د.خالد الزعفراني: تركيا لم تعد ملاذا آمنا للإخوان ولندن قد تكون الخيار البديل - د. خالد يايموت: سيتجه إلى بناء علاقات إستراتيجية مع إيران وروسيا وإسرائيل
- أحمد بان: الرئيس التركى أصبح يعتبر الإخوان عبئا على سياساته
أجمع الخبراء على أن تركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة فى 15 يوليو، ستختلف بشكل كبير عن تركيا قبلها، معتبرين أن السياسة التركية ستتأثر كثيرا بما حدث وقد تشهد تغييرات كثيرة فى علاقات النظام وتحالفاته الإقليمية ستطول بشكل كبير علاقة الأتراك بجماعة الإخوان المسلمين التى يتخذ معظم قياداتها من العاصمة التركية إسطنبول مقرا لإقامتهم منذ ثورة 30 يونيو التى أسقطت حكم الجماعة بمصر. وكشفت مصادر مقربة من قيادات الإخوان بتركيا ل»الأهرام العربي» أن الجماعة تدرك منذ فترة أن هناك نية لدى الرئيس أردوغان فى تقليل دعمه للجماعة وخصوصا أنها على مدار 3 سنوات لم تنجح فى إحداث تغيير يذكر بمصر برغم الدعم الكبير الذى قدمته تركيا . وأكدت المصادر أن التغير التركى مع الإخوان سيتم سواء حدث الانقلاب أم لم يحدث، مشيرة إلى أن الجماعة تتوقع مستقبلاً سيئاً فى علاقاتها بأردوغان . من جانب آخر ، ألمح خبراء إلى قدرة جماعة الإخوان على التعاطى مع التغير المتوقع فى السياسة التركية وأن تتعامل ببراجماتية شديدة للحفاظ على مصالحها مع أنقرة . وأشار الخبراء إلى أن براجماتية جماعة الإخوان ونفعيتها المعروفة قد تدفعها للانقلاب على أيدلوجياتها الإسلامية وتغيير مواقفها من القضايا الدولية وفقا للرؤية التركية . وتوقع د. خالد يايموت أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك محمد الخامس بالعاصمة المغربية الرباط فى تصريحات ل»الأهرام العربي» أن يسعى أردوغان للخروج من أزماته الداخلية والصدام الدولى مع تركيا، دون مراعاة لمصالح الإخوان الحزبية، مشيرا إلى أن الرئيس التركى سيتجه مجددا لخلق علاقات إستراتيجية مع إيران وروسيا وإسرائيل . وأكد أن العلاقات القائمة بين تركيا وتلك الدول ستشهد تغيرات تكون أساسا مبنية على البراجماتية وليس القيم السياسية الدينية، وهذا ما يفسر التحولات الجارية فى العلاقات بين تركيا والإمارات العربية فى الآونة الأخيرة. وأشار يايموت إلى أن تركيا سترجع لسياستها الدولية قبل الربيع العربى مع السعى للحفاظ على مصالحها كدولة بغض النظر عن التزامها الأخلاقى مع تنظيمات الإسلام السياسى لكن فى الوقت نفسه، يمكن أن تؤدى هذه التحولات إلى تغيير مواقف كل من الإخوان وتلك الدول تجاه العديد من القضايا، وهذا بدوره سينتج نوعا من المساومات والتوافقات بين الإسلام السياسى والمحاور الدولية الجديدة التى تنشط من خلالها تركيا. ولفت النظر إلى أن هذا التحول التركى قد يتبعه تحول إخوانى فى التعاطي مع عدد من القضايا الدولية متوقعا تغير الخطاب الإخوانى حول القضية الفلسطينية والدورين الروسى والإيرانى . وأكد يايموت، وهو خبير فى الحركات الإسلامية أن الأيديولوجية الإخوانية ستتغير والموقف من المصالحة التركية الإسرائيلية كان بداية لخطاب إخوانى جديد يتم بلورته فى هذه المرحلة العصيبة من تاريخ التنظيم. ولكن قيادات سابقة بالإخوان توقعت أن تفكر الجماعة فى البحث عن مكان جديد لعناصرها الهاربة بإسطنبول فى ظل التغيير المتوقع فى السياسة التركية، فضلا عن عدم استتباب الأمور بشكل كبير للرئيس التركى رجب طيب أردوغان الذى يعتبر الداعم الأكبر للجماعة. وأكد خالد الزعفرانى القيادى السابق بجماعة الإخوان المسلمين أن تركيا لم تعد ملاذا آمنا للإخوان فالوضع تغير بعد محاولة الانقلاب الفاشلة . وأوضح الزعفرانى ل»الأهرام العربي» أن الأوضاع الحالية بتركيا ستستنزف النظام وتجبره على تغيير سياساته وتحالفاته، خصوصا فى ظل وجود حالة من الغضب لدى قطاعات كبيرة من الجيش والقضاء بعد التنكيل بقيادات كبيرة منهم عقب فشل الانقلاب وهو ما يعزز احتمالية حدوث انقلاب جديد خلال فترة ليست بالبعيدة . وأشار الزعفرانى إلى أن قيادات بارزة فى الإخوان بدأت البحث عن عاصمة جديدة تستقر فيها خوفا من التحولات التركية ،لافتا النظر إلى أن لندن تعتبر الأقرب للجماعة نظرا للعلاقة التاريخية بين الإخوان وبريطانيا. ويرى أحمد بان الباحث المتخصص فى شئون الإخوان أن الجماعة تدرك منذ فترة طويلة حتى من قبل الانقلاب أن سياسة تركيا اختلفت، وأن أردوغان نفسه أصبح يرى الإخوان عبئا كبيرا على سياساته . واعتبر الباحث فى تصريحات ل»الأهرام العربي» أن أردوغان قد انتهى سياسيا وخرج من الأزمة أضعف مما كان، مشيرا إلى أن المعارضة التركية برغم وقوفها فى وجه الانقلاب فإنها لن تصمت على سياسات حزب العدالة والتنمية ودعمه للجماعات الإسلامية، وهو ما تدركه قيادات بالحزب التى تعتزم تغيير إستراتيجيتها مع الإخوان بدليل الهجوم الذى شنه أحد قيادات الحزب من مساعدى أردوغان، حيث أعلن أن الإخوان أجهضوا التجربة الديمقراطية بمصر ويريدون تكرار فشلهم بتركيا. وكشف بان عن لقاء تم بين مسئولين بالحكومة التركية وقيادات إعلامية إخوانية من المسئولين عن فضائيات الجماعة التى تنطلق بإسطنبول دعواهم فيها لعدم الإساءة لمصر . وكان عمرو قورقماز، مستشار رئيس الوزراء التركى لشئون العالم العربى ، قد وجه رسالة شديدة اللهجة لجماعة الإخوان والإسلاميين المقيمين بتركيا بشكل عام، وقال قورقماز فى تصريحات إعلامية خلال شهر إبريل الماضى إن الإسلاميين المقيمين ببلادنا يهددون الديمقراطية فى تركيا بالفشل بعد أن أفشلوها ببلادهم ، وهى الرسالة التى اعتبرها مراقبون أقوى تهديد من النظام التركى لحلفائه الإسلاميين عامة والإخوان على وجه الخصوص . واعتبر ميشيل حنا الحاج مستشار المركز الأوروبى العربى لمكافحة الإرهاب - أن الرئيس التركى رجب طيب أردوغان مهدد بانقلاب جديد حال استمراره فى دعم الإسلام السياسى المتماشى مع تطلعات حركة الإخوان المسلمين. وأوضح الحاج ل»الأهرام العربي»أن أردوغان أمام مفترق طرق ولديه خياران لا ثالث لهما، إما أن يتشدد أكثر فى نهج الإسلام السياسى الذى يتبناه ويفرض دستورا جديدا رئاسيا يضع كل السلطات بين يديه، أو أن يتعلم الدرس ويسعى لتعديل خط سيره ويتقبل مزيدا من الديمقراطية. وحذر الباحث من أن محاولة أردوغان إلغاء العلمانية من الدستور التركى وفرض الإسلام كدين للدولة عوضا عن العلمانية، قد يؤدى لانقلاب جديد تشارك فيه عندئذ قطاعات أوسع من الجيش حفاظا على الصفة العلمانية للدولة التركية. وحذر الباحث من أن رد فعل أردوغان على الانقلاب وحملة التطهير التى يقودها بمؤسسات الدولة تعزز توجهه نحو التشدد وما قد يشير لاحتمالية حدوث انقلاب جديد. لكن على عبد العال، الباحث المتخصص فى شئون الحركات الإسلامية، يرى أن الإخوان قد تسعى للاستفادة من فشل الانقلاب على أردوغان، خصوصا مع اقتراب ذكرى فض اعتصام رابعة . وقال عبد العال ل»الأهرام العربي» إن مكاسب الإخوان من فشل الانقلاب سياسية ودعائية، مشيرا إلى أن الجماعة ستصدر بيانات تحريضية للمصريين من أجل الاستفادة من الدرس التركى . واتفق معه فى الرأى طارق بو السعد القيادى السابق بجماعة الإخوان، مؤكدا أن الإخوان ستسعى بعد فشل الانقلاب لتدعيم اتصالاتها مع الجانب القوى داخل حزب العدالة والتنمية لتعزيز وجودها فى ظل وجود أصوات رافضة لبقائها داخل حزب أردوغان نفسه . وأكد أبو السعد ل»الأهرام العربي» أن الجماعة ستسعى لاستغلال فشل الانقلاب فى تحفيز عناصرها وحلفائها بمصر فى محاولة الحشد والتعبئة للمظاهرات التى من المتوقع أن تدعو لها الجماعة فى ذكرى فض رابعة الشهر المقبل . لكن هذه الرؤية يرفضها محمد أبو سمرة، القيادى السابق بتحالف دعم الشرعية، مؤكدا ل»الأهرام العربي» أن قطاعات كبيرة من الإسلاميين ترفض مشاركة الإخوان فى فاعلياتهم، مشيرا إلى أن المشاركة معهم مجازفة غير محمودة العواقب ومرفوضة كليا من كثير من الإسلاميين. واعتبر أبو سمرة أن الإخوان لا يملكون الرؤية الصحيحة بخلاف أنهم لا يملكون برنامجا معلنا ولا رؤية لما بعد سقوط النظام اللهم إلا بضع تظاهرات وبيانات وقنوات فضائية وانتظار فرج ربنا .