لم أكن دائما مصيبا في كل ما قدمت من اجتهادات; وهكذا هو حال الاجتهاد لأنك علي أقل تقدير تحصل علي أجر لو أخطأت, وأجرين لو أصبت. ولكن الإيمان بالعدالة المصرية, والذود عنها كان دائما ما حاولته في ظل النظام القديم والجديد أيضا; فكنت رافضا لكل أنواع المحاكمات الاستثنائية من عسكرية أو أمن دولة أو ما شابهها من الخروج علي االقاضي الطبيعيب, ولم أترك مجالا إلا وكان فيه الإصرار علي أن يكون القضاء, وليس مجلس الشعب, هو الفيصل في سلامة الانتخابات العامة. الآن أصبت مرة أخري عندما راهنت علي قضاء مصر العادل في التعامل مع سيل هائل من الاتهامات والقضايا; وعندما قال شريف من بين شرفاء القضاء إنه لا يبحث عن بطولة ولكن عما يريح ضمير العدالة استراح ضميري أيضا. الآن سوف ينظر التاريخ لنا بإعجاب عدة مرات, فلا وضعت الثورة أحدا علي المشانق, ولا أطاحت برأس تحت حافة الجليوتين, والأكثر أهمية أننا سوف نعلم الحقيقة ليس فقط عما فعل المتهمون وما لم يفعلوا, بل أيضا من قدموا الاتهامات والبلاغات عن صدق أو غرض, والأخطر من كل ذلك أننا سوف نعلم الكثير عن قوانينا التي نحكم بها لكي نعرف منها ما يستحق التأكيد, وما يجب عليه التغيير. الآن بالفعل وبعد اعتقال الرئيس السابق حسني مبارك فإنه لا يوجد أحد فوق القانون; لم يهرب الرجل ولم يطلب اللجوء لبلد آخر, ولم يأخذه يخت إلي منفي مصحوبا بتحية واحد وعشرين طلقة مدفع, وإنما سوف يقف هو وولداه بين أيادي قضاء مصر الشامخ الذي يعرف أن مهمته إقامة العدالة. لقد كان هناك في العالم كله من انبهر بالثورة المصرية وطريقتها في إدارة ثورتها; وفي لحظات ران شك عميق أن الثورة سوف تفقد تراثها الديمقراطي وتقع في جب عميق للتطرف والتعصب. وعندما نادت جماعة بالمحاكمات الاستثنائية والمحاكم الثورية بل وحتي المحاكمات العسكرية كان هناك وجل وخوف أن تفقد الثورة توجهها المدني والشرعي والديمقراطي. هناك دائما وقت للبطولة للذود عن الشرف والديار; لكن هناك أوقاتا دائمة للعدالة حتي يستقيم الحق ويقام الميزان. [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد