 مليون طن قمح سنويا بشكل قد يكون ثابتا وتخصص كمية تتراوح بين 5.9 مليون الى 01 ملايين طن لرغيف الخبز المدعم ويقوم القطاع الخاص بتوريد 5 ملايين طن لانتاج الخبز الافرنجى والحلويات والعجائن ونتيجة لغياب نظام الدورة الزراعية تزرع مصر من 9 ملايين الى 5.9 مليون طن سنويا وتعلن الحكومة عن بدء موسم توريد محصول القمح خلال الفترة من 51 ابريل حتى 51 يوليو من كل عام، وفى الوقت نفسه يتم رصد الاسعار العالمية وعلى اساسها يتم تحديد الحافز المجزى الممنوح للفلاح الذى يزرع القمح وهو حاليا فى حدود 008 الى 0001 جنيه لكل طن قمح تشجيعا لاستمرار زراعته ورغم هذا الحافز يتراوح معدل التوريد بين 5.2 مليون الى 5.3 مليون طن سنويا فقط ولم يزد هذا المعدل سوى مرة واحدة فى عهد د. جودة عبد الخالق وزير التموين الاسبق وارتفع الى 7.3 مليون طن. يضيف أبو شادى: بالتالى اذا كان معدل التوريد يدور حول هذا المعدل ولا يتجاوز 5.3 مليون طن فى الغالب فكيف اذن تعلن وزارة التموين انه خلال العامين 4102 - 5102 و5102 - 6102 تم توريد 5.5 مليون طن فى السنة رغم انخفاض المساحة المزروعة بالقمح من 6.3 مليون الى 2.3 مليون فدان ؟! وهذا ما فجر القضية، وتزامن مع هذا اكتشاف حالات ثراء فاحش حدثت بشكل غير مشروع لاصحاب صوامع وتجار خاصة أن هناك خسائر حقيقية حدثت عمدا من مسئولى وزارة التموين خلال الموسمين الماضيين. قال د. ابوشادى: إن منظومة القمح انحازت لاصحاب المخابز على حساب المستهلك فتم خفض وزن الرغيف من 031 الى 09 جراما وفى الوقت نفسه استمرت وزارة التموين تحاسب اصحاب المخابز على ذات الانتاجية للجوال بانه ينتج 0021 رغيف ومنح المخبز 001 جنيه حافزا عن كل جوال ومن المفترض أن ترتفع انتاجية جوال الدقيق الى 0041 و0051 رغيف بعد تقليص حجم الرغيف وهذا لم يحدث واستمرت الوزارة تحاسب المخبز وتدعمه بإنتاج 0021 رغيف من كل جوال وليس 0051 رغيف. كما رفعت حافز سعر انتاجيته منذ 08 جنيها تكلفة انتاجية الجوال الى 611 جنيها ثم 031 جنيها ودخلت كل هذه الزيادات فى جيوب اصحاب المخابز واستمر نهب مخصصات الدولة فى هذا القطاع وهو ما يمثل عبئا شاقا على ميزانية البلد. اشار د. ابو شادى الى أن وزارة التموين قامت بالتوجه الى سلع بديلة تكلفتها 6 مليارات جنيه تحت مسمى نقاط فارق الخبز، والسؤال اذا كانت وزارة التموين تردد حاليا انها حققت 4 مليارات جنيه وفرا من استهلاك الخبز فالحقيقة تؤكد انه كان من المفترض توفير 61 مليار جنيه لأن المواطن كان يشترى رغيف الخبز ب 5 قروش ويتم دفع 02 قرشا من الوزارة للمخابز عن كل رغيف باعتبار انه تم تحديد سعر 33 قرشا تكلفة كل رغيف ومع استغناء للمواطن عن كل رغيف فمن المفترض أن يتم توفير 02 قرشا فيصبح الوفر 21 مليار جنيه وليس 6 مليارات . مشيرا الى أنه قام بترك الوزارة كوزير تموين فى الاول من مارس 4102 وكانت ميزانية الوزارة 03 مليار جنيه منها 61 مليار جنيه موجهة لدعم رغيف الخبز منها و41 مليار جنيه مخصصة للسلع التموينية الارز والسكر والزيت أما الآن فى عهد الوزير الحالى خالد حنفى فقد قفزت الى 05 مليار جنيه والسؤال هنا: اذا كانت المنظومة الجديدة التى اعلنتها وزارة التموين قد حققت انضباطا ووفرا فى الدعم فكيف تزيد ميزانية الوزارة؟! كما اعطت الوزارة ثغرة لصاحب المخبز ببيع الدقيق