تختلف أو تتفق مع قنوات الجزيرة إلا أن أحدا لا ينكر أنها كانت ولاتزال اللاعب الرئيسي اعلاميا في الأحداث العربية والدولية.. وبلا مبالغة نجحت الجزيرة في الإبقاء علي المشاهد العربي والعالمي أما شاشتيها . وقبل سنوات كانت الجزيرة الفضائية الأولي التي نافست سي ان ان، سواء العربية والانجليزية لساعات طويلة وباتت الجزيرة المصدر الأول لمعلومات الكثيرين في ثورتي تونس ومصر, وكذلك في اليمن وليبيا وغيرها من البلدان وتفوقت عليها أحيانا في حرب تحرير الكويت ومن قبلها في حرب أفغانستان.. وفي خضم الثورات والأحداث دفعت الجزيرة الكثير من سمعتها ونالت العديد من الاتهامات سواء من بعض الأنظمة أو من الأفراد الذين كشفت كاميرات الجزيرة عوراتهم وفسادهم.. والأهم من ذلك أن الجزيرة قدمت شهداء وصودرت معداتها واعتقل بعض أفرادها ولم تتوقف الأمور عند حد الخلاف مع الأنظمة العربية الدكتاتورية التي كانت تضيق الخناق علي مراسلي المحطة وتشوش أحيانا علي البث بل ويتطور الأمر إلي حد الاتهام بالتخوين والعمالة ومنع المراسلين من دخول البلاد. قبل ثورة 25 يناير في مصر علا صوت التخويف من الجزيرة ووصل الأمر إلي اقناع الناس بالا يديروا المؤشر علي الجزيرة في اشارة إلي أنها محطة تبث السموم في العقول العربية, وحوصرت الجزيرة في مصر حصارا كبيرا واوقف البث وغيرت إدارة الجزيرة الترددات وبدأ المصريون يعربون عن سعادتهم عندما تقع أعينهم علي الجزيرة التي لديها امكانيات عالية علي البث المباشر, وبعد ثورة 25 يناير أكدت الجزيرة للعالم كله أنها فعلا وقولا لها تميزها الاخباري وأنها بشهادات دولية اصبحت من أهم4 محطات علي مستوي العالم وهي سي ان ان و بي بي سي والجزيرة بل تقدمت الجزيرة الانجليزية والعربية علي هؤلاء واصبحت مصدر المعلومات الأول لكل الناس في العالم من منطلق قدرتها علي البث الحي لاحداث الثورات العربية. لماذا احتلت الجزيرة هذه المكانة, وهل أنصفتها الثورات العربية؟! أجابني كثيرون من خبراء الاعلام بنعم ولكن أيمن جاب الله مدير محطة الجزيرة مباشر ومباشر مصر ورئيس تحرير الجزيرة لسنوات سابقة, أكد لي أن الثورة انصفت الجزيرة وأكدت مهنيتها في المقام الأول, وهنا دعني أقول إن الناس في مصر وغيرها من البلدان لم تكن تهتم بموقف الأنظمة السابقة من الجزيرة بل كانت تبحث عن المعلومة, وهذا يعني أنهم لم يكن لديهم مبرر واضح لمواقفهم منك, وهنا اتذكر أنني حضرت اجتماعا مع أحد وزراء الاعلام السابقين في مصر وقد شن علينا هجوما عنيفا وعندما فندنا معا سبب الهجوم لم يجد الوزير مبررا سوي أن الجزيرة أذاعت الخبر قبل بيان وزارة الداخلية, تخيل أن هذا رد وزير الاعلام فقلت له هذا يحسب لنا لا علينا ولذلك كنا نفاجأ بمصادرة المعدات ومنع المراسلين واعتقالهم بلا مبرر واضح, والحمد لله فقد ولت هذه الأيام ولكننا نعيشها ونعاني منها في بلدان أخري مثل اليمن وليبيا وسوريا وغيرها فهناك اتهامات وتخوين ومصادرات وهذه أمور اعتاد عليها شباب ومراسلو الجزيرة. لكن هناك اتهامات وجهت اليكم وإلي النظام القطري ربما لمس البعض فيها بعض الحقائق مثل العلاقة مع إسرائيل واستضافة الإسرائيليين! لكي تنجح في الاعلام يجب أن تفرق بين العمل بالسياسة والعمل بالاعلام ونحن ندرك جيدا أن الاعلامي ليس رجل سياسة كما انه لا يحتاج إلي رجل السياسة بل العكس الذي يحدث معنا ان رجل السياسة هو الذي يحتاج إلينا ومن هذا المنطلق يجب أن نمارس المهنية بكل العمق والاحتراف ويجب أن نتوقف عن تصنيف الإعلامي ووضعه في زمرة سياسية ما, وهنا أضرب لك مثالا عندما قررنا عمل مشروع الجزيرة مباشر كان هدفنا أن نقدم للمشاهد حقيقة مجردة, ونترك المجال للمداخلات وقررنا أن يتكلم كل شخص بحرية وليهاجم أي انسان علي حريته مادام يتم ذلك في حدود النقد المباح وليرد عليه من يرد, وقد هاجم الكثيرون النظام القطري نفسه وكنا نذيع كل شيء.. وفي مصر تحديدا كانت الثورة المصرية حالة متميزة جدا وكان ميدان التحرير والمليونيات المصرية أحداثا شديدة الجاذبية والاهتمام لدي العالم كله وكان التفاعل معها بتثبيت الكاميرات في الميدان 24 ساعة ليس ضد النظام السابق بل كشفا وتغطية للحدث المهم الذي ربما لن نعيشه في مكان آخر وحتي لو حدث في بلدان أخري فالمصريون فعلوه بنوع من العبقرية والثقافة والثراء المهني الذي جعلك تقدم شيئا جديدا في كل لحظة. وهل لهذا السبب ظهرت محطة الجزيرة مباشر لمصر؟ هذه الفكرة لم يكن مخططا لها لكن الذي حدث أننا أثناء الثورة كنا نفتح البث علي مصر 24 ساعة في معظم القنوات وكان هذا شأن المحطات العالمية ايضا كلها وبعد أن هدأت الأمور في مصر وظهرت احداث أخري في بلدان مجاورة لم يكن من المنطقي ان تترك الأحداث وتفتح الهواء علي مصر فقط, ومن هنا جاءت فكرة عمل الجزيرة مباشر مصر وذلك يرجع لأننا ندرك أهمية مصر التي تمثل ثلث العالم العربي فضلا عن كون الثورة المصرية فرصة جيدة ليعيد المصريون اكتشاف أهمية المكان الذي يعيشون عليه فمصر فعلا محور العالم كله وتحيط بها كل الأحداث وهي مؤثرة وفاعلة علي مدي سنوات طويلة ومستقبلا سوف يكون لها الدور الأبرز. لكن بعض التقارير الأمريكية اكدت أن الجزيرة لم تكن مخلصة وهناك غمز ولمز بالتوجهات وهذا ما أكدته وثائق ويكيلكس بأن قطر استخدمت المحطة كورقة للمساومة! بداية دعني أؤكد لك أن قطر وحكومتها بعيدة عن إدارة الجزيرة تماما وأن الجزيرة تدار في إطار أفكار ومشروعات تقدم من العاملين بها ويتم تطوير الأفكار وتحويلها إلي منتج لمصلحة المشاهد, أما فيما يخص التقارير الغربية فقد بات مشكوكا فيها وأظن انه يجري الآن مراجعة حقيقية لكل هذه التقارير والعالم الغربي يعيد الآن حساباته وكلنا نعرف كيف كانت تعد هذه التقارير وأحيانا كانت تزيف من خلالها الحقائق.. وحتي يعرف الناس أن الجزيرة من أقل المحطات المنافسة لها الآن إنفاقا فمثلا محطة بي بي سي تنفق عليها الدولة البريطانية نحو خمسة مليارات من الدولارات وكذلك سي ان ان تبلغ ميزانيتها نحو ستة مليارات, أما الجزيرة فأظن أنها لا تتجاوز 300 مليون دولار سنويا ولديها 50 مكتبا في جميع أنحاء العالم. هل تدفعون لبعض المراسلين أرقاما بالملايين مثلما كان يحصل الإعلامي محمود سعد من التليفزيون المصري؟ ابتسم بنوع من اللطف, وقال ربما لبعض كبار الإعلاميين في البلدان الأوروبية لكنني لا أظن ذلك يحدث محليا كما أن الجزيرة لا تعطي أرقاما متدنية فهي تقدر الأفكار وتثمن الفكرة وأنا في تقديري أنه لا يجوز أن نتحدث عن هذه الأمور لأنها امور خاصة بالأفراد وأرزاقهم وإذا البرنامج يجلب إعلانات كثيرة فهذا حقه.. لكن الجزيرة تختلف في كونها محطة إخبارية تهدف إلي خدمة المشاهد وتقدم له رسالة. أخيرا ماذا عن المشروعات المشتركة المتوقع إنجازها مع الأهرام مستقبلا؟ الأهرام مؤسسة عريقة وكبيرة ويشرف أي مؤسسة العمل معها وهناك مشروعات مع وكالة الأهرام وهناك أفكار مطروحة للتعاون وتجري الآن دراستها وقد عقدنا اجتماعا مع قيادات المؤسسة وأتوقع تفهما الأيام القادمة خاصة بعد أن تغيرت قيادات الأهرام لأننا كان لنا موقف من قيادة الأهرام السابقة التي اتخذت موقفا مضادا من قناة الجزيرة. أما الآن فقد تغيرت الأمور.. وهذا ما يتفق عليه كل قيادات الجزيرة والعاملين بها وفي مقدمتهم الاستاذ وضاح خنفر مدير الشبكة.