مواصفات الرئيس الفلسطينى المقبل تختلف عن الرئيسين عرفات وأبو مازن
قال مروان كنفانى مستشار الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات إن حماس تعاملت مع الشعب الفلسطينى خلال السنوات العشر الماضية، وكأنها قوة احتلال جديدة، وأن أهل المقاومة وأهل التفاوض لم يحرروا مترا واحداً من الأراضى الفلسطينية، وإن الأوضاع فى فلسطينالمحتلة تسير نحو الأسوأ، مشددا على أن مواصفات الرئيس الفلسطينى القادم، ستختلف عن مواصفات الرئيسين عرفات وأبو مازن، ونفى مروان كنفانى أن يكون إصدار كتابه”عن الفلسطينيين فقط جدلية النجاح والفشل” بالتوافق مع إصدار حماس لوثيقتها الجديدة، وقال فى حوار خاص ل «الأهرام العربى» إنها صدفة بحتة، معتبراً أن الهدف الآن “ليس تحرير الأرض” بل تثبيت الشعب الفلسطينى على الأرض والحفاظ على رمزية السلطة الفلسطينية وهذا نص الحوار :
هل هناك أسرار قد تغضب البعض فى كتابك الجديد “عن الفلسطينيين فقط جدلية النجاح والفشل”؟
كل ما قلته فى الكتاب الجديد معروف، لكن لا يجرؤ أحد على الحديث به، وأنا أعتقد أن الكتاب موجه للشباب الصغار الذين لا يعرفون هذه الجذور وهذه التفاصيل، لأن تاريخ الانقسام الفلسطينى قديم منذ أكثر من قرن من الزمان، وأتصور أن الأوضاع فى الأراضى الفلسطينية تتجه نحو الأسوأ.
كيف ترى الشروط العربية لقطر بضرورة طرد قيادات حماس من أراضيها حتى تعود العلاقات العربية مع قطر؟
فى السياسة هناك دول دائما على استعداد أن تمد يدها بالمساعدة لأى فريق إذا كان هذا الفريق يحقق أهداف هذه الدولة أو تلك، ويكون الدعم بالتمويل أو الدعم السياسى والمعنوى، أو بالتسليح والتدريب، ومنذ بدء القضية الفلسطينية وحتى الآن كان هناك تدخل عربى وأجنبى ومن دول الجوار غير العربية، الخطأ ليس فى هذه الدول بل كل الخطأ فى من يقبل بالتدخل، أو القيادات التى تنحاز إلى بعض الدول نتيجة دعمها، والآن الاختلافات حول الاجتهادات بين حماس وفتح، وليس فى الهدف النهائى، وهذه الخلافات يمكن تجاوزها إذا خلصت النيات.
كتابك الجديد صدر فى نفس توقيت إعلان حماس عن وثيقتها الجديدة.. ما رسالتك من هذا التزامن مع وثيقة حماس؟
فى نهاية كتابى السابق “سنوات الأمل” الذى صدر عام 2007 كان مضى شهران فقط على سيطرة حماس على غزة، وأنا قلت فى “سنوات الأمل” إن حماس لن تستطيع الاستمرار بالشكل الذى بدأت به سيطرتها على غزة، خصوصا أنها تأخذ كل شىء بيدها دون التعاون مع الآخرين، وتعمل مشاكل مع الدول المجاورة وترفض الالتزام بمعايير الشرعية الدولية، وقلت إنها لن تستطيع الاستمرار على نهجها الماضى، وأنا قلت أيضاً إن حماس ستنضم إلى الاتجاه الدولى لحل القضية الفلسطينية أسرع من فتح، فالرئيس عرفات أخذ 30 عاما حتى يقبل بدولة على حدود 4 يونيو 1967، حماس لم تستغرق إلا 10 سنوات فقط، وبالمصادفة البحتة صدر كتابى فى نفس يوم صدور وثيقة حماس الجديدة، وأنا منذ 10 سنوات قلت إن الفصل الذى حدث بين الضفة وغزة لن ينتهى بسرعة، وأن الانقسام الفلسطينى سيستمر لوقت طويل.
