نقيب أطباء الأسنان: "الخريجون مش لاقيين شغل"    رئيس الوزراء: الدولة تمكنت فى 10 سنوات تحقيق إنجازات بفضل إصلاحات الرئيس السيسى    مصر و الأردن يؤكدان تعزيز التعاون في النقل البري خلال اجتماعات اللجنة الفنية المشتركة بعمان    رئيس وزراء جرينلاند: لن نحيد عن قيمنا الديمقراطية وجرينلاند ملك لشعبها    روسيا وفنزويلا تحذران من تداعيات خطوات أمريكية تصعيدية في البحر الكاريبي    مسؤول سابق بالناتو: احتجاجات مزارعين أوروبا تتصاعد بسبب تقليص الدعم    25 ديسمبر الجاري.. أولى جلسات محاكمة المتهمين بالتسبب في وفاة السباح يوسف    تأجيل محاكمة سارة خليفة و27 آخرين في قضية المخدرات الكبرى    أحمد خالد صالح يقدم واجب العزاء في سمية الألفي    فضل صيام شهر رجب وأثره الروحي في تهيئة النفس لشهر رمضان    هل يفيد تطعيم الإنفلونزا في شهري ديسمبر ويناير أم فات الأوان؟    رئيس الهيئة الدولية لدعم فلسطين: الاحتلال لا يسمح سوى بدخول أقل من ثلث المساعدات المتفق عليها إلى غزة    السيسي: مستعدون لدفع المزيد من الاستثمارات المصرية إلى السوق التنزانية    ميرال الطحاوي تفوز بجائزة سرد الذهب فرع السرود الشعبية    زيلينسكي: أوكرانيا بدأت إنتاج أنظمة الدفاع الجوي محليًا    رمضان عبدالمعز: دعوة المظلوم لا تُرد    جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا ضمن أفضل الجامعات العربية في تصنيف 2025    مصلحة الضرائب تكشف تفاصيل الحزمة الجديدة من التسهيلات الضريبية    تعيينات جديدة بكلية التربية جامعة عين شمس    الكويت وروسيا تبحثان تعزيز التعاون في مجالات الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية    توني يقود هجوم الأهلي ضد الشرطة العراقي في دوري أبطال آسيا للنخبة    البورصة تختتم تعاملاتها اليوم الإثنين بتباين كافة المؤشرات    مصدر من الأهلي ل في الجول: لا نعرقل انتقال حمزة عبد الكريم ل برشلونة.. وهذا موقفنا    "يتمتع بخصوصية مميزة".. أزهري يكشف فضل شهر رجب(فيديو)    آيتن عامر تعتذر عن استكمال "حق ضايع" قبل بدء التصوير    لأول مرة بجامعة عين شمس.. نجاح جراحة زرع جهاز تحفيز العصب العجزي    خلال 24 ساعة.. رصد 153 مخالفة على الطرق في الغربية    نائب الصحة لشئون الحوكمة والرقابة يشهد الاجتماع الأول للجنة تطوير منظومة طب الأسنان    "هعيش حزين".. أول تعليق من أحمد الفيشاوي بعد وفاة والدته    جنايات الإرهاب تقضى بالمؤبد والسجن المشدد ل5 متهمين بخلية التجمع    يضم 950 قطعة أثرية.... محافظ المنيا يتفقد متحف آثار ملوي    في مشهد مهيب.. الأزهر ينجح في إخماد فتنة ثأرية بالصعيد    قائد أوغندا قبل مواجهة تونس: لن نكون لقمة سائغة لمنافسينا في أمم إفريقيا    انتظام أعمال امتحانات الفصل الدراسي الأول بجامعة قنا    قصة قصيرة ..بدران والهلباوى ..بقلم ..القاص : على صلاح    فرحة وحيدة لمنتخب مصر في الاستضافة العربية لأمم أفريقيا    رئيس جامعة القاهرة يجري سلسلة لقاءات رفيعة المستوى بالصين لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي    مدير تعليم الجيزة يواصل سياسة العمل الميداني بزيارة مفاجئة لإدارتي «العياط والصف»    الانتقام المجنون.. حكاية جريمة حضرها الشيطان في شقة «أبو يوسف»    حداد ودموع في طابور الصباح.. مدرسة بمعصرة صاوي تنعى تلميذين لقيا مصرعهما في حادث الطريق الإقليمي    السيطرة على حريق بسوق عرفان فى محرم بك بالإسكندرية دون إصابات.. صور    هل طلب بيراميدز ضم ناصر ماهر من الزمالك ..مصدر يوضح    إطلاق حملة "ستر ودفا وإطعام" بالشرقية    وزارة شئون القدس تطالب بتدخل دولي عاجل لوقف هدم منازل المقدسيين    تشكيل مجلس إدارة غرفة الرعاية الصحية فى اتحاد الصناعات    مصدر من الأهلي يكشف ل في الجول تطورات ملف المحترفين والراحلين.. وموقف توروب    مدبولي: توجيهات من الرئيس بإسراع الخطى في تنفيذ منظومة التأمين الصحي الشامل    محافظ المنوفية يتفقد مركز خدمة عملاء مركز معلومات شبكات المرافق بقويسنا.. صور    كنز بطلمي يخرج من باطن الأرض محافظ بني سويف يتفقد أسرار معبد بطليموس الثاني بجبل النور بعد أكثر من عقد على اكتشافه    محافظ سوهاج يعلن إتاحة التصديق القنصلي على المستندات بمكاتب البريد    وكيل الأزهر يحذِّر من الفراغ التربوي: إذا لم يُملأ بالقيم ملأته الأفكار المنحرفة    ننشر مواعيد امتحانات الفصل الدراسى الأول بمحافظة القاهرة    الحقيقة الكاملة لسحب الجنسية من البلوجر علي حسن    تقرير: بروزوفيتش لا يفكر في الرحيل عن النصر    وزير قطاع الأعمال: نحرص على تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي    وزير الثقافة ورئيس صندوق التنمية الحضرية يوقّعان بروتوكول تعاون لتنظيم فعاليات ثقافية وفنية بحديقة «تلال الفسطاط»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 22-12-2025 في محافظة قنا    تشديدات أمنية ودعم جماهيري وطقس جيد.. سفير مصر يطمئن على بعثة الفراعنة بالمغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مناطق التهدئة فى سوريا.. هل تهدد وحدتها؟

