سيناريو العراق يتكرر لايلدغ مؤمن من جحر مرتين, حديث رائع عن كيفية الحذر تجنبا للوقوع في الخطأ نفسه أكثر من مرة, ولكن يبدو أن القادة العرب- وليس الشعوب العربية-اعتادوا علي لدغات الجحور عشرات المرات دون أن يتعظوا أو يتعلموا من التجارب السابقة, وأكبر دليل علي ذلك تقديمهم الدولة الليبية أرضا وشعبا وحكومة وموارد وثروات-الي تحالف عسكري عالمي جديد بقيادة امريكا ودول أوروبية علي طبق من فضة كي تدمرها تدميرا ويفعل بها ما يشاء, وكأننا أمام صورة كاربونية لما حدث مع العراق منذ مطلع التسعينيات من القرن الماضي وتحديدا مع حرب تحرير الكويت من قوات الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.وقتها قدم العرب كل ما يقدرون ويستطيعون لتحالف دولي قادته واشنطن لتدمير العراق تماما وشل قدراته في كل المجالات,وتحول العراق الي ميدان للرماية الحرة لكل ما في مخازن القوات الامريكية الاوروبية من أسلحة حتي تلك المحرمة دوليا والتي لم يسبق استخدامها, المفارقة المثيرة في الامر أن قوات التحالف الدولي أبقت علي صدام حسين في السلطة برغم تدميرها العراق ذاته لأهداف ذاتية نفعية حققتها مع مرور السنين. واليوم يتكرر السيناريو ذاته مع ليبيا التي تحولت أراضيها الي ميدان للرماية بأسلحة القوات الامريكية الإوروربية بمباركة ومشاركة عربية وبأخطاء فادحة من جانب النظم العربية والجامعة العربية بتمرير قرارات مشبوهة تسمح بتشكيل قوة دولية قادرة علي تدمير إفريقيا وليس ليبيا وحدها!والمفارقة المثيرة أيضا أن قيادة التحالف أعلنت أنها لاتستهدف القذافي ولا نظامه, برغم أنه معروف لكل ذي عينين أن القذافي هو المشكلة الحقيقية في ليبيا وأن إزاحته هي الكفيلة بإنهاء الازمة الراهنة!اذن النية تتجه لتدمير ليبيا بالكامل مع الإبقاء علي القذافي لتحقيق أهداف ذاتية قد لاتبدو واضحة الآن, والاعتقاد بأن ثورة ساركوزي وانتفاضته الجسورة هو ورفاقه هي في سبيل الحق ودفاعا عن أهداف إنسانية هو نوع من البلاهة! وليستمر القذافي حتي كشوكة في ظهر الثورات العربية النبيلة وحصارها جغرافيا وأمنيا خاصة في مصر وتونس,فأغلب الظن أن الديمقراطية الوليدة في المنطقة لن تريح واشنطن كثيرا,وربما يفسر ذلك الموقف الامريكي اللين تجاه الرئيس اليمني والموافقة الامريكية الصريحة علي اجهاض ثورة البحرين ومساهمة قوات خليجية في هذا العمل غير الديمقراطي, فضلا عن وجود شبهة تصفية حسابات بين السعودية وليبيا في ضوء التلاسن الشهير بين القذافي والملك عبدالله في قمة عربية سابقة,ومشاركة الدول الخليجية في الحرب علي ليبيا هي أيضا لشراء العروش من خلال ضمان تأييد القوي الغربية المؤثرة, ولكن حقيقة الامر أن القادة العرب يبيعون أنفسهم مرة أخري وربما عاشرة للشيطان,وتصرفاتهم تلك-بما في ذلك القذافي وصدام حسين من قبل-هي سبب أصيل في تلك الكوارث التي تدفع الشعوب العربية ثمنا غاليا لها سواء في صورة حروب أوقمع لاحلامهم وثوراتهم. المزيد من أعمدة عماد عريان