سوزى الجنيدى يعتبر د.جيمس زغبى مدير المعهد العربى الأمريكى من الوجوه المعروفة والمؤثرة فى أروقة السياسة فى واشنطن، فقد ولد عام 1947 فى نيويورك لأب مهاجر لبناني غير شرعي، ليصبح ابنه جيمس مديرا للمعهد العربي الأمريكي الذى أسسه عام 1985، ومديرا لمركز زغبى لاستطلاعات الرأى وعضوا بارزا بالحزب الديمقراطى الأمريكى، وفى حديثه ل«الأهرام العربى» شرح زغبى أسباب عدم نجاح الجالية العربية فى تشكيل لوبى عربى أمريكى مؤثر وصورة مصر حاليا فى المجتمع الأمريكى. لماذا لم تنجح الجالية العربية فى تشكيل «لوبى» عربى مؤثر فى أروقة السياسية الأمريكية؟ دائماً ما يتكرر هذا السؤال، لكن الحقيقة نحن نعمل بشكل جيد ونسير بشكل أفضل إلى المستقبل، لكن المشكلة الكبرى التى تواجهنا هى إذا كنتم تريدون منا أن نؤيد المواقف العربية هل يمكنكم فقط أن تطلعونا على تلك المواقف، ما المواقف العربية المطلوب منا مساندتها، الخلافات بين العرب كبيرة، وقد شاركت فى أول تجمع سياسى عربى فى الستينيات داخل الولاياتالمتحدة حول الحقوق الإنسانية للفلسطينيين وكنا نعرف وقتها المواقف العربية الموحدة تجاه القضية الفلسطينية، لكن الآن ما هى المواقف العربية، بل وما هى المواقف الفلسطينية نفسها؟ ولا توجد مواقف محددة ومستمرة ولا يوجد زعيم عربى يوحد العرب، ولا يوجد تماسك فى المواقف بين الدول أو الشعوب العربية حاليا، ولهذا فإننا داخل الولاياتالمتحدة كأمريكيين من أصول عربية ندافع عن أنفسنا ومواقفنا من أجل مصالحنا، فإذا لم تكن الدول العربية تعرف ماذا تريد، عليها ألا تلومنا إذا لم نساندها. هل صحيح أن نفوذ الإخوان أصبح متغلغلا فى الحياة السياسية الأمريكية؟ الأمريكان لا يحبون الإخوان بل إن الأجواء عموما غير مفضلة للمسلمين ولا توجد حاليا رؤية إيجابية حول ما يحدث فى مصر، وهو أمر محبط، فمنذ التسعينيات وحتى ثورة يناير كانت لدى نحو 60 ٪ من الشعب الأمريكى رؤية محببة عن مصر، لكن تلك الرؤية انخفضت إلى ٪29 حاليا، أى انخفضت تقريبا للنصف والشعب الأمريكى لا يعرف أى شىء عن مصر وأول ما يطرأ على أذهانه هى الأهرامات وأبو الهول والتاريخ الفرعونى وربما أحيانا ما يتذكروا أنور السادات، لكن الصورة بشكل عام عن مصر الآن ليست جيدة، وعندما انتصر الإخوان اعتبروه أمرا سيئا، لكن كنا نأمل فى الاستقرار وبعد سيطرة الجيش والأخبار عن أحداث رابعة والأحكام بالإعدام بدأت الصورة تسوء أكثر، وقد أكد لى مسئول مصرى أن تلك الأحكام بالإعدام لن تنفذ لأنها فى محاكم أول درجة تقاض، لكن الانطباع الذى تم نشره أن هناك إعداما للمئات حتى لو لم يتم تنفيذه فالضرر حدث بالفعل لصورة مصر لأن الشعب الأمريكى لا يعرف أو يتابع بالضبط ما يحدث فى مصر، وأخبار مثل هذه تحدث ضررا كبيرا لصورة مصر، وأعتقد أن الحوار المصرى الأمريكى الذى تم أخيرا مهما وهناك حاجة للفهم لدى كلا الشعبين بشكل أكبر عن بعضه بعضا حتى لا تزداد المواقف سلبية بين الجانبين، وهذا أمر يختلف عن مواقف الحكومتين، فالإدارة الأمريكية تريد العمل مع السيسي فليس لديهم خيار آخر حاليا، وربما لا يؤيدونه بشكل كبير ولكنهم أصبحوا يتقبلون الوضع حتى لو لم يؤيدوه بشكل كبير. لماذا فى رأيك فشل الحزب الديمقراطى فى الاحتفاظ بالأغلبية فى مجلس الشيوخ فى الانتخابات التى جرت الأسبوع الماضى؟ الفشل كان متوقعا ومع ذلك فقد تمنيت شيئا مختلفا، وعوامل الفشل كانت عديدة وكلها يجب أن يلوم الحزب الديمقراطى نفسه عليها، فأول العوامل أن عددا من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الديمقراطى الذين تم انتخابهم عام 2008 منذ ست سنوات حققوا النجاح بسبب قربهم من المرشح وقتها باراك أوباما أول رئيس أمريكى من أصل إفريقى، وبالتالى فقد حصل على أصوات العديد من السود والنساء والأقليات، كذلك حصل معه أعضاء مجلس الشيوخ والنواب المنتخبين فى ذلك العام، لكن أوباما فقد بعضا من شعبيته على مدى السنوات الست الماضية، ولهذا حاول العديد من المرشحين الديمقراطيين، هذه الانتخابات الابتعاد عن أوباما بقدر ما يستطيعون، وبالتالى فلم يتحمس لهم السود واللاتين والنساء الذين سبق أن انتخبوهم وكانوا سببا فى نجاحهم عام 2008 فهو أمر غير محبب أن تبتعد عن من سبق أن انتخبوك. وثانيا أن عددا من المرشحين عن الحزب الديمقراطى كانوا فى الحقيقة ضعفاء سياسيا، فبرغم أن مرشح الحزب الجمهورى ميتش ماكونيل زعيم الأقلية فى مجلس الشيوخ لم يكن محبوبا فإن منافسته من الحزب الديمقراطى اليسون جريمز لم تكن قوية مثلما يجب أن تكون، بل إنها رفضت أكثر من مرة الإجابة عن سؤال إذا ما كانت قد انتخبت أوباما، وهو أمر يتسم بالغباء فالكل يعلم أنها انتخبته وشاركت فى حملته بشكل أو بآخر، وبالتالى طهرت كشخصية ضعيفة وليس لديها ولاء لحزبها ومرشحه، وعموما فإن هذا أمر حدث من قبل، فمثلا بعد ست سنوات من فوز الجمهورى رونالد ريحان عام 1980 سيطر الحزب الديمقراطى على الأغلبية فى المجلسين عام 1986. هل سيكون لهذه النتيجة تأثير على انتخابات الرئاسة المقبلة؟ ليس لها تأثير يذكر على انتخابات الرئاسة فى 2016 فالوضع الديموغرافي الأمريكى تغير بعض الشىء، والعديد من الشباب والسود أصبحوا يميلون للتصويت فى انتخابات الرئاسة وسيكون لدى الجمهوريين مقاعد أكثر يدافعون عنها أمام الديمقراطيين، كما أن ريتش ماكونيل الذى سيصبح زعيم الأغلبية الجمهورية فى مجلس الشيوخ فى يناير المقبل قد يفقد ذلك المنصب عام 2016 إذا فاز الديمقراطيون وأصبحوا الأغلبية ليعود من جديد زعيم للأقلية. والنتيجة لا تقول سوى أن الجمهوريين لا يحبون أوباما والديمقراطيين لم يفضلوا الدفاع عنه، كما أن الناخبين لم يصوتوا بناء على قضايا سياسية أو اجتماعية عميقة، والآن على أوباما أن يعمل بمفرده فى العامين المقبلين، فالكونجرس ذو الأغلبية من الحزب الجمهورى لن يسانده فى كل الأحوال، ولا أعرف ماذا سيفعل، لكن أعرف أنه سيستطيع العمل على الرغم من ذلك الوضع الصعب. هل كان لقضايا داعش والإرهاب تأثير؟ لم يكن لها تأثير بشكل كبير على الرأى العام، فالخوف من إيبولا كان بنفس الدرجة والحقيقة أن الحزبين يختلفان فى كل شىء حاليا ويهاجمان بعضهما حول كل شىء وأى شىء، فإذا قرر أوباما ضرب سوريا سيقول الجمهوريون لا وإذا لم يفعل ذلك سيقولون لماذا لم تفعلها وعليك أن ترجع لنا أولا، ونفس الأمر بالنسبة لداعش وأتوقع المزيد من ذلك فى الفترة المقبلة، وأعتقد أن أفضل شىء لأوباما أن يقرر ما سيفعله ويسير فيه بغض النظر عن المعارضات. هل كان للأموال تأثير على النتيجة؟ ليس فقط مدى قدرة المرشح على صرف المريد من الأموال، لكن مدى تأثير الأموال على الأجواء وأسلوب الحملات الانتخابية، فمعظم الحملات الانتخابية تهاجم المرشح المنافس وتصفه أما بأنه محتال أو فاسد أو كاذب أو لديه صلات بمنظمات إجرامية، والناخبين أحيانا ما يرون أن الاختيار هو ما بين الكاذب والمخادع ويتم صرف الملايين على هذه الإعلانات مما يزيد من حيرة الناس وإحباطهم وتفضيلهم البعد عن الحكومة، وللأسف أيضا فإن معظم الفائزين لم يتحمسوا لقضايا معينة، لكن اكتفوا بالهجوم على المرشح المنافس، مما يؤثر بالسلب على فاعلية النظام الانتخابى حاليا.