على الرغم من أن جولة محادثات الاستانة، التى عقدت فى الثالث والرابع من مايو الجارى فى العاصمة الكازاخية، شهدت انسحابا فى أول أيامها، وتلكؤا واضحا، من جانب فصائل المعارضة السورية، التى وافقت على المشاركة فيها، وهو تكرار لما حدث فى الجولات السابقة، وبنفس الأهداف المتمثلة فى محاولة الضغط على النظام السورى ليوقف اعماله القتالية، بل لعرقلة محادثات الأستانة، بشكل أو بآخر، لحساب الأطراف الإقليمية والدولية التى تقف وراء المعارضة السورية، فإنه ليس من المبالغة فى شىء القول بأن هذه الجولة من المحادثات تتسم بالكثير من الأهمية، وذلك بحكم ما تم طرحه وإقراره، بل البدء فى تنفيذه بالفعل على الأرض فى سوريا، نقصد بذلك الاقتراح الروسى بإنشاء أربع مناطق للتهدئة والحد من التصعيد فى سوريا، وبغرض معلن هو دعم فرص وقف إطلاق النار واستمار الهدنة فى سوريا، التى تم التوصل إليها من قبل، التى تظل صامدة نسبيا، برغم الخروقات المتكررة لها، من جانب كل الأطراف .

وإذا كان إنشاء مناطق التهدئة الأربع هو اقتراح روسى، وحدد الروس الخرائط والإحداثيات الخاصة بكل منطقة، من مناطق التهدئة، وعملوا على توقيع اتفاق بهذا الخصوص بين الأطراف الضامنة لوقف إطلاق النار فى سوريا، وهى روسيا وإيران وتركيا، مع قيام موسكو فى الوقت ذاته بإقناع دمشق بإنشاء تلك المناطق، وإعلان دمشق موافقتها على ذلك، بل وقيام روسيا بالتحرك فى مجلس الأمن الدولى، فى محاولة لاستصدار قرار من المجلس يدعم هذه الخطوة، لتثبيت وقف إطلاق النار، وقيامها بإجراء الاتصالات الضرورية لذلك، وهو: ما سيتحقق فى النهاية، فإن السؤال الذى يفرض نفسه هو لماذا بادرت روسيا بالإعلان عن إنشاء تلك المناطق الأربع للتهدئة، التى توجد فى محافظة إدلب – وهى الأكبر – وشمال حمص والغوطة الشرقية وجنوب سوريا؟
وفى ضوء هذا الجهد والتحرك الروسى النشط بشأن هذه الخطوة ورعاية تنفيذها اعتبارا من الساعات الأولى ليوم الخامس من مايو الجارى، فإن ما أعلنته موسكو من أن الهدف هو دعم وقف إطلاق النار بين القوات الحكومية والمعارضة، الذى تم التوصل إليه فى جولة سابقة من محادثات الأستانة، يظل جزئيا، وقاصرا بالتأكيد عن تفسير هذه الخطوة الروسية، التى يمكن وصفها دون مبالغة، بأنها خطوة وقائية من جانب موسكو تحسبا لما يمكن أن تقوم به الإدارة الأمريكية فى سوريا خلال الفترة المقبلة. وبالطبع لا يقلل من أهمية ذلك أن موسكو تشاورت مع واشنطن بشأن تلك المناطق الأربع، وهو أمر مفهوم فى إطار طبيعة وأهمية العلاقة بين روسيا والولايات المتحدة، سواء بشأن سوريا أو بشأن قضايا إقليمية ودولية أخرى بالطبع . على أية حال فإنه يمكن الإشارة باختصار شديد إلى ما يلى بشأن إنشاء مناطق التهدئة الأربع:
أولا: أنه من المعروف أن روسيا سبق أن عارضت بشكل قوى تلميحات ومطالبات تركيا، وكذلك رغبة واشنطن، لإقامة مناطق آمنة على الحدود السورية التركية، بغرض أو هدف معلن هو توفير حماية للمدنيين السوريين من غارات طائرات النظام، ولكن الغرض الحقيقى لأنقرة، هو إنشاء مناطق عازلة على الحدود مع سوريا، لإبعاد الأكراد إلى خلف نهر الفرات، وعرقلة محاولاتهم تشكيل كيان سياسى تخشى تركيا تأثيره على الأكراد فيها من ناحية، ولإيجاد موطئ قدم لها فى سوريا، بمبرر ما، وبما يخدم أطماعها المعروفة فى بعض مناطق شمال سوريا، كما هو معروف من ناحية ثانية. وبينما أدى عدم الحماس الأمريكى لذلك إلى إضعاف الفكرة فى الأشهر الماضية، فإنه يبدو أن واشنطن تسعى للقيام بدور فى سوريا، على الأقل لتأمين مصالحها، أو لمقايضة موسكو حول هذه المصالح، لذا فإنه لم يكن مصادفة أبدا أن تعود فكرة إنشاء مناطق آمنة فى سوريا إلى الظهور مرة أخرى وهذه المرة من جانب واشنطن، حيث تحمس ترامب للفكرة، بعد حادث استخدام أسلحة كيماوية فى خان شيخون الشهر الماضى، واتهام واشنطن للقوات الحكومية بذلك، وقيامها بضرب قاعدة الشغور الجوية استنادا إلى ذلك، برغم أنها تعارض إجراء تحقيق دولى فى الحادث الذى نفت دمشق وموسكو تورط القوات الحكومية فى استخدام غاز السارين فى خان شيخون الشهر الماضى. وبالطبع تلقفت تركيا الأمر وعادت إلى الحديث عما كانت تتحدث عنه من قبل بشأن المناطق الآمنة فى سوريا .

وفى إطار هذه الخلفية، فإنه من المرجح أن موسكو، التى تتوفر لها معلومات حول نيات واشنطن، سارعت فى خطوة استباقية ووقائية أيضا، بإنشاء مناطق التهدئة الأربع وتنفيذها سريعا على الأرض، بل محاولة تأمين تأييد إقليمى ودولى لها، فى مجلس الأمن وخارجه. وبالطبع لم يكن فى وسع واشنطن سوى الترحيب، وبالطبع تركيا التى تعد طرفا ضامنا لوقف إطلاق النار فى سوريا. غير أن موقف المعارضة السورية، الذى رفض الأمر، ووصف الخطوة بأنها تمهد لتقسيم سوريا، هو موقف دال يشير إلى مواقف الأطراف الإقليمية والدولية الداعمة للمعارضة السورية، التى لا تستطيع أن تعلن معارضتها لهذه الخطوة لاعتبارات كثيرة .

