في إطار النشاط الثقافي لمعرض الدوحة الدولي الرابع والعشرين للكتاب تم تخصيص أمسية الليلة الثقافية لمناقشة موضوع "تحديات الرواية العربية في مواجهة عصر قلق"، والذي تحدث خلالها الروائي الجزائري الدكتور واسيني الأعرج وأدارتها الكاتبة بشرى ناصر. وفي مستهل الأمسية قال الروائي واسيني الأعرج، إنه بدأ يتأمل في الفضاء الروائي العربي في العشرين سنة الماضية، باعتباره منشغلا بهذا النوع، داعيا في بادئ الأمر إلى الاتفاق بأن الرواية ليست كالشعر، فهو فضاء مجتمعي مصغر، ينشأ على اللغة، ويملك كل المساحات التي تظهر في المجتمع، سواء الماضي أو الذي نعيشه يدخل في تقاطع وتماس مع المجتمع الماضي ويتأثر به، منوها أن الرواية لم تقف موقف الصامت. وقال واسيني الأعرج، اننا عندما نكتب عن مجتمع ما في لحظة تحول، فالمسؤولية مشتركة بدرجة أولى مسؤولية المؤرخ، والحالة الثانية، مسؤولية الكاتب. وكشف عن أن أهم التحديات هي الجانب التاريخي، متسائلا: كيف يواجه الكاتب المعضلة التاريخية، مشيرا في هذا الصدد، أن الروائي جرجي زيدان، عندما اشتغل على مشروعه، ارتأى أن يضيف المسألة العاطفية من أجل إنشاء فضاء روائي ، ومع ذلك فقد وقع في الخطأ ، ذاكرا أنه قام بمعية طلابه ببحث ميداني على مجموعة من القراء، ووجه لهم سؤالا عندما أنهوا قراءاتهم حول ما ترسخ لديهم من معلومات عن الرواية، وكانت المفاجأة أن الغالبية ركزوا على الحالة العاطفية، متناسين الأحداث التاريخية، ليقرر أن كل رهان جرجي زيدان في توصيل الحالة التاريخية باءت بالفشل، مع العلم أن رهانه رهان تاريخي، متسائلا مرة أخرى: ما هي رهاناتنا اليوم؟. أما التحدي الثاني أمام الرواية فهو يتعلق بالحرية، إذ لا يمكن أن "نتخيل عملا روائيا دون أن تكون هناك حرية كاملة، موضحا أن الروائي عندما يذهب إلى بعض الحقول الشائكة عليه أن يتحمل مسؤوليته، ومشددا في الآن ذاته على أن الحرية في الوطن العربي رهينة أشياء كثيرة مثل: المقدس والمحددات السياسية، وهو ما أشار واسيني إلى أنه لم يعد له وجود في أوروبا، إذ الفيصل هو القضاء، مشيرا إلى أنه في فترة سابقة، كان الخطاب الإيديولوجي (اليساري) كأنه صار دينا ولم يعد بالمقدور انتقاده، وهكذا الايدولوجيات تحذر من يقترب منها.