تكتسب العلاقات المصرية الخليجية أهمية كبيرة وأتصور ان المقاربة السياسية التي يجب ان تطرح هي علي النحو التالي: علاقة شراكة مصرية خليجية وعلاقة دبلوماسية مع ايران لاتقوم علي الشراكة الاستراتيجية بل علي التطبيع مثلها في ذلك مثل اي دولة اخري وذلك للاسباب التالية: تحتضن دول مجلس التعاون الخليجي ما يزيد علي ثلاثة ملايين مصري (لايوجد إحصاء رسمي, لكن هذا الرقم من واقع بحث قام به الكاتب). تشكل العلاقة المصرية الخليجية بعدا غير موجود في علاقات مصر بأي دولة او مجموعة من الدول, وهو البعد الحضاري الإنساني, فمنذ وقت طويل والمصريون المقيمون في دول مجلس التعاون الخليجي يشاركون في عملية التنمية والنهضة علي عدة مستويات وفي المقابل يحظون بفرص عمل مناسبة بمقابل مرتفع في كثير من الاحيان, كما ان دور المصريين في الخليج ليس منصبا علي الجانب النهضوي المادي, بل علي البعد النهضوي البشري, فالمعلمون والاطباء واساتذة الجامعات يشكلون ركيزة قوية في التنمية البشرية في دول مجلس التعاون الخليجي. تمثل مصر للمستثمرين الخليجيين حكومات وأفرادا مكانا آمنا للاستثمار رغم ما قد يصوره البعض من مخاطر, فالواقع يفيد بأن ايا من استثمارات الخليجيين لم يتعرض لسوء او خطر خلال الثورة, ولا يتوقع ان يحدث ذلك مستقبلا, وهذه الاستثمارات تشكل احدي ركائز الاقتصاد المصري, واعتقد ان هناك روحا جديدة تسري في الخلية وتنادي باهمية دعم مصر وتأييدها للخروج من الوضع الراهن بأسرع وقت. تحتضن مصر ما يزيد علي 52 الف دارس كويتي في جامعاتها المختلفة, وهؤلاء عادة ما يعودون بذكريات جميلة ولديهم الرغبة في التواصل مع مصر. يشكل المصريون في الخليج عموما وفي الكويت خصوصا, نموذجا للجاليات التي تحترم ذاتها, وهي الأقل من ناحية المشكلات والخروقات القانونية مقارنة بغيرها من الجاليات, مع احترامنا وتقديرنا للجميع. هذه العوامل تقودنا الي القول بأنه ما يمكن ان يطفو علي السطح أحيانا, وما يتم تسريبه من تصريحات حول ضغط خليجي علي مصر, هو امر غير صحيح, فلا مصر تقبل الضغط من احد, ولا الخليجيون بما عرف عنهم يقبلون هذا النوع من الممارسة, وكل ما في الامر ان شعورا ايجابيا تجاه الرئيس السابق, لوقوف مصر مع دول الخليج في محنتها, ترك لديهم انطباعا بان مصر الجديدة ربما ستنفض يدها من ملف الخليج, وهو ما نفاه وزير الخارجية المصري السابق محمد العرابي, واعتقد ان هذه هي البداية الصحيحة نحو بناء شراكة استراتيجية لاتعتمد علي الافراد, بل علي المؤسسات, لذا فأنني اطرح هنا بعض الافكار في هذا الاتجاه: إنشاء رابطة شعبية للعلاقات المصرية الخليجية تأخذ علي عاتقها تعزيز العلاقات, واقترح ان تبدأ من مصر بوفد شعبي. تعزيز الشراكة النقابية بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي بما يمكن من إنشاء مشاريع مشتركة في المجالات المهنية. تفعيل الشراكة بين مؤسسات المجتمع المدني والاستفادة من تفوق الكويت مثلا في مجال الوقف الإسلامي, وتجربة وزارة الاوقاف بشكل رئيسي تمثل نموذجا رائدا في المنطقة. تحرك الأحزاب المصرية وإجراء حوارات مع الكتل النيابية والمسئولين في دول المجلس لتأكيد هذا النهج الشعبي في العلاقة مع دول مجلس التعاون الخليجي.