تترقب الاوساط السياسية الخليجية مسيرة التغيرات على الساحة المصرية بكل اهتمام وخاصة بروز قوى سياسية جديدة تحمل معها مواقف اما مسبقة او حديثة تجاه دول مجلس التعاون الخليجي. يتضمن هذا الترقب معرفة اي من الشخصيات في مصر ستشارك في مسك عصا السلطة الى جانب المؤسسة العسكرية المصرية. وما يلفت نظر الخليجيين التحولات في موازين القوى الحزبية المصرية والتي قد تحمل الاخوان المسلمين الى سدة ادارة العمل السياسي المصري. الباحث السعودي عبدالعزيز الخميس يحاول قراءة هذه المتغيرات ومستقبل العلاقات الخليجية المصرية. وضع العلاقة بعد ان اطيح بالرئيس المصري حسني مبارك بدت دول الخليج متباينة في مواقفها السياسية تجاه مصر ومختلفة الاهداف. ففي قطر كان الترحيب على اشده بالتغيير وبدت الاداة الاعلامية القطرية "الجزيرة" - وان شاركتها الاداة السعودية "العربية"على استحياء - كأحد معاول التحريض ضد النظام المصري ومن المسرعين في التحشيد للاطاحة به. لكن مواقف الدول الخليجية الاخرى كانت اكثر هدوءا وقراءة وصبرا ومراقبة للاحداث. بعد الاحداث وسقوط مبارك قامت السعودية على استعجال بتغيير سفيرها في مصر. واعتبر كثيرون ان حادثة الحوار القاسي بين السفير السعودي هشام ناظر وامرأة سعودية عالقة في مطار القاهرة هي القشة التي قصمت ظهر السفير. لكن الحقيقة هي انها كانت المشجب. فالسعودية كانت تحتاج الى شخص اكثر ديناميكية وحيوية من ناظر ويستطيع ان يتعاطى مع الاحداث بشكل افضل ويقرأ الاوضاع بكل شفافية وتمكن، لذا عينت سفيرها في الجامعة العربية احمد قطان والذي عمل في واشنطن من قبل وكان الساعد الايمن لبندر بن سلطان هناك مما اكسبه خبرة جيدة. قطان يعمل حاليا على وضع خريطة للقوى المصرية ويمد الحبال ويمهد الطرق للدبلوماسية السعودية في ان تبني حضورا قويا كما بنته سابقا مع النظام السابق. وبنهاية ذلك النظام ورحيل مبارك عن السلطة انتهى ايضا اسلوب دبلوماسي. يتم الان بناء نهج دبلوماسي جديد، ليس للسعودية فقط بل ولدول خليجية اخرى في مصر. من مقومات هذا النظام ابقاء مصر قريبة من الهم العربي والخليجي بالذات ومساعدة مصر على ان تبقى متمكنة سياسيا واقتصاديا ضمن نظام عربيلا جعلها منعزلة ومنكفئة على همومها الداخلية ومتكومة على نفسها تعالج جروحها بعد سنوات من الجمود السياسي في عهد مبارك. السعودية اعلنت عن برنامج دعم يبلغ اربعة مليارات دولار اي 24 مليار جنيه مصري. المبلغ كبير بالطبع لكنه ينبئ بعودة قوية للسعودية وترميم لاواصر العلاقات وخطوة حسن نية سعودية تجاه الشعب والنظام المصري وايضا خطوة قد لا يقبلها سعوديون كثر على انها استباق لأي تقارب مصري ايراني محتمل. يتضمن الدعم السعودي لمصر دعما للميزانية العامة، والبنك المركزي، والمشروعات التنموية، وشراء للسندات، وتمويل المشروعات المنتجة. وهذا يعني ان السعودية لم تكتف بتقديم دعم فقط للحكومة بل تجاوزته الى المشاريع الموجهة والتي يستفيد منها المواطن مباشرة مثل مشاريع تنموية ومنتجة. قوبل هذا الدعم بشكر مصري رسمي بالطبع وصدى مرحب في التيارات السياسية الشعبية خاصة من المواطنين غير الحزبيين. اما التيارات التي كانت معادية للسعودية فالصمت ديدنها حتى الان بسبب ما قيل عن وقوف السعودية الى جانب مبارك ابان الازمة ومطالبة السعودية بعدم محاكمة مبارك والتي نفاها السفير السعودي قطان ويردد السعوديون مثلها في ان مصر اكبر من شخص واحد ولا يمكن ان تجعل السعودية علاقتها مع مصر في كفة ومبارك وعدم محاكمته في كفة والا لكان سياسيوها لا يفقهون عملهم. يعمل ملايين المصريين في دول الخليج ويحملون في قلوبهم حبا وودا وعلاقات وثيقة بالخليج كما يؤثرون في الوضع لااقتصادي والسياسي المصري وقد يكونون هم رهان الخليجيين على ابقاء المصالح المصرية والخليجية مترابطة وقوية ومستمرة. يلخص مواطن مصري الدعم السعودي الاخير للقاهرة في هذه النقاط رافضا التخوين والمساس بعلاقة البلدين: 1- للسعودية دور قيادي للمنطقة كأقوى اقتصاد عربي وشريك لمصر في القيادة السياسية في المنطقة. 2- استقرار مصر كداعم للسعوديةمهم وعمق استراتيجي لمصر ضد ايران والمد الشيعي في المنطقة. 3- مصر شريك اقتصادي مهم للسعودية وتبلغ واردات مصر من السعودية سنويا حوالي 3 مليارات دولار واستقرار مصر الاقتصادي يعني استمرار ال 3 مليارات. 4 - الدعم في ثلاث صور: الاولى الودائع، وهي مكسب للبلدين ففيها تدفق مالي لمصر وفي الوقت نفسه استثمار خارجي للسعودية في ظل وجود فائض كبير؛ الصورة الثانية القروض والميزة فيها ان في وقت الاضطرابات لا تجد دائنين لكي تأخذ منهم قروضا لذا فهو صمام أمان مالي جيد من السعودية؛ ثالثا المنح وهي فائدة لمصر 100%. الايرانيون لم يعجبهم موضوع الدعم الاقتصادي السعودي فطفقت وسائل اعلامهم الرسمية والاخوانية المصرية تبث اخباراً عن دعم سعودي للسلفيين وتمويلهم بل تسليحهم. وتحاول حاليا وسائل الاعلام هذه دق اسفين خطير بين مصر والسعودية. لكن معظم الشعب المصري، بالطبع، يشكر من يدعمه بالافعال لا بالاقوال ومن لا يتدخل في شؤونه الداخلية. ولو اجادت الدول الخليجية وخاصة السعودية ادارة علاقاتها بالنظام المصري وقبله بالشعب المصري ومؤسساته وتفهمت عطش هذا الشعب للحرية وساندت ذلك فلن تجد عراقيل امامها ومثلها ايضا دول مجلس التعاون. العقبة الكأداء امام دول مجلس التعاون وعلى الاخص السعودية تكمن في صياغة عقد جديد للعلاقات الودية مع مصر يتمثل في الاخوان المسلمين وعدائهم الشرس لمجلس التعاون ودوله وقربهم وتحالفهم مع ايران. وقد يرى بعض المحللين ان على دول الخليج والسعوديين والاماراتيين فتح اتصال مباشر مع الاخوان ومحاولة احتوائهم. لكن هناك اصواتاً ترفض ذلك وتضرب مثالا على ذلك ان الاخوان هم من خانوا العيش والملح بعد ان تمتعوا بالعمل والعيش في دول المنطقة الخليجية ووقفوا مع اعدائها واخرهم ايران لذا فان الاتكال عليهم بعد الله سيكون خطأ اخر وتحالفا مع الذئاب. محاور العلاقة صانع القرار السياسي الخليجي يجد امامه في الملف المصري عدة اقطاب مهمة لصنع علاقة جيدة ومستقرة لكن عليه التعامل مع هذه الاقطاب وهي: المؤسسة العسكرية: تلعب المؤسسة العسكرية المصرية دورا مهما في الحياة المصرية ليست في شقها السياسي فقط ومن يحاول صياغة علاقة مع مصر عليه ألا يتجاوز هذه المؤسسة والا خسر كل نشاطه واخطأ الطريق. هذا ما جعل ايران مغلولة الايدي في مصر ولهذا نجدها الان تحاول فتح حوار مع هذه المؤسسة. لكن من يفهم وطنية هذه المؤسسة واعتزازها بقيمها العربية يجد انها غير متعطشة لفتح علاقة تحالف مع ايران وان كانت تريد علاقة رسمية جيدة مع دولة اسلامية كغيرها من الدول. كما ان هذه المؤسسة لا تزال تلعب دورا مهما في التحالف والتعاون العسكري مع الولاياتالمتحدة، ودون الدعم العسكري الاميركي ماليا وتجهيزيا فان هذه المؤسسة ستخسر الكثير. ويكفينا الاشارة الى ان رئيس هيئة الاركان والرجل القوي في مصر سامي عنان كان في الولاياتالمتحدة اثناء الثورة وعاد بعد اول عمل تظاهري حافل لها وهو من يقال عنه انه ابعد مبارك عن الحكم ويشار الى علاقته القوية بالولاياتالمتحدة وهو رجل ذو تفكير استراتيجي وتربطه بالسعوديين والاماراتيين علاقات ممتازة. تبعا لذلك فالمؤسسة العسكرية لا ترى من مصلحة الوطن المصري اي ابتعاد او جفاء مع الخليج العربي ودوله وقد يكون الدعم السعودي الاخير ورقة تلوح بها المؤسسة العسكرية ضد منتقديها من الاخوان. كما انها لا ترى ضررا من ترميم العلاقة مع ايران مع ابقاء ايران بعيدة عن التدخل في الوضع الداخلي المصري وسيكون ذلك صعبا بوجود التحالف الايراني الاخواني. والمؤسسة العسكرية المصرية بصفتها الضامن لأمن مصر سيكون عليها ايقاف الاسلوب الايراني المعروف في اثارة الفتن. وقد يلعب الايرانيون كعادتهم على وتر السلفيين والاخوان كما فعلوا في العراق حين مولت اجهزتهم هناك سلفيين محسوبين على القاعدة لانهاك التيار السني وعلى الاخص الاخوان المسلمين وشق الصف السني والوحدة العراقية ككل. وقد بدا ذلك واضحا في فضيحة المعتقلين الذين سهل مكتب المالكي هروبهم. الاخوان المسلمون: يعتقد ان الاخوان المسلمين سيكونون احد اهم القوى ان لم يكن اكثرها اهمية في مصر بعد الانتخابات. وتتحدد علاقة الاخوان المسلمين بالخليج العربي في اتجاهين: الاول مادي حيث تعد دول الخليج المصدر الاول لتمويل فعاليات انشطة الاخوان؛ والثاني هو انشاء كتل متنفذة واصطياد فعاليات مدنية محترمة تمكنها من الحصول على مساحة حرة للعمل كما وضح في تحالف الستينات بين الاخوان والسعودية وتحالف منتصف التسعينات بين قطر والاخوان. يرى قادة الاخوان منذ حسن البنا ان عليهم بناء جسم دولي يوحد الاخوان وراء قيادة واحدة تكون البديل الاسلامي لحكم الشعوب. وحينما يقترب الاخوان من الخليجيين فاهدافهم واضحة وهي ان يحصلوا على التمويل وايضا ان يكون الخليج لهم ملاذا في حال التضييق على انشطتهم من قبل الانظمة غير الخليجية. ووضحت نظرة الاخوان للخليج إبان ازمة موقع اسلام اون لاين الممول من قطر حيث انكر اخوان مصر على القطريين استرداد الموقع وادارته عبر شخصيات اخوانية قطرية بل ان بعضهم ذهب بعيدا في التلميح الى ان اخوان الخليج غير قادرين على ايصال فكر الاخوان ومنهجة عمل الحركة وادارة عمل اعلامي قوي مثل الموقع. وعلى الرغم من ايهام الاخوان انصارهم الحاليين والمحتملين بانهم يعملون ضمن استراتيجية موحدة وان المرشد العام هو من يجب ان يتبع ويحتذى، الا ان الاخوان وبعد ان ادلهمت الامور في العالم العربي وسقطت انظمة اما بالتدخل الخارجي او الانتصار الداخلي بدا واضحا تخبطهم وتفرقهم وتشتت امرهم دوليا. فهم في العراق يتحالفون مع القوات الاميركية ويذعنون لبساطيرها، بينما هم في الاردن يلعنون صباح مساء هذه القوات. هم في لبنان يقبلون جبين اسد المقاومة بشار الاسد بينما يقوم بطلهم باعدام من ينتمي الى جماعتهم في سهل حوران. مما سبق يتضح مدى ضياع الاستراتيجية والاهداف الموحدة وهذا ما يراه بوضوح ساسة الخليج لذا فهم دائما ما يحذرون مواطنيهم من براغماتية الاخوان وتلونهم وتغير اصنافهم وعدم ثبات مواقفهم وخاصة في علاقاتهم مع ايران والغرب. وحينما تبكي العيون الاخوانية على صلف انظمة عربية وديكتاتوريتها كنظام حسني مبارك البائد او غيره في السعودية وليبيا فانهم ينحنون للولي الفقيه الايراني الذي يمارس افظع انواع الديكتاتورية ولا يمكن حتى تصنيفه ضمن نظام الحكم الاسلامي العادل والراشد. وهذا الامر يجعلهم فاقدي المصداقية في الخليج العربي وحتى لدى كثير من الناشطين المصريين من الشباب وقد تكون قوتهم في استثمارهم للمجموع الأمي غير المتعلم في مصر مثلهم مثل السلفيين. اليسار المصري: لعب اليسار في مصر عبر احزابه دورا كبيرا في العمل ضد دول مجلس التعاون والتعاون المصري الخليجي واعتبرها دول رجعية لا تصدر سوى التخلف الى مصر والردة للايام الخوالي ويضرب اليسار بالسلفية ونفوذها دليلا على الصادرات السعودية لمصر. ويتناسى اليسار ان قوى سلفية تقف بقوة ضد النظام السعودي والاسر الحاكمة في الخليج نظرا لقرب هذه التيارات السلفية من التيار السلفي الجهادي. لكن اليسار المعادي للخليج لا يتمتع بشعبية مهمة في الشارع المصري مما لا يلفت النظر اليه ولا يحتل موقعا مهما في الاجندة الخليجية. ومن المفارقة ان معظم مفكريه يعملون في المؤسسات الثقافية الخليجية او مرتبطون بعقود ابداعية معها لذا لا يريدون استثارتها. وحتى اليوم الذي يستقل فيه الابداع المصري عن السوق الخليجية لا يمكننا رؤية مواقف عدائية صاخبة. كما قد اضرت المؤسسات الثقافية والاعلامية يسارية التوجه والممولة من الحكومة المصرية مثل روز اليوسف وغيرها بعدما جاملت نظام حسني مبارك اكثر مما جامله الاعلام الخليجي. كما وضحت عمالة بعض اليساريين لجهاز امن الدولة. ويحتاج اليسار الى استعادة مواقعه على الساحة المصرية بعد ان يلفظ بعض قياداته اليسارية اسما فقط. مرشحو الرئاسة: حتى هذا الوقت يبدو ان عمرو موسى هو اقوى المرشحين لرئاسة مصر وقد حظي في احد الاستطلاعات التي نفذها موقع مصري بمعظم الاصوات ويعرف الخليج موسى جيدا حيث تربطه علاقات وثيقة بالخليجيين منذ اشرافه على جامعة الدول العربية بينما لا يتمتع محمد البرادعي بعلاقات جيدة ولا غيره ممن يتحدثون عن فوزهم امثال احمد زويل او ايمن نور او محمود اباظه ولا حتى محمود رمزي واليساري حمدين الصباحي. لكن الشخصية التي قد تحدث جلبة في الانتخابات ويعتبرها بعض الخليجيين منافسة لموسى هي عمر سليمان الرئيس السابق للمخابرات المصرية وهذه ايضا على علاقة جيدة مع الزعامات الخليجية. من جانبه يحاول عبدالمنعم ابو الفتوح اختراق ثنائية العمرين موسى وسليمان ويحظى بدعم اخواني لكن ما يعرف عنه انه يملك رؤية منفتحة غير متعصبة. لكن الخليجيين لا يرونه رجلا مناسبا لاستمرار التعاون المصري الخليجي نتيجة لسوء علاقتهم مع الاخوان. عقبات في طريق التعاون العقبة المهمة التي تقف امام التعاون الخليجي المصري هي عقبة الاخوان ونفوذهم في مصر وعلاقاتهم الايرانية. وعلى الرغم من معاناة كثير من الاخوان الذين يزورون ايران مثلهم مثل اخوتهم الشيعة العرب اثناء قيامهم بشعائرهم في المقامات والاضرحة الايرانية، من الازدراء والمعاملة القاسية لكنها في حال الاخوان تجدهم يصارعون الرفض لهم والشعور بانهم مستعملون من قبل اجهزة المخابرات الايرانية. وقد اعلن الشيخ راشد الغنوشي زعيم تيار الأخوان في تونس مرارا عن تحفظه على الافعال الايرانية المتطرفة ضد السنة. وظهر الغنوشي على طرف نقيض مع الاخوان المسلمين الذين يتلذذون بعلاقتهم مع ايران بسبب البحث عن التمويل لاعمالهم الدولية وايضا نكاية بالانظمة الحاكمة وخاصة نظام مصر السابق ونظام السعودية الحالي.
معالم في الطريق.. نحو ولاية الفقيه
يقرا الخليجيون العلاقة الاخوانية الايرانية جيدا ويقدرون تأثيرها على علاقتهم مع مصر لو اصبح للاخوان نفوذ على الساحة المصرية وهو ما يتوقعه كثير منهم. وعلى الرغم من ان بعض المفكرين الاخوانيين يحاول ابراز ان ثمة اختلافا مع ايران، حيث يلخص الدكتور محمد سليم العوا اختلافهم مع الشيعة في مسألة عصمة الأئمة التي لا تروق للاخوان، لكن العوا - ولتقليص الفجوة مع ايران - يعتبر الخلاف هو على امر في الفروع لا الأصول. وبالطبع هذا يروق للساسة الايرانيين الذين يريدون ان يمرروا رسائلهم الداخلية ولكنهم لا يريدون الخوض في صراع فقهي مع الخارج حتى لا تفسد عصمة الأئمة للود قضية. الباحث في علاقة الاخوان المسلمين بايران لا بد وان يتقبل فكرة الاهتمام الايراني بالاخوان المسلمين وتمويلهم وتأييدهم من قبل النظام الايراني. فهذه العلاقة هي ببساطة علاقة عاطفية من رأس النظام الايراني وحاكمه الفعلي علي خامنئي. فهذا الزعيم قام في شبابه بترجمة كتب سيد قطب ونقل افكاره الى الايرانيين باللغة الفارسية وخاصة كتابي "الإسلام ومشكلات الحضارة" و"مستقبل هذا الدين". ويعرف المقربون من خامنئي انه كثير التأثر بالافكار السلفية القطبية وانه يحاول نقلها - ان لم يفعل بعد - الى التشيع وخلق سلفية شيعية على الرغم من ان البعض يعيد الأمر الى تأثر الخميني بهذين الكتابين قبل خامنئي. لكن قد يمكننا تقبل ان خامنئي ساهم في اطلاع الخميني على هذه الافكار بعد ان قام بترجمتها. العقبة الكأداء امام تجديد العلاقة بين الانظمة الخليجية والاخوان هي تأثر الاخوان ايضا بالاستراتيجيات الايرانية. فلطالما قاموا بالسير على طريق ايران فكريا وسياسيا واستراتيجيا. ولعل التخوف الخليجي يبدو واضحا بعد تصريحات محمد بديع مرشد الاخوان الذي قال لوكالة الانباء الايرانية بأن مبارك يسير في طريق اسود ومصير يماثل مصير صدام حسين وشاه ايران. ويكفي لنا لرؤية انسياق الاخوان، مصريين كانوا او خليجيين، وراء آلة الدعاية الايرانية وهي تحركهم بعد ازمة الاضطرابات في البحرين لصب جام غضبهم على السعودية والامارات وكل من وقف وراء النظام البحريني. بل ان كتاباً في دول الخليج نفسها يعملون على الترويج لافكار اخوانية تأتي من القاهرة لكنها ايرانية المصدر. ويمكننا اكتشاف ذلك في كتابات على مواقع مثل الفيسبوك والتويتر لاخوانيين سعوديين وخليجيين ايضا. السلفية ومن العوائق المهمة التي تعترض العلاقة المصرية الخليجية هي علاقة السلفيين مع المؤسسات الدينية الخليجية وعلى الاخص في السعودية. فهي ان كانت جيدة عموما وتلقى قبولا ان لم يكن تمويلا شعبيا الا ان بعض السلفيين يعادون الخليج وانظمته لارتباطهم الروحي بابن لادن والسلفية الجهادية كما ذكر انفا. ونقطة مهمة اخرى وهي عداء الاخوان للسلفيين حيث يرون انهم في منتصف معركة شرسة يشنها السلفيون والذين يحاول الاخوان تصنيفهم على انهم اتباع للسعودية بينما يسخر السلفيون من الاخوان ويشهرون بعلاقة هؤلاء بايران ويشيرون الى ان احد زعماء الاخوان المصريين وهو كمال الهلباوي الذي اشتهر بعدائه للسلفيين ابان مكوثه في لندن وقبل ان يبدأ عمله السياسي في مصر بعد عودته سافر الى ايران فيما يصفه السلفيين بزيارة للحصول على التمويل والتوجيهات. الخلاصة يعتقد الخليجيون ان التركيز على علاقة رسمية مع النظام المصري الرسمي هو انجع وافضل من الدخول رسميا في علاقات فرعية مع التيارات السياسية المحلية. ففي بلد تحكم فيه اسرة ال الجيش مثلها مثل اسر الحكم الخليجي كال سعود وال صباح وال ثاني، على الخليجيين عدم اضاعة البوصلة والتعامل مع تيارات سياسية متقلبة الهوى ومرتبطة بايران او معادية للخليج قلبا وقالبا، عقيدة وتوجها. لكن ما يغفل عنه الخليجيون انهم امام وضع سياسي مختلف وهو بروز الاخوان كقوة سياسية في مصر. لذا ينبغي عليهم قراءة الخريطة السياسية جيدا في مصر ومد حبال الحوار والتواصل مع كافة التيارات ومنها الاخوان لجعل هؤلاء يؤمنون ان العمق الاسلامي لمكة المكرمة والمدينة المنورة افضل واسمى وانجع لهم ولبلادهم بدلا من قم ومشهد ودرك الملالي من كارهي العروبة. من جانب اخر امام الاخوان المسلمين مواجهة جديدة من نوعها فهي التي تشتكي من التضييق عليها ستجد نفسها امام فضاء ديموقراطي رحب يمكنها ممارسة العمل السياسي وترشيح ممثليها لقيادة الامة في مصر او تونس. وكان الاخوان يستترون وراء صراعهم مع الانظمة التي تمنعهم. وهم اليوم امام الشارع ورغبات الجمهور وخياراته ويمكن لنا رؤية تحديات مهمة امامهم منها: - كثير ممن كانوا يختارون الاخوان ويصوتون لهم ويؤيدوهم، كانوا يفعلون نكاية بالنظام وتحديا له. وها هو النظام وقد زال. فالاختيارات اليوم مفتوحة والمواطن سيجد نفسه امام خشيته من نظام اسلامي ثيوقراطي سيحد من حريته او خيارات مختلفة وحكومة ائتلاف من احزاب متنوعة تحد من سيطرة بعضها البعض وهذا ما هو مرشح للحدوث في مصر. - تقدم السلفيين على الساحة الجماهيرية واقتناصهم للكثير من القواعد الشعبية الاخوانية، وكان ذلك اما بتأثر من العمل في الخليج العربي وعلى الاخص في السعودية بمصريين كثر او لنجاح الدعاية السلفية الاعلامية او ايضا نكاية في الاخوان وخاصة بعد ان اتضحت علاقتهم مع ايران وتهاونهم وصفقاتهم المشاعة مع جمال مبارك وموافقتهم على مسألة الخلافة انذاك. - صراع الاجنحة داخل الاخوان، فمن كان يستتر بالقيادات الحالية خوفا من أمن الدولة يحق له الان ان يطل برأسه مطالبا بمكان تحت الشمس في مناخ ديموقراطي حر. لكن كيف هي علاقتهم مع دول الخليج ايضا هناك سيناريوهات مختلفة تتحدد في التالي: - البقاء على عداء مع انظمة مهمة في الخليج كالسعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين والبقاء ايضا على علاقة وتحالف قوي مع ايران لعدة اسباب اهمها ان الدول الخليجية لم ولن تقبل بالتحاور مع الاخوان واصلاح ما افسده مبارك وايران من علاقات كانت قوية. - سيناريو اخر وهو ان الاخوان سيحتاجون الى فتح صفحة جديدة مع السعودية لمساعدتهم في شرعنة وجودهم السياسي اسلاميا وخاصة انهم سيكونون لاعبا مؤثرا في الساحة المصرية وبالتالي عربيا وهنا يلتقي الطرفان السعودية والاخوان في منتصف الطريق ويقود بعض القيادات الاخوانية المصرية التي تعيش في السعودية هذه المصالحة. وبالنسبة للسعوديين فهذا الامر مهم لهم لابعاد الاخوان عن ايران وتقليص النفوذ الايراني في مصر مستقبلا.