ماهر الفضالى الريف الأوروبى.. وجولف السليمانية والدياب صارت أشهر المنتجعات السكنية فى مصر، وأصبح حلم الكبار فى الحصول على فيلات خاصة داخل تلك المنتجعات المعزولة عن مصر، لما تتمتع به من هدوء وجو نقى، لكنها أيضا مليئة بالغش والفساد، وربما تهدد سكانها بالرحيل فى أى لحظة، وهو ما كشفه تقرير هيئة قضايا الدولة. عن قيام هذه الشركات التى خصصت لها آلاف الأفدنة من الأراضى الزراعية بتغيير النشاط من زراعى إلى سكنى ليتضاعف سعر الفدان فيها عشرات المرات، وتدخل خزائنهم عشرات الملايين من الجنيهات بدون وجه حق. يؤكد التقرير إهدار واضح للمال العام، حيث قامت بعض الشركات التى خصصت لها آلاف الأفدنة من الأراضى الزراعية، بتغيير النشاط من زراعى لسكنى لتصبح منتجعات وقصورا بدلا من أن تضاف إلى الرقعة الزراعية المنتجة. وتم تخصيص هذه الأراضى بسعر 200 جنيه للفدان الواحد بهدف الزراعة، ولكنها أصبحت قصورا وفيلات وبحيرات صناعية أهدرت المخزون الجوفى للمياه العذبة، مما أضرت بالآبار والمزارع المجاورة لها وتم بيعها بمليارات الجنيهات بمساعدة بعض المسئولين بالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية وتحديدا إدارة الملكية و التصرف، حيث صدرت قرارات مجلس إدارة الهيئة بفسخ العقود منذ عام 2007 ، ولم تتخذ الإجراءات مما يعد إهدارا واضحا للمال العام، ولا شك أنها كانت سبوبة مربحة لمسئولى الهيئة. ومن المخالفات التى تضمنها التقرير تلك الخاصة بشركة «الريف الأوروبى» عن مساحة 353 فدانا، وكانت أهم الأسباب فى فسخ هذا العقد هو حصول الشركة على موافقة الإدارة العامة لرى الجيزة، واتضح بعد ذلك أنها غير صحيحة مما ترتب على ذلك فسخ العقود. وقد تم إخطار النيابة العامة بواقعة التزوير وأخطرت الشركة بقرار مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بفسخ العقود بتاريخ 24/1/2007، وقد أقامت الشركة دعوى قضائية وتم رفض الدعوى وتم الطعن عليها وقبول الاستئناف . وجاءت توصيات اللجنة بأن شركة الريف الأوروبى قد قامت بتوفير مصدر رى جوفى صدر بموجبه عقد البيع ثم بعد ذلك اتضح عدم صحة الموافقة، وكان ذلك مجرد حيلة لجأت إليها الشركة للحصول على تصاريح، مما ترتب على ذلك صدور قرار بفسخ العقود، وبرغم من ذلك لم تقم إدارة الملكية والتصرف ورئيسها أيمن المعداوي باتخاذ إجراءات فسخ تلك العقود. مع العلم أنه تم انتهاء جميع المنازعات القضائية التى أقامتها الشركة قبل الهيئة العامة لمشروعات التعمير بأحكام نهائية وباتة لصالح الهيئة، الأمر الذى كان لابد على المختصين بإدارة الملكية والتصرف سرعة اتخاذ إجراءات فسخ العقود تنفيذا لقرار مجلس إدارة الهيئة ولم يضعوه موضع التنفيذ الفعلى على الرغم من انتهاء المنازعات القضائية ومرور ثلاث سنوات تقريبا دون اتخاذ أى إجراء قانونى قبل الشركة، حيث كان منوطا بهم سرعة المبادرة إلى تنفيذ قرار مجلس إدارة الهيئة للحفاظ على المال العام، إلا أنهم تقاعسوا عن ذلك، مما ترتب عليه تغيير الوضع على الطبيعة . وذلك لبيان واضع اليد الفعلى عليها وماذا كانت تستغل فى أعمال الزراعة من عدمه، وبيان