وليد سلام حين يصدر عن تقارير حقوقية مصرية أن 38 مليون مصرى يشربون مياها ملوثة، نعرف أن ناقوس الخطر يدق على رؤوسنا وينادى بضرورة تحرك المسئولين ومجلس الوزراء سريعا لحماية الإنسان فى مصر من الموت المحقق بعد إصابته بالأمراض المتوطنة والكبدية والكلوية بسبب مياه الشرب الملوثة. ففى الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان الحصول على الماء النظيف هو أحد حقوقه، لكن يبدو أن هذا الحلم بعيد المنال فى بلد النيل. والأسباب متعددة لتلوث المياه فى مصر تبدأ من وجود 29 مصنعا و300 فندق يضخون مخلفات كيمياوية فى النيل كما جاء فى تقرير التوصيف البيئى الصادر عن وزارة البيئة المصرية فى عام 2009، وتنتهى بشبكة المياه المتهالكة والتى تسبب الكثير من هذا التلوث. فيما أكد تقرير منظمة الصحة العالمية أن نسبة تلوث المياه فى مصر تزيد على ثلاثة أمثال معدلات التلوث العالمية وتتفاقم النسبة فى محافظاتالقاهرة الكبرى عن سواها من محافظات الجمهورية، وكما جاء فى تقرير مركز السموم الإكلينيكية والبيئية بطب القصر العينى، فإن نصيب محافظة القاهرة 35 % من حالات التسمم و12 % بالجيزة و50 % بالقليوبية . وقد رصدت تقارير وزارة البيئة أن الملوثات الصناعية غير المعالجة أو المعالجة جزئيا ويقذف بها فى عرض النهر تقدر بنحو 4.5 مليون طن سنويا من بينها 50 ألف طن مواد ضارة و35 ألف من قطاع الصناعات الكيماوية. وأوردت التقارير أن نسبة الملوثات العضوية الصناعية التى تصل 270 طنا يوميا، بينما يبلغ حجم الملوثات الناتجة عن المستشفيات سنويا نحو 120 ألف طن سنويا، من بينها 25 ألف طن مواد تدخل فى تصنيف المواد شديدة الخطورة . كما أكد تقرير وزارة البيئة أن هناك تحديات تواجه نهر النيل بوجود ما بين 2.4 إلى 3 مليارات متر مكعب من المياه الناتجة عن معالجة مياه الصرف الصحى . وفى تقرير أصدرته المنظمة المصرية لحقوق الإنسان تحت عنوان "تلوث المياه قنبلة موقوتة تهدد حياة المصريين" أن نحو 38 مليون شخص يشربون مياها ملوثة فى مصر، وذكر التقرير أن الملوثات الصناعية غير المعالجة أو المعالجة جزئيا التى يقذف بها فى عرض المياه تقدر بنحو 4.5 ملايين طن سنويا، ويشير التقرير إلى ارتفاع نسب حالات التسمم الناتج عن التلوث فى محافظات مصر، فكان نصيب العاصمة القاهرة 35% منها و12% فى محافظة الجيزة و50% فى محافظة القليوبية .وتفيد العديد من التقارير والدراسات المتخصصة أن هناك 100 ألف يصابون بالفشل الكلوى سنويا فى مصر بسبب تلوث المياه، هذا غير الأمراض الأخرى التى يكونون عرضة لها. الملوثات أنواع والنتيجة واحدة تنقسم الملوثات فى نهر النيل إلى معادن ثقيلة تصرفها المصانع فى النهر وأخرى عبارة عن صرف الفنادق العائمة والتى يصل رقمها المعلن إلى 300 فندق بجانب عشرة بالمئة من الصرف الصحى، حسبما أعلن أخيرا رئيس الشركة القابضة لمياه الشرب فى مصر، وإن صرح بأن هذه النسبة غير ضارة نظرا لجريان النهر. كما أكد الأستاذ الدكتور على عبد الرحمن على، رئيس الاتحاد العربى للتنمية المستدامة والبيئة، أن أبسط آثار تلوث المياه العذبة على صحة الإنسان أنها تؤدى إلى إصابته بالأمراض المعوية ومنها "الكوليرا، والملاريا، والتيفود، والبلهارسيا، وأمراض الكبد والالتهاب الكبدى الوبائى، والدوسنتاريا