هل حماس صادقة فى توجهها الجديد؟
فى السياسة لا يوجد صدق وعدم صدق، فى السياسة توجد ظروف تحتم على القيادة اتخاذ قرارت جديدة تلائم المتغيرات الجديدة، وأنا أعتقد أن لدى حماس مشكلة ليست مع إسرائيل أو أمريكا لكن مشكلتها مع الشعب الفلسطينى، وخلال ال 10 سنوات الماضية التى سيطرت حماس فيها على غزة لم تقدم للشعب الفلسطينى أى دليل على تعاونها مع باقى مكونات الشعب الفلسطينى، لذلك يجب أن تتعامل حماس بشكل آخر وبشكل أنضج، لماذا يتعذب الشعب الفلسطينى فى غزة؟ دخلنا ثلاث حروب بدون أى عائد، فى الحقيقة إسرائيل لا تريد احتلال غزة، وفى التوراة يقول «ملعونة أنت يا غزة» وحاولوا إعطاء غزة للملك فاروق فرفض، ونفس الأمر بالنسبة للرئيس السادات ورفض أيضاً، لأن غزة جزء لا يتجزأ من فلسطين، لذلك الهدف الإسرائيلى هو تقليم أظافر حماس خاصة الصواريخ، وهناك أكثر من 2000 من الشعب الفلسطينى فى غزة ذهبوا ضحية هذه الحروب، والنتيجة كانت حصول إسرائيل على ما تريد، وهو وقف إطلاق الصواريخ، لذلك التغيير الذى أقدمت علية حماس فى وثيقتها الجديدة شبيه جدا بالتغيير الذى أقدم عليه الرئيس ياسر عرفات عام 1988 فى الجزائر عندما أعلن قيام الدولة الفلسطينية، نفس المنطق الذى تحدث به الرئيس ياسر عرفات هو الذى تحدث به خالد مشعل، وأنا فاكر أن الرئيس عرفات قال لن نتنازل عن أراض فى فلسطين، والحقيقة أنه لم يتحقق أى شىء للقضية الفلسطينية منذ رحيل الرئيس ياسر عرفات منذ 13 عاما، التفاوض الآن فقط فى الصحف حتى يقرأ الشعب الفلسطينى هذه المواقف، لا يوجد أحد يفاوض 25 عاما، ولدينا أيضا أهل المقاومة لم يقدموا شيئا للشعب الفلسطينى وعندهم تفاهم مع إسرائيل، السلطة الفلسطينية لديها اتفاق مع إسرائيل يسمى اتفاق أوسلو، وحماس لديها أيضا اتفاق مع إسرائيل يسمى اتفاق “التهدئة”، وهو اتفاق له بنود، لذلك لا يوجد فرق بين نتيجة المقاومة ونتيجة المفاوضات.
هل الدخول فى المنظمات الدولية المتخصصة لا يعد إنجازاً؟
إحنا بنعمل فرح كلما دخلنا منظمة متخصصة من منظمات الأممالمتحدة، والسؤال هل سنصبح دولة وأعضاء فى الأممالمتحدة نتيجة وجودنا وقبولنا فى المنظمات المتخصصة؟ بالتأكد لا، لكن قبول فلسطين كعضو كامل فى الأممالمتحدة، يوفر تلقائيا الدخول لكل المنظمات المتخصصة فى الأممالمتحدة، وأمريكا استخدمت 48 فيتو ضد القضية الفلسطينية، لذلك تهديد المفاوض الفلسطينى بالذهاب لمجلس الأمن ليس واقعيا، نفس الأمر لأهل المقاومة لم يحرروا سنتيمترا واحدا منذ رحيل عرفات، ولم يحقق أى طرف فلسطينى أو عربى أو مسلم شيئا للشعب الفلسطينى
هل هذا معناه أن حماس يمكن أن تتلاشى كحركة، لأن وزنها السياسى كان يأتى من كونها على يمين المشهد السياسى الفلسطينى، عندما تغادره نحو الوسط نحو نفس مكان فتح سوف تفقد جماهيريتها؟
مشكلة حماس أنها حتى بعد فوزها فى الانتخابات عام 2006 كانت تتعامل مع الشعب الفلسطينى، باعتبارها قوة احتلال جديدة، فهى لم تتعاون مع الآخرين فى الساحة الفلسطينية، ومنذ عام 1917 تقريباً لم يكن هناك أى عمل مشترك بين مكونات الشعب الفلسطينى، دائما كان هناك خلاف بين القوى السياسية الفلسطينية.
البعض يفسر عدم تعاون حماس مع القوى الوطنية الفلسطينية باعتبارها فرعا لجماعة الإخوان المسلمين التى لا تؤمن “بالدولة الوطنية” وتؤمن فقط بالخلافة العابرة للحدود.. هل تتفق مع هذا التفسير؟
الطبيعى ألا يكون هناك اتفاق بين الإخوان وإيران، لأن إيران شيعية والإخوان سنة، وجماعة الإخوان المسلمين نشأت فى وقت انهارت فيه الخلافة العثمانية، وكان هناك حنين لهذه الخلافة، والإخوان المسلمون لم يكن لهم فرع فى فلسطين، والإخوان الفلسطينيون ضمن إخوان مصر، بدليل أنه فى الخمسينيات عندما نشأ خلاف بين الإخوان والرئيس جمال عبد الناصر أعدم عددا من إخوان فلسطين، لكن الإخوان قرروا جعل حماس فرعا لهم عند تأسيس حماس فى فلسطين، ومشكلة الإخوان أنهم لا يقبلون التعاون أو الائتلاف مع القوى الفلسطينية الأخرى فى الساحة الفلسطينية أو المصرية، الإخوان لا يرون إلا أنفسهم فقط وهذه مشكلة كبيرة، والإخوان أجبروا على التخلى عن الحكم ليس لتدخل من طرف أو مؤامرة كما يدعون، لكنهم أجبروا على التخلى عن الحكم سواء فى تونس أم مصر لأنهم فشلوا، وهناك تاريخ لا بد أن يعرفه الجميع، فمنذ 20 عاما منح الملك حسين ملك الأردن تشكيل الحكومة للإخوان، وأعطاهم فرصة ليقودوا البلاد، لكنهم فشلوا فشلاً ذريعاً، وفى الانتخابات التالية سقطوا سقوطاً مريعاً، نفس الكلام فى مصر وتونس، لو كان الإخوان أثناء وجودهم فى الحكم أعطوا الوطن العربى كشعب وأحزاب وحركات درساً ملموسا فى التعاون والتحالف لاستمروا، لكنهم فعلوا كل ما كانوا يشتكون منه وهو سيطرة الآخرين على كل شىء، وفى الحقيقة لم يحدث أن انتصر شعب فى ظل انقسام قواه السياسية والحزبية، والوحدة لا تتم بالقبلات بين أبو مرزوق وعزام الأحمد، المصالحة تتم فقط بالبرنامج السياسى وليس بالأحضان .