ثانيا: أنه يبدو أن موسكو قد تخوفت من إقدام واشنطن على إنشاء مناطق آمنة فى شمال سوريا، وتحت حمايتها، خصوصا أن هناك بالفعل قوات أمريكية محدودة على الأرض فى سوريا، ظهرت قبل أسابيع، للفصل بين القوات التركية وقوات سوريا الديمقراطية الكردية، ومنع التماس بينهما فى شمال غرب سوريا. لذا فإنها سارعت بإنشاء مناطق التهدئة الأربع لسحب البساط من تحت أقدام إدارة ترامب، وإنهاء مبررها لإقامة مناطق آمنة فى سوريا، خصوصا أنها تدرك أن إدارة ترامب لا تعبأ بالحفاظ على وحدة سوريا، كما أن تركيا ستستغل ذلك لخدمة مصالحها على حساب سوريا. ومن ثم جاءت هذه الخطوة الروسية كخطوة استباقية، ووقائية أيضا لقطع الطريق على مثل هذا التطور، الذى كان يلوح فى الأفق .
ومع الوضع فى الاعتبار أن السلطات السورية لا تستطيع رفض ما قد تراه موسكو مناسبا لسوريا، فى الظروف الراهنة، وبالتالى وافقت دمشق على هذه الخطوة، فإنه من الواضح أن روسيا تشكل ضمانة، تثق فيها دمشق، وأن إعلان مناطق التهدئة الأربع كان للحيلولة دون إنشاء مناطق آمنة برعاية أمريكية وتركية، كانت ستقود على الأرجح إلى تقسيم سوريا، الذى تعارضه روسيا بشكل كبير . أما تباكى المعارضة السورية ورفضها لتلك المناطق الأربع والقول بأنها خطوة على طريق تقسيم سوريا، فإنه يظل مناورة لصالح القوى التى تقف وراءها، ومحاولة للحصول على بعض المكاسب بشكل أو بآخر .

ثالثا: أنه برغم الثقة فى التزام موسكو بوحدة سوريا الإقليمية، وهو ما تم التأكيد عليه أيضا، عند إنشاء مناطق التهدئة الأربع، وهو ما أقرته إيران وتركيا كذلك، وهو أمر مهم بالنسبة لمستقبل سوريا وأطماع تركيا فيها، فإنه من الطبيعى أن تثير الخطوة الروسية بعض القلق بالنسبة لوحدة سوريا ومخططات تقسيمها من جانب بعض القوى، ومنها بعض فصائل المعارضة السورية. غير أن ما يمكن أن يقلل من المخاوف هو أن روسيا بوجودها الفعلى فى سوريا، وبتحركها النشط على الأرض، وتأييدها لوحدة سوريا ورفض تقسيمها، تظل قادرة على عرقلة ومنع هذا الاحتمال، خصوصا أنها أعلنت إجراءات محددة لمنع طيران التحالف الدولى والطيران الأمريكى فوق المناطق الأربع.

ومن جانب آخر فإن ما تمر به المعارضة السورية من حالة ضعف ملحوظة، ومن تشرذم متواصل، يحولان دون نجاحها فى الاستئثار بأية مناطق فى سوريا وإدارتها بكفاءة، خصوصا أن حبالا سرية عديدة تربط بين فصائلها وأطراف إقليمية ودولية تغذيها من خارج سوريا.

وفى الوقت ذاته فإن القوات الحكومية تتقدم باستمرار لتقلل من المناطق التى تسيطر عليها الميليشيات الإرهابية .

ومع استمرار استهداف مواقع الميليشيات الإرهابية – داعش وجبهة النصرة وفصائل أخرى – فإن الفترة المقبلة، وما سيتم على الأرض وموقف موسكو، وبالطبع واشنطن وأنقرة، سيحدد إلى درجة كبيرة مستقبل الأوضاع فى سوريا، ولعل الخطوة الروسية تقطع الطريق على أطماع تركيا وإيران وغيرهما فى سوريا الشقيقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.