10 رمضان... ثمن الغرور(7) خلال الأيام التي سبقت يوم العاشر من رمضان الموافق السادس من أكتوبر عام1973 كان في إسرائيل اتجاه واضح لمنع أجهزة الإعلام الإسرائيلية من نشر أية أنباء يمكن أن تثير الفزع في الجبهة الداخلية وحسمت الرقابة العسكرية الأمر بقرار يمنع نشر أية أنباء تشير من قريب أو من بعيد إلي وجود تحركات علي جبهة قناة السويس وجبهة الجولان تنذر بوجود ترتيبات حقيقية في مصر وسوريا للبدء بعمل عسكري علي نطاق واسع بصورة منتظمة. وقد ترتب علي هذه الإجراءات المفاجئة والصارمة حرمان المراسلين العسكريين الإسرائيليين الذين تجولوا في خطوط المواجهة الشمالية والجنوبية وأجروا حوارات مع صغار وكبار الضباط الإسرائيليين من أن ينشروا شيئا مما حصلوا عليه من معلومات ليس فقط لجدية وصرامة موقف الرقابة العسكرية علي النشر وإنما كان ذلك مبعثه غرور زائد وثقة مبالغ فيها لدي رؤساء تحرير الصحف الإسرائيلية- شأن كافة طوائف المجتمع الإسرائيلي- بأن العرب ليس لديهم أي قدرة علي مباغتة إسرائيل. وابتداء من يومي6 و7 رمضان الموافقين2 و3 أكتوبر عام1973 كانت أمام القيادة الإسرائيلية في تساهال تقارير عن رصد تحركات غير عادية غرب قناة السويس تشمل دروعا ومركبات بكميات هائلة وكان التقييم النهائي لهذه التقارير بعد إيفاد مجموعة استطلاع في مهمة عاجلة لجبهة القناة أن ما يجري غرب القناة مجرد مناورة مصرية ضخمة سوف تنتهي يوم الاثنين12 رمضان الموافق8 أكتوبر عام.1973 وخرج الناطق العسكري باسم الجيش الإسرائيلي علي الرأي العام الذي كانت قد تسربت إلي مسامعه بعض أنباء الحشود المصرية عبر وسائل الإعلام العالمية ليقول بالحرف الواحد: أنها مناورة يقوم بها الجيش المصري وإن الجنرال مندلر قائد القوات المدرعة في سيناء التقي صباح اليوم الخميس8 رمضان الموافق4 أكتوبر بالمراسلين العسكريين بحضور كبار جنرالات الجبهة الجنوبية وأكد لهم أن الجيش الإسرائيلي يتابع الحشود المصرية لكن احتمال نشوب حرب يبدو ضعيفا للغاية برغم أنه كان علي علم بما تلقته إسرائيل من معلومات نقلها لهم في ذلك اليوم عميل مزدوج رفيع المستوي بأن الحرب باتت وشيكة.. وكانت تلك المعلومة هي اللمسة الأخيرة في ملف الخداع المصري خلال الوقت الضائع! وعندما سأله أحد المراسلين: ماذا سيحدث لو عبر المصريون القناة غدا صباحا أجابه قائلا: إن قواتنا ستصدهم في خط المياه وخلال مدة لا تذكر تكون الحرب قد دارت غرب القناة... ولم يكن الجنرال المغرور يدري أنه سيلقي حتفه في الأيام الأولي من حرب10 رمضان. [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله