سوزي الجنيدي تكمن شهرة دكتور آلان ليتشمان احد استاذة السياسة والتاريخ المرموقين فى الولاياتالمتحدة فى نجاحه المستمر فى توقع الفائز فى الانتخابات الرياسية الأمريكية منذ عام 1984 بدون أى نسبة خطأ وبشكل علمى طبقا لنظرية وضعها، وقد كان مصدر دهشة لى شخصيا عندما التقيت به منذ ست سنوات فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة حيث توقع فى حديثه معى أن جورج بوش سيفوز للمرة الثانية بالرئاسة و حدد اسباب ذلك بشكل علمى على الرغم من ان استطلاعات الرأى كانت تميل الى منافسه جون كيرى، وهو لا يستخدم الكرة البلورية مثل المنجمين و لكنه استطاع وضع نموذج لدراسة القوى التي تتحكم في رسم المشهد السياسي في كل انتخابات رئاسية أمريكية من سنة 1860 حتى سنة 1980، ويستخدمه للتوقع الصحيح ،حيث حدد «13 مفتاحا للرئاسة الأمريكية»، وقد حصل ليتشمان على الدكتوراه من جامعة هارفارد كما حصل على عدة جوائز تميز كأستاذ للتاريخ و لديه العديد من الكتب الأكثر توزيعا حول زيادة نفوذ تيار المحافظين، ولهذا كنت حريصة على اللقاء به فى الجامعة الأمريكية بواشنطن مع مجموعة من الصحفين من دول عديدة حيث اكد لى قبل بدأ الانتخابات ان الحزب الجمهورى سيحقق الفوز بالأغلبية بسهولة و هو ما حدث، كما أشار أن قضايا السياسة الخارجية غير مؤثرة فى الانتخابات الأمريكية فى الوقت الحالى مؤكدا أن هناك فساد قانونى في النظام الانتخابي بالولاياتالمتحدة وحجم أموال كبير يتم صرفه فى العملية السياسية بدون رقابة حقيقية: هل لديكم فى الولاياتالمتحدة سلبيات فى العملية الانتخابية وربما فساد؟ ليس لدينا فساد ولكن لدينا قوانين، أى ان لدينا فساد قانونى، فبالطبع الشركات التى تتبرع بالملايين لا تفعل ذلك لاعجابها بالمرشح بل لانها تريده أن يحقق مصالحها عندما يكسب الانتخابات ونفس الامر ينطبق على رجال الاعمال الذين يساندون مرشح معين و هم الأكثر تأثيرا. هل يوجد أى رقابة حقيقية وتحديد لحجم الاموال الهائلة التى بلغت بلايين الدولارات التى تم صرفها فى الانتخابات الاخيرة للكونجرس الشهر الماضى؟ لا يوجد حد أدنى لان المحكمة العليا اصدرت قرارا عام 2011 ان الحملات الانتخابية نوع من حرية الرأى الذى لا يجب السيطرة عليه طبقا للدستور الامريكى و بالتالى فأن الاموال تتدفق من الشركات و الجمعيات و المنظمات والأفراد على المرشحين و بالتاكيد هناك جهة رقابية و لكن لدينا ظاهرة الاموال السوداء التى يتم التبرع بها للمرشحين بدون معرفة من اين أتت تلك الاموال فى الحقيقية. ما هو تآثير استطلاعات الرأى المستمرة و التغطية الاعلامية على تصويت الناخبين؟ لدينا تقريبا استطلاع رأى كل خمس دقائق تم نشره حول الانتخابات الأخيرة وبالطبع لدينا تغطية اعلامية مستمرة ايضا ، كثيرون يرون ان ذلك لديه بالطبع تأثير كبير على تصويت الناخبين بل انهم يشكون ايضا من سيطرة الاعلام على الحياة السياسية فى الولاياتالمتحدة خاصة التليفزيون و الراديو و وسائل الاتصال الالكترونية بعد ان فقد الاعلام المكتوب تأثيره الى حد كبير هل كانت هناك قضايا فى السياسية الخارجية لها تأثيرها على انتخابات الكونجرس الأخيرة؟ لا يوجد تأثير يذكر لقضايا السياسية الخارجية فالشعب الامريكى لا يهتم الا لو كان لهذه القضايا تأثيرا على حياته و أمنه، فمثلا قضية الارهاب و داعش موجودة فى الأذهان و لكنها لم تكن تمثل عاملا مؤثرا فى الانتخابات للكونجرس فقضايا الاقتصاد الامريكى كانت هى الأكثر تأثيرا. إذن ما هو الاختلاف الذى ميز الانتخابات الاخيرة للكونجرس الأمريكى؟ لا يوجد فى حقيقة الامر اختلافات كبيرة او ايدلوجية عميقة فى الحملات الانتخابية، والاقتصاد هو الاساس بجانب قضايا المرأة والأقليات، ويمكننا أن نطلق عليها انتخابات بدون شيئ جديد، ولكن الملاحظ ان الولايات الجنوبية أصبحت اكثر تأيدا للحزب الجمهورى برغم انها كانت فى القرن الماضى مؤيدة للحزب الديمقراطى، حتى ان الرئيس روزفلت الديمقراطى كسب كل الاصوات فى الولايات الجنوبية، و لكن الرئيس جورج بوش الابن الجمهورى حصل على أصوات العديد من الولايات الجنوبية، و عادة ما تتراوح نسبة التصويت فى انتخابات الكونجرس من 40٪ الى 50٪ بينما تبلغ حوالى 60٪ فى انتخابات الرئاسة ولا اعتقد ان ذلك تغير فى الانتخابات الاخيرة. إذا ما هى القضايا المؤثرة بالنسبة لكل حزب التى استخدمها المرشحين ضد بعضهم؟ الجمهوريون استخدموا دعاية ضد الديمقراطيون ليظهروهم بأنهم ضعفاء لن يستطيعون مكافحة الارهاب بقوة مما سيزيد من خطورته اما الديمقراطيون فيستخدمون نمط أن الجمهوريون يريدون اعادة المرأة للمنزل بدون حقوقهم مثل حق الإجهاض، و كان هناك تركيز على مهاجمة أوباما. ما هى الاهمية إذن لانتخابات الكونجرس؟ لقد سيطر الحزب الجمهورى على مجلس النواب منذ انتخابات 2010 و كذاك على عدة مناصب هامة كمحافظين و فى داخل عدد من الولايات ،و المعروف ان اعضاء مجلس النواب 435 و يتم انتخابهم كل عامين بينما اعضاء مجلس الشيوخ 100 و يتم انتخابهم كل ست سنوات بشكل مباشر، و لكن عادة فأن 95٪ منهم يعاد انتخابهم، كما ان 90٪ منهم لا يواجهون حاليا منافسة حقيقة من مرشحين أمامهم، و لهذا فأننى أتوقع ان الحزب الجمهورى سينتصر فى الانتخابات لمجلس النواب بل اعتقد انه و حتى عام 2020 سيستمر الجمهوريين فى السيطرة على مجلس النواب، و لكن الديمقراطيين كانوا يريدون استمرار سيطرتهم على مجلس الشيوخ فى المقابل و هو امر ليس سهلا فى الانتخابات الحالية فكل ما على الجمهوريين فعله هو كسب ست مقاعد إضافية زائد عن المقاعد المضمونة لهم فى الانتخابات الحالية و بهذا سيسيطروا على 51٪ من مجلس الشيوخ ( و هو ما حدث بالفعل )، واحتاج الجمهوريون بقوة للفوز فى ثلاث ولايات و هى كإنساس و جورجيا وكنتاكى، وبالطبع فان الجمهوريين يحتاجون الى الأغلبية لان تمرير اى قانون يحتاج الى 60 صوت من 100 اعضاء مجلس الشيوخ و عند انتصارهم يصبح مجلسى الشيوخ و النواب بلا اى عمل حقيقى و لن يمكنه تمرير القوانين المطلوبة التى سيدفع بها الحزب الديمقراطى ، كما يمكن الجمهوريين تعطيل قرارات الرئيس اوباما بتعين بعض القضاة فى المحكمة العليا والمحاكم الاخرى لان الرئيس يعينهم و لكن لابد من موافقة مجلس الشيوخ على هذا التعيين. المحررة سوزي الجنيدي مع الدكتور آلان ليتشمان أثناء اجراء الحديث. وحدد الدكتور آلان ليتشمان 13 مؤشرا وهو يسميها «13 مفتاحا للرئاسة الأمريكية». يرى الان ليتشمان أن الحزب الحاكم (أي الحزب الذي يوجد الآن في البيت الأبيض) يستطيع أن يكسب ثمانية من هذه المفاتيح الثلاثة عشر حتى يضمن لنفسه الانتصار في الانتخابات الرئاسية القادمة. لكن إذا ما اكتسب سبعة أو أقل من هذه المفاتيح فإنه سيتكبد الهزيمة بكل تأكيد، فالخسارة في هذه الحالة لا مفر منها. وهذه المفاتيح الثلاثة عشر هى: المفتاح1: وضع الحزب الحاكم - في آخر انتخابات للكونجرس استطاع الحزب الحاكم أن يزيد عدد مقاعده في الكونجرس بمجلسيه. المفتاح2: الترشيحات الانتخابية في الحزب الحاكم- لا يوجد أي تنافس جديد في صلب الحزب الحاكم للانتخابات الرئاسية (باستثناء الرئيس الأسبق جيمي كارتر الذي تنافس مع إدوارد كيندي سنة 1980). المفتاح3: الحزب الحاكم - إن مرشح الحزب الحاكم هو نفسه الرئيس الجالس في البيت الأبيض. المفتاح4: الحزب الثالث - لا يوجد أي حزب أو طرف ثالث يمكن أن يشكل تحديا حقيقيا (اي يستطيع الحصول على ما لا يقل عن 5% من الأصوات الانتخابية - مثلما حدث سنة 1992 عندما حصل روس بيرو على نسبة 19% وساعد بالتالي بيل كلينتون على إلحاق الهزيمة بالرئيس جورج بوش الأب). المفتاح5: الوضع الاقتصادي على المدى القصير- ضرورة ألا يكون الاقتصاد خلال الانتخابات يتخبط في حالة من الكساد. المفتاح6: الوضع الاقتصادي على المدى البعيد- يجب أن يكون معدل النمو الاقتصادي الفردي مساويا أو أكثر من النسبة المتحققة خلال آخر فترتين رئاسيتين. المفتاح7: التغير السياسي - الادارة الحالية التي تسيطر على البيت الأبيض تحدث تغييرا جوهريا في السياسات الأمريكية العامة. المفتاح8: انهيار الأوضاع الاجتماعية - لا يوجد أي اضطرابات اجتماعية بحجم تلك الاضطرابات التي شهدتها الولاياتالمتحدةالأمريكية من قبل (الحرية المدنية والحركة المناهضة للحرب في فيتنام). المفتاح9: الفضائح المدوية - إن إدارة الرئيس الحالي باراك أوباما لم تلحق بها أي فضيحة مدوية من قبيل فضيحة «ووترغيت» أو محاولة عزل الرئيس الأسبق بيل كلينتون على خلفية فضيحة مونيكا لوينسكي. المفتاح10:الفشل السياسي والعسكري - لم تتكبد إدارة الرئيس أوباما أي انتكاسة كبيرة، عسكرية كانت أم سياسية (على غرار حرب فيتنام أو أزمة الرهائن الأمريكيين في إيران سنة 1980). المفتاح11: النجاحات السياسية والعسكرية - الادارة الحاكمة تحقق نجاحا سياسيا وعسكريا كبيرا مثل الانتصار في الحرب العالمية الثانية. المفتاح12: الشخصية الكاريزمية للرئيس الحالي. يكون مرشح الحزب الحاكم ذا شخصية كاريزمية قوية أو بطلا قوميا (على غرار دوايت ايزنهاور سنة 1952 أو أوباما سنة 2008). المفتاح13: كاريزمية المرشح المنافس. ما إذا كان مرشح الحزب المنافس لا يتمتع بأي شخصية كاريزمية أو لا يرتقي إلى مكانة البطل القومي (على غرار رونالد ريجان سنة 1980).