نوع الزراعات وعمرها وكذلك بيان توفير مصدر رى، وعرض الأمر على مجلس إدارة الهيئة، وذلك فى ضوء نتيجة المعاينة لسحب الأرض واستلامها مع تحصيل مستحقات الهيئة من تاريخ وضع اليد حتى تاريخ التسليم . أيضا يوضح تقرير هيئة قضايا الدولة أن شركة مصر للتنمية الزراعية أميكو مصر والتى يمثلها سليمان عامر ( جولف السليمانية ) ومساحتها 1425 فداناً على طريق مصر - إسكندرية الصحراوى، أن عقود هذه المساحة تمت بالمخالفة للقانون حيث قامت الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بالتصرف مباشرة بالبيع للشركة وعدم الالتزام بالإجراءات التى قررتها المادة 41 من اللائحة التنفيذية لقانون الأراضى الصحراوية رقم 143 لعام 1981، كما ينص على استغلال الأرض عن طريق تأجيرها لمدة ثلاث سنوات، فإذا ثبتت الجدية فى الاستصلاح خلال هذه المدة تملك الأرض لمستأجرها قبل الاستصلاح والاستزراع، مع خصم القيمة الإيجارية المسددة من ثمن الأرض، بالإضافة إلى عدم التزام الهيئة بنص المادة 30 من قانون المناقصات والمزايدات والذى نص على أن يتم بيع وتأجير العقارات عن طريق المزاد العلنى، سيما وأن عقود البيع قد تمت فى ظل سريان القانون الخاص بالمناقصات والمزايدات، وأيضا من المخالفات الواضحة فى الملف عدم وجود معاينات من قبل الهيئة تفيد ثبوت تحقق استصلاح واستزراع الأراضى التى تم تقنين أوضاعها ونقل ملكيتها للشركة، وحيث إن المعاينات اللاحقة لإبرام عقود البيع قد أظهرت وجود أراض بور غير مستصلحة من جانب الشركة، فضلا عن وجود مساحة 79 فدانا تستخدم كأراضى بناء، وقيام الهيئة بإشهار وتوثيق عقود البيع قبل سداد الشركة لكامل الثمن المستحق عليها دون مسوغ يبرر ذلك التصرف، وأن الشركة قد خالفت منشور وزير الزراعة رقم 1 لعام 1997 وتجاوزت نسبة البناء المقررة وهى 2%، كما أن الهيئة تقاعست فى اتخاذ إجراءات فسخ عقدى البيع رقمى 257 و258 حيث خالفت الشركة بنود العقود واستغلت الأراضى المباعة لها فى غير الأغراض الزراعية، وأقامت مشروعات سكنية ذات طابع سياحى على الأرض تحت مسمى مشروع جولف السليمانية، كما أن القانون يحظر استخدام الأراضى التى تم بيعها من قبل الهيئة فى غير الغرض المخصصة من أجله، أو التصرف فى هذه الأراضى أو جزء منها أو تقرير أى حق عينى أصلى أو تبعى عليها أو تمكين الغير منها إلا بعد استصلاحها واستزراعها أو موافقة مجلس إدارة الهيئة على التصرف قبل الاستصلاح أو الاستزراع للأسباب التى يقدرها ويقع باطلا كل إجراء يخالف ذلك، ومن هنا يتضح تراخى الهيئة فى مواجهة المخالفات التى دأبت الشركة على ارتكابها وغض الطرف عنها لفترة طويلة شرعت خلالها الشركة فى إقامة مشروعها السكنى على معظم الأراضى المباعة لها، ودون أن تتخذ الهيئة إجراءات فاعلة حيالها، كما أن الهيئة تراجعت عن قرارها الصادر بجلسة 1/8 /2005 بفسخ عقود البيع، وذلك بموجب الاتفاق المحرر بين الهيئة والشركة بتاريخ 11/9 /2005، والذى رأت من خلاله الهيئة إعطاء فرصة للشركة لتلافى المخالفات المنسوبة إليها واستعادة حقوق الدولة قبلها، غير أن الشركة لم تتمسك بذلك وقامت باللجوء للجنة فض منازعات الاستثمار، وتمت مخالفة الاتفاق المبرم بين الهيئة والشركة والمعتمد من قبل المجموعة الوزارية لفض منازعات الاستثمار لصحيح القانون من عدة أوجه وهى موافقة الهيئة على تغيير الشركة للغرض الذى تم تحرير عقود البيع على أساسه والمتمثل فى استغلال الأراضى فى النشاط الزراعى إلى استغلال الأراضى فى إقامة مشروع سكنى سياحى تحت مسمى جولف السليمانية قبل صدور قرار من رئيس الجمهورية بتغيير الغرض المباعة الأرض من أجله. ومن هنا توصى اللجنة بمراجعة القرارات الصادرة والطعن عليها لان المادة 27 من اللائحة التنفيذية للقانون قد خالفت نص المادة 66 من القانون، ووضعت قيدا بعدم جواز لجوء الجهات الإدارية للقضاء بالطعن فى القرار الصادر من المجموعة الوزارية لفض منازعات الاستثمار، وهو ما لا يجوز للسلطة التنفيذية بأن تصدر لائحة تنفيذية تتناول نصوص القانون الصادرة تنفيذا له بالنسخ أو التعديل، أو أن تزيد عليه شيئا، فإذا ما خرجت اللائحة التنفيذية عن نطاق التفويض الذى أعطاه لها القانون أصبحت مفتقدة العناصر التى تنزلها منزلة التشريع ومتجردة من الأساس القويم لمشروعيتها بما يجعلها معدومة الأثر قانونا . وتؤكد توصيات اللجنة على ضرورة الطعن أمام محكمة القضاء الإدارى على القرار الصادر بجلسة 28/6/2006 من المجموعة الوزارية لفض منازعات الاستثمار، وإذا ما تم التمسك بنص المادة 27 من قرار رئيس الوزراء رقم 1247 لعام 2004 بإصدار اللائحة التنفيذية لقانون ضمانات حوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 8 لعام 1997 والذى يمكن الدفع بعدم دستورية نص المادة 27 من اللائحة التنفيذية للقانون لمخالفتها لقاعدة دستورية أصلية، والتى تقضى بأن حق التقاضى مكفول للجميع وعدم الإخلال بمبدأ المساواة . كما جاء تقرير هيئة قضايا الدولة بشأن شركة الدياب للتنمية والاستثمار الزراعى ومساحتها 2750 فدانا، وقد أوصى بإجراء معاينة حديثة لإجمالى الأراضى المتصرف فيها لصالح الشركة والتى تضع اليد عليها وإعداد مذكرة للعرض على مجلس الإدارة للنظر فى فسخ عقود البيع والإيجار لمساحة 2750 فدانا حال ثبوت قيام الشركة بالتصرف فى الأراضى المخصصة لها بيعا أو إيجارا للغير، وإزالة التعدى الواقع من الشركة على مساحة 1895 فدانا، ويجب العرض على مجلس إدارة الهيئة لاتخاذ ما يراه مناسبا فى هذا الشأن لتصحيح ما شاب إجراءات التصرف للشركة من أوجه بطلان وتحصيل كامل مستحقات الدولة عن كامل المساحة التى تضع الشركة يدها عليها. ومن هذا المنطلق وضعت الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية منظومة جديدة وهى الحجز الإدارى على جميع الشركات المخالفة، والتى عليها مديونيات للهيئة، ويتم الحجز على أرصدة الشركات ومخاطبة نحو44 بنكا للحجز على هذه الأرصدة . ويشرف على نجاح هذه الإدارة اللواء مجدى أمين المدير التنفيذى للهيئة، حيث استطاعت هذه الإدارة تحصيل مبالغ مالية كبيرة «ملايين الجنيهات» فى أقل من شهر، حيث تسعى الشركات المخالفة للحصول على خطابات تصالح مع الهيئة للسماح لها للتعامل على هذه الأرصدة فى البنوك مرة أخرى .