قد لا يتخيل المدخن المستمتع بسيجارته أنه مسئول – وملايين مثله - عن تدمير اقتصاديات بلاده والعالم، تحت دعوى أن عادة التدخين مجرد حرية شخصية لا تضر أحدًا سواه. من أجل تلك التصورات المغلوطة، وتحت شعار "التبغ - خطر يهدد التنمية"، تطلق منظمة الصحة العالمية وشركاؤها حملتها السنوية يوم الأربعاء الموافق 31 مايو الجاري في إطار اليوم العالمي لمكافحة التدخين ومناهضة تجارة التبغ، بتسليط الضوء على المخاطر الصحية والاقتصادية والاجتماعية، فضلًا عن الآثار البيئية المدمرة، وآثاره السلبية على رفاهية المجتمعات وتقدمها. في هذا الإطار، شهدت مدينة "جنيف" السويسرية"، لقاءً نظمته منظمة الصحة العالمية وأمانة اتفاقية الصحة العالمية لمكافحة التدخين وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي بحضور د.دوغلاس بيتشر، مدير إدارة منظمة الصحة العالمية للوقاية من الأمراض المزمنة، ود.فيرا دا كوست إي سيلفا، رئيسة أمانة اتفاقية الصحة العالمية لمكافحة تدخين التبغ، ودادلي تارلتون، أخصائي برنامج، برنامج الأممالمتحدة الإنمائي، الذين شاركوا الحاضرين أحدث البيانات الواردة في تقرير منظمة الصحة العالمية السنوي، وفي إطار بنود اتفاقية الصحة العالمية لمكافحة تدخين التبغ. توضح الإحصاءات الأخيرة مسئولية التبغ عن وفاة أكثر من 7 ملايين شخص سنويا، من بينهم نحو 900 ألف شخص من المدخنين السلبيين (المتأثرين بالتدخين المحيط بهم). وبحلول 2030، من المتوقع أن يصل عدد حالات الوفيات إلى أكثر من 8 ملايين شخص سنويا، ينتمي نحو 80 % منهم إلى البلدان الفقيرة والنامية، التي تتحمل ميزانياتها الهشة حوالي 40% من التكلفة الاقتصادية العالمية للتدخين من حيث النفقات الصحية والخسائر الإنتاجية، بما يقدر بحوالي 1.4 تريليون دولار. تركز الحملة على المخاطر الناتجة عن تأثير صناعة التبغ على التنمية المستدامة في العالمي، من خلال استنزاف عافية المواطنين وأموالهم للإنفاق على الآثار السلبية للتدخين والحد من الخسائر الاقتصادية التي يسببها للإقتصادات الوطنية، حيث تسعى خطط التنمية لمكافحة تدخين التبغ لتقليص الخسائر الاقتصادية الناتجة عن معدل الوفيات المبكرة التي تحدث على الصعيد العالمي نتيجة للأمراض المزمنة المصاحبة، بما في ذلك أمراض القلب والأوعية والسرطانات وداء الانسداد الرئوي المزمن، بنسبة الثلث، بحلول عام 2030. كما تسعى الهيئات المعنية والحكومات لاحتواء الأثر البيئي السلبي الناتج عن زراعة التبغ وتصنيعه والاتجار فيه واستهلاكه حيث يحتل محصوله ملايين الفدادين، التي نتجت عن إزالة الغابات بنسبة تتراوح ما بين 2% و4%، كما تنتج صناعة التبغ أكثر من 2 مليون طن من النفايات الصلبة الضارة، وفي الوقت نفسه تتطلب زراعته كميات كبيرة من مبيدات الحشرات والأسمدة غير الآمنة التي تؤدي إلى تلوث إمدادات المياه والتربة. ويؤكد المتخصصون أن التوقف عن التدخين يعمل على المساهمة في كسر حلقة الفقر حيث يتم إنفاق 10% من دخل الأسر على التدخين، ودعم خطط التعليم حيث يتسرب نحو 14% من أطفال السر العاملة في هذا المجال للعمل في حقول التبغ، وتحقيق التوازن النوعي حيث تشكل النساء 70% من العاملين في هذا المجال مما يعرضهم لمخاطر صحية جمة، هذا فضلًا عن القضاء على الجوع، وتعزيّز الزراعة المستدامة، وتعزيز النمو الاقتصادي، ومحاربة تغيّر المناخ. ومن المتوقع الاستمرار في مكافحة التبغ بفرض المزيد من الضرائب على منتجات التبغ لتمويل الغطاء الصحي الشامل وغيره من برامج التنمية التي تنظمها الحكومات.