منذ أحداث غزة واعلان تقرير جولد ستون بدأ تحريك المياه الآسنة في بحيرة الشرق الأوسط بإعلان يوليو القادم موعدا لاجتماع خاص بقضية الشرق الأوسط, وعملية السلام في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة, إعلان الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس( في إطار مفهوم الدولتين: فلسطين واسرائيل) تبدو فرصة سانحة في سياق هذا الاجتماع الدولي اكثر من أي فرصة سابقة, ابتداء من كامب ديفيد 2( يوليو2000) الي اجتماع انابوليس( سبتمبر2008). ولعل الدروس المستفادة من الفرص السابقة تكون ماثلة أمام المفاوض الفلسطيني لاسيما ان الفرصة الراهنة تعقد في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أقرت منذ عام1984 مبدأ حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير, واقامة دولته, وحق تقرير المصير مطلب حيوي لكل شعب يتمتع بإرادة سياسية, ويعني هذا أن حق تقرير المصير له طبيعة متكاملة يستكمل به الشعب الفلسطيني سيادته الكلية غير منقوصة ودون تدخل خارجي, وإقامة دولته الخاصة لانجاز تطوره الاقتصادي والثقافي والاجتماعي علي ارضه الوطنية, وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واقامة دولته حق مشروع أقرته عصبة الأمم منذ عام1921 في إطار اعترافها بان الشعب الفلسطيني آنذاك قادر علي حكم نفسه بنفسه, ثم عززت الأممالمتحدة حق تقرير مصير الشعب الفلسطيني في سياق منظومة القرارات التي أصدرتها كل أجهزة المنظمة الدولي,ة وفي مقدمتها مجلس الأمن والجمعية العامة, وتشكلت لهذا الغرض منذ عام1975 لجنة معنية بممارسة الشعب الفلسطيني حقوقه غير القابلة للتصرف, وبعدها جعلت منظمة التقرير الفلسطينية عضوا مراقبا لدي الأممالمتحدة, ثم تم رفع التمثيل الدبلوماسي الفلسطيني لدي المنظمة الدولية. وفي مقدمة الثوابت أو الخطوط الحمراء الفلسطينية: 1 عروبة القدسالشرقية: وهي قضية القضايا الفلسطينية ولكوننا أصحاب حقوق مشروعة وثابتة في القدس, فإن اسرائيل لا تستطيع ان تدعي لنفسها حق السيادة علي المدينة المقدسة أو اتخاذها عاصمة لها, فالقدس تحكمها قرارات مرجعية عديدة ومهمة من قبل مجلس الأمن ابتداء من القرار252( الصادر في21 مايو1968) وجاء به أن المجلس يعتبر أن جميع الاجراءات الادارية والتشريعية وجميع الأعمال التي قامت بها اسرائيل بما في ذلك مصادرة الأراضي والأملاك هي اجراءات باطلة, ولا يمكن ان تغير في وضع القدس, ثم توالت عشرات القرارات سواء من مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة أو المنظمات الدولية الأخري لتؤكد عروبة القدس, وان اجراءات اسرائيل في القدس وضمها واعتبارها عاصمة أبدية وموحدة لها باطلة, وان يتعين علي كل الدول والمنظمات الدولية العمل وفق ذلك خاصة الامتناع عن نقل سفارتها الي القدس. 2 عودة اللاجئين الفلسطينيين الي بلادهم: وتعدادهم أكثر من اربعة ملايين فلسطيني, وان تتم عودتهم علي غرار ما حدث في مسألة استقلال ناميبيا اذا تم اصدار عفو شامل وعودة اللاجئين والمنفيين من أبناء ناميبيا الي بلادهم, وتوطينهم نحو41 الف مواطن. وتم تسجيل بطاقات الانتخاب لنحو702 الف ناخب من اجمالي عدد السكان البالغ3.1 مليون نسمة, وكانت عملية التسجيل خاضعة لقواعد محددة, وهذه الخطوة الناجحة التي حققتها الأممالمتحدة بشأن اعلان استقلال ناميبيا يمكن تطبيقها بجدارة بالنسبة لمسألة حقوق العودة لأبناء الشعب الفلسطيني في اطار قرار الأممالمتحدة194( الدور3) وقد اعترف القرار بهذا الحق وظلت الأممالمتحدة تؤكد في كل عام منذ صدوره لذلك, فإن هذا الحق أجمع مجلس الأمن علي الاعتراف به في قراره237)(1967) ومن هنا فقد تأخر كثير وقت التنفيذ العاجل لهذين القرارين. 3 ارتباط اعلان واستقلال دولة فلسطين بقرار من مجلس الأمن الدولي: علي غرار ما حدث بالنسبة لاستقلال ناميبيا حيث صدر القرار435 بشأن الاستقلال وهو قرار شامل تفتقده القضية الفلسطينية رغم الشرعية الدولية للكيان الفلسطيني اليوم أكثر من أي وقت مضي, ولا يمكن مقارنة قرار مجلس الأمن هذا بالقرار المنقوص والمبتور رقم1397 الصادر في13 مارس2002 عن مجلس الأمن بالنسبة لاقامة دولة فلسطينية( بدون أداة التعريف). 4 اجراء أول انتخابات شاملة وحرة: علي امتداد المساحة الكلية للأراضي الفلسطينية تحت اشراف دولي دقيق ونزيه علي غرار ما جري لشعب ناميبيا وكانت هذه هي المرة الأولي وقد تنافست عشرة أحزاب آنذاك للحصول علي مقاعد الجمعية التأسيسية, نجح منها سبعة أحزاب, وجاءت منظمة سوابو في المقدمة حيث حصلت علي41 مقعدا من مجموع72 مقعدا, ولا عجب فإن سوابو هي التي قادت حركة تحرير ناميبيا علي غرار دور منظمة التحرير الفلسطينية, ولكن نجد ان اسرائيل والولايات المتحدة تتدخلان من قريب أو بعيد في تسيير أية انتخابات فلسطينية برغم كونها شأنا فلسطينيا مطلقا. 5 انشاء مجلس الأممالمتحدة لشئون فلسطين علي غرار ما قامت به المنظمة الدولية من انشاء مجلس الأممالمتحدة لشئون ناميبيا منذ عام1967 ليكون السلطة الشرعية لإدارة الاقليم حتي تتم تصفية النظام العنصري في ناميبيا واعلان الاستقلال, وكان من مهمة المجلس منذ انشائه متابعة التطورات التي تحدث في الاقليم, وتوجيه أنظار المجتمع الدولي الي مخططات الحكم العنصري, كما قام المجلس بتمثيل ناميبيا في المنظمات والمؤتمرات الدولية من أجل حماية مصالح الشعب الإفريقي في ناميبيا. ومثل هذا المجلس لم تحظ به القضية الفلسطينية, وإن كان يشكل نموذجا قابلا للتطبيق علي أرض فلسطين حاليا لإدارة الأراضي العربية المحتلة, حتي يتم انسحاب القوات الاسرائيلية ووجود مثل هذا المجلس لو تم انشاؤه منذ وقت مبكر كان يمكن ان يعوق اسرائيل عن اقامة أي مستوطنات, أو مستعمرات جديدة, أو احداث أي تغييرات في الاراضي العربية المحتلة كما كان يسهم في تمثيل أسرع لدولة فلسطينالجديدة في الأممالمتحدة أو غيرها من المنظمات الدولية الأخري, هذا التمثيل الذي واجه تحديات أمريكية صعبة طوال السنوات السابقة. ومن الأهمية الإشارة الي ان مبادرة الجمعية العامة للأمم المتحدة( في منتصف ديسمبر2006) بتخصيص مكتب ثلاثي العضوية لتسجيل الأضرار الناجمة عن بناء الجدار العازل في الاراضي الفلسطينيةالمحتلة لا يرقي الي مستوي مجلس الأممالمتحدة لشئون ناميبيا, سواء من ناحية السلطة أو المقر, حيث تقرر ان يعمل المجلس الأول من داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة بينما المكتب الثلاثي يعمل بالمقر الأوروبي للأمم المتحدة في فيينا. *** وأخيرا فلعل الدول العربية تدرك خطورة ما يجري علي أرض فلسطين وتتفق علي بند واحد في جدول اعمال القمة المقبلة( مارس2010) تحظي به قضية فلسطين وعاصمتها القدس علي غرار أول قمة عربية عام1945 ثم عام1964.