هناك من يقول إن شكل الاتفاقيات الثنائية مثل كامب ديفيد أو وادى عربة انتهى، وأن أى حل للقضية الفلسطينية لا بد أن يقوم على مقاربة إقليمية ....هل تتفق مع هذا الطرح؟ تماما، لا بد من وجود اتفاقيات إقليمية ودولية أيضا، لم يعد هناك إمكانية لعمل اتفاق فلسطينى - إسرائيلى جديد، لأن هناك عناصر جديدة أصبحت متشابكة مع الملف الفلسطينى، فمثلاً إذا أردت فتح المعابر الفلسطينية قد لا يكون كافياً الاتفاق بين الفلسطينين والإسرائيليين ويحتاج لأطراف أخرى.
إذن أنتم تتفقون مع ما طرحه الرئيس ترامب حول المقاربة الإقليمية؟
قد يكون طرح الحل الفلسطينى يحتاج علاج مشكلات أخرى فى الإقليم مثل المشكلات بين الولاياتالمتحدةوإيران، وبين إيران وإسرائيل، والعالم اليوم بين تحالفين الأول تقوده أمريكا والآخر تقوده روسيا، ونحن كفلسطينيين (حماس وفتح – غزة والضفة ) أصبحنا أعضاء فى هذه التحالفات، فالسلطة الفلسطينية تابعة للحلف الأمريكى - الأردنى - العربى، وحماس مع التحالف التركى - الإيرانى، وكلا من حماس وفتح أضعف حلقة فى التحالفين سواء الروسى أم الأمريكى .
كيف ترى تأثير الأزمة بين قطر والدول العربية على دعم حماس؟ كلما كانت الأوضاع بين الدول العربية تقوم على التعاون كان هذا أفضل للقضية الفلسطينة.
كيف ترى عدم تمسك الرئيس ترامب بحل الدولتين؟ أولا حل الدولتين هو الحل الممكن وليس الحل الأفضل، لأن إسرائيل لا تستطيع القضاء على الفلسطينيين، كما أن الفلسطينيين غير قادرين على استعادة كل الأراضى التى احتلتها إسرائيل، وبالتالى حل الدولتين هو الحل الممكن، الجميع يسعى للتهدئة، فى المدى المنظور لا يوجد حل للقضية الفلسطينية، والرئيس ترامب لا يتدخل فى القرارات إلا بنسبة لا تزيد على 5 %، الرئيس ترامب حاول نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس ولم يستطع .
هناك من يقول إن الشعب الفلسطينى يحتاج لقيادة جديدة ... هل تتفق مع هؤلاء؟ إسرائيل تخشى السلطة الوطنية وبقاء الشعب على الأرض، ولا تخاف من فتح ولا من حماس، من هذا المنطلق أنا قلق على الشرعية الوحيدة المتبقية للشعب الفلسطينى وهى منصب الرئيس، لأن المجلس التشريعى انتهت ولايته منذ فترة، ورئيس الوزراء تم فصله، ومدة الرئيس أبو مازن انتهت أيضاً، وبقيت فقط شرعية التوافق على الرئيس عباس، فكل المنظمات والهيئات تتعامل معه باعتباره الرئيس الفلسطينى، هذه هى الشرعية التوافقية، وإذا مس أحد هذه الشرعية فهذا أكبر خطر على الفلسطينيين.
هناك من يرشح مروان البرغوثى أو محمد دحلان للرئاسة كيف ترى ذلك؟ من حق أى مواطن فلسطينى أن يطمح ليكون رئيسا للشعب الفلسطينى، لكن عصر الزعماء انتهى بوفاة الرئيس عرفات الذى قادنا من شعب لاجئ إلى وطن، ونحن الآن فى عهد الرؤساء، لكل رئيس برنامج ويتحالف مع مجموعة من الشعب الفلسطينى، والرئيس الجديد لن يكون مثل الرئيس عرفات ولا الرئيس محمود عباس الذى جاء فى ظروف تاريخية، وكان مع الرئيس عرفات، لأن معركتنا اليوم ليس لتحرير فلسطين، بل من أجل تثبيت الشعب الفلسطينى، وتثبيت كيانه السياسى الذى يهتم به .