بالسوق السوداء وفى نفس الوقت اغلب اصحاب المخابز لا خبزوا ولا باعوا بعد التلاعب فى البطاقات الالكترونية والتلاعب كذلك فى صرف المقررات التموينية لدى البقالين فحصل كلا الطرفين اصحاب المخابز والبقالين على ارصدة الكترونية وهمية من خلال ما يعرف بنظام »الفلاشات« التى يتم ادخالها فى ماكينات الصرف وتقوم بتسجيل عملية صرف وهمية، كما ألغت وزارة التموين نظام الحصص للمخابز وتركت للمخبز حرية التصرف فى كمية الدقيق التى لم تستخدم فى خبر الرغيف المدعوم حيث كان يتم طحن 057 ألف طن دقيق للمخابز شهريا يتم استهلاك 007 ألف طن ويتبقى 05 ألف طن وخلال العامين الاخيرين قفز معدل الطحن الشهرى إلى 059 ألف طن نتيجة الطلب المتزايد من عمليات التلاعب فى المنظومة. البرلمان ينتفض يوضح النائب ايهاب عبد العظيم عضو لجنة تقصى الحقائق بالبرلمان حول قضية فساد توريد وتخزين الاقماح ان اللجنة تشكلت بناء علي طلب مقدم من 25 نائبا بالبرلمان بسبب فساد توريد الاقماح في الصوامع والشون والهناجر الخاصة والمتعاقد معها الشركة القابضة للصوامع والشركة العامة للصوامع، مشيرا الي ان اللجنة قامت بزيارة 11 موقعا لصوامع كشفت عن اهدار 407 ملايين جنيه في 9 صوامع فقط من إجمالى 517 صومعة علي مستوى مصر، كما ان جميع الصوامع التابعة للدولة لاتستوعب اكثر من 4 ملايين طن قمح وانتاجنا السنوى 9 ملايين طن فأين يذهب الباقى؟! بجانب أن الأجهزة الرقابية الممثلة في الرقابة الادارية ومباحث التموين اكتشفت اهدار 465 مليون جنيه في 100صومعة في شكل عجز الكميات الموجودة في الصوامع والشون وتوريدات وهمية . واشار الي أن هناك فريق عمل رقابى من جهات عديدة وكذلك الاستعانة بشركة عالمية متخصصة في القياس وهى مصرية الجنسية من اجمالى 3 شركات فقط تعمل داخل مصر في عمليات القياس والتفتيش واللجنة والشركة والاجهزة الرقابية تزور الصوامع وتفتش علي الدفاتر والسجلات لمعرفة كميات التوريد المسجلة ومعرفة قيمة الاقماح علي ارض الواقع ومدى مطابقتها مع الكمية بعد الجرد، مؤكدا ان هناك فسادا حقيقيا تم اكتشافه فى كل صومعة تم زيارتها سواء في شكل عجز في الكميات او وجود أتربة ورمال وحصى او اقماح ملقاة علي الارض ومكشوفة كما تم اخذ عينات من الاقماح وتحليلها في معهد بحوث تقاوى القمح لمعرفة مدى خلط الاقماح المحلية بالمستوردة وكذلك داخل المعامل المركزية بوزارة الصحة للتأكد من خلو الاقماح من الفطريات والسموم والآفات . وأوضح النائب عبد العظيم انه في احدى عمليات المداهمة، تم ضبط ان الكميات الموردة بدفاتر صومعة في طريق مصر اسكندرية الصحراوى 39 ألف طن وبالجرد بمعرفة الشركة العالمية للقياس اتضح ان الوجود الفعلى لايتعدى 19 ألف طن وبالتالي هناك عجز 20 ألف طن وبلغ قيمة هذا الفساد 55 مليون جنيه استولى عليها صاحب الصومعة. وأوضح النائب ان فارق السعر بين القمح المحلى والمستورد بلغ 800 جنيه لمصلحة المحلى لكل طن يستولى عليها من يقوم بخلط الاقماح المستوردة بالمحلية ويوردها علي أنها اقماح محلية. ويتوقع النائب عبد العظيم ان يبلغ اجمالي ما تم اهداره في منظومة فساد توريد الاقماح ، 6 مليارات جنيه نتيجة عمليات الطحن الوهمى والتلاعب في الكميات وخلط الاقماح، مؤكدا ان اللجنة سوف تنتهى خلال ايام من اعداد التقرير النهائي وعرضه علي مجلس النواب.