بجميع أنواعها. كما أن الأسمدة والمخلفات الزراعية التى تتسرب إلى مياه الصرف تساعد على نمو الطحالب والنباتات المختلفة مما يضر بالثروة السمكية إذ تعمل هذه النباتات على حجب ضوء الشمس والأكسجين وتمنعه من الوصول إلى داخل المياه، وتساعد أيضا على تكاثر الحشرات مثل البعوض والقواقع التى تسبب مرض البلهارسيا. وذكر عبدالرحمن أنه فى القاهرة قد أجريت دراسة على اثنتى عشرة محطة لمعالجة مياه الشرب، ووجد أن جميعها تعانى من عدم انضباط فى تصريف النفايات السائلة الصناعية، وتجدر الإشارة إلى أن الطرق التقليدية لتنقية المياه لا تقضى على الملوثات الصناعية (مثل الهيدروكربون) والملوثات غير العضوية والمبيدات الحشرية وغيرها من المواد الكيميائية المختلفة. وقد يتفاعل الكلور المستخدم فى تعقيم المياه مع الهيدروكربونات مكونا مواد كربوهيدراتية كلورينية متسرطنة، ومن أشكال التلوث الصناعى استعمال بعض المصانع ومحطات الطاقة لمياه الأنهار والبحيرات فى التبريد، وما ينتج عنه من ارتفاع فى حرارة المياه مما يؤثر سلبا على التفاعلات البيوكيميائية فى المياه وكذلك على الأحياء المائية. وأكد عبدالرحمن أن مياه الصرف الصحى إذا لم تعالج جيدا تسبب أمراضا خطيرة للإنسان، خصوصا إذا تسربت لمياه الشرب، لأن التلوث الميكروبى للمياه هو السبب فى انتشار وباء السالمونيلا والالتهاب الكبدى فى عدد من دول العالم، لأن مياه الصرف الصحى بها أعداد هائلة من الكائنات الدقيقة مثل البكتيريا والفيروسات والطفيليات، وبذلك تنقل العديد من الأمراض مثل الكوليرا والتيفود وشلل الأطفال، وتلعب الكائنات الحية الدقيقة دورا فى تحولات الميثان والكبريت والفسفور والنترات. فبكتيريا الميثان تنتج غاز الميثان فى الظروف الهوائية واللاهوائية, وبكتيريا التعفن تنتج الأمونيا التى تتأكسد إلى نترات والتى تكون ما يعرف باخضرار الماء، وتظهر على شكل طبقة خضراء من الأعشاب على سطح خزانات المياه والبحيرات وشواطئ البحار، وتؤدى زيادة الأعشاب الخضراء إلى مرض زرقة العيون لدى الأطفال. وأضاف عبدالرحمن أن المعادن الثقيلة هى الأكثر انتشارا فى مياه المجارى، و يسبب تسرب الرصاص إلى أنابيب المياه تلف الدماغ خصوصا لدى الأطفال. ويوجد الزئبق فى الماء على هيئة كبريتيد الزئبق وهو غير قابل للذوبان ويوجد على شكل عضوى مثل فينول ومثيل وأخطرها هو مثيل الزئبق الذى يسبب شلل الجهاز العصبى والعمى. أما فى الأسماك فإن مثيل الزئبق يتراكم داخلها بتركيزات عالية نتيجة التلوث وينتقل من الأسماك إلى الإنسان. أمراض بالجملة وأفاد تقرير صادر عن مركز "حابي" للحقوق البيئية أن الحكومة تخسر 3 مليارات جنيه سنويًّا، نتيجة للملوثات الصناعية والزراعية والطبية التى تُلقى فى نهر النيل، وأن هناك 34 منشأة صناعية تصرف نفاياتها فى نهر النيل، بواقع 4.5 مليون متر مكعب سنويًّا، بالإضافة إلى المخلفات الصلبة التى تُلقى أيضًا، ويبلغ حجمها 14 مليون متر مكعب سنويًّا. وجاء فى التقرير أن مياه النيل الملوثة، وكذلك المحاصيل الزراعية الملوثة أيضًا، تؤدى إلى أمراض خطيرة، منها تضخم القلب وفقر الدم واضطرابات الدورة الدموية وارتفاع ضغط الدم والفشل الكبدى والكلوى والسرطانات والإصابة بأنواع الروماتيزم المختلفة وضعف كفاءة الجهاز المناعى والكوليرا والتيفود والدوسنتاريا الأميبية والإسكارس والديدان الشرطية والدودة الكبدية. كما كشفت دراسة لمركز دعم واتخاذ القرار بمجلس الوزراء أن 17 ألف طفل مصرى يموتون سنويًّا بالنزلات المعوية بسبب تلوث مياه النيل وأن معدلات الإصابة بالفشل الكلوى ترتفع بمعدل 4 أضعاف على المعدل العالمى نتيجة تلوث المياه، إذ تصل إلى 13 ألف حالة فشل كلوى، بينما تقدر الإصابات بسرطان مثانة ب60 ألف حالة بسبب التلوث. فيما تجولت «الأهرام العربى» فى محافظات مصر لتكشف مظاهر تلوث مياه الشرب كما يرويها الأهالى أنفسهم، ففى مركز الصف محافظة الجيزة قال محمد سيد عبدالستار الناشط الحقوقى إن أحدث تحليل لمياه الشرب بالصف من قبل الإدارة الصحية تم منذ عامين وأثبتت التحاليل اعتمادا على 141 عينة مأخوذة من مياه الشرب بمركز ومدينة الصف بواسطة وزارة الصحة أنها لا تصلح للاستخدام الآدمى وبها بروتوزوا حية وبكتيريا المجموعة القولونية ونسبة التلوث بها عالية جدا وغير مطابقة للمعايير البكترولوجية، وهذا مثبت فى المستند الذى حصلت «الأهرام العربى» على نسخة منه. وقد تحرر هذا المستند فى 22 / 8 / 2012 . فيما قال علاء إبراهيم، أحد أهالى منطقة بشتيل بشمال الجيزة إن مياه الشرب كلها رواسب وأتربة وفى بعض الأوقات نجد بها حشرات صغيرة تسد فلتر الحنفية، كما أن طعمها يدل على أنها مخلوطة بمياه الصرف الصحى حيث إنها كريهة الرائحة. وسنتعجب حينما تسمع أن منطقة شرم الشيخ المنطقة السياحية الأولى بمصر مياهها ملوثة كما يقول أحمد الأبنودى أحد سكان المنطقة قائلا: " والله أنا فى غاية الخجل حينما أقول لك إن فى شرم الشيخ المياه تنقطع بشكل دورى، وعندما تأتى المياه فهى لا تصلح للشرب من الأساس، ففى منطقة السوق التجارى القديم تجد أن المياه بها أملاح زائدة لدرجة أنها تظهر على أجسادنا بعد الاستحمام بها، كما أنها تسبب سقوط الشعر لزيادة درجة ملوحتها، ونحن نعلم أنها تحول إلى خزانات تحت الأرض وطعمها غير صحى تماما. كما تقول زهرة أحمد، من سكان مركز العسيرات بمحافظة سوهاج: إن مياه الشرب لديهم لونها أبيض وكأنها مذاب فيها نشا نتيجة لارتفاع نسبة الكلور بها ورائحتها كريهة جدا، وبمجرد أن تقوم بملء كوب من الماء نجد رواسب سوداء تتراكم بقاع الكوب، كما أنه فى منطقة البلينا بسوهاج نسبة الملوحة أكبر من منطقتنا، كما تجد مياه قرى عقوب ومرزوق والزوك نسبة الأملاح مرتفعه بها جدا وهذه القرى تجد فيها ارتفاع نسبة الإصابة بمرض الفشل الكلوى . فيما تقول أمل معروف أحد سكان مركز المنشأة أن المركز بقراه ونجوعه أغلب مياهه مالحة بالفعل ورائحتها كريهة ونسبة الكلور بها عالية جدا ويظهر بالكوب رواسب الطين فى القاع، وأكثر هذه القرى الزوك والبياضية والدويرات، كما أنه فى قرية إخميم بسوهاج تسبب اختلاط مياه الشرب بمياه المجارى فى وفاة أكثر من عشرين شخصا بعد إصابتهم بالفشل الكلوى، علاوة على أن أغلب أهالى سوهاج يعانون من تكون الحصوات ولم ينج الأطفال أنفسهم من هذه الأمراض . وقد تقدم منذ عدة شهور أهالى قسم شرطة دسوق بمحافظة كفر الشيخ بمحضر ضد المحافظ ورئيس مجلس إدارة مياه الشرب بالمحافظة رقم 497 لسنة 2014 إدارى، بسبب تلوث مياه الشرب واختلاطها بمياه الصرف الصحى وارتفاع نسبة الأمونيا بها.