السيد حسين قال الروائي والمفكر الكبير واسيني الأعرج، خلال الجلسة الأولى من فعاليات "الملتقى الدولي لتجديد الخطاب الثقافي"، في دورته الأولى، والذي ينظمه المجلس الأعلى للثقافة، في الفترة من 29 وحتى 31 من مايو/آيار الجاري، ويحضره أكثر من 140 مفكرًا وكاتباً وباحثاً من أكثر من 17 دولة عربية وأجنبية. إن الرواية العربية تنشأ في ظل انكسار النموذج العربي، وداخل نسق من الخوف واليأس، إضافة إلى إجهاض الثورات العربية، مشيرًا إلى أنه بالهزيمة الأندلسية، انتهى الإشعاع الثقافي للعرب، في ظل التمزق والأحاديات التي نشأت سواء الدينية، أو السياسية التي لم تسمح بالقفز الثقافي. وأضاف الأعرج، أن الإشعاع الثقافي العربي انتهى منذ سقوط الأندلس، في ظل التمزق والأحاديات التي نشأت سواء الدينية، أو السياسية التي لم تسمح بالقفز الثقافي والتي شهدها العالم العربي والإسلامي.
وأكد واسيني الأعرج على أن مشكلة التعليم التي يعاني منها العالم العربي، لا يمكن أن تخلق الجيل الذي يستوعب الثقافة بعقل كبير يتطور ويناقش ويحلل ويبدع، متسائلاً: كيف يمكن أن يكون هناك ديمقراطية، والذي يحدد مساحة الحوار هو الذي يملك القوة، فتأتي كل النقاشات اللاحقة رغم أهميتها إلا أنها لا تجد مكاناً في المجتمع، لأن الذي يمكنه أن يجد لها مكان هو الذي يمنعها، ويسيرها. ويتسأل كيف تعيد الرواية ترتيب التاريخ تخييلياً في تماس ضروري مع مادة الحياة، وكيفية تحويله إلى مادة إنسانية كاشفة كل الخيبات التي عاشتها الأرض العربية، مؤكداً على أن الديكتاتوريات تخاف من التخييل لأنه دليل على حرية الإنسان.
وأضاف الأعرج أن الخطاب الذي نشأ في الحاضنة القومية، أصبح مجرد خطاب أجوف، ولكي يتجدد يحتاج إلى نقد ذاتي عميق، وتستطيع الرواية أن تهضم ذلك كله وتحوله إلى مادة نشأت في الحاضنة القومية، كيف تواجه وضعًا تمزقيًا شديد القسوة. مؤكدًا أن الرواية ليست مجرد خزان للتحدي لكنها بنية شديدة التعقيد، فهي مادة خام تحتاج إلى قراءة حقيقية وعميقة.
وقال الأعرج في تصريحات خاصة ل"الأهرام العربي" إلي أنه تحدث عن تلك المشكلات العربية في كثير من أعماله وخاصة في روايته روايتك الأخيرة "2084 حكاية العربي الأخير"وقال هي صرخة اليائس داخل دوامة عالم لم يعد معنيا بنا لأننا لسنا معنيين بأنفسنا. العام يحترق من حولنا ونحاول أن لا نرى شيئا، وننتظر من السماء أن تغير بقدرة قادر كل شيء. الرواية كتبت لا لتعيد إنتاج اليأس كما يمكن أن يبدو ظاهريا، ولكن فقط للتنبيه إلى أن عالما يرتسم الآن في الأفق، سنكون فيه هذه المرة يهود هذا الزمن في تيهنا وضياعنا ويأسنا. القصة بسيطة من ناحية البنية. اعتمدت على مسار روائي سردي أخذ الكثير من السردية البوليسية لأني أراها اليوم من أقرب الوسائل السردية إلى القارئ، وهذه ظاهرة عالمية وليست محلية أبدا.
وأضاف أنه يقول في العديد من المرات، كمواطن عربي يهمه مصير العرب حقيقة، ويهمه أيضا أن تتغير هذه الأوضاع البائسة والمتخلفة واللاديمقراطية والممارسات غير العادلة، التي أتت على الأخضر واليابس. جيد طبعا أن تسقط الدكتاتوريات، ولكن جيد أيضا أن يأتي هذا الهاجس من داخل هذه الدول وليس وفق إملاءات خارجية. الإحساس الشعبي العربي في اندفاعه كان صادقا جدا، والذي مس العالم العربي كله، بدءا من تونس، مرورا بمصر وسوريا واليمن وبقية الدول العربية الأخرى التي ترفض أن ترى نفسها في هذه الدائرة وفي صلب هذه النار التي ستأكل كل شيء. العدوى كانت كبيرة. لكن من اللحظة التي تمت فيها التدخلات الأجنبية، وبشكل معلن، أطلسية أو جهوية، خسرت هذه الثورات رهاناتها